وكالة: معركة الحُديدة تدفع اليمن نحو المجاعة.. وبديل "الحوثي" ليس جيدا
كتب - هشام عبد الخالق:
يحاول تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية والمدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، استعادة ميناء الحُديدة الذي يعد أهم الموانئ بالبلاد، في وقت قرر فيه الحوثيون الدفاع عنها "حتى آخر رجل"، وآلاف المدنيين محاصرين في المنتصف بحقول الألغام وقذائف الهاون والضربات الجوية.
وذكرت وكالة "أسوشيتدبرس" في تقرير لها الخميس، أنه إذا استطاعت قوات التحالف استعادة الحُديدة سيكون هذا أكبر فوز يحققونه في حربهم الطويلة التي دخلت عامها الثالث، ولكن سيكون هناك تهديد بوجود مجاعة في اليمن.
وتابعت، أنه بسبب ميناء الحُديدة لا يزال ملايين اليمنيين الجوعى على قيد الحياة، فهو نقطة الدخول لما يقرب من 70% من واردات الغذاء والمساعدات الدولية، وأكثر من 8 ملايين من سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليون نسمة، ليس لديهم طعام سوى ما تقدمه وكالات الإغاثة العالمية، ويرتفع العدد بسرعة.
يمكن للحصار على المدينة أن يقطع شريان الحياة لكثير من اليمنيين، وقتلت المعارك بالفعل مئات المدنيين وأجبرت مئات الآلاف على الفرار من ديارهم، وبات أكثر من 2 مليون شخص من المشردين، وارتفعت حالات الكوليرا في المنطقة من 497 في يونيو إلى 1347 في أغسطس، حسب تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال" الثلاثاء.
وافقت الولايات المتحدة على مواصلة القتال بشكل رسمي، عندما صدّق وزير الخارجية مايك بومبيو في 12 سبتمبر، على مواصلة الدعم الأمريكي للحملة الجوية للتحالف، الذي بدوره تعرض لانتقادات شديدة بسبب غاراته الجوية المستمرة منذ عام 2015، والتي يقول خبراء الأمم المتحدة إنها تسببت في مقتل أغلبية المدنيين الذين قتلوا في الصراع والبالغ عددهم 10000 مدني.
وأعلن بومبيو أن السعودية والإمارات تتخذان الإجراءات الكافية لتجنب وفيات المدنيين، وتدعم الولايات المتحدة التحالف العربي بالمعلومات الاستخباراتية وتزويد طائراته الحربية بالوقود جوًا، بالإضافة إلى مبيعات الأسلحة للسعودية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
ويهدف التحالف إلى استعادة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا برئاسة عبد ربه منصور هادي، وإحباط ما تعتبره دول التحالف محاولة من قبل إيران للسيطرة على اليمن من خلال الحوثيين. وتنفي إيران أن يكون الحوثيون تابعين لهم، ودفعت الحرب الناتجة عن ذلك اليمن لتكون أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
"على المحك"
إذا ما انتصر التحالف في معركته بالحُديدة، سيكون أول انتصار كبير لهم منذ أكثر من عامين.
ويقول مايكل هورتون، باحث بمؤسسة جيمس تاون: "لقد استغرقت قوات التحالف عامين حتى تصل للحُديدة، فكم ستستغرق حتى تشق طريقها عبر جبال اليمن لتصل للعاصمة صنعاء؟".
ويحاول الجيش الوطني اليمني المدعوم من التحالف حاليًا تطويق المدينة، لكنهم تعرضوا لمقاومة شرسة عند الكيلو 16، وهي نقطة على الطريق السريع للمتجه شرقًا من الحديدة إلى صنعاء، وعلى الرغم من القتال المستمر منذ أسبوعين، فشلت القوات في الاستيلاء عليها، وأغلق القتال جزء من الطريق السريع، وهو ليس مجرد خط رئيسي للإمدادات من الحوثيين، ولكنه أيضًا حيوي للغاية بالنسبة للمستوردين وكذلك وكالات الإغاثة الإنسانية التي تنقل البضائع.
القتال في الحُديدة تسبب في نزوح نصف عدد سكان المدينة، والبالغ عددهم 2.6 مليون شخص، وارتفع عدد الوفيات الموثقة من المدنيين في الحديدة إلى 116 فردًا شهريًا في يونيو ويوليو وأغسطس، بعدما كانت 44 في الأشهر الخمسة الأولى من العام، وفقًا لإحصاءات "المشروع المعني بالنزاع المسلح"، وهي مجموعة مراقبة استشهدت بها وكالات الأمم المتحدة.
ذكرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير مبدئي لها، أن "10 أشخاص ماتوا بسبب الكوليرا في شهر واحد في منطقة الزيدية"، وقال عبد الرحمن جار الله المسؤول البارز بوزارة الصحة، إن "السلطات أحصت 20 حالة وفاة في ستة أسابيع في نفس المنطقة، وأرجعت معدل الوفيات المرتفع إلى المياه الملوثة ونقص التطعيمات ضد المرض".
صرح العقيد تركي المالكي، الناطق باسم قوات التحالف، لوكالة أسوشيتدبرس، أنه "بمجرد السيطرة على المدينة، سيخفف التحالف من القيود المفروضة على السفن التي تدخل الميناء، والتي تواجه الآن تأخيرات كبيرة لأن فريقًا تابعًا للأمم المتحدة يقوم بتفتيشها لمنع نقل الأسلحة إلى الحوثيين"، وقال إن "إيرادات الموانئ ستذهب للحكومة، مما سيسمح لها بدفع مرتبات موظفيها".
ماذا بعد؟
يتزايد عدد اليمنيين الذين يتضورون جوعًا لكونهم غير قادرين على شراء الطعام في اقتصاد مدمر بسبب القتال والضربات الجوية والحصار الذي يفرضه التحالف، ومع سقوط قيمة العملة، حذرت الأمم المتحدة من أن 3.5 مليون شخص آخر سوف يحتاجون قريبًا إلى مساعدات دولية.
وعرّض القتال في الحديدة شريان الحياة (الميناء) للخطر، وأجبرت المعركة في الكيلو 16 إمدادات الإغاثة على أخذ مسارات أطول ما أدى إلى تباطؤ عمليات تسليمها، ولا تستطيع وكالات الإغاثة أيضًا الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر القريبة، أحد أكبر صوامع الحبوب في اليمن، حيث يتم تخزين ما يكفي من الحبوب لإطعام 3.5 مليون شخص لمدة شهر.
"كيف ستبدو اليمن بعد هذه الحرب؟".. هذا هو السؤال الذي أصبحت المعركة في الحُديدة تطرحه بشدة مؤخرًا.
تحول جنوب اليمن الخالي من الحوثيين، إلى خليط من المناطق المنقسمة تحت سيطرة الميليشيات المتنافسة، وشهدت عدن، العاصمة الجنوبية، عمليات اغتيال ومعارك في الشوارع إضافة إلى تزايد الجرائم والسرقة والاغتصاب.
وتقول الوكالة في ختام تقريرها: "أرسلت هذه الأحداث رسالة إلى اليمنيين الذين يعيشون تحت حكم الحوثيين القمعي أن البديل ليس خيارًا جيدًا".
فيديو قد يعجبك: