اتفاق الحُديدة .. انفراجة سياسية وأمل جديد لليمنيين
كتبت – إيمان محمود:
بعد ثمانية أيام من المشاورات بين الأطراف المُتحاربة في اليمن داخل السويد؛ خطت الأزمة اليمنية أولى خطواتها الإيجابية بعد أن اتفق الحاضرون على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية الواقعة على البحر الأحمر، وتسليم موانئ الحُديدة والصليف ورأس عيسى إلى الرعاية الأممية.
تُعتبر هذه الخطوة بمثابة أمل جديد في رفع المعاناة الإنسانية عن المدنيين الذين عاشوا حياة قاسية منذ بداية الحرب بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الشرعية الموالية لحكومة عبد ربه منصور هادي، في عام 2014، وتصاعدت مع تدخل السعودية على رأس التحالف العسكري في مارس 2015.
ودخلت الحرب مرحلة جديدة بعد سيطرة الحوثيين على ملاحة البحر الأحمر، من خلال ميناء الحُديدة -أكبر موانئ اليمن على الساحل الغربي- الأمر الذي ساعدهم على تهديد الدول الإقليمية بشكل خاص وتهديد التجارة العالمية بشكل عام من خلال مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وفي وقت سابق؛ رفض الحوثيين مُقترح تسليم الحُديدة ومينائها، قبل أن يعودوا مجددًا للموافقة عليه في السويد في ظل الضغط العسكري من قوات التحالف والعمل الديبلوماسي واسع النطاق الذي تم في المحافل الدولية خلال الأيام الأخيرة.
كما وافق الحوثيون على الانسحاب من الحُديدة بعد اتفاق مع الجانب الحكومي على آلية تنفيذية لتبادل الأسرى والمحتجزين وفق لوائح قدمها كل طرف تضم أكثر من 15 ألف أسير ومحتجز ومفقود.
ماذا في حالة تطبيق الاتفاق؟
وفي حال تطبيق الاتفاق، ستخرج الحديدة والموانئ الثلاثة الرئيسية فيها من دائرة النزاع العسكري، بما يمكن من انسحاب التشكيلات المسلحة كافة من ميناء الحديدة والمدينة، ومحيطهما، وينشئ وقف إطلاق نار يشمل كل محافظة الحديدة، ويفتح الطريق بين موانئ المدينة وباقي المناطق اليمنية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش -في ختام المشاورات- إن الاتفاقات التي تم التوصل إليها تشمل الحديدة والموانئ الثلاثة فيها الذي سيؤسس لوقف إطلاق نار في المحافظة، واتفاق على فتح ممر إنساني في تعز وتسهيل نزع الألغام فيها.
وأشار إلى أهمية اتفاق تبادل الأسرى والإطار الزمني لتطبيقه، واتفاق الطرفين على الانخراط في بحث الإطار السياسي العام في الاجتماع المقبل، ما يشكل أساسًا لإنهاء النزاع، مشيرًا الى أن الجولة المقبلة ستُعقد في نهاية يناير المُقبل.
تفاصيل الاتفاق
جاء اتفاق الحُديدة تحت عنوان "اتفاق حول مدينة الحُديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى"، واتفق الطرفان بموجبه على وقف فوري لإطلاق النار في الحُديدة وموانئها، يدخل حيز التنفيذ فور توقيع الاتفاق.
ونص أيضًا على الالتزام بعدم استخدام أي تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى الحُديدة والموانئ الثلاث، وإزالة جميع المظاهر العسكرية المُسلحة، وإنشاء لجنة تنسيق إعادة انتشار مشتركة ومُتفق عليها برئاسة الأمم المتحدة وتضم، أعضاء من الطرفين لمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار.
وأشار الاتفاق إلى أن تُقدم لجنة تنسيق إعادة الانتشار تقارير أسبوعية من خلال الأمين العام إلى مجلس الأمن الدولي، حول التزام الأطراف، وأن تشرف على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، وإزالة الألغام.
وشدد الاتفاق على أن يكون للأمم المتحدة دور قيادي في دعم الإدارة وعمليات التفتيش للمؤسسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية، ما يعني تعزيز آليتها للتحقق والتفتيش.
ولفت إلى تعزيز وجود الأمم المتحدة في المدينة والموانئ على أن تلتزم الأطراف بتسهيل وتمكين عمل الأمم المتحدة في الحُديدة، وحرية الحركة للمدنيين والبضائع.
كما يلتزم الأطراف أيضًا بعدم عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وتودع جميع إيرادات الموانئ في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحُديدة، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في اليمن.
وبموجب الاتفاق، تقع مسؤولية أمن مدينة الحُديدة والموانئ على عاتق قوات الأمن المحلية وفقًا للقانون اليمني.
كما نصّ الاتفاق على ألا تعتبر هذه الاتفاقية سابقة يُعتد بها في أي مشاورات أو مفاوضات لاحقة، مشيرًا إلى أن تنفيذ الاتفاقية سيتم على مراحل يتم تحددها لجنة تنسيق إعادة الانتشار، على أن تشكل عملية إعادة الانتشار من الموانئ والأجزاء الحرجة من المدينة المرتبطة بالمرافق الإنسانية المهمة في المرحلة الأولى، ويتم استكمالها في غضون أسبوعين من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
كما يتم استكمال إعادة الانتشار المشترك الكامل لكافة القوات من المدينة والموانئ خلال مدة أقصاها ٢١ يومًا من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.
ترحيب عربي ودولي
لقى الاتفاق ترحيبًا عربيًا ودوليًا واسعًا، أعلنت مصر ترحيبها بالاتفاقات والتفاهمات التي تم الإعلان عنها بين الأطراف اليمنية.
واعتبرت وزارة الخارجية –في بيان لها- أن ما تحقق يشكّل خطوة مهمة ورئيسية في إطار التوصل لحل سياسي شامل وفقًا للقرار الأممي 2216 وسائر المرجعيات ذات الصِّلة بالحل المنشود في اليمن.
كما أعرب السفير السعودي في واشنطن الأمير خالد بن سلمان، عن ترحيب السعودية بالاتفاق، مشيدًا بجهود المبعوث الأممي.
اعتبر الأمير خالد بن سلمان -في سلسلة تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)ـ أن الاتفاق يساهم في تعزيز وصول المساعدات لليمنيين، وخطوة هامة نحو استعادة اليمن لسيادته واستقلاله، مضيفًا أنه خطوة هامة نحو استعادة الشعب اليمني سيادته واستقلاله وتساهم في تعزيز وصول المساعدات الإغاثية إلى الشعب اليمني الشقيق.
وأكد السفير السعودي أن الحكومة الشرعية وافقت على مقترح المبعوث الأممي السابق تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة، وهو ما استمر الحوثيون في رفضه، وما كانت هذه الموافقة لتتم اليوم لولا استمرار الضغط العسكري من قبل الحكومة اليمنية والتحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن.
كما أشادت وزارة الخارجية الأمريكية بتقدم المفاوضات بين الأطراف اليمنية، وما نتج عنه من اتفاق.
ورأت الخارجية، أن ما تحقق يعتبر خطوة أولى مهمة يُبنى عليها من أجل تحسين حياة اليمنيين، مشيرة إلى أن الخطوات المُقبلة يجب أن تشمل تخفيف التوترات وخفض العنف، لنجاح المفاوضات المستقبلية.
واعتبرت الخارجية أن العمل المقبل لن يكون سهلا، لكن ما كان مستحيلاً منذ مدة بدأ بالتحقق، ورأت أن السلام ممكن، وأن نهاية هذه المفاوضات قد تشكل بداية فصل جديد في اليمن.
ورحبت الإمارات بـ"الاتفاق الذي جاء ليؤكد التزام التحالف العربي بالثوابت تجاه اليمن" على حد قولها.
قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش "نرحب باتفاق السويد، ونرى نتائج الضغط العسكري الذي مارسته قوات التحالف العربي والقوات اليمنية على الحوثيين في الحديدة يؤتي ثماره ويحقق هذه النتائج السياسية".
وأضاف، في تغريدات على تويتر، "التحالف العربي أوفى بالتزامه بتجنيب مدينة الحديدة ومينائها العمليات العسكرية حفاظًا على أرواح المدنيين والبنية التحتية الإنسانية، واليوم بإمكان الميناء ممارسة دوره المهم على الصعيدين التجاري والإنساني".
من جهة أخرى، أعربت الكويت عن ترحيبها بالاتفاق، وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية: "هذا الاتفاق يُعد خطوة هامة وإيجابية في طريق إيجاد حل شامل للصراع الدائر في اليمن منذ سنوات وذلك وفق المرجعيات الثلاث المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216".
كما رحبت وزارة خارجية البحرين بالاتفاق، منوهة بالدور المحوري الذي يقوم به التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
وأعربت الخارجية البحرينية عن تطلع المملكة إلى التوصل لحل سياسي شامل يعيد الأمن والسلم والاستقرار لليمن، وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، وبما ينهي جميع أشكال التدخلات الإيرانية التي تُعد المهدد الرئيسي لوحدة اليمن واستقراره وسلامة أراضيه وجواره الإقليمي.
فيديو قد يعجبك: