خوف وجوع ومصير غامض .. السوريون يفرون بمعاناتهم من الغوطة الشرقية
كتبت – إيمان محمود
منذ أعلنت روسيا فتح ممرات آمنة لإنقاذ المدنيين من القتل والجوع داخل الغوطة الشرقية المُحاصرة، استطاع الآلاف من أهالي الغوطة الفرار من الوضع المأساوي واللجوء إلى أماكن الاستقبال، حيث تُقدم لهم المساعدات الأساسية اللازمة للحياة.
وقالت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف، ماريكسي ميركادو، إن النساء والأطفال يشكلون نحو 70% من بين ألاف فروا من الغوطة الشرقية، وإن أطفالاً كثيرين مصابون بالإسهال وأمراض تنفسية يمكن أن تفضي للموت.
وفي وقت سابق؛ قدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان نزوح أكثر من 70 ألف مدني خلال نحو أسبوع من الغوطة الشرقية إلى مناطق سيطرة الحكومة، فيما تحدثت الأمم المتحدة عن خروج 45 الفًا، فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن 86123 شخصًا غادروا الغوطة الشرقية، منذ بدء سريان "الهدنة الإنسانية".
أهالي الغوطة الناجين من حصار مُطبق فرضه الرئيس السوري بشار الأسد منذ خمسة أعوام، وصلوا إلى مراكز استقبال مزدحمة وغير مُجهزة في ضواحي دمشق وهم مستنزفون ويعانون من سوء التغذية وخائفون مما سيحدث لاحقًا، على حد وصف المركز النرويجي للاجئين.
ويتواجد المجلس النرويجي للاجئين في أماكن الاستقبال ويقدم المساعدات الأساسية مع الجهات الفاعلة الأخرى، وأكد المركز –في بيان وصل مصراوي نسخة منه- بأن هناك آلاف آخرين في طريقهم للخروج من المدينة المحاصرة، ويعيش العديد منهم حاليًا في المدارس والمباني التي تضررت بشكل كبير، بينما ينام آخرون في الهواء الطلق أو ينصبون خيمًا مؤقتة مستخدمين الأغطية البلاستيكية بينما تنفد المساحات.
وقال نائب مدير المجلس النرويجي للاجئين في سوريا إريك أبيلد: "إن الاحتياجات وأعداد الأشخاص الذين يغادرون الغوطة أكبر مما كنا نتوقع، ولكننا نخشى من أن الأسوأ لم يأت بعد. يخبرنا الفارون بأنه سيكون هناك المزيد من النازحين. نحن قلقون للغاية بشأن الظروف التي تصل إليها العائلات وندعو جميع الجهات الفاعلة إلى العمل معاً لضمان تقديم المساعدة والحماية لهؤلاء الأشخاص".
معاناة الفارين لم تختلف كثيرًا عمن علقوا بالداخل، فمن ينجو من القصف يلاحقه الجوع والعطش في ندرة كبيرة لأهم الموارد الأساسية اللازمة للحياة والخدمات الطبية للمرضى والأطفال والمُصابين، ولم تنقذ هؤلاء الملاجئ تحت الأرض فقد تسببت ضيق مساحتها وزيادة عدد اللاجئين إليها، في وفاة بعض الأشخاص بسبب الاختناق، بالإضافة إلى حالات الإغماء التي تكثر مع تزايد الأعداد خاصة بين الأطفال.
وتشن القوات الحكومية منذ 18 فبراير الماضي، حملة عسكرية على الغوطة الشرقية بدأت بقصف عنيف ترافق لاحقًا مع هجوم بري تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من 80 في المئة من هذه المنطقة، التي شكلت منذ العام 2012 المعقل الأبرز للفصائل المعارضة قرب دمشق، لتفرض عليها حصارًا محكمًا في عام 2013 أسفر عنه أزمة إنسانية حادة.
وعبّر نائب مدير المجلس النرويجي للاجئين عن قلقه العميق إزاء أولئك الذين ما زالوا عالقين في الغوطة الشرقية ويتعرضون للقتال المستمر، قائلاً "يتم قتل الأطفال والعائلات في المدارس والمستشفيات والملاجئ، هذا يجب أن يتوقف. نحن بحاجة إلى وقفة إنسانية فورية للقتال كي يتم إيصال المعونة إلى أولئك الذين يحتاجون إليها وضمان أن أولئك الذين يريدون المغادرة يقومون بذلك بطريقة آمنة".
وقال عامل إغاثة يعمل في إحدى المناطق التي استقبلت آلاف النازحين خلال الليل: "نرى العديد من الأشخاص الذين يصلون إلى مراكز الاستقبال وهم بحاجة إلى رعاية طبية ويعانون من سوء التغذية. كثيرون قلقون للغاية بشأن ما سيأتي بعد ذلك. ولكنهم يخجلون أيضاً من مظهرهم ومن ملبسهم ورائحتهم، ويشعرون بالحرج أمامنا ويبكون على رؤية أنفسهم في هذا الموقف. لم يأكلوا منذ أيام ولم يستحموا لأيام أو أسابيع أو أشهر، إنهم عطشون ويشعرون بالبرد، ولا يتوفر لهم مكان للنوم".
ومنذ بدء التصعيد في الغوطة الشرقية، أدخلت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر السوري قافلتي مساعدات، واحدة منهما على دفعتين، الى مدينة دوما المعزولة في شمال الغوطة.
توزع المنظمات الإنسانية المتواجد في مراكز الاستقبال، المساعدات على الأشخاص القادمين حديثًا من الغوطة الشرقية، خاصة الفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال، لكن المجلس النرويجي أكد أن الاحتياجات تزداد بشكل هائل كل ساعة مع ازدياد الأعداد.
وأضاف المجلس النرويجي: "هناك بالفعل مشكلة صحية خطيرة. لا توجد مراحيض ومياه للأعداد الكبيرة من الناس الذين تم تكديسها في أماكن صغيرة. ونحن قلقون للغاية من أن هذا الوضع الحرج بالفعل قد يتدهور بسرعة أكبر".
ودعا المجلس، الجهات المانحة إلى زيادة التمويل الإنساني وتوفير الحماية في هذا الوضع الحرج، قائلاً "لا يمكن حرمان المدنيين الذين يتضورون جوعاً في المناطق المحاصرة منذ شهور من المساعدات التي يمكننا تقديمها لهم الآن. كما أن هناك حاجة ملحة لمواقع استقبال مناسبة أخرى. ولكن الأهم من ذلك هو الحاجة إلى وقف القتال، عندها فقط يمكننا حقاً أن نبدأ في حماية المدنيين".
فيديو قد يعجبك: