الهجمات الإلكترونية الروسية: هولندا تدافع عن قرارها بعدم اعتقال المشتبه بهم
(بي بي سي):
دافعت الحكومة الهولندية عن قرارها بعدم اعتقال أربعة رجال روس اتهموا بمحاولة شن هجوم إلكتروني لاختراق المنظومة الاتصالية للمنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي.
وقال رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، إن من يشتبه بأنهم عملاء روس أعيدوا إلى بلادهم لأنهم لم يخضعوا إلى أي تحقيق جنائي.
وقد انضمت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى هولندا في توجيه اللائمة إلى جواسيس روس في المسؤولية عن سلسلة هجمات إلكترونية في العالم.
وقد رفضت روسيا هذه المزاعم قائلة "إنها حملة دعائية مُرتّبة" مسبقا، وتعكس "هوسا بالجاسوسية لدى الغرب".
وقد جاء القرار الهولندي في أبريل بعدم ملاحقة المشتبه بهم قضائيا متناقضا جدا مع إعلان الولايات المتحدة الخميس توجيه اتهامات للأشخاص الأربعة فضلا عن ثلاثة يزعم أنهم أعضاء في المخابرات العسكرية الروسية.
وأشارت تقارير من موسكو الجمعة إلى استدعاء الخارجية الروسية للسفير الهولندي فيها.
ما هي الاتهامات الموجهة لروسيا؟
قالت هولندا إنها ضبطت أربعة عملاء للمخابرات العسكرية الروسية في لاهاي بينما كانوا يحاولون اختراق شبكة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، التي كانت تحقق في هجوم كيميائي في سوريا وآخر بعامل الأعصاب على سيرغي سكريبال، الجاسوس الروسي السابق الذي يعيش في بريطانيا.
وقال الهولنديون إن أحد العملاء الأربعة كان في ماليزيا مستهدفا التحقيق في حادثة الطائرة أم أج 17 التي اُسقطت بإطلاق النار عليها فوق شرق أوكرانيا.
ووجهت الولايات المتحدة اتهامات لسبعة عملاء روس استهدفوا وكالة مكافحة المنشطات الأمريكية، والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وشركة الطاقة النووية الأمريكية "وستنغهاوس". ومن بين المتهمين السبعة الأشخاص الأربعة الذين رُحلّوا من هولندا، بينما كان الثلاثة الآخرين من بين أولئك الذين اتهموا في يوليو باختراق حسابات مسؤولين في الحزب الديمقراطي خلال الانتخابات الأمريكية في عام 2016.
أعلنت كندا "بثقة كبيرة" عن وقوف المخابرات الروسية وراء اختراق مركز يعنى بأخلاقيات الرياضة وعن استهداف الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، ومقرها مونتريال.
اتهمت بريطانيا المخابرات العسكرية الروسية بالوقوف وراء أربع هجمات إلكترونية استهدفت شركات في روسيا وأوكرانيا والحزب الديمقراطي الأمريكي وشبكة تلفزيونية صغيرة في بريطانيا.
من هم المشتبه بهم الأربعة في لاهاي؟
وصل الرجال الأربعة إلى مطار سخيبول بأمستردام في أبريل حاملين جوازات دبلوماسية، واستأجروا سيارة وأوقفوها في مرآب فندق ماريوت في لاهاي قبالة مبنى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وكان هدفهم اختراق تفاصيل الدخول السرية في شبكة المنظمة الدولية اللاسلكية (واي فاي) من حاسوب في سيارتهم، بحسب رئيس الاستخبارات الهولندية الميجر جنرال أونو ايخلسيم.
وقد شخص الرجال الأربعة بأنهم القرصانان الإلكترونيان اليكسي مورَنتس ويفغيني سربرياكوف، وعميلان مساعدان هما أولغ سوتنيكوف واليكسي مينين.
وقال مسؤولون إنهم من وحدة الاستخبارات العسكرية الروسية 26165، التي تعرف أيضا باسم أي بي تي 82. وقال السفير البريطاني في هولندا، بيتر ويلسون، إن هذه الوحدة أرسلت ضباطا إلى مختلف أنحاء العالم لإدارة مداخل قريبة لعمليات الكترونية، وتشمل اختراق شبكات الاتصالات اللاسلكية (واي -فاي).
وعندما أُوقف الرجال الأربعة صادرت السلطات منهم كمية كبيرة من المعدات التقنية، وأجهزة الهاتف النقال، وجهاز حاسوب محمول، بيد أن الرجال الأربعة نُقلوا الى المطار واعيدوا إلى بلادهم على متن رحلة جوية بدلا من اعتقالهم.
وقال مسؤولون هولنديون إنه كانت في حوزة الرجال الأربعة تذاكر سفر بالقطار إلى العاصمة السويسرية بَرن، حيث يخططون لاستهداف المختبر الذي تستخدمه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتحليل العينات في سبيز.
واُكتشف أن أحد أجهزة الهاتف المحمول المصادرة كان فُعّل قرب مبنى الاستخبارات العسكرية في موسكو.
وعُثر أيضا في حوزتهم على إيصال دفع لرحلة سيارة أجرة من مكان قرب مبنى الاستخبارات العسكرية إلى المطار. وقد أكدت شركة سيارات الأجرة لبي بي سي أن الوصل كان صحيحا.
وفي تطور منفصل، زعم موقع التحقيات "بلينغكات"، أن ملكية السيارة تعود لأحد الرجال الأربعة، اليكسي مورَنتس، وقد سجلت في عنوان منزل في موسكو يعود الى وحدة المخابرات العسكرية 26165.
كما عُثر على تفاصيل عن 305 أشخاص ممن سُجلت سياراتهم من العنوان نفسه في سجلات بيانات تسجيل المركبات.
لماذا أعيد الرجال الأربعة إلى بلادهم؟
على الرغم من الرجال الأربعة كانوا يسافرون بجوازات سفر دبلوماسية، إلا أنه كانت ثمة إمكانية لاعتقالهم لأنهم دبلوماسيون غير مسجلين في هولندا.
لذا أثيرت تساؤلات بشأن قرار إعادة المشتبه بهم إلى بلادهم فورا، بدلا من اعتقالهم. وبعد ساعات فقط من الكشف عن هجمات إلكترونية، وجه مسؤولون في وزارة العدل الأمريكية اتهامات ضد المشتبه بهم الأربعة فضلا عن ثلاثة آخرين.
وقال الميجر جنرال ايخلسيم، ردا على سؤال من التلفزيون الهولندي ليلة الخميس، لماذا لم يعتقل الرجال الأربعة؟ إنها كانت عملية استخبارية مضادة تهدف إلى جمع معلومات استخبارية وللحفاظ على أمن هولندا.
ووافق زعماء سياسيون على أن الرجال الأربعة لم يعتقلوا لأنها عملية استخبارية، وليست تحقيقا جنائيا تجريه الشرطة.
وتقول الخبيرة الهولندية فيلمين أيردتس من جامعة ليدن إن الأجهزة الاستخبارية لا تمتلك سلطة الاعتقال والتحقيق القضائي.
وأوضحت لبي بي سي أن الاستخبارات أذا أرادت اعتقالهم، يجب عليها إبلاغ الشرطة للقيام بذلك.
وأشارت إلى أن مثل هذا القرار سيكون صعبا، لأنه ربما يكون قرارا سياسيا، كما يجب إعلام وزير الدفاع به.
ما الذي نعرفه بشأن الهجمات الإلكترونية المزعومة؟
قال مسؤولون هولنديون إنهم اكتشفوا أن الحاسوب المحمول الذي صُودر من المشتبه بهم قد استخدم في البرازيل وسويسرا وماليزيا.
ووفقا للسفير البريطاني في هولندا، كانت العملية الإلكترونية في ماليزيا تستهدف مكتب الإدعاء العام والشرطة الماليزية فضلا عن التحقيق في حادث تحطم الطائرة أم أج 17 الذي راح ضحيته 298 شخصا.
وفي وقت سابق هذا العام، خلص محققون في التحقيق الذي تقوده هولندا إلى أن الصاروخ الذي اسقط الطائرة كان قد نُقل برا من قاعدة عسكرية روسية.
وأظهرت بيانات استخلصت من الحاسوب المحمول أنه استخدم أيضا في مدينة لوزان السويسرية وكان على صلة بعملية اختراق حاسوب محمول يعود للمنظمة الدولية لمكافحة المنشطات التي كشفت عن تعاطي رياضيين روس للمنشطات.
فيديو قد يعجبك: