إعلان

لماذا لم يوقف فيسبوك تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية؟

02:06 م الخميس 01 مارس 2018

كتب - هشام عبد الخالق:

سلطت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، الضوء على الدور الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وجوجل وتويتر، ودورها في التدخل بالديمقراطيات والانتخابات.

وقالت المجلة، في مقال لها - أعدّه كلًا فريد ويرثيمير مؤسس موقع "Democracy 21" ونورمان إيسين أستاذ بارز بمعهد بروكينجز - إن أمريكا تعاملت بلطف مع مؤسس موقع فيسبوك، مارك زوكربيرج، والذي تقدر ثروته بـ 74.2 مليار دولار، وكذلك مؤسسي موق جوجل، لاري بيج وسيرجي برين، الذان تقدر ثروتهما بـ 52.4 و50.8 مليار دولار على التوالي، وكذلك جاك دورسي الذي ازدهر موقعه في أمريكا بثروة قدرها 3.5 مليار دولار، حسب تقديرات مجلة فوربس.

وتابع المقال، هؤلاء الأفراد - والذين تقدر مجموع ثرواتهم بأكثر من 180 مليار دولار - نجحوا بهذا الشكل في ظل الديمقراطية التي تتمتع بها أمريكا، وتحت ظل الحكومة التي يحكمها الدستور، ولكنّهم لم يردوا الجميل إلى مواطنيهم الأمريكيين، في مواجهة أكبر خطر أجنبي غير عسكري تواجهه الديمقراطية الأمريكية.

على النقيض من ذلك، فشل هؤلاء الأفراد ومؤسساتهم الكبرى بشكل كبير، في الرد بشكل مؤثر على الهجوم الإلكتروني على الانتخابات الروسية في 2016، والدفاع عن الانتخابات القادمة في 2018 و2020، ويجب أن يتغير هذا.

ويقول المقال، إنه بعد الانتخابات الرئاسية في 2016، قرر رؤساء وكالات المخابرات في أمريكا بثقة، أن روسيا تدخلت في الانتخابات، واكتشفوا أن أحد أهداف روسيا كان تقويض الثقة العامة فى العملية الديمقراطية الأمريكية، وهي نفس العملية الديمقراطية التي استطاع هؤلاء الأفراد تحقيق ثرواتهم عن طريقها.

وأضاف المقال، في وقت سابق من هذا الشهر، شهد رؤساء أجهزة الاستخبارات الأمريكية أمام مجلس الشيوخ، أن روسيا تخطط لاستمرار جهودها في التدخل في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس العام الحالي، وقال مدير المخابرات الوطنية دانيل كوتس، إنه لا يجب أن يكون هناك شك أن روسيا ترى مجهوداتها للتدخل في انتخابات 2016 الرئاسية على أنها ناجحة، وسهّل كلًا من فيسبوك وتويتر وجوجل، بدون قصد، تلك الجهود الروسية في تخريب الانتخابات، ولكن لن يكون لهم أي عذر في 2018 و2020.

ويشير اتهام المستشار الخاص روبرت مولر، للشركات و الأفراد الروسيين باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتدخل في الديمقراطية الأمريكية، إلى موقع فيسبوك أكثر من أي شركة تكنولوجية أخرى، واعترف موقع "فيسبوك" نفسه بأن الدعايا الروسية التي شملت الانتخابات الرئاسية وصلت إلى ما يقرب من 150 مليون أمريكي، وطبقًا لدراسة مستقلة فإن الرسائل الروسية على موقع فيسبوك أمكن رؤيتها على الإنترنت مئات الملايين من المرات.

بالنسبة لـ "جوجل"، اكتشفت الشركة أنه تم إنفاق عشرات الآلاف من الدولارات من قبل مستخدمين روس على إعلانات عبر مواقع الشركة، وحسب موقع "تويتر"، تم استخدام أكثر من 50 ألف حساب روسي في التدخل في الانتخابات الأمريكية العام قبل الماضي.

وأضاف كاتبا المقال، حتى بعد هذه الاكتشافات والاعترافات، لا نعرف بعد مدى استخدام روسيا لهذه المنصات لتخريب الانتخابات الأمريكية، ولكننا نعرف أن تلك المنصات كانت حاسمة للغاية في الهجمات الروسية الإلكترونية التخريبية، حيث تم استخدام كلًا من فيسبوك، جوجل، وتويتر، لنشر رسائل كاذبة، مضللة، وخبيثة، من المنظور الروسي، ولم يعرف الأمريكيون بهذا إلا بعد الانتخابات، ولكن تلك الشركات الإلكترونية تعرف إلى أي مدى لعبت دورًا أساسيًا في التدخل الروسي.

وتابع، يجب أن يكون هذا بمثابة تحذير لكل من زوكربيرج، بيج، برين، ودورسي، حول حاجة شركاتهم لاتخاذ تدابير تصحيحية فعالة وفورية، ومعاملة هذه المسألة كأولوية قصوى، ويجب أن يعترف هؤلاء المؤسسون الأربعة بمسؤولياتهم تجاه دولة مكّنتهم من أن يصبحوا من أغنى الأشخاص في العالم، ويجب عليهم التأكد أيضًا من ألا تستخدم أي قوة أجنبية برامجهم في التلاعب بالديمقراطية.

واستطردا، للأسف، الدليل على اعتراف تلك الشركات التكنولوجية بمسؤوليتها ما زال ضئيلًا، وكذلك فهم الواجب المفروض عليهم نحو الشعب الأمريكي، ولكن بدلًا من ذلك ظهرت تلك الشركات كمحاربين يمتنعون عن القتال في معركة الديمقراطية، وكشف روب جولدمان، نائب رئيس قسم الإعلان بموقع فيسبوك، عن التوجه العقلي الحقيقي الذي تتبعه الشركات في سلسلة من التغريدات، حيث كتب معلقًا على اتهام مولر لـ 13 روسيًا بالتدخل في الانتخابات: "تأرجح الانتخابات لم يكن هو الهدف الرئيسي لجهود الكرملين في التدخل بالانتخابات، على الرغم من أن أجهزة المخابرات والمستشار الخاص مولر، قالوا إن هذا هو الهدف".

ويتساءل كاتبا المقال: "لماذا لم تتخذ تلك الشركات خطوات فعالة؟"، ويجيبان: "قد تكون الإجابة عن هذا السؤال هي أنهما يحاولان الموازنة بين جهودهما في إيقاف الاستخدام الروسي المسيء لمنصاتهم، وبين حاجتهم الملحة لحماية خططهم الاقتصادية وفوائدهم الهامشية.

وطبقًا لجوردن ليبرمان، رئيس شركة الإعلانات "Audience Partners"، فإن "فيسبوك" - على سبيل المثال - كان من الممكن أن يقوم بجهود أكبر في منع التدخل الروسي، ولكن هذا كان سيؤدي لقطع تدفق الإيرادات إليها، ويكلفها المزيد من المال، حيث أن خوارزمية الفيسبوك قد تكافئ المحتوى الاستفزازي لأنه من المحتمل أن يراه وينشره عدد أكبر من المستخدمين.

وقال الكاتبان: "هذا غير مقبول، فيجب على الشركات ومُلاكها أن يوافقوا على قانون الإعلانات الصادقة - وهو مشروع قانون في الهيئة التشريعية بمجلس الشيوخ الأمريكي لتعزيز تنظيم إعلانات الحملات على الإنترنت من قبل الشركات مثل فيسبوك وجوجل - والذي من المفترض أن يحسن من شفافية وسائل التواصل الاجتماعي وإعلانات الانتخابات على الإنترنت بطريقة تتماشى مع التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي ينص على حرية التعبير".

وأضافا، يجب على تلك الشركات أيضًا أن يدعما الجهود الرامية إلى تحسين فعالية الحظر الفيدرالي القائم، ضد إنفاق أموال الأجانب للتأثير على الانتخابات، عن طريق منع أي شركات أجنبية من تمويل أي إذاعات أو إعلانات على الإنترنت تهدف للترويج أو مهاجمة أو دعم أو معارضة أي مرشح.

واستطرد المقال، سوف تكون هذه الإصلاحات المنطقية جيدة لديمقراطيتنا، وجيدة أيضًا لتلك الشركات، حيث يعتمد عملهم في الأساس على عدد الأفراد الكبير الذي يقضي وقتًا أطول على مواقعهم، ومن الطبيعي أن يفر المستخدمون إذا عرفوا أنهم بصدد التعامل مع حسابات احتيالية، كما أن المعلنين سيقلقون من احتمالية أن تكون الإعلانات التي يشترونها ستظهر لعدد من الحسابات المزيفة، وليس العملاء المحتملين الذين يستهدفونهم.

وبغض النظر عمّا يفعلونه، يجب أن تأخذ الشركات الثلاث التكنولوجية الأكبر في الولايات المتحدة زمام المبادرة، في تقديم قائمة قوية من الحلول المؤثرة للشعب الأمريكي، فلديهم أفضل أساليب التكنولوجيا، والمهارات، والمعلومات اللازمة لدراسة المشاكل، ومنع روسيا من إساءة استخدام منصاتهم مرة أخرى، لتنفيذ هجمات تدخل في انتخابات كلًا من 2018 و2020.

واختتم الكاتبان مقالهما بالقول: "أصبح كلًا من زوكربيرج، بيج، برين، ودورسي، أثرياء بشكل غير متوقع، بفضل نظام الحكومة الأمريكي المنفتح والتجارة الحرة، والآن بعد أن تعرض هذا النظام للهجوم من قبل المُعلنين الأجانب باستخدام منصاتهم، فقد حان وقت سداد الدين الذي يدينون به للشعب الأمريكي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان