دول تسرق الحرف التقليدية السورية وتضعها في تاريخها التراثي
القاهرة - مصراوي:
تتعرض الحرف اليدوية التراثية التقليدية في سوريا للسرقة من قبل بعض الدول التي هاجر إليها الحرفيون السوريون لتنتقل معهم هذه الحرف العتيقة التي توارثوها عن أجدادهم.
لتقوم هذه الدول بتشجيع تصنيعها وعرضها في صالتها واعتبارها من تاريخ بلدها، في الوقت الذي أصبحت تواجه هذه الصناعات السورية تحديات وصعوبات تتمثل بضعف التسويق ومنافسة المكنات الحديثة لهذه الحرف اليدوية من ناحية السرعة.
ولم يخف الحرفي جوني غربيان عن "سبوتنيك" قيام دول الجوار لسوريا والخليج العربي وقرية التراث في دبي بعرض المصنوعات اليدوية التراثية السورية بأنها تعود لتاريخ بلدها كون تسرب الحرفيين السوريين، وانتقلوا إلى الخارج بسبب الحرب التي تتعرض لها البلاد التي أثرت على التراث السوري.
وبيّن غربيان أن بعض الحرف التراثية السورية تموت وتندثر مع وفاة الحرفي لعدم الإقبال على تعلمها كما أن الدورات التدريبية لا تنتج حرفي بل تعرف الشباب بالحرف فقط وهنا يجب إخضاع الحرفي لبرنامج حتى يتعلم بشكل جيد علماً أنه يتم حالياً تعليم جيل الشباب والشابات على رسم الأيقونات والتطعيم على الخشب والحفر على الزجاج والنحاس والحرق على القماش وغيرها من الحرف.
وأشار غربيان إلى أن الأزمة أثرت بشكل كبير على واقع الحرفيين كون التسويق مرتبط بشكل مباشر بالسياحة وهنا أصبحنا بحاجة إلى رعاية الحرفيين الذين أصبحوا قليلين وتقديم التسهيلات وتأمين الأسواق الخارجية لمصنوعاتهم.
وأوضح شيخ كار في الفنون اليدوية التراثية عدنان تنبكجي لـ"سبوتنيك" أنه يوجد شح في بعض المواد الأولية وتمت صناعة البديل في ظل وجود 33 حرفة تقليدية في سوريا ورثها الحرفي عن الآباء والأجداد.
ولفت تنبكجي إلى وجود حرف اندثرت وأخرى في طريقها للاندثار ومن الحرف المهددة بالاندثار هي البروكار الدمشقي كون يأخذ إنجاز متر القماش 20 يوم تقريبا في الوقت الذي يتم انجاز بورتكليه أو برواز وإدخال عليه قماش البروكار لإحياء هذه ذكرى هذه الحرفة، إضافة إلى اندثار مهنة القباقيبي ويتم إنجاز القطع الصغيرة أو قطعة كبيرة جداً كالتي تم إنجازها في ايطاليا ووضعت للعرض، وكذلك اندثرت حرفة المقشات التي تنظف بشكل جيد وتزيل البكتريا التي لا تنظفها الآلة، وكذلك حرفة السروجي الذي استخدم للحمير والأحصنة.
وبيّن تنبكجي أن سوريا من السباقين في حرفة النحاسيات وتمكن الحرفيين من التجديد والإبداع على إرث الأجداد والعمل لم يتوقف إلا أن المشكلة تتمثل في التصدير كون العمل اليدوي يأخذ وقتاً بينما الصين تصنع في فترة قصيرة قطع كثيرة من خلال المكنات، علماً أن العمل اليدوي يحمل دلالات من الماضي، لافتاً إلى أنه تم تحقيق أربع ميداليات ذهبية وأخرها في معرض بموسكو.
وأوضح الأمين العام للجنة الوطنية لليونسكو في سوريا الدكتور نضال حسن لـ"سبوتنيك" أن اليونسكو تساهم في حفظ المهارات والمهن التقليدية التي تشتهر فيها سوريا بتدريب المجموعات التي لا تقل عن 250 شخصاً، وتساعد دول الأعضاء في الحفاظ على التراث الإنساني الكبير، و رسم الاستراتيجيات على المستوى الوطني وبناء قدرة موظفي هذه الدول لتنفيذ الخطط الوطنية التي تضمن صون التراث للأجيال القادمة.
وأشار حسن إلى أن الأزمة التي تتعرض لها سوريا استهدفت النيل من الهوية الوطنية والنيل من الجانب الثقافي والتراثي وسرقة الآثار.
وأوضحت الحرفية ذكرى العلي لـ"سبوتنيك" أنها تعمل في إنجاز أيقونات بيزنطية وتخلت عن التدريس كونها خريجة فيزياء من أجل إحياء هذه الحرفة وتطويرها.
وأشار حرفي الشرقيات يحيى علاف إلى أنه يتم تأمين المواد الأولية لصياغة الفضة من خلال إعادة تكرير القطع السابقة بصياغة الخواتم أو الأساور، لاسيما أن قطع الفضة مرغوبة في سوريا كون سعرها مقبول ويوضع عليها الأحجار الكريمة، علماً أن السياحة انخفضت خلال الأزمة، وتتنوع الموديلات ما بين الإسلامية القديمة والرومانية ويتراوح سعر غرام الخام نحو 160 ليرة سورية ويتم استيراد الأحجار الكريمة من الدول الإفريقية وإيران.
ودعا حسين الحمد من وزارة السياحة السورية إلى الاستفادة من الحرف الثقافية والتاريخية وتدريب ذوي الإعاقات والسيدات ومصابي الحرب على الإنتاج، وضرورة الترويج والتسويق لهذا الإرث كما أن العلامة التجارية غائبة عن المصنوعات اليدوية التي تأخذ وقت ودقة في العمل بينما الآلة تصنع مئات القطع خلال ساعة.
وأكدت معاون أمين العام للجنة الوطنية لليونسكو منى الجندي لـ"سبوتنيك" أن نشاطات اليونسكو تستهدف تمكين المرأة واستقطاب أكبر عدد ممكن في ظل الأزمة التي تتعرض لها البلاد التي أصبحت فيها المرأة تحتاج إلى فرصة عمل ولاسيما وهي تنجز الحرف ضمن المنزل.
وبينت الفنانة التشكيلية ريم الحمش لـ"سبوتنيك" ضرورة تبادل الزيارات الميدانية بين الحرفيات في الأقطار العربية وتشجيع المعارض المحلية والاشتراك في المعارض الدولية وإيجاد حوافز لتشجيع الإبداع في الميادين وتنسيق الجهود بين اتحاد الحرفيين والجمعيات النسائية وغيرها من الجهات للاهتمام بالصناعات التقليدية والعمل على تطويرها مع الحفاظ على أصالتها ودعم الجمعيات الحرفية وتنظيم عمل المرأة التي تقدم خدماتها الحرفية داخل المنزل، والسعي لوصول الخدمات الصحية والتربوية إلى الأسرة لاسيما في المناطق الريفية.
فيديو قد يعجبك: