إعلان

أزمات تثير تدفقا كبيرا من الفنزويليين "اليائسين" إلى إسبانيا

02:14 م السبت 14 أبريل 2018

مدريد (د ب أ)

يعتبر سوق مارفيلاس أفضل مكان في مدريد لشراء منتجات أمريكا اللاتينية. يبيع كشك خوسيه أنطونيو كعكات الذرة الفنزويلية وعصائر الفاكهة الطبيعية. علم بلاده معلق بوضع مقلوب على الجدار.

ويقول الرجل، 37 عاما، وهو من كاراكاس، إنه أمر متعمد ، حيث إن هذا الوضع للعلم هو إشارة إلى قلق الرجل الفنزويلي إزاء الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة التي أثارت تدفقا كبيرا من الفنزويليين إلى العاصمة الإسبانية.

ويقول أنطونيو: "لقد كان العام الماضي مثيرا للإعجاب بشكل خاص. يمكن في كل مكان سماع (اللغة الإسبانية باستخدام) اللهجة الفنزويلية ".

وعندما وصل إلى مدريد في عام 2004، كان دقيق الذرة اللازم لعمل كعكاته التقليدية المعروفة باسم "أريبا"، لا يمكن شراؤه إلا من عدد قليل من المتاجر المتخصصة في منتجات أمريكا اللاتينية ،حسب قوله.

ويشير إلى أنه "الآن يمكنك الحصول عليه حتى من (متجر) كارفور . يشهد كل يوم وصول أشخاص جدد".

ويوضح أنطونيو أن المهاجرين يأتون من جميع الأعمار والتوجهات السياسية. ويقول إن من بينهم أنصارا للحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا الذي أنشأه الرئيس الراحل هوجو شافيز وينتمي إليه أيضا الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.

ويقول إن حتى هؤلاء الأشخاص "وضعهم سيء" في فنزويلا، حيث لا تزال البلاد تعاني من عاصفة كاملة من انخفاض أسعار النفط، وارتفاع التضخم ونقص الغذاء.

تعاني فنزويلا الآن من تضخم تجاوز حاجز الألف في المئة. إضافة إلى نقص الغذاء والأدوية والسلع الأساسية الأخرى ، كما قتل أكثر من مئة شخص في احتجاجات مناهضة للحكومة العام الماضي.

يقول أنطونيو :"الأشخاص يأتون إلي يطلبون العمل ، وعندما أنظر إلى سيرتهم الذاتية ، أرى أنهم خبراء نفط أو ما شابه. كيف يأتون إلى هنا لغسل السيارات أو القيام بأعمال منزلية؟ الناس يائسون" ، وأنطونيو نفسه مهنته مهندس .

وتظهر الإحصاءات الرسمية أن عدد الفنزويليين في إسبانيا ارتفع بأكثر من عشرة آلاف شخص في النصف الأول من عام 2017. خلال ذلك الوقت ، شكل الفنزويليون نحو الربع من إجمالي 45 ألف أجنبي استقروا في إسبانيا.

وارتفع العدد الإجمالي للفنزويليين في إسبانيا من عشرة آلاف عام 1999 ،عندما تولى شافيز السلطة، إلى 74 ألف فنزويلي في تموز/يوليو 2017 .

لكن حتى ذلك لا يعرض القصة الكاملة ، لأنه لا يشمل الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية الإسبانية. وزاد عدد المقيمين في إسبانيا من المولودين في فنزويلا من 49 ألف شخص في عام 1999 إلى 208 آلاف شخص في تموز/يوليو 2017 .

ولا ينتقل الفنزويليون فقط إلى إسبانيا ، ولكن أيضا إلى الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية المجاورة لبلادهم ، فيما يصفه عالم الاجتماع توماس بايث برافو بأنه أكبر موجة هجرة من فنزويلا منذ القرن التاسع عشر.

ويقول بايث إن إسبانيا هي الوجهة الثانية الأكثر شعبية بعد الولايات المتحدة ، لأن اللغة المشتركة والثقافات المتشابهة تجعل من السهل على الفنزويليين الاستقرار هناك.

وقد هاجر أكثر من مليوني فنزويلي من بلادهم منذ عام 1999 ، وفقا لملاحظات بايث ، والذي يشير إلى أن هذا العدد يقارب ثمانية بالمئة من سكان البلاد.

وبحث عالم الاجتماع بايث ،الذي أجرى مقابلات مع آلاف المهاجرين، ليس فقط في الأرقام ، ولكن أيضا في الأسباب التي تجعل الفنزويليين يغادرون. وقال :"إن السببين الأساسيين هما انعدام الأمن ... والتدهور الاقتصادي التدريجي" في البلاد .

كان المهاجرون في البداية في المقام الأول من المهنيين الذين يهاجرون بحثا عن وظائف أفضل ، لكن أشخاصا من جميع الطبقات الاجتماعية والمستويات التعليمية انتقلوا إلى أوروبا أو الولايات المتحدة في العامين الماضيين.

ومن ناحية أخرى ، حاول البعض من النخبة الفنزويلية الثرية تأمين مستقبلهم من خلال الاستثمار في العقارات في الأحياء الفاخرة مثل سالامانكا في مدريد.

ووفقا لوسائل الإعلام الإسبانية ، فإن هؤلاء المستثمرين كان من بينهم ميجيل أنخيل كابريليس ،قطب الإعلام السابق، وهو ابن عم زعيم المعارضة الفنزويلي هنريك كابريليس ؛ ومن بينهم أيضا عائلة "درويك" ، مالكة شركة الطاقة الفنزويلية التي تحمل الاسم نفسه. وقد استثمر بعض هؤلاء الأثرياء في أحياء يمكن أن تصل قيمة العقار فيها إلى ملايين الدولارات.

في حين أن أنطونيو معتاد على التعامل بمبالغ أكثر تواضعا ، فهو سعيد بنمو مشروع كعكات الذرة الخاص به. وبعد شهور قليلة فقط من فتحه الكشك ، اضطر لتوسيع مساحته .

ويقول إنه لا يشعر أبدا بالتمييز ضده من ناحية مواطني إسبانيا ، الذين تعتبر العلاقات معهم "مثالية" لأن إسبانيا "معتادة للغاية على استقبال المهاجرين".

وفي الوقت نفسه يوضح أنه "مع ذلك فإن أي شخص يعيش هنا يكون 70% من أفكاره هناك. نحن نتحدث كثيرا عن كل شيء يجري ، وخاصة حول الوقت الذي سوف نتخلص فيه من هذه اللعنة" .

وعند سؤاله حول ما إذا كان يرغب في العودة إلى وطنه ، لا يفكر انطونيو مرتين. وكان جوابه هو الجواب نفسه الذي قاله العديد من الفنزويليين الذين قابلهم بايث.

والإجابة هي :"بالطبع سأفعل. سأكون سعيدا". ويضيف "هنا لديّ وظيفتي ، وحياتي الأسرية ، وكثير للغاية من الأصدقاء. لكنني أعتقد أن المرء يفتقد دائما جذوره".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان