غارات "انتقامية" على إدلب.. والأمم المتحدة تحقق في "استخدام الأسد غازات سامة"
كتبت- إيمان محمود:
بعد انتهاء المعارك مع تنظيم داعش، ركزّ جيش الرئيس السوري بشار الأسد وحليفته روسيا، على مناطق المعارضة السورية خاصة في إدلب وغوطة دمشق الشرقية، في تنافس أخير بين الطرفين من أجل النفوذ في الدولة السورية التي أوشكت على الدخول في العام الثامن من الحرب الأهلية.
ورغم أن تلك المناطق تقع ضمن اتفاق خفض التصعيد في سوريا، والتي تنص على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات للمدنيين، إلا أن المعارك مستمرة فيها بشكل متواصل دون الالتفات للمواطنين الذين يتعرضون يوميًا للقتل والتشريد.
وتدور معارك إدلب العنيفة منذ 25 ديسمبر الماضي، بين الجيش السوري وحليفيه الإيراني والروسي من جهة، وفصائل المعارضة المُسلحة من جهة أخرى، قبل أن تُكثّف القوات السورية والروسية من غاراتها على محافظة إدلب مع بداية الأسبوع الجاري.
غارات انتقامية
ترجح المعارضة السورية أن تكثيف الغارات منذ يوم السبت الماضي على مناطقها في محافظة إدلب، جاء بسبب إسقاط فصائل معارضة طائرة مقاتلة روسية في مدينة سراقب، وقتل قائدها بعد أن سقط بمظلته عند أطراف بلدة معصران، لتطلق عليه روسيا فيما بعد "بطل روسيا".
وقال رجال الإنقاذ إن الغارات الجوية التي شُنت السبت بعد إسقاط الطائرة، أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 10 قتلى بينهم أطفال في خان السبل قرب المكان الذي سقطت فيه الطائرة.
وصعّدت الطائرات الروسية قصفها على بلدات ومدن خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في محافظة إدلب شمال سوريا، وسط اتهامات للنظام بقصف مدينة سراقب بغازات سامة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، بأن 16 شخصًا على الأقل قُتلوا في عمليات القصف خلال اليومين الماضيين، بالإضافة إلى سقوط 5 قتلى بينهم طفل وسيدتين، في تجدد للقصف صباح اليوم الثلاثاء، أماكن في بلدات وقرى ترملا والغدقة وحزارين وبرقة بريف إدلب الجنوبي.
واتهم المرصد السوري الجيش السوري بشنّ غارات بغاز الكلور السام على ريف إدلب بعد أن ألقت طائرة هليكوبتر برميلين يحويان غازات كيماوية، مساء الأحد، ما أدى إلى إصابة 9 أشخاص، بينهم 3 من عناصر الخوذ البيضاء، كحصيلة أولية.
ونشر حساب الخوذ البيضاء على "تويتر" مقاطع فيديو، تظهر حالات اختناق، وقيام المسعفين بمساعدة المصابين.
وقال عمال إنقاذ وأطباء يوم الاثنين، إن مواد كيماوية ألقيت من الجو تسببت في إصابة تسعة أشخاص على الأقل بمشاكل في التنفس في هجوم بشمال غرب سوريا.
وقال محمد قطب، وهو مسؤول في الجمعية الطبية السورية الأمريكية وهي منظمة خيرية تدعم المستشفيات في سوريا، في حسابه على "تويتر" إن أطباء الجمعية في إدلب أبلغوا عن إصابة 11 مريضا "بأعراض تشير إلى استخدام الكلور".
موقف المعارضة
طالبت هيئة التفاوض السورية المعارضة في جنيف، مجلس الأمن بالتدخل العاجل والفوري لوقف ما وصفته بـ"جرائم النظام السوري وروسيا في سوريا"، وعلى الأخص ما يجري في مناطق المعارضة السورية بمحافظة إدلب وغوطة دمشق.
وأكدت الهيئة المعارضة -في بيان أصدرته بالأمس- أن الطائرات السورية والروسية الحربية نفذت عددا من الغارات الجوية على الغوطة ومدينة إدلب وريفها.
وأشارت إلى الصور التي تبيّن قصف مناطق في مدينة سراقب بمحافظة إدلب، بغاز الكلور السام، مُتهمة الحكومة السورية والجيش السوري بتنفيذ تلك الغارة.
من جانبه؛ يجتمع الائتلاف السوري المعارض، اليوم الثلاثاء، مع الحكومة المؤقتة والجيش الحر لبحث الأوضاع في إدلب والغوطة.
وأعلن أحمد رمضان رئيس دائرة الإعلام بالائتلاف المعارض، أن الهدف من الاجتماع هو بحث سُبل مواجهة "تصعيد النظام وروسيا على الغوطة الشرقية وإدلب".
جاء ذلك بعد أن أصدر الائتلاف بيانًا أدان فيه القصف العنيف على إدلب خلال اليومين الماضيين، مطالبًا مجلس الأمن والمجتمع الدولي بسرعة التحرك لوقف ما وصفه بـ"الهجمة المسعورة التي يشنها الاحتلال الروسي ونظام بشار الأسد بحق المدن والبلدات والقرى في ريف إدلب، مستهدفاً المدنيين والأحياء السكنية".
مجلس الأمن
هاجمت الدول الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن نظام الأسد، لقيامه بتكرار استخدام الأسلحة الكيميائية في الغارات التي ينفذها على محافظة إدلب، خلال جلسة للمجلس عُقدت مساء أمس الاثنين، في نيويورك.
وقالت المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن، نيكي هيلي: "إن روسيا هي من قتلت آلية مراقبة استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وإنه لا يمكن السماح بمرور استخدام السلاح الكيميائي في سوريا من دون عقاب".
وأضافت أن الولايات المتحدة قدمت دلائل واضحة عن انتهاكات نظام الأسد لحقوق الإنسان.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش: إن بعثة تقصي الحقائق تبحث ملف استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، موضحًا أن "البحث يدور حول استخدام النظام لغاز الكلور السام".
وأوضح جوتيريش، نظام الأسد متهم باستخدام الكيميائي في سراقب بمحافظة إدلب.
بدوره، أكد ماثيو رايكروفت، مندوب بريطانيا في مجلس الأمن، أن "النظام يواصل قصف وقتل المدنيين في سوريا"، لافتاً إلى أنه استخدم الغازات الكيميائية في إدلب.
وأكد، أن بلاده وحلفاءها تعمل على تحقيق العدالة في سوريا رغم معارضة روسيا.
ومنذ اندلاع الحرب في سوريا في 2011 اتهمت الامم المتحدة مرارًا حكومة بشار الأسد باستخدام غاز الكلور أو السارين في هجمات كيميائية قاتلة، لكن الحكومة السورية دائمًا تنفي امتلاكها لأي أسلحة كيميائية، وهو موقف جدده ممثله، أمس الاثنين، في الأمم المتحدة.
تدابير روسية جديدة
في ظل الإدانات المتلاحقة على قصف المدنيين في إدلب، أشاد الكرملين أمس بـ"ضربات دقيقة استهدفت معاقل الإرهابيين في إدلب" خلال اليومين الماضيين، مشيرًا إلى "رد روسي حازم على الخطر الهائل على كل البلدان" الذي يسببه امتلاك المعارضة السورية أنظمة صاروخية محمولة مضادة للجو.
وفي أول تعليق على مستوى الرئاسة الروسية على إسقاط المعارضة السورية للمقاتلة الروسية يوم السبت الماضي، شدد المُتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على ضرورة التعامل بجدية مع "الخطر الهائل" الذي لا يستهدف روسيا وحدها بل يهدد كل البلدان.
وتُعتبر هذه المرة الأولى منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، التي تتمكن فيها المعارضة السورية من استهداف مقاتلة بإصابة مباشرة، علمًا بأن موسكو خسرت وفقا لبيانات وزارة الدفاع أربع مقاتلات في سوريا بسبب أعطال فنية أو أخطاء فردية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية تدابير جديدة للتعامل مع "الواقع الجديد" في إشارة إلى تأكد امتلاك فصائل مسلحة سورية أنظمة مضادة للطيران، وأشارت إلى أنها وجهت تعليمات جديدة إلى طياريها بالمحافظة على التحليق على ارتفاعات تزيد على خمسة كيلومترات وهو المدى الذي يمكن للصواريخ المحمولة توجيه إصابة مباشرة.
ونقلت وكالات عن خبراء عسكريين، أن مدى ارتفاع التحليق خلال العمليات الجوية للطائرات من طراز "سوخوي 25" كان دائما يفوق 5 آلاف متر، لكن الطيران الروسي نفذ في الأيام الأخيرة فوق إدلب تحليقات على ارتفاعات أقل، ما تسبب في إسقاط الطائرة.
فيديو قد يعجبك: