إعلان

طبيب وحيد يواجه الخطر بمستشفى بجنوب السودان: يقرأ لمرضاه الإنجيل والقرآن

08:47 م الإثنين 01 أكتوبر 2018

القاهرة - وكالات

يقضي الطبيب "إيفان أتار أداها" أغلب يومه في مستشفى بمدينة بونج بدولة جنوب السودان. ظل بمفرده رغم الحرب الدائرة والمخاطر التي تحيط بالمكان، يعالج المصابين بالطلقات النارية وحتى الأطفال حديثي الولادة.

هو رئيس قسم الجراحة ومدير المستشفى، لكن لا يمتلك مكتبًا ويمضي ساعات على مدار اليوم واقفًا على قدميه، يساعد الممرضات في تجهيز المرضى، ويجري حوالي 10 عمليات جراحية في اليوم.

بات وحيدًا في المستشفى بعدما رفض الرحيل رغم المخاطر، لا يرى أسرته سوى بضعة أيام في السنة ليواصل خدمة المحتاجين إلى عمله المنقذ للحياة.

يصلي "أتار" مع المرضى قبل تخديرهم وفقا لدينهم، فيقرأ الإنجيل مع المسيحيين والقرآن مع المسلمين، في المستشفى الذي يضم قسما لحديثي الولادة وجناحا لمرضى السُل يضم 20 سريرا.

ونشر موقع أخبار الأمم المتحدة تقريرًا عن الطبيب بمناسبة حصوله على جائزة نانسن للاجئين تقديرا لعمله في المستشفة الواقع على بعد 600 كلم من العاصمة جوبا.

غالبا ما يكون الطبيب أول من يدخل إلى غرفة العمليات، دافعا منصة الجراحة المعدنية الثقيلة إلى المكان المناسب. ويمكن رؤيته أيضا في جناح حديثي الولادة الجديد، يداعب أحد الأطفال الصغار.

وبحسب الموقع الإخباري التابع لمنظمة الامم المتحدة، فإن أحد زملائه مؤخرا رآه واقفا حافي القدمين على منصة العمليات في وقت متأخر من الليل وكان يغني بينما يصلح أحد المصابيح في السقف.

يقول الدكتور أتار المعروف باسمه الأوسط: "نحن هنا لننقذ الأرواح، لا للجلوس. لا وقت للتكاسل في غرفة العمليات. جميعنا متساوون وجميعنا نشكل فريقا."

يبلغ الطبيب من العمر 52 عاما وهو الجراح الوحيد في مستشفى "مابان"، الذي يضم 120 سريرا وغرفتي عمليات، الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي لولاية أعالي النيل في جنوب السودان.

يخدم المستشفى الذي يفتح أبوابه طوال 24 ساعة في اليوم أكثر من 200 ألف شخص.

الطبيب أتار معروف جدا ويشير الكثيرون إلى المستشفى باسم "مستشفى د. أتار"، ويسافر المرضى لأيام للحصول على العلاج.

ويقول الدكتور كاليسا يسيرو وابابيي، وهو طبيب من أوغندا يعمل في مستشفى مابان منذ أكثر من عامين: "هذا المستشفى شامل. إنه جامع للخدمات وهو نقطة الإحالة الأخيرة، ومستوى الاختصاص الأعلى". وتمول المفوضية عمل المستشفى من خلال عدة شركاء.

يعمل الدكتور أتار وفريقه في بيئة صعبة وخطيرة. وتعاني جنوب السودان من نقص في المرافق والعاملين ذوي المهارات في المجال الصحي، كما أن هناك نقصا أيضاً في الأدوية والمعدات.

عندما حصل جنوب السودان على الاستقلال عام 2011، كان فيه حوالي 120 طبيبا و100 ممرض بينما بلغ عدد سكانه 120 مليون نسمة. ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في ديسمبر 2013، ونزوح أكثر من أربعة ملايين شخص، تدهورت الرعاية الصحية.

في الماضي، تعرضت المرافق الطبية في جنوب السودان للنهب أو السطو، كما تعرض العاملون فيها للتخويف والاحتجاز والخطف والقتل. وكان يتم إطلاق النار على سيارات الإسعاف وسرقتها. ومنذ عام 2013، قتل 107 من العاملين في المجال الإنساني.

يعتبر الوضع في مقاطعة مابان متقلبا، وقد شهدت فترات مستمرة من العنف في الأعوام الأخيرة. وبعد الهجمات التي تعرضت لها مجمعات ومكاتب منظمات دولية، ومن بينها المفوضية في يوليو من هذا العام، بقي الدكتور أتار يعمل في المستشفى حتى عندما أجبر أفراد من طاقمه الطبي على المغادرة.

يتجاهل الدكتور أتار الخطر ويقول: "نعالج الجميع هنا بغض النظر عن هويتهم"، ويضيف مبتسما بأنه يبدو أن جميع أطراف النزاع يفهمون أيضا بأنهم يستفيدون من الرعاية الصحية الجيدة.

بتفاؤله الذي لا يقهر، وضحكته الدائمة وعناده الواضح في بعض الأحيان، لم يتخل عن تقديم الرعاية الصحية للأشخاص الأشد حاجة، ليصب تركيزه على هذه القضية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان