نبذة عن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب
لندن – (بي بي سي):
كان تنصيب جورج هربرت ووكر بوش رئيسا للولايات المتحدة في يناير 1989 تتويجا لمسيرة طويلة أساسها الحظوة. فقد كانت حياته السياسية عبارة عن سلسلة من الترقيات السياسية انتهت به في البيت الأبيض.
كان الرئيس الأمريكي الـ 41 تولى لمدة 8 سنوات منصب نائب الرئيس رونالد ريجان، وأصبح أول نائب رئيس ما زال في المنصب ينتخب رئيسا منذ اكثر من 150 عام.
حددت سياسات بوش الخارجية ملامح فترة ولايته، وذلك في فترة شهدت انهيار الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفييتي مما أبقى الولايات المتحدة بوصفها القوى العظمى الوحيدة في العالم.
وكان لسياساته الفضل في ترميم مصداقية الولايات المتحدة في العالم، وفي التخلص من ذكريات التدخل العسكري الأمريكي في فيتنام.
ولكنه اتهم بإهمال الشأن الأمريكي الداخلي، وعاقبه الناخبون لتراجعه عن وعد قطعه على نفسه بعدم رفع الضرائب بالتصويت لبيل كلينتون في انتخابات عام 1992.
حياة شكلتها السياسة
§ 1966: يفوز بمقعد في مجلس النواب
§ 1971: الرئيس نيكسون يعينه مندوبا لدى الامم المتحدة
§ 1974: يرأس البعثة الامريكية الجديدة في بكين
§ 1976: الرئيس جيرالد فورد يعينه مديرا لوطالة المخابرات المركزية الامريكية
§ 1981 الى 1989: يتولى منصب نائب الرئيس في ادارة الرئيس رونالد ريغان
§ 1989 الى 1993: رئيس الولايات المتحدة، ويقود البلاد ابان حرب الكويت ويتعامل مع انهيار الشيوعية في الكتلة الشرقية
ولد جورج هربرت ووكر بوش في الـ 12 من يوليو 1912 في بلدة ميلتون بولاية ماساشوسيتس، وكان والده مصرفيا أصبح لاحقا عضوا في مجلس الشيوخ.
وبعد قبوله في جامعة ييل، تطوع في سلاح البحرية وتدرب كطيار بحري قبل أن يتم ارساله للمشاركة في الحرب ضد اليابان في المحيط الهادئ ابان الحرب العالمية الثانية.
أسقطت طائرته في سبتمبر 1944 عندما كانت تشارك في غارة جوية، وكان بوش الناجي الوحيد من طاقمها، إذ استقل قارب نجاة حتى عثرت عليه غواصة أمريكية.
وبعد تسريحه من سلاح البحرية في عام 1945، اقترن بوش بباربارا بيرس، وولد ابنهما البكر جورج ووكر بوش في يوليو 1946.
كان بوش قبل في جامعة ييل قبل تطوعه في البحرية، وعاد الى صفوف الدراسة في عام 1945 وحصل على شهادة بكلوريوس آداب من الجامعة المذكورة.
بعد ذلك، انتقل بوش وأسرته إلى ولاية تكساس حيث، وبفضل علاقات والده التجارية، حصل على وظيفة في القطاع النفطي. وفي السنوات العشر التالية، تمكن من تأسيس شركته الخاصة وأصبح من المليونيرات بحلول أوائل ستينيات القرن الماضي.
تحول عندذاك اهتمامه إلى السياسة، وبعد ان تولى منصب أمين عام الفرع المحلي للحزب الجمهوري، خطا خطوة كبيرة إذ ترشح لمقعد ولاية تكساس في مجلس الشيوخ.
ميول محافظة
في الانتخابات لمجلس الشيوخ، نجح شاغل المعقد الديمقراطي في تصوير بوش على أنه يميني متطرف، وفاز بالفعل بـ 56 بالمئة من الأصوات مقابل 43 بالمئة حصل عليها بوش. ولكن لم يثن ذلك من عزيمة بوش، إذ سعى في عام 1966 للترشح لعضوية مجلس النواب وفاز بها مرتين.
أقنع الرئيس ريتشارد نيكسون بوش بمحاولة الترشح لعضوية مجلس الشيوخ مجددا في عام 1970، ولكنه خسر السباق ثانية امام المرشح الديمقراطي، فقام نيكسون بتعيينه مندوبا لدى الأمم المتحدة في عام 1971، وبعد ذلك عينه أمينا عاما للحزب الجمهوري.
وعندما أجبر نيكسون على الاستقالة في عام 1974، بذل بوش جهودا كبيرة لتضميد الجروح التي تسببت بها للحزب الجمهوري فضيحة ووترجيت (التي أجبرت الرئيس نيكسون على الاستقالة)، فأخذ يجوب البلاد لمساندة المرشحين الجمهوريين. وبحلول نهاية السنة، عين رئيسا للبعثة الأمريكية في بكين التي كانت افتتحت للتو.
قضى بوش في ذلك المنصب فترة تجاوزت السنة بقليل، استدعاه الرئيس جيرالد فورد بعدها ليعينه مديرا لوكالة المخابرات المركزية التي كانت تعرضت لسلسلة من الفضائح المتعلقة بالعمليات السرية التي كانت تقوم بها في الخارح وتجسسها غير المخول على مواطنين أمريكيين.
غادر بوش منصبه في وكالة المخابرات المركزية بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس فورد، وفي عام 1978 أطلق حملته للترشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات 1980 الرئاسية.
جاب بوش أنحاء البلاد داعيا لسياساته المحافظة المعتدلة، واصبح في أوائل عام 1980 المنافس الرئيس لرونالد ريجان.
ولكن فاته أن يستوعب عندما ولج سباق الرئاسة أن ماضيه المبني على الحظوة قد يكون تأثيره سلبيا على حظوظه.
تساءل بوش وقتها "وما الضير في التميز؟ ما الضير في امتلاك الفرد تعليما جيدا؟ ما الخطأ في اني كنت متميزا في حياتي وسفيرا جيدا لدي الصين أو الأمم المتحدة، أو أني قدمت أداء استثنائيا في وكالة المخابرات المركزية؟ هذه كلها انجازاتي. أعرف أن هذا القول قد يخلو من التواضع، ولكن هذا هو سجلي."
ورغم خسارته أمام ريجان في الانتخابات الرئاسية، كان في ذلك ترضية إلى حد ما، إذ حصل على منصب نائب الرئيس مما أتاح له أن يتمرن على مسؤوليات الرئاسة لسنوات ثماني.
أخطاء
ارتكب جورج بوش خطأين أساسيين في حملة 1988 الانتخابية التي أدت به إلى البيت الأبيض.
الخطأ الأول كان يتمثل في الشخصية التي اختارها نائبا له، إذ نال دان كويل، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية انديانا، شهرة عالمية للأخطاء والهفوات التي ارتكبها.
أما الخطأ الثاني، فكان الوعد الذي قطعه على نفسه في كلمة ألقاها في مؤتمر الحزب الجمهوري في عام 1988. ففي معرض هجومه على السياسات النقدية التي كان يدعو لها خصمه الديمقراطي مايكل دوكاكيس، قطع بوش على نفسه وعدا خيمت آثاره على رئاسته وادى في نهاية المطاف الى انهياره سياسيا.
"اقرأوا شفتاي" قال بوش للمندوبين المحتشدين "لا ضرائب جديدة."
وبعد حملة انتخابية اتسمت بالعدائية المفرطة، أصبح بوش أول نائب رئيس ما زال في منصبه يفوز بالرئاسة منذ عام 1836.
كان الزمن زمن تغيير كبير شهد انهيار الستارة الحديدية (التي كانت تفصل بين أوروبا الشرقية الاشتراكية وأوروبا الغربية الرأسمالية) وتفكك الاتحاد السوفييتي في سلسلة من الاحداث المتسارعة لم تكن من صنع الولايات المتحدة.
ولم يكن بإمكان بوش إلا محاولة اللحاق بهذه الاحداث عن طريق عقد القمم مع نظيره السوفييتي ميخائيل جورباتشوف.
أما الاختبار الحقيقي الذي واجهه، فكان الغزو والاحتلال العراقي للكويت في اغسطس 1990، والذي أخذ الولايات المتحدة على حين غرة.
ولكن بوش تصرف بسرعة لتشكيل تحالف دولي أنهى الاحتلال العراقي وأسس لوجود عسكري أمريكي في السعودية وهو إنجاز ذو منافع استراتيجية.
مشاكل اقتصادية
مثلت حرب الكويت نصرا كبيرا للقدرة العسكرية الامريكية وعززت الى حد كبير معنويات البلاد، ففي اللحظة التي أصبحت عنوان رئاسة بوش، تمكنت الولايات المتحدة وحليفاتها من دحر الجبش العراقي الغازي في غضون 100 ساعة فقط.
عزز ذلك النصر موقع بوش رغم القرار الذي اتخذ حينئذ بعدم التوجه الى بغداد مما سمح للرئيس العراقي صدام حسين بالبقاء في الحكم.
ورغم حصوله على شعبية تجاوزت الـ 90 بالمئة عقب الحرب، كان قرار بوش التركيز على العلاقات الخارجية على حساب الشأن الداخلي سببا لتعرضه لانتقادات بأنه يهمل الوضع الاقتصادي المتردي وعلى وجه التحديد اسوأ ركود واجهه الاقتصاد الامريكي منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن بوش، الذي كانت حريته في التصرف مقيدة بكونجرس يسيطر عليه الديمقراطيون، بقي مصرا على ان الأزمة الاقتصادية قد بلغت ذروتها وأن الأمر آيل للتحسن إذ قال آنذاك "سننقذ هذه الأمة من الصعوبات، بوصة ببوصة ويوما بيوم، وأولى باولئك الذي يسعون الى ايقافنا ان ينأوا بأنفسهم."
لكن الناخبين لم يصدقوه، وما زاد الطين بلة ان بوش اتخذ الخطوة التي كان قال إنه لن يتخذها مطلقا: قام برفع الضرائب المفروضة على كاهل الأمريكيين.
كانت حملة الانتخابات الرئاسية لعام 1992 كارثية بالنسبة لبوش، فقد خذله القائمون على حملته الانتخابية وكان عليه التصدي لتحد قوي من السياسي المحافظ بات بيوكانان للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
لم يتمكن بوش من مجاراة عنفوان منافسه الشاب، المرشح الديمقراطي بيل كلينتون حاكم ولاية اركنساو الذي عبر عن نظرة جديدة لامريكا اعترف بوش بعجزه عن التعبير عنها.
مني بوش بخسارة كبيرة في الانتخابات امام كلينتون الذي مضى للفوز بفترتين رئاسيتين.
وقضى بوش السنوات الاخيرة في السفر حول العالم ضمن دور الحكيم السياسي الذي اتخذه لنفسه. ورغم غبطته لفوز ابنه جورج بالرئاسة، يقال إن العلاقة بين الاب وابنه تتسم بالتشنج.
وفي الفترة الاخيرة، لم يظهر بوش في المناسبات العامة الا نادرا، واجبر على استخدام الكرسي النقال بعد اصابته بشكل من اشكال مرض الرعاش الذي اقعده تماما.
ولم يتمكن بوش من حضور حفل تنصيب الرئيس الحالي دونالد ترامب، إذ ادخل المستشفى لاصابته بالتهاب صدري.
كان جورح هربرت ووكر بوش يالاساس رجلا متحضرا، ولم يشعر بالارتياح ابدا مع الصراعات والمؤامرات التي تتسم بها الحياة السياسية.
قال مرة "لمجرد اننا نتنافس مع بعضنا البعض لا يعني اننا اعداء. لا ينبغي للسياسة ان تكون مفتقرة للكياسة واللطف."
فيديو قد يعجبك: