"صداقة المُحمدين".. كيف أثّرت علاقة بن سلمان وبن زايد على الشرق الأوسط؟
كتبت- رنا أسامة وهدى الشيمي:
أبرزت مجلة "نيويوركر" الأمريكية العلاقة بين ولي عهد السعودية ونظيره ولي عهد أبوظبي، الأميرين محمد بن سلمان (32 عامًا)، ومحمد بن زايد (57 عامًا)، وتأثيرها على الساحة الشرق أوسطية.
وذكرت المجلة، في تقرير مُطوّل عبر موقعها الرقمي، أن كسب ثقة ومحبة بن زايد -أبرز شخصية سياسية في الإمارات السبع- ليس بالأمر اليسير. يقول ريتشارد كلارك، مستشار مكافحة الإرهاب في إدارتي جورج بوش الابن وأوباما: "إذا جلست مع بن زايد، فسيتحدّث إليك هامسًا في لهجة شديدة الأدب والاحترام".
وتابع: "عليك أن تكسب ثقته لسنوات عديدة، قبل أن يتحدث إليك بحرية، وبعدها سوف يتجادل معك".
"صداقة المُحمدين"
وتُشير النيويوركر إلى أن بن سلمان حظي بدعم ومساعدة بن زايد، بعد أن رأى فيه الأخير "نُسخة مُصغّرة من نفسه"؛ شخصية ذكية، مُفعمة بالطاقة والحيوية، ومتلهفة لمواجهة الأعداء. كما أن بن سلمان عُيّن وليًا للعهد في وقت كانت تشعر فيه دول الخليج بخطر كبير.
وتوضح أن صداقة "المُحمدين" تبدو متوائمة مع العلاقات بين السعودية والإمارات اللتين تتشاركان الحدود وبينهما مصالح مشتركة. وعلى الصعيد الخارجي، تُشير المجلة إلى أن الرياض تميل إلى التعامل مع أبوظبي باعتبارها "شريكًا". ومع ذلك توضح أن بن زايد يقود العملية السياسية لخدمة السعودية، الأمر الذي يُمكن الاستدلال عليه في كثير من النواحي، وفق قولها.
ومع تزايد نفوذ بن سلمان في المملكة، توطّدت علاقة ولي العهد السعودي وبن زايد. وبحسب مسؤول سابق، كان المسؤولان يتحدثان هاتفيًا طوال الوقت، وكل يوم تقريبًا.
وأوضح أن "المُحمدين" يشتركان في الكثير من وجهات النظر المتعلقة بالجغرافيا السياسية للمنطقة؛ فكلاهما يعتبر جماعة الإخوان المسلمين وحلفاءها "قوى الشر في المنطقة"، وينظران أيضًا إلى إيران باعتبارها "عدوًا لدودًا لبلديهما".
"وثيقة مُسرّبة"
أما عن علاقته بالأمير محمد بن نايف، ابن شقيق الملك، فتلفت المجلة إلى أن بن زايد عارض صعوده السياسي. وتعزو النيويوركر ذلك الأمر إلى نشوب ما وصفته بـ"نزاع غير قابل للحل" بين الرجلين. في عام 2003، نشرت ويكيليكس وثيقة مُسربة تزعُم أن بن زايد شبّه والد بن نايف بالقرد، وقال إن "التشابه بينهما يؤكد أن العالم داروين كان على حق".
وقال مسؤول أمريكي سابق كان على اتصال بقادة المنطقة، للمجلة، إنه "لم يكن هناك أي احتمال لوجود علاقة طيبة بين بن زايد وبن نايف".
فضلًا عن ذلك، توتّرت العلاقات بين الرجلين بعد أن حذّر بن نايف، وقت أن كان وليًا للعهد، من محاولات إماراتية لإحداث تغييرات في البلاط الملكي. تقول المجلة إنها حصلت من مسؤول أمريكي سابق، على رسالة تحذير كتبها بن نايف للملك سلمان، جاء فيها: "نواجه مؤامرة خطيرة، فقد تم الكشف عن مؤامرة إماراتية تسعى لإجراء تغييرات داخل البلاط الملكي".
وأضاف، وفق الرسالة، "بن زايد يخطط الآن لاستخدام علاقته القوية برئيس الولايات المتحدة لتحقيق أهدافه".
ولفتت المجلة إلى أنه عندما اندلعت ثورات الربيع العربي عام 2011، التي أطاحت بالزعماء الديكتاتوريين في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية، شعر قادة الإمارات والسعودية بالخوف. كما أثار ظهور تنظيم داعش في سوريا والعراق مزيدًا من القلق، في الوقت الذي دعم فيه البلدان وكلاء للمشاركة في الحرب ضد التنظيم من أجل إخراج عناصره من الأراضي السورية والليبيبة.
"دعم إماراتي"
وفي واشنطن، تُشير المجلة إلى أن بن زايد قاد حملة في واشنطن لمساعدة بن سلمان، تحضيرًا ليكون "الملك السعودي المُقبل".
وقال بين رودز، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة أوباما، للمجلة: "إن السعوديين والإماراتيين لديهم أكثر عمليات الضغط فاعلية في واشنطن"، مُشيرا إلى أنهم يقفون وراء تصدير فكرة أن أوباما شخصية ضعيفة في الشرق الأوسط، أكثر من أي شخص آخر.
وبحسب روزدز، فإن يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى واشنطن، كان قادرًا على فعل ذلك؛ إذ لم يتوانَ عن دعم بن سلمان والتسويق له لخلا لقاءاته مع النُخب الأمريكية الاقتصادية والسياسية.
وأوضحت المجلة أن العُتيبة كان يُمجّد بن سلمان أمام مسؤولين أمريكيين سابقين بارزين، من بينهم ديفيد بترايوس، الجنرال الأمريكي السابق الذي يعمل الآن في شركة الاستثمار "كولبرج كرافيس روبرتس"، وتوم دونيلون، الذي عمل مستشارًا للأمن القومي في إدارة أوباما.
وخلال مناقشاته مع أعضاء إدارة أوباما، تحدّث العُتيبة عن بن سلمان بعبارات ساحرة. يقول أحد المسؤولين السابقين في البيت الأبيض للمجلة: "أتذكر أنه قال إن بن سلمان سيكون ملكًا للسعودية لمدة 50 عامًا".
ويبدو أن العُتيبة عمل أيضًا عل تنظيم نشر سلسلة من المقالات عن بن سلمان، لاسيّما أن لديه تأثيرًا غير عادي على شخصيات بارزة في واشنطن.
وقال مسؤول أمريكي سابق للنيويوركر إن جهود العتيبة كانت جزءًا من عملية أكبر لصالح بن سلمان. موضحًا أن "شركات العلاقات العامة الأمريكية التي قدمت خدمات لولي العهد السعودي تلقت مستحقاتها المادية من الإمارات". الأمر الذي نفاه السفير الإماراتي لاحقًا.
فيديو قد يعجبك: