إعلان

تقرير مفزع لـ"إيكونوميست" عن تغير المناخ في العالم العربي: الجفاف قادم

01:25 م الجمعة 01 يونيو 2018

كتب - هشام عبد الخالق:

عاد أحد النشطاء البيئيين الأكراد إلى العراق بعد أن قضى أكثر من 10 سنوات خارج البلاد، ليجد دولته تغيرت كليًا على المستوى البيئي، إذ جفت الأنهار التي كان يسبح فيها صغيرًا وتحولت إلى أتربة، واختفت طيور "اللقلاق" والطائر الحزين من السماء، ودفع الجفاف المزارعين للتخلي عن محاصيلهم، وأدت العواصف الترابية، والتي كانت نادرة في وقت ما لاختناق الهواء، ما دفع الناشط الكردي نبيل موسى للانضمام إلى مجموعة محلية للضغط على العالم من أجل "التخضير".

مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، رصدت في تقرير لها آثار التغير البيئي على العالم العربي، وقالت: "أصبحت اللامبالاة تجاه التغير المناخي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أمرًا شائعًا، رغم أن المشكلات المرتبطة بها تزداد سوءًا، حيث من المتوقع أن تحدث موجات جفاف أطول وأكثر حرارة، إضافة إلى العواصف الترابية أيضًا وذلك في المنطقة بين الرباط وطهران طبقًا لما ذكره معهد (ماكس بلانك للكيمياء) الألماني، ويزداد أيضًا جفاف الفترة من السنة، ما يؤدي لموت المحاصيل الزراعية، ويعتبر ارتفاع درجات الحرارة من المشاكل المتزايدة أيضًا، حيث تحقق الدول العربية درجات حرارة مميتة في فصول الصيف، وهو ما إذا حدث لبضع سنوات قليلة يعتبر مخيفًا، أما إذا استمر لبضع عقود سيبدو الأمر أشبه بنهاية العالم".

وتوقع المعهد الألماني - بحسب المجلة - أن درجات الحرارة في فصل الصيف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف ترتفع بأكثر من ضعف السرعة التي ترتفع بها درجات الحرارة في أرجاء العالم المختلفة، وستكون درجات الحرارة الشديدة مثل 46، أمرًا عاديًا في فصول الصيف بحلول عام 2050، وبزيادة قدرها 5 أضعاف عما كانت عليه في بداية القرن الحالي، حيث كانت تسجل مثل هذه الدرجة لـ 16 يومًا فقط في السنة، وبحلول عام 2100، سترتفع درجات الحرارة في الخليج ما يجعله مكان لا تحتمل الحياة فيه بحسب توقع لمجلة "Nature"، واقتربت إيران العام الماضي من كسر الرقم القياسي المسجل لأعلى درجة حرارة مسجلة والذي تحتكره الكويت بـ 54 درجة مئوية.

وتابعت المجلة، "تشكل المياه مشكلة أخرى غير الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، حيث من المتوقع أن تنخفض نسبة الأمطار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب التغير المناخي، وفي بعض المناطق - مثل مرتفعات المغرب - من المتوقع أن تنخفض بنسبة تصل إلى 40%، ومن المتوقع أن تزداد نسبة الأمطار في الدول الساحلية مثل اليمن ولكن سيقابل هذا نسبة عالية من التبخر، ويدفع هذا المزارعين الذين يكافحون من أجل تغذية المحاصيل، لحفر المزيد من الآبار، واستنزاف طبقات المياه الجوفية التي تعود إلى قرون مضت، وأظهرت دراسة حديثة باستخدام الأقمار الصناعية المملوكة لوكالة "ناسا" أن نهري دجلة والفرات خسرا ما يقرب من 144 كيلومتر مكعب (وهي نسبة تساوي حجم البحر الميت) في الفترة من 2003 حتى 2010، وكان معظم هذا الانخفاض ناتجًا عن استنزاف المياه الجوفية لتعويض انخفاض هطول الأمطار.

وأضافت المجلة، أن تغير المناخ يجعل المنطقة أكثر تقلبًا من الناحية السياسية، فعندما اجتاح الجفاف سوريا الشرقية في الفترة من 2007 حتى 2010، فر 1.5 مليون شخص إلى المدن وكافح كثير منهم هناك، وفي إيران، تسببت دورة من الجفاف الشديد منذ تسعينيات القرن الماضي في نزوح آلاف المزارعين المحبطين عن الريف، ومازالت المناقشات مستمرة حول كم من هذه الأحداث غذى الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011، وكذلك الاضطرابات الأخيرة في إيران، ولكن المؤكد أن مثل هذه الأحداث ساهموا في بالتأكيد في الحزن والأسى التي يشعر بها الكثيرون في كلا البلدين.

ويمكن أن يؤدي مجرد احتمال نقص الموارد إلى الصراعات، حيث تتسابق الدول لتأمين إمدادات المياه على حساب دول مجرى النهر المجاورة، وعندما بدأت إثيوبيا في بناء سد هائل على النيل، مع احتمالية تحديد المياه التي تمر من خلاله، دافعت مصر عن حقوقها، وأثارت السدود التركية والإيرانية على طول نهري دجلة والفرات والأنهار الأخرى، غضبًا مماثلًا في العراق الذي يعاني من موجات الجفاف.

وأوضح العلماء الخطوات التي يجب على الدول العربية أن يتخذوها للتأقلم على التغير المناخي، حيث من الممكن أن تتحول المحاصيل الزراعية إلى محاصيل مقاومة للحرارة، وعلى سبيل المثال تستخدم إسرائيل الري بالتنقيط، الذي يحافظ على المياه، ويمكن أن يتم تعديل المدن للتقليل من ظاهرة الجزر الحرارية الحضرية، والتي تعني أن المدن تصبح أدفأ من المناطق الريفية القريبة وذلك بسبب الحرارة من المباني والسيارات فيها.

وتقول المجلة إن قليل من هذه المجهودات طبقتها الحكومات العربية، والتي غالبا ما تشغلها مشكلات أخرى، حيث تظهر السياسة كعقبة في طريق حل المشكلات، ونادرًا ما تتفق البلدان على مشاركة الأنهار وآبار المياه الجوفية، ففي غزة، حيث يؤدي تسرب المياه المالحة والصرف الصحي إلى طبقة المياه الجوفية، لزيادة خطر الإصابة بالمرض، فإن الحصار الذي تفرضه كلًا من إسرائيل ومصر جعل من الصعب بناء وتشغيل محطات التحلية في فلسطين.

في لبنان، يوجد أمل ضئيل أن تقوم الحكومة، والتي تقسمها الأسس الطائفية، بفعل أي شيء لمنع التدهور في إمدادات المياه التي تنبأت بها وزارة البيئة، وستصارع دول مثل العراق وسوريا، التي دمرت الحرب بنيتها التحتية، من أجل الاستعداد لمستقبل أكثر جفافًا وحرارة.

وتحاول بعض الدول على الأقل، كبح جماح الانبعاثات الناتجة عن التغير المناخي، حيث يقوم المغرب ببناء محطة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء، مثل تلك المتواجدة في دبي، وعلى الرغم من أن السعودية لن تتوقف عن تصدير النفط، إلا أنها تخطط لبناء مصنع للطاقة الشمسية سيكون أكبر حجمًا بنحو 200 مرة من أكبر منشأة للطاقة الشمسية موجودة حاليًا، فالسعودية مثلها مثل غيرها من البلدان المشمسة في المنطقة، ترى في الطاقة الشمسية وسيلة فعالة من حيث التكلفة، لزيادة إمدادات الكهرباء وتخفيض الاعتماد على مصادر الطاقة.

واختتمت المجلة تقريرها باقتباس عن نبيل موسى يقول فيه: "تستطيع الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا القيام بالقليل بمفردهم لتخفيف آثار التغير المناخي، ولكن سيتعين عليهم أن يتكيفوا عليه في النهاية، ولكن لم يتم بذل الكثير من الجهد في هذا الشأن، وهو ما يسبب الإحباط، لأنني أشعر أنني أدور في حلقة مفرغة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان