هل من الممكن إجراء انتخابات في ليبيا؟
لندن (بي بي سي)
رغم انعدام الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات في ليبيا، فإن المجتمع الدولي مصرٌّ على المضي قدما فيها، بحسب مراسلة بي بي سي في شمال أفريقيا رنا جواد.
ويدور الحديث عن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام 2018 منذ أشهر بين أوساط الساسة الليبيين والأمم المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
هناك ما يقارب 2.3 مليون ليبي ممن يحق لهم التصويت وهم مستعدون للإدلاء بأصواتهم. وبعد ستة أعوام من الإطاحة بالرئيس معمر القذافي، مازالت البلاد تحت سيطرة العديد من الجماعات المسلحة المتناحرة فيما بينها.
ويشعر الليبيون باستياء شديد من ازدياد عدد المهاجرين غير الشرعيين انطلاقا من ليبيا إلى أوروبا بواسطة قوارب رخيصة وخطيرة، ومصيرهم المتأرجح بين حكومتين متنافستين وبرلمان معطل وعروض من برلمان صوري أعيد تصنيفه كهيئة استشارية. وقد عززت الميليشيات الكبيرة سلطتها في مناطق سيطرتها وليس للحكومة المركزية أي سلطة أو تأثير عليها. كما أن البلاد تواجه أزمة اقتصادية وليس هناك بصيص أمل في تحسن الوضع الاقتصادي.
مأزق سياسي
ورث غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، الذي عين في أغسطس/آب 2017 مهمة في غاية الصعوبة. فبالإضافة إلى سمعته ومواقفه البراغماتية، تحدث إلى العديد من شرائح المجتمع الليبي كالطلاب وأولئك الذين يعيشون في شرقي البلاد. وتوصل إلى وضع خطة عمل تتألف من ثلاث مراحل:
§ تعديل الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في عام 2015، لاقى معارضة واسعة له، ورفعت إلى الحكومة المعترفة بها دولياً ولكنها غير فاعلة.
§ عقد مؤتمر وطني
§ إجراء استفتاء على الدستور وإجراء انتخابات في غضون عام.
ويبدو أن اهتمام الجميع اتجه نحو الخيار الثالث.
العوامل الخطرة
يعتقد البعض أن صندوق الاقتراع قد يوحد ليبيا، ولكنه على الأرجح قد يمزقها أكثر، فالانتخابات السلمية تحتاج إلى نضج سياسي وتفعيل للمؤسسات العاملة و هياكل الدولة الأمنية لخدمة الشعب.
وإذا ما استبعد أحد هذه العناصر فالعملية السياسية ستترنح، وقد تؤدي إلى ولادة دكتاتورية جديدة أو تمهد الطريق لدورة من الانقلابات العسكرية، فوضع ليبيا لا يحسد عليه ولا تملك أياً من الركائز الديمقراطية.
ويناقش موظفو الأمم المتحدة مسألة سعي الليبيين إلى إحداث تغيير سياسي من أجل إنهاء الأزمة التي يعيشونها، ولكن لا يمكن تغيير أي شيء ما لم تبذل الجهود في البداية لتوحيد الجماعات المسلحة.
وقال مستشار أجنبي يعمل في ليبيا: "إن أكبر خطر لإجراء الانتخابات في الوقت الحالي هو أن أياً كانت النتيجة فستؤدي إلى مواجهة مسلحة شاملة على نطاق لم نشهده بعد".
ومن المتوقع أن تشمل قائمة المرشحين للرئاسة رئيس الوزراء الحالي فايز السراج والقائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر الذي يعد من أكثر الشخصيات المثيرة للخلاف في البلاد، كما أن محامي سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس معمر القذافي يعملون على إقناع العالم بأنه مرشح محتمل للرئاسة أيضاً.
ويُعتقد أن الميليشيات التي كانت تحتجزه قد أطلقت سراحه في 2017، ولكنه لم يظهر علناً منذ ثلاث سنوات كما أنه مازال مطلوباً من قبل المحكمة الجنائية الدولية بزعم ارتكابه جرائم حرب في عام 2011.
لمصلحة من؟
قال دبلوماسي غربي في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) "هناك وعي بمدى خطورة اجراء الانتخابات قريباً، الجميع يتحدث عن هذا طوال الوقت".
وأضاف " لكن علينا مواصلة العمل من أجل التوصل إلى حل، بعد أن قيل أن فرنسا تدفع كل الأطراف إلى الانتخابات".
لماذا يدعو الغرب للانتخابات؟
وأضاف الدبلوماسي " المجتمع الدولي لا يملك خياراً آخر، وليس بمقدوره فعل أي شيء لإنهاء حالة الجمود التي تعيشها البلاد، لذا أرادوا أن يظهروا أنهم يقومون بفعل شيء ما".
وأعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة عن أمله في أن يتوصل إلى جدول زمني مكثف لدفع الليبيين إلى إحداث التغيير بأقصى سرعة، وأكد أنه يتعامل مع جميع الأطراف من هيئات سياسية وعسكرية مستعدة للعمل معه إلا أنها تعرقل تقدمه في نفس الوقت. وتريد جميع الجهات الفاعلة إجراء الانتخابات الآن أملاً في تعزيز نفوذها.
ويقول سلامة، الأهم من كل شيء هو قبول جميع الأطراف بنتائج الانتخابات.
العقبات أمام الدستور
تحتاج البلاد إلى إطار قانوني قبل يوم الاقتراع، وتم وضع مسودة دستور جديد لليبيا، لكنه لا يحظى برضا الجميع. وقضت المحكمة الليبية العليا بعدم أحقية المحاكم الدنيا في اتخاذ أي إجراء قانوني حول الدستور.
أعرب بعض وسطاء الأمم المتحدة عن أملهم في أن يتم وضع قانون جديد للانتخابات في ظل دستور جديد يسمح بإجراء انتخابات ذات مصداقية، هناك قلق من أن يحدث خطأ في إجراء الاستفتاء الدستوري.
وأثارت الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2014 فوضى في البلاد عندما كانت الجماعات المسلحة أقل تنظيماً والخلافات قابلة للحل، فما بالك الآن.
فيديو قد يعجبك: