إعلان

فورين أفيرز: فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية

05:06 م الإثنين 29 يناير 2018

نتنياهو

كتبت- هدى الشيمي:

ذكرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية أن السنوات الأخيرة شهدت تحولاً واضحًا بين إسرائيل والدول العربية، وزادت المصالح المشتركة بينهم، ووجدوا أنفسهم يتعاونون بنجاح في عدد من القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل الأمن والطاقة، ومشاركة المصادر الطبيعية. وعلى الرغم من حدوث أغلب هذه الجهود خلف الكواليس، إلا أن بعضها جرى أمام مرأى ومسمع الجميع.

وقالت المجلة، في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني قبل يومين، إنه لم يخطر ببال أحد، قبل العقد الماضي، أن تُجري صحيفة سعودية (موقع إيلاف السعودي) مقابلة مع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، كما فعل الفريق غادي إيزنكوت في نوفمبر الماضي، والذي أكد استعداد إسرائيل لتبادل المعلومات الحصرية والخاصة مع الدول العربية المعتدلة بما فيها المعلومات الاستخباراتية.

"تغيير الأولويات"

على مدار الأعوام الماضية، حدثت تحولات كبرى في الشرق الأوسط، وأرجعت المجلة ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها ظهور تنظيم داعش، وانتشار الفوضى في ليبيا، والحرب الأهلية في العراق وسوريا واليمن.

وتقول المجلة إن القضية الفلسطينية لم تعد تتصدر قائمة أولويات الدول العربية، ولكنها ما زالت تتمتع بأهمية خاصة لدى حكومات هذه الدول.

وبالنظر إلى التحديات الجديدة، ترى المجلة أن الدول العربية لم تعد قادرة على التأكيد على أن القضية الفلسطينية مازالت الأولوية القصوى في المنطقة، فمثلا المملكة العربية السعودية مشغولة الآن بصراعاتها الخاصة، من ضمنها نزاعها الإقليمي مع إيران، وحربها بالوكالة في اليمن.

وذكرت فورين إفيرز أن مصر الآن مُنشغلة بمحاربة داعش في سيناء، وتحاول التصدي لتسلل المقاتلين من الحدود الليبية إلى أراضيها. وفي الأردن، يبذل النظام الهاشمي الحاكم جهودا كبيرا للحفاظ على استقرار البلاد.

"مصالح مشتركة"

قالت المجلة إن هناك العديد من المصالح المشتركة التي تجمع بين إسرائيل والدول العربية، أهمها الأمن. وأوضحت أن تل أبيب تتعاون الآن عن كثب مع مصر والأردن، من بين دول عربية سنية أخرى، من أجل التصدي لبعض التنظيمات التي تشكل خطرا على أمنها وسلامتها منها داعش.

وبحسب فورين أفيرز، فمن الممكن أن تحقق الدول السنية مكاسب كبيرة في المجال الاقتصادي، إذا عقدت صفقات واتفاقيات في مجالات الطاقة والتجارة مع إسرائيل، وكذلك ستتعزز الاستثمارات الأجنبية في هذه الدول.

"معوقات رئيسية"

رغم تزايد المصالح المشتركة، وإجراء اتفاقيات وراء الكواليس، تقول المجلة إن الأنظمة العربية البراغماتية حريصة على ألا تقوم بأي تصرف يُشير إلى تطبيعها للعلاقات مع إسرائيل، قبل العثور على حل للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.

ولفتت المجلة إلى معارضة الشعوب العربية بقوة لخطوات من شأنها تطبيع العلاقات بين حكومات بلادهم وتل أبيب، وسينظرون إليها باعتبارها خيانة وتخلي عن الفلسطينيين.

وبحسب المجلة، فإن حكومتي مصر والأردن اللتان تربطهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، تعاونتا معها، بهدوء ولكن على نطاق واسع، في عدة مسائل مثل الأمن والاستخبارات، لا ترغبان في أن تظهران متصالحتان مع إسرائيل.

وفي هذا الإطار، أكد الملك عبدالله الثاني، حاكم الأردن، في خطابه بالقمة العربية في مارس 2017، أنه لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة بدون العثور على حل دائم لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقالت المجلة إن الحكومات العربية، التي تعاني من عدة مشاكل أمنية وتهديدات اقتصادية لا تريد إغضاب مواطنيها بتعاونها مع إسرائيل بشكل علني.

وما يزيد الوضع تعقيدا، هو أن إيران ستستخدم أي مؤشر للتقارب بين إسرائيل والعرب لإشعال الصراع الفلسطيني، لاسيما وأنها ترغب في زيادة نفوذها في الشرق الأوسط.

وترجح الصحيفة أن تحاول إيران التشكيك في شرعية الأنظمة السنية، وتتهمهم بالتخلي عن الفلسطينيين، وتتهمهم بخيانة الإسلام بعد تعاونهم مع إسرائيل والولايات المتحدة.

ولا يمكن للدول السنية، ولا سيما السعودية، أن تسمح لنفسها بإعطاء إيران أو تركيا أي فتحات لتجميع رأس المال السياسي في المنطقة.

ما الذي يمكن فعله الآن؟

العقبة الرئيسية أمام تطبيع العلاقات مع إسرائيل بالنسبة لمواطني الدول العربية، هي التوصل إلى حل يُنهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وتقول المجلة إنه يمكن التغلب على هذه المشكلة إما بالوصول إلى تسوية، أو اقناع الشعوب العربية بأنه لا صلة بين علاقة إسرائيل ببلادهم، وصراعها مع الفلسطينيين.

وبسبب تعقيد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، يشعر الجميع بأنهم يسيرون في طريق مسدود، وترى المجلة أنه من الوهم أن يعتقد أي طرف أن حالة الزخم التي تشهدها العلاقات الإسرائيلية العربية الآن بإمكانها المساعدة على الوصول إلى تسوية مناسبة.

علاوة على ذلك، الربط بين تطبيع العلاقات والتوصل إلى حل لإنهاء النزاع يؤخر إمكانية التوصل إلى تسوية، لأنه يجعل الفلسطينيين أكثر عنادًا، وأكثر إصرارا على مطالبهم، ولهذا السبب، بحسب المجلة الأمريكية، يمارس الجانب الفلسطيني الكثير من الضغط على المجتمع العربي حتى لا يوافقوا على إصلاح علاقاتهم مع إسرائيل.

ترى المجلة أنه فات الأوان على الاعتراف بأن التعامل مع النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني باعتباره عقبة أمام تطبيع العلاقات بين تل أبيب والدول العربية، يخدم المصالح الاستراتيجية لبعض الجهات.

وتشدد فورين أفيرز على أن الظروف الحالية خلقت فرصة تاريخية لتعزيز العلاقات بين تل أبيب والدول العربية، وإذا حدث ذلك فإن المنطقة بأكملها ستستفيد، بما فيها الفلسطينيون.

واعتبرت المجلة أن رفض تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لن يساعد على حل النزاع، أو التوصل إلى تسوية مناسبة، أو الدفع بجهود السلام التي تبذلها عدة أطراف، موضحة أن تقارب العرب مع إسرائيل سيساعد على العثور على منطقة مشتركة قد تؤدي إلى إجراء مفاوضات جدية تساعد على انهاء الصراع.

ودعت إلى ضرورة ألا تكون الغاية من التطبيع مع إسرائيل التوصل إلى معاهدة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكن من الضروري أن تكون العثور على نقاط اتفاق، واستخدام الموارد الاقتصادية والطاقة لتحقيق أهداف ومصالح مشتركة.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان