10 أعوام على هجمات مومباي الإرهابية... هل استعدت الهند لمواجهة مماثلة؟
نيودلهي - (د ب أ):
مضت عشر سنوات منذ وقوع الهجمات الإرهابية التي نفذتها مجموعة من المسلحين في مدينة مومباي، عاصمة المال والأعمال في الهند. فهل المدينة اليوم أكثر استعدادا لمواجهة تكرار مثل هذه الهجمات؟
يقول آجاي ساهني، المدير التنفيذي لـ "معهد إدارة الصراعات"، ومقره العاصمة الهندية نيودلهي: "تم تنفيذ العديد من الأمور الصغيرة." ورغم أنه تم إنفاق مبالغ طائلة خلال العقد الماضي، تظل مواطن الضعف في مومباي، بل في الهند على نطاق أوسع، كما هي في مواجهة مثل هذه الهجمات التي وقعت قبل سنين.
وكانت مومباي مشهدا للعديد من الهجمات الإرهابية التي أسفرت عن أعداد أكثر من الضحايا الذين سقطوا في هجمات السادس والعشرين من نوفمبر عام 2008 والذين بلغ عددهم 166 ضحية قُتِلوا خلال 60 ساعة، كما أصيب حوالي مئتين آخرين، ولكن لم يكن أي من الهجمات التي تلتها، والتي كانت في الغالب تفجيرات باستخدام قنابل، بمثل "الغزو" الذي شهدته المدينة قبل عقد.
وتمكن الإرهابيون العشرة الذين نفذوا الهجمات آنذاك من الوصول إلى مومباي عبر طريق بحري دون أن يشعر بهم أحد، وذلك بعدما تلقوا تدريبات على يد جماعة "العسكر الطيبة" المتشددة في باكستان.
وقسم الإرهابيون، الذين كانوا مزودين بقنابل يدوية وأسلحة أوتوماتيكية، أنفسهم إلى مجموعتين، ونفذوا إلى العديد من المواقع التي جرى اختيارها بعناية، والتي شملت فنادق فخمة ومحطة قطار. وتم توجيههم عبر هواتف متصلة بالقمر الاسطناعي من غرفة عمليات في باكستان.
وقد كشفت هجمات مومباي عن العديد من الثغرات في النظام الأمني في الهند، والتي شملت في المقام الأول مواطن ضعف في نظام الاستطلاع البحري، وعدم كفاءة شبكات جمع ومشاركة المعلومات الاستخباراتية، وتدني مستوى التدريب والمعدات التي استخدمها أول من تعاملوا مع الأحداث، وفوق هذا كله غياب التنسيق بين الجهات المعنية.
وأسرعت الحكومة الهندية في أعقاب الهجمات باتخاذ مجموعة واسعة من الخطوات لتشديد الإجراءات الأمنية، خاصة فيما يتعلق بالاستطلاع البحري وجمع المعلومات الاستخباراتية.
ويقول محللون إنه بعد مرور عشر سنوات على وقوع الهجمات، تم إجراء بعض التحسينات، وذلك في مجالات مثل سرعة استجابة قوات النخبة الخاصة، غير أن الوتيرة البطيئة والطابع غير المتكامل بالنسبة لتنفيذ المشروع، وإخفاق جهود تحسين عملية المشاركة فى المعلومات الاستخباراتية كما أن أوجه القصور في النظام الشرطي بوجه عام، مستمرة في جعل الهند عرضة للهجمات.
وتقول البحرية الهندية، التي تولت كامل عمليات الأمن البحري في أعقاب هجمات 2008، إنها أحرزت "تقدما كبيرا" في مجال تأمين السواحل.
وقال قائد الأسطول الادميرال سونيل لانبا مؤخرا إنه تم تركيب أجهزة رادار وإنشاء مراكز عمليات في العديد من المناطق الساحلية، وهي متصلة بمركز للتنسيق والقيادة في العاصمة نيودلهي.
وتضاعف عدد السفن التي يملكها خفر السواحل الهندي إلى 136 سفينة، ودخلت 18 طائرة جديدة الخدمة.
ولكن أعداد السفن والمراكب في المياه الساحلية للهند، تصل في أي وقت إلى نحو 75 ألف، بينها كثير من قوارب الصيد الصغيرة.
وقد كشفت أحداث وقعت في الأونة الأخيرة، عن "حقيقة التحسينات" التي تمت فيما يتعلق بالتنسيق بين البحرية الهندية وخفر السواحل ووحدات الشرطة البحرية في الولايات.
في أبريل من عام 2017، تمكن قارب على متنه رجل وامرأة من روسيا من الوصول إلى سواحل مومباي، دون تصريح من السلطات الهندية، والقى القارب بمرساته بالقرب من النصب التذكاري الشهير "جيت واي اوف إنديا" (بوابة الهند)، في موضع غير بعيد عن ذلك الذي وصل إليه مرتكبو هجمات مومباي قبلهما بأعوام.
وقال ساهني: "من الواضح أن الاثنين استمتعا بحمام شمس على ظهر القارب لساعات قبل أن يراهم الصيادون الذين أسرعوا بإبلاغ السلطات".
وفي الفترة بين عامي 2011 و2016، دفعت الأمواج ثلاث ناقلات نفط أو سفن شحن مهجورة إلى المياه الهندية، بالقرب من مومباي دون أن يشعر بذلك أحد.
ويؤكد مسؤول الشرطة المتقاعد اس بي سينغ، أن الشرطة الهندية في حاجة ماسة إلى تحديث عمليات التدريب والمعدات والتكنولوجيا التي تستخدمها لرفع الكفاءة والقدرات على مجابهة الجرائم. وعادة ما يتواصل الإرهابيون المحتملون مع شبكات إجرامية قائمة بالفعل.
وقال سينغ: "قمنا بتطوير قوات خاصة، وفرق للاستجابة السريعة، ولكن ذلك لن يجدي نفعا حتى نضمن أن أي امرأة تستطيع أن تسير في أي شارع وهي تشعر بالأمان. إن الأمن ليس أمرا يتعلق بتتبع إرهابي واحد، بل بالسيطرة على الجريمة بوجه عام. هنا فقط يمكن أن يكون لكل هذا معنى".
وبعد مرور هذه السنوات، يستطيع أي مركز شرطة تحميل بيانات، ولكن إذا ما احتاج إلى أي معلومات أو تفاصيل خاصة بشخص ما، أو بصماته أو ما شابه، عليه أن يتقدم بطلب مكتوب لدى المكتب الوطني للسجلات الجنائية.
وقال ساهني: "تستطيع جميع مراكز الشرطة في الولايات المتحدة، منذ عام 1967، الدخول على قاعدة بيانات خاصة بالجرائم...انظر كم نحن متخلفون!!".
وأوضح أنه تم إنشاء "وكالة التحقيقات الوطنية" في أعقاب هجمات 2008 لتكون "الوكالة الاتحادية الرئيسية المعنية بإنفاذ القانون فيما يتعلق بمكافحة الارهاب، ولكنها تحولت إلى أداة سياسية مثلها في ذلك مثل وكالات أخرى، وهي مشغولة بتلفيق الاتهامات ضد منتقدي الحكومة مثل جماعة /ايربان ماويستس (الماويون الحضريون)/".
ويكشف الهجوم الذي نفذه انتحاريون عبروا الحدود من باكستان للهند واقتحموا مركزا للشرطة في منطقة جورداسبور في عام 2015، وهجوم ثان استهدف قاعدة عسكرية في بانكوتا في عام 2016 – الاثنان في إقليم البنجاب شمالي البلاد- عن أوجه القصور المستمرة في أنظمة جمع المعلومات الاستخباراتية ومشاركتها مع جهات أخرى.
وحلل ضابط الجيش المتقاعد ساتبير سينغ العديد من الأخطاء الأمنية المتعلقة بهجوم "بانكوتا" وذلك في مقابلة مع موقع "فيرستبوست".
وقال سينغ إنه تم تجاهل معلومات وردت من مسؤول بالشرطة كان تعرض للاختطاف حول وجود متسللين مسلحين، مضيفا أنه لم يتم تأمين قناة بالقاعدة استخدمت في تنفيذ هجوم سابق. وأضاف أنه يبدو أن القاعدة كانت تفتقر إلى وجود أجهزة استطلاع ومعدات للمساعدة في الرؤية الليلية. كما تم استدعاء وحدة قوات خاصة من "حرس الأمن الوطني الهندي" من العاصمة نيودلهي بدلا من وحدة خاصة كانت تتمركز في "ناهان" القريبة.
واختتم العسكري المتقاعد حديثه بالقول: "لم تتعلم الهند أي درس... نصرخ بأعلى صوت... ولكن لا حياة لمن تنادي".
فيديو قد يعجبك: