نبذة عن العلاقات السعودية-الأمريكية
كتبت – إيمان محمود:
على مدى أكثر من ثمانية عقود، كانت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، حليفين قويين، رغم العقبات التي واجهتها العلاقات المشتركة بينهما في بعض الأحيان؛ أحدثها قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي أعلنت الرياض وفاته داخل قنصليتها في مدينة إسطنبول التركية نتيجة شجار واشتباك بالأيدي، فيما تجرى التحقيقات مع 18 سعوديًا في القضية.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه يجد الرواية السعودية "جديرة بالثقة" واعتبرها "خطوة أولى هامة" لكشف ملابسات ما جرى مع خاشقجي الذي اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في 2 أكتوبر الجاري.
فيما يلي نظرة على العلاقات الأمريكية-السعودية منذ تأسيس المملكة بشكلها الحالي في عشرينات القرن الماضي:
بداية التعاون
ظلت الولايات المتحدة ترفض الاعتراف بالمملكة العربية السعودية بعد توحيد الملك عبد العزيز آل سعود شبه الجزيرة العربية، حتى مطلع أربعينات القرن الماضي، رغم أن التعاون بين الرياض وواشنطن بدأ في في عام 1931، حينما منح الملك عبد العزيز حق التنقيب عن النفط في المملكة إلى شركة أمريكية.
وفي فبراير من العام 1943، أعلن الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت أن "الدفاع عن السعودية يُعد أمرًا حيويًا بالنسبة للدفاع عن الولايات المتحدة"، وذلك عقب تعرض منشأة نفطية في الظهران لقصف من جانب القوات الايطالية المتحالفة مع المانيا النازية آنذاك.
وتُؤرَّخ أول زيارة قام بها وفد سعودي رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة بعام 1943، عندما أرسل الملك عبد العزيز نجليه الأمير فيصل والأمير خالد لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن.
في العام 1944، تم افتتاح أول مكتب دبلوماسي في واشنطن كمفوضيه للمملكة العربية السعودية ثم جرى ترفيعها فيما بعد إلى سفارة، كما تم في نفس العام إنشاء قنصلية أمريكية في الظهران.
تطور العلاقات
كان أول لقاء بين روزفلت والملك عبد العزيز، عام 1945، والذي استمر خمس ساعات، على متن المدمرة الأمريكية كوينسي، في البحيرات المرّة بقناة السويس، إذ تناولا وقتها كافة القضايا الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها مسألة تأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين.
كان هذا اللقاء بمثابة بداية فعلية للعلاقات بين البلدين، وبعد عامين؛ كانت الزيارة الأولى للملك السعودي إلى الأراضي الأمريكية، في 12 يناير من عام 1947 اجتمع خلالها بالرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور.
كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أول رئيس أمريكي يزور المملكة، في 14 يونيو 1974، اجتمع خلالها مع الملك فيصل.
حرب أكتوبر
ظلت العلاقات الثنائية وطيدة، حتى فترة السبعينيات، إذ شهدت فترة مدّ وجزر تأثّرًا بالصراع العربي الإسرائيلي في ذلك الوقت.
وفي عام 1973، عقب قرار السعودية الانضمام إلى الحظر النفطي على الغرب دعمًا للموقف العربي في حرب أكتوبر ضد إسرائيل، لكن الحظر رُفع في مايو 1974، عقب قيام الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل للتفاوض مع سوريا حول هضبة الجولان.
في عام 1978؛ كانت أول زيارة رسمية للملك خالد بن عبد العزيز، للولايات المتحدة، التي ترتب عليها زيارة الرئيس جيمي كارتر للرياض في العام نفسه، واجتمع مع الملك خالد لبحث ما عُرف بمشروع كارتر لتحريك عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
حرب الخليج
أدى غزو العراق للكويت في أغسطس عام 1990، إلى حرب الخليج حيث تم تعزيز العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة والسعودية، فمع اجتياح القوات الأمريكية أعلن الملك فهد الحرب على العراق وكانت الولايات المتحدة قلقة بشأن سلامة المملكة.
بعد موافقة الملك فهد نشر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عددا كبيرا من القوات العسكرية الأمريكية (تصل إلى 543 ألف جندي بري بحلول نهاية العملية) في السعودية لحمايتها من غزو عراقي مزعوم.
هجمات 11 سبتمبر
في يوم الهجمات ذاته؛ أصدرت السعودية بيانًا وصفت فيه الهجمات بأنها عمل "مؤسف وغير إنساني"، كما توقفت عن الاعتراف بطالبان (التي عملت مع بن لادن).
لكن ذلك لم يدفع عنها اتهامات بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي، بأن المخابرات السعودية كانت داعمة لمنفذي الهجمات، وهو ما نفته الرياض.
وفي حين رفع أقارب الضحايا دعوى قضائية جماعية على بعض الجمعيات الخيرية السعودية وجهات حكومية في السعودية سعيًا لتحميلهم المسؤولية القانونية. لكن هذه الجهود قد أحبطت جزئيا من خلال قانون الحصانة السيادية الأجنبية الصادر عام 1976.
وبعد إعلان الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب، والتي بدأتها من أفغانستان، أعلنت السعودية دعمها لواشنطن، وهو ما دفع إدارة بوش فيما بعد للإشادة بالسعودية، وجعل العلاقات تستمر بين البلدين.
أوباما والاتفاق النووي الإيراني
ظلّت العلاقات بين البلدين على نفس الوتيرة حتى أوائل عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ففي عام 2010؛ أعلنت الخارجية الامريكية نية الإدارة لإبرام صفقة تسليح مع السعودية تبلغ قيمتها 60 مليار دولار.
وفي مارس 2015؛ أعلن أوباما أنه خول القوات الامريكية بتزويد السعوديين بدعم استخباري ولوجستي في العملية العسكرية في اليمن.
لكن العلاقات مع إدارة اوباما لم تستمر على هذا المنوال وتعرضت لبعض الفتور فيما بعد، بسبب توقيع واشنطن الاتفاق النووي مع إيران، التي تُعد العدو الأول للملكة.
ترامب
وشهدت العلاقات تقاربًا وطيدًا وملحوظًا بعد صعود دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة الأمريكي، حتى أن المملكة كانت محطته الأولى في جولته للشرق الأوسط بعد إعلانه رئيسًا، ومن ثم عُقدت "القمة الأمريكية-العربية والإسلامية" في الرياض.
وضعت السعودية أملها في الرئيس الجديد لتحسين العلاقات التي توترت في عهد أوباما، وهو ما تم تنفيذه على أرض الواقع انطلاقًا من القمة، وحتى اتفاق الطرفين على الرؤى السياسية المُشتركة في المنطقة.
وفي مايو 2017، أجاز ترامب أكبر صفقة أسلحة في تاريخ الولايات المُتحدة، إذ تبلغ قيمتها حوالي 110 مليار دولار وبقيمة 300 مليار دولار على مدى عشر سنوات، يشمل التدريب والتعاون الوثيق مع الجيش السعودي كما تضمنت الوثائق الموقعة خطابات ذات أهمية ورسائل تحتوي أهداف ونوايا بدون عقود فعلية.
فيديو قد يعجبك: