من "عباس" إلى "الحمد الله".. محاولات اغتيال في غزة والمتهم حماس
كتب – محمد الصباغ:
ضربة جديدة تلقاها الحالمون بمصالحة فلسطينية بين السلطة وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، بعدما تعرض رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله ومعه رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج لمحاولة اغتيال فاشلة خلال زيارتهما لغزة ما أسفر عن إصابة عدد من أفراد الوفد.
كان رئيس الوزراء في طريقه، اليوم الثلاثاء، إلى القطاع لافتتاح مشروع تنقية المياه بقيمة تبلغ 105 مليون دولار، قبل أن بُستهداف الموكب بمتفجرات مزروعة تحت الأرض، وإطلاق نار عقب الانفجار تسبب في إصابة 7 أشخاص من المرافقين.
وفي وقت يتواجد فيه وفد أمني مصري في القطاع بشكل شبه دائم لاستكمال إجراءات المصالحة الفلسطينية، مع وجود وفد فلسطيني في القاهرة أيضًا، جاء الهجوم ليضع الكثير من الشكوك حول مصير تمكين حكومة الوفاق الفلسطينية التي رحبت بها حركة حماس وبتسليمها السلطة بالقطاع.
كما انتشرت النظريات حول المستفيد من محاولة الاغتيال، فحمّلت الرئاسة الفلسطينية حركة حماس نفسها المسؤولية عن الهجوم ولكن لم تشر بأنه من نفذت بل بصفتها مسؤولة عن الأمن بالقطاع. وعلى نفس المنوال خرجت أصوات من حركة فتح الفلسطينية تطالب حماس بسرعة تسليم المسؤولية الأمنية لحكومة الوفاق الفلسطينية.
ولم ينكر البعض المصلحة الكبيرة للاحتلال الإسرائيلي ورغبته في عدم إتمام المصالحة من أجل استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، وعدم إتمام وحدة ينتج عنها حكومة واحدة فلسطينية.
الهجوم الأخير يأتي بعد أشهر من محاولة اغتيال لمسؤول أمني كبير في قطاع غزة ينتمي لحركة حماس وهو اللواء توفيق أبو نعيم. ففي أكتوبر من العام الماضي، انفجرت عبوة ناسفة أسفل سيارة كان يستقلها قائد قوى الأمن في قطاع غزة وأحد مرافقيه، أدت إلى إصابتهما بجروح ونقلهما إلى أحد المستشفيات.
واتهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة خليل الحية إسرائيل بالوقوف وراء هذه المحاولة لاغتيال أبو نعيم.
وبعد هجوم اليوم، حمّلت الرئاسة الفلسطينية حركة حماس المسؤولية الكاملة "العدوان الغادر" على موكب رئيس الوزراء ورئيس جهاز المخابرات العامة والمرافقين لهما، وأكدت أن الرئيس محمود عباس سيعقد سلسلة اجتماعات خلال الأيام المقبلة لاتخاذ القرارات المناسبة حول هذا التطور الخطير.
من المسؤول؟
وصف الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المختص بالشؤون الفلسطينية، ما حدث اليوم بأنه "فضيحة" تكشف أن السلطة الفلسطينية التي تمثلها حكومة الوفاق الوطني إلى الآن لم تتمكن من تسلم مهامها في غزة بسبب ما وصفه بمماطلة حركة حماس لذلك حتى اللحظة.
وأوضح شث في اتصال هاتفي مع مصراوي، الثلاثاء، أن المسؤول الأول والأخير عن هذه العملية هي مسئولية حركة حماس "ولا يعني ذلك أن الحركة هي من نفذت وإنما يقع على عاتقها المسؤولية الأمنية حيث كافة الأجهزة الأمنية من حركة حماس عينتهم بعض الانقسام في عام 2007".
ومن جانبها أكدت حركة فتح في بيان لها أن الهجوم أثبت فشل حماس في توفير الأمن تماما، مضيفة على لسان رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم منير الجاغوب، أن ذلك "كفشلها في توفير حياة كريمة للمواطنين في القطاع".
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الاعتداء ووصفته بالجبان والآثم، مشيرة إلى أن هذا الاعتداء خطير جدا، "لأنه يندرج في إطار محاولات تصفية القضية الفلسطينية في مرحلة حرجة ومفصلية تعيشها قضية شعبنا الوطنية".
وتقود مصر مفاوضات بين الحركات الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام واتفقت حماس وفتح على تمكين حكومة الوفاق على الورق في القاهرة لكن فعليًا لم يحدث هذا التمكين.
وتدخل القضية الفلسطينية مرحلة مفصلية في الوقت الحالي وخصوصا بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهي الخطوة التي يراها كثير المحللين جزء من حملة تهويد المدينة وإنهاء الوجود والحق العربي فيها
من جانبها أدانت حركة حماس الهجوم على موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله، واستنكرت ما وصفته بـ"الاتهامات الجاهزة" من الرئاسة الفلسطينية للحركة.
وقال فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة في بيان إن الهجوم "جزء لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن قطاع غزة وضرب أي جهود لتحقيق الوحدة والمصالحة". وأضاف أن من قام باستهداف الموكب هو نفسه من "حاول اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم سابقا".
يرى أسامة شعث أن السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تقوم باغتيال قادتها وأن هناك العديد من عمليات الانفجار حدثت في غزة بفعل فاعل "وطويت ملفاتها، علمًا بأنها جميعها بهذه الطريقة جرت في وقت تولي حركة حماس المسئولية الأمنية في غزة".
ويقول شعث أن هناك احتمال وارد بأن يكون متطرفين يرون في المصالحة ضرر على مصالحهم، حيث تجد بعض الجماعات المتطرفة في غزة ملاذا لها وقت ملاحقة الجيش المصري لهم في سيناء، وبعودة غزة إلى السلطة الفلسطينية "ستكون هذا العناصر بين كماشة الجيش المصري والأجهزة الأمنية الفلسطينية التي من المفترض أن تكون على الحدود".
كما لم يغفل اتهام "المستفيد الأول" من العملية هو الاحتلال الإسرائيلي الذي "لا يريد وحدة وطنية ولا قيادة واحدة لكي يُرفع الحصار عن غزة، يريد الانقسام ليستمر في مخططة لتهويد القدس وتصفية القضية الفلسطينية وإقامة دولته اليهودية".
وقال الحمد الله في كلمته بعد عملية الاغتيال إن "ما حصل اليوم على حاجز بيت حانون سيزيدنا إصرارا، ولن يمنعونا" من تحقيق المصالحة الفلسطينية، ولم يحدد من يقصدهم بحديثه، كما أشار إلى إن هناك "مؤامرة كبيرة تحدق بنا ويجب ألا نسمح لهذه المؤامرة بأن تمر".
محاولة اغتيال "عباس"
وجاءت محاولة الاغتيال لرئيس الوزراء الفلسطينية عن طريق حفر الأرض ووضع المتفجرات يتم تجهيزها لتنفجر وقت مرور الموكب بعد تحديد مساره، وجاءت مشابه لمحاولة اغتيال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) خلال زيارته للقطاع في 2007 قبل شهرين من الانقسام وسيطرة حركة حماس على القطاع.
ويقول شعث أن ما جرى "سلوك معتاد عليه في غزة منذ سيطرة حماس على غزة وانتشار أجهزتها الأمنية. وأشار إلى أن هناك عمليات بنفس الطريقة في عدد من الحالات مثل تفجير منصة احتفال كان يعد لحركة فتح، وحتى الآن هذه الأفراد مجهولة".
وتابع أن انفجار أكتوبر الماضي ومحاولة اغتيال اللواء أبو نعيم، قائد حركة حماس، "يثبت بأن هناك قوى بداخل حماس ربما تكون غير معنية بإجراء المصالحة الفلسطينية".
وقارن بين العمليتين بالإشارة إلى أن محاولة اغتيال "أبو نعيم" مختلفة تماما عما جرى اليوم حيث تمت بزرع عبوة أسفل سيارته وليس عبر دفن المتفجرات بالأرض، مشيرًا إلى أن العملية التي استهدفت رئيس الوزراء أصعب وتحتاج إلى تخطيط أكبر "لأنهم لا يستطيعون الوصول للموكب بسبب المراقبة الأمنية الشديدة".
فيديو قد يعجبك: