فيسبوك يغضب الأنظمة الاستبدادية في جنوب شرق آسيا
بانكوك - (د ب أ):
صدر قبل أيام حكم بالسجن لمدة 18 شهرا بحق امرأة كفيفة في تايلاند بتهمة العيب في الذات الملكية، بعد أن أعادت نشر مقالا كتبه أكاديمي تايلاندي يعيش في منفي اختياري على موقع فيسبوك".
وحكم على نارواياتي ماسوي (23 عاما) بالسجن ثلاث سنوات، لكن المحكمة خفضت العقوبة إلى 18 شهرا بعد إقرارها بالذنب.
ويعد هذا الحكم أحدث حلقة في سلسلة أحكام السجن المطولة الصادرة عن المحاكم التايلاندية للمخالفين لقانون الذات الملكية الصارم في البلاد، الذي يحظر انتقاد العائلة المالكة، حيث يواجه المدانون عقوبات بالسجن لمدد تصل إلى 15 عاما عن كل جريمة واحدة.
ومعظم قضايا قانون العيب في الذات الملكية، التي تقترب من 100 قضية، التي سلكت طريقها إلى المحاكم في تايلاند في ظل حكم المجلس العسكري الحالي، كانت بسبب إعادة نشر مقالات وكتابة منشورات أو حتى مجرد النقر على زر "أعجبني" في فيسبوك.
ويوفر عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك في منطقة جنوب شرق آسيا، وتحديدا في تايلاند وكمبوديا وفيتنام، منصة أكثر انفتاحا للنقاش أكثر من وسائل الإعلام المحلية، التي عادة ما تمارس الرقابة الذاتية لتجنب إثارة انتقام الحكومة.
ويقول نائب المدير التنفيذي لقسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، فيل روبرتسون، "إن حرية التعبير هي أولى ضحايا المعركة الجارية على فيسبوك بين (المواطنين) الذين يستفسدون من القدرة على نشر وجهات نظرهم، والحكومات المصممة على خنق أي نوع من الانتقادات".
وأضاف روبرتسون أن "الحملة الحالية على الناشطين التايلانديين والكامبوديين والفيتناميين على الشبكة العنكبوتية تستخدم قوانين فضفاضة تمكن الحكومات من تجريم أي شيء لا يعجبها".
ففي كمبوديا، تحركت السلطات بقوة لمراقبة فيسبوك في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة المقرر أن تجري في 29 يوليو المقبل، سعيا منها إلى تكميم أي انتقاد لرئيس الوزراء هون سن من قبل المعارضة أو المواطنين الكمبوديين العاديين.
وكان سام رينسى، المعارض المنفي حاليا والزعيم السابق لحزب الإنقاذ الوطني الكمبودي الذي تم حله مؤخرا، الهدف الأبرز لحملة الحكومة ضد منتقدي هون سن.
واتهم رينسي في ديسمبر الماضي بالتشهير بسبب تعليقات له على فيسبوك دعا فيها القوات المسلحة الكمبودية إلى عدم الانصياع إلى أوامر ما وصفهم بـ"الطغاة" إذا طلب منها إطلاق النار على "الأبرياء".
وفي 29 ديسمبر، أدين رانسى بتهمة التشهير وأمرته المحكمة بدفع تعويض قدره مليون دولار إلى هون سن، علاوة على دفع غرامة قدرها 2500 دولار.
وقال إير صوفال، أستاذ الدبلوماسية والشؤون العالمية المساعد في كلية أوكسيدنتال في لوس انجليس: "إنه استمرار للسلوك: التوقيف وتوجيه الاتهام لأي شخص حتى تتمكن من تخويف الآخرين".
وأضاف إير في رسالة عبر البريد الالكتروني لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) هناك قول صيني مأثور: "اقتل الدجاجة فيخاف القرد".
وهدد هون سين شخصيا منتقديه على فيسبوك، محذرا إياهم من أن بإمكانه العثور عليهم وملاحقتهم قضائيا.
وقال في خطاب في عام 2015، وفقا لما ذكرته صحيفة "بنوم بنه بوست"، "إذا أردت أن أقبض عليكم، فإنني بحاجة إلى أقل من سبع ساعات ... لا يجب أن تستخدموا كلمات بذيئة لإهانتي، لأنه بإمكاني، إذا رغبت، إلقاء القبض عليكم".
وفي سبتمبر 2017، اتهمت إحدى المحاكم الإقليمية امرأة تبلغ من العمر 20 عاما من بانتي ميانتشي في شمال غرب كمبوديا بالتحريض والإهانة العامة بعد أن وصفت هون سن بأنه "قاتل" و"خائن" على فيسبوك.
وقبل ذلك بشهر واحد، اتهمت امرأة أخرى في نفس المقاطعة وألقي القبض عليها لإبداء تعليقات مماثلة.
أما في فيتنام، حيث تحظر وسائل الإعلام المستقلة فعليا، يعد فيسبوك واحدا من مصادر المعلومات غير المقيدة عن المجتمع والسياسة في البلاد. ويستخدم المدونون الفيتناميون تقريبا المنصة حصريا لنشر آرائهم.
ويقول نجوين تشي توين، وهو مدون يبلغ من العمر 44 عاما: "إن فيسبوك مؤثر للغاية بالنسبة للشعب الفيتنامي، ولا سيما للناشطين والمعارضين، حيث يستخدمونه لمراقبة بعضهم البعض ومساعدة بعضهم البعض، وللتعبير عن آرائهم، وتبادل الأخبار".
ويضيف نجوين "الحزب الشيوعي يفرض سيطرته على كافة وسائل الإعلام، ما عدا وسائل التواصل الاجتماعي - وخاصة فيسبوك".
وكثيرا ما حث مسؤولون بالحزب الشيوعي على إقامة منصة مخصصة للسكان الأصليين تخضع للرقابة على غرار موقع "ويبو" في الصين، لكن رئيس الوزراء الفيتنامي السابق، نجوين تان دانج، أقر في اجتماع لمجلس الوزراء عام 2015 بأن التخلص من فيسبوك قد يكون مستحيلا.
وبدلا من ذلك، أطلقت الحكومة الفيتنامية في ديسمبر الماضي شعبه إلكترونية قوامها 10 آلاف شخص مهمتهم مراقبة موقع فيسبوك ومواقع أخرى من أجل العثور على "وجهات نظر غير مشروعة"، وفقا لما نقلته بوابة "توي تري" الاخبارية عن الكولونيل جنرال نجوين ترونج نجيا.
وهددت تايلاند بإغلاق فيسبوك في مايو الماضي بعد أن فشل الموقع في حذف منشورات تعتبر مخالفة لقوانين الذات الملكية في البلاد.
وحددت الحكومة مهلة صارمة لفيسبوك للامتثال، لكن عندما انقضى الموعد النهائي كان الموقع لا يزال متاحا في البلاد - وبقي كذلك منذ ذلك الحين.
وفي أبريل الماضي، حظر المجلس العسكري على 47 مليون مستخدم لفيسبوك في تايلاند إجراء أي اتصال عبر شبكة الإنترنت بثلاثة من أبرز منتقدي النظام وهم: المؤلف الاسكتلندي، أندرو ماكجريجور مارشال، والأكاديميين التايلانديين سومساك جيمتيراساكول وبافين تشاتشافالبونجبون.
وشمل الحظر أيضا "متابعة" صفحات الرجال الثلاثة على فيسبوك وغيرها من مواقع وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن لم يتم الإبلاغ عن أية قضايا حتى الآن.
فيديو قد يعجبك: