إعلان

إعادة الإعمار.. الجولة الغائبة من المأزق السوري

12:06 م الخميس 15 مارس 2018

سوريا

كتب - عبدالعظيم قنديل:

سبع سنوات وأكثر على بدء الانتفاضة السورية التي تحولت إلى حرب أهلية طاحنة ذات أبعاد إقليمية ودولية وخيمة، ولا تزال هناك جبهات مشتعلة بين القوات الحكومية، المدعومة من روسيا وإيران، من جانب والمعارضة المسلحة من جانب آخر المدعومة من تركيا والولايات المتحدة.

ويرى مراقبون أن الوصول إلى تسوية سياسية وانتهاء الأعمال القتالية ليستا المعضلتين الوحيدتين في الحرب الأهلية الدائرة منذ سنوات، لذا من المتوقع أن يمثل ملف إعادة إعمار سوريا اشكالية متوارية عن الأنظار في ظل تعارض المصالح بين روسيا والقوى الغربية حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

وأودت الحرب الأهلية المستمرة منذ ست سنوات في سوريا بحياة مئات الآلاف وأرغمت ملايين على النزوح فيما يعد أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية كما جرت إليها قوى إقليمية وعالمية.

ولسنوات أيدت دول غربية وعربية مطلب المعارضة بأن يتنحى الأسد لكن منذ دخول روسيا الحرب في 2015 استعادت حكومته المدن الرئيسية وتبدو الآن في وضع عسكري قوي.

الكلفة المقدرة

بعد الحاق الدمار الهائل بالنية التحتية والخدمية على مدى 7 سنوات ماضية، تتفاوت التقديرات بين الخبراء الاقتصاديين والمسؤولين السوريين الرسميين بشأن فاتورة إعادة إعمار سوريا، لكن غالبية هذه التقديرات تشير إلى أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تصل إلى 300 مليار، حسبما ذكرت قناة "روسيا اليوم".

وفي نوفمبر الماضي، صرح المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أن "كلفة إعمار سوريا ستبلغ 250 مليار دولار على أقل تقدير".

ومن جانبه، قدّم رئيس تحرير موقع "سيريا ريبورت" المالي المستقل، جهاد يازجي، التقدير الأدنى حيث قال إن "البنك الدولي والأمم المتحدة يقدران أن العملية ستتطلب 100 مليار دولار لإصلاح ما دُمّر، مع الحاجة إلى المزيد من أجل إعادة سوريا على المسار الصحيح".

معركة دبلوماسية روسية

وفي السياق ذاته، يرى المحلل السياسي الروسي تيمور دويدار أن موسكو أمامها معركة دبلوماسية صعبة من أجل الوصول إلى تسوية سياسية بين الفصائل السورية، ومن ثم يمكن الحديث عن خطط الإعمار، ولكن التصعيد الحالي بين الغرب وروسيا يجهد كافة الجهود في الوقت الراهن.

ويضيف دويدار أن هناك فعلًا خطة روسية تضم جميع الأطراف المشاركة في الصراع، وعلى رأسها فرنسا والدول العربية والولايات المتحدة، بالتعاون مع الحكومة الروسية لتهيئة الأجواء من أجل إعادة الإعمار، فب الوقت نفسه ستشارك التكنولوجيا الأوروبية والروسية في وضع البنية التحتية السورية على المسار الصحيح.

وأشار المحلل الروسي، في تصريحات لمصراوي، أن عدم التوافق بين القوى السورية لا يساعد في الدبلوماسية الروسية في الوصول إلى عملية سلام حقيقة، في الوقت نفسه سيظل الرئيس السوري فعليًا مشارك في العملية السياسية طالما استمرت الخلافات.

جدير بالذكر، أن سلاح الجو الروسي بدأ بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية في 30 سبتمبر 2015، وهذا بعد أن طلب الرئيس السوري بشار الأسد دعمًا عسكريًا من موسكو.

زخم روسي

وقد لعبت الولايات المتحدة وتركيا وإيران، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي دورا في الصراع السوري، ولكن المشاركة الروسية أنقذت النظام السوري الذي كان يتعرض لضغوط شديدة من قوات المعارضة المسلحة.

"من الطبيعي أن روسيا تكون شريكا مهما في إعادة إعمار سوريا، بالنظر إلى العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الصديقين والمواقف المشرفة التي لطالما تبنتها روسيا تجاه سوريا"، بهذه الكلمات حسم الرئيس السوري بشار الأسد موقف الكرملين من إعادة إعمار روسيا خلال استقباله لوفد حكومي واقتصادي روسي اواخر العام الماضي.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، في 15 يناير الماضي، عن سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيزوف، قوله إن دول الاتحاد الأوروبي ستقع عليها مسؤولية الفشل في حال لم يعترفوا أن الوقت قد حان لدعم برنامج إعادة الإعمار في سوريا".

جاءت تصريحات السفير الروسي هذه كجزء من جهود موسكو لاستغلال معضلة الاتحاد الأوروبي حول كيفية الإنفاق على حل مشكلة تدفق اللاجئين، بالتزامن مع ازدياد التوتر في روسيا حول دعم النظام في سوريا.

رفض أوروبي

رهن الاتحاد الأوربي مشاركته في إعادة إعمار سوريا ببقاء النظام السوري بشار الأسد، حيث كشف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن الدول الأوروبية ستشارك فقط في مشاريع الاستقرار أو إعادة الإعمار في المناطق السورية "عندما يكون الحكم مقبولاً من حيث الحقوق الأساسية".

وأكد لودريان، في مقابلة نشرتها صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في يناير الماضي، أن فرنسا لا تزال ملتزمة بإجراء انتخابات في سوريا بموجب دستور جديد، مشددًا على أن روسيا لن تكون قادرة على أية حال على حل الأزمة وحدها.

كما نقلت قناة "روسيا اليوم" عن مسئول في الاتحاد الأوروبي قوله إن الاتحاد الأوروبي لن يلتزم بدعم أي عملية لإعادة الإعمار في سوريا تقودها روسيا.

ويخشى نشطاء في المعارضة السورية من تعزيز سيطرة نظام الأسد اقتصاديا وإعادة تطبيع العلاقات الدولية معه عبر بوابة إعادة الأعمار، خصوصاً في مناطق "خفض التصعيد" والتي أنشأتها روسيا وتركيا وإيران.

حلفاء روسيا

أبدت الصين استعدادها للمشاركة في جهود إعادة إعمار البنية التحتية السورية، داعية المجتمع الدولي إلى دعم ذلك بقوة".

وقالت الخارجية الصينية، في نوفمبر الماضي، على لسان وزير خارجيتها وانج يي إن بلاده تأمل أن تبدي سوريا "مرونة" فيما يتعلق بتعزيز محادثات السلام مضيفا أنها ستساعد في إعادة إعمار سوريا.

في السياق ذاته، قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف: "بإمكان إيران وروسيا أن تكملا إحداهما الأخرى في عملية إعادة الإعمار بسوريا ولا حاجة لأن نكون متنافسين.. الفرص متاحة لكل الدول"، حسبما أوردت موقع قناة "روسيا اليوم".

وتعد طهران داعمًا رئيسيًا للحكومة السورية، وتزود دمشق بدعم اقتصادي وعسكري كبير في القتال ضد المجموعات المعارضة، كما أن حزب الله يرسل مقاتليه لمساندة القوات الحكومية السورية.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان