مجلة أمريكية: 2017 كان عام "الحظ لترامب".. لم تقم الحرب العالمية الثالثة
كتبت- رنا أسامة وهدى الشيمي:
قالت مجلة فورين أفيرز الأمريكية إن فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا دفع العديد إلى التساؤل عن مدى اختلاف إدارته، وبالتحديد سياساته الخارجية عن غيرها من سياسات أسلافه.
وأوضحت المجلة، في تقرير نُشر على موقعها الإلكتروني، بوم السبت، أن ترامب، كمرشح للانتخابات، أظهر تحيزا كبيرا للقادة والزعماء الأقوياء، وطالب بحظر دخول المسلمين إلى بلاده، وأساء إلى المكسيكيين، وندد باتفاقيات التجارة الحرة، وأظهر القليل من الفهم للأبعاد الأخرى للسياسة الدولية.
وذكرت فورين أفيرز أن وصوله إلى المكتب البيضاوي لم يغير فيه شيئًا، ولم يجعله أكثر اعتدالاً، أو يحسن من موقفه تجاه بعض القضايا مثل التجارة الحرة والاتفاقيات الدولية.
وعلى مدار العام الماضي، تشير المجلة إلى إهانة ترامب بعض قادة الدول الأجنبية على تويتر، وتسببت سياساته في تقليص دور وزير خارجيته، وهاجم مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، وجهاز الاستخبارات "سي آي إيه"، وواصل إشادته بقادة دول بعينها، مثل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي.
ومع ذلك، تقول المجلة إن العالم لم ينتهِ، وأن الحرب العالمية الثالثة لم تندلع. وقد يشير ذلك إلى أن ترامب توقف عن كونه شخصية غريبة الأطوار، ومنح اهتمامًا كبيرًا للدفاع، فزاد ميزانية البنتاجون، وكان مُستعدا لاستخدام القوى، فأطلق صواريخ على سوريا كعقوبة لاستخدامها الأسلحة الكيميائية، ومنح الاقتصاد اهتمامًا كبيرًا.
"عقبات"
وفي خطابه بالأمم المتحدة، قال ترامب إن سيادة الولايات المتحدة، وأمن الشعب وازدهاره هي أهدافه الوحيدة، إلا أن الصعوبات والعقبات التي وجدها خلال عامه الأول وقفت أمام سياسته الرئيسية التي تحمل شعار "أمريكا أولا".
وبحسب المجلة، فإن الكونجرس وضع بعض الحدود أمام ترامب، لاسيما فيما يتعلق بروسيا، ولم يرضخ القضاة لدعواته بسن قوانين جديدة خاصة بالمهاجرين واللاجئين في الولايات المتحدة.
ووسط هذا الزخم السياسي الداخلي والخارجي، تشير فورين أفيرز إلى وضع بعض المواطنين ثقتهم وآمالهم فيمن اعتبروه "الشخصيات الناضجة" في الإدارة، وهم وزير الخارجية ريكس تليرسون، وجون كيلي كبير المستشارين في البيت الأبيض، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي إتش آر ماكمستر.
"عام ترامب"
بالنسبة لإدارة ترامب كان العام الماضي عامًا للتكيف، مهما كان عشوائيا. وتقول المجلة إنه بالرغم من اعتبار العديد داخل وخارج الولايات المتحدة أن ترامب شخصية خطيرة، إلا أن العالم لم يشهد حدثًا خطيرًا خلال وجودة في البيت الأبيض، مثل أحداث 11 سبتمبر، أو غيرها من الأزمات.
وخلال عامه الأول، تشير المجلة إلى مواصلة كوريا الشمالية تطوير أسلحتها النووية، وصواريخها الباليسيتية العابرة للقارات، إلا أن تصريحات ترامب وتهديداته وحربه الكلامية مع الزعيم الكوري الشمالي، ومطالبته بفرض المزيد من العقوبات على بيونجيانج لم يتسبب في حدوث حرب.
ومع انتهاء عام وبدء آخر جديد، تقول المجلة إن هناك تفاصيل ومعلومات تتكشف عن التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية عام 2016. واهتمت وسائل الإعلام، بمختلف أشكالها، بنتائج التحقيق مع أعضاء حملة ترامب الانتخابية بشأن مزاعم تواصلهم مع روس.
ومع ذلك، ما يزال ترامب ودودًا حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولم ينتقد سياسات موسكو، ولم يُظهر أي اعتراض على محاولاتها للإساءة للعملية الديمقراطية في الولايات المتحدة.
"تطورات سياسية"
وشهد العام الماضي تطورًا في العلاقات بين الصين وأمريكا، تجلّى في زيارات مُتبادلة بين ترامب ونظيره الصيني شي جينبيج. وبدت هذه الزيارات ناجحة في إطار ما اتسمت به من طابعيّ "الوديّة والمسرحية"، غير أن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، التي أعلن عنها في ديسمبر الماضي، ما تزال تُحدّد الصين باعتبارها "واحدة من المنافسين الرئيسيين للولايات المتحدة"، ومايزال الرئيس الأمريكي يواصل انتقاد الصين على فشلها في كبح جماح نووي كوريا الشمالية .
وتُشير المجلة إلى أن دعم ترامب لليابان، بما في ذلك قراره بزيادة مبيعات الأسلحة المتطوّرة إلى طوكيو، من غير المُرجّح أن يُضفي طابع الدفء على العلاقة مع الصين أو يُغيّر الموقف الأمريكي من كوريا الشمالية. وعزت "فورين أفيرز" السبب وراء ذلك إلى أن "تخوّف بكين مما يمكن أن يحدث في شبه الجزيرة الكورية، يوحي بأن الصراع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة قد يأخذ منحى آخر أكثر تعقيدًا".
وفي الوقت نفسه، تتسارع وتيرة النفوذ العسكري للصين، وموقفها العدائي تجاه تايوان، مع استخدامها المعونات الاقتصادية والاستثمار كأدوات جيوسياسية. وتقول المجلة الأمريكية إن تصاعُد النفوذ الصيني يبدو الآن مُثيرًا للقلق أكثر مما كان عليه العام الماضي.
"الحرب ضد داعش"
وعن الحرب ضد داعش، تُنوّه المجلة بأن إدارة ترامب حقّقت نجاحًا كبيرًا في مواجهتها العناصر الجهادية. وبحلول نهاية العام الماضي، لم يعُد لداعش وجود في العراق وإن كان هذا لم يُدمرها بالكامل. ورجّحت المجلة أن تستمر الإدارة الأمريكية في مواجهة الجهاديين لفترات طويلة بعد انقضاء العام الأول لترامب في البيت الأبيض.
ولفتت المجلة إلى أن الإدارة الأمريكية حرصت على تحسين علاقاتها مع مصر منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض. وفي الخليج، بدت إدارة ترامب أكثر انسجامًا مع المملكة العربية السعودية في مواجهة عدوها الإقليمي اللدود- إيران، فيما يبدو أنها تدعم ولي العهد السعودي الأمير الشاب محمد بن سلمان وتضع رهاناتها عليه.
"إرث ثقيل"
وبالرغم من ذلك، ترى المجلة أن إدارة ترامب لم تنجح في حل المشاكل التي ورثتها عن سابقتها، ولا يبدو أن هناك حلولًا بشأنها تلوح في الأفق. وفي الوقت نفسه أجرى تحرّكات مثيرة ولكن لا معنى لها في الأساس.
وتستشهد فورين أفيرز، في هذا الصدد، باعتراف ترامب بالقدس المُحتلة عاصمة لإسرائيل، في خطوة انتقدها خبراء السياسة الخارجية، في غياب ما يُشير إلى أن أبوظبي أو القاهرة أو الرياض استرعوا اهتمامًا كبيرًا بذلك القرار. وأحدثت هذه الخطوة ما اعتبرته المجلة "هّزة في مفاوضات عملية السلام" بين الجانبين افللسطيني والإسرائيلي بعد توقّفها قبل أعوام.
وتُضيف المجلة: "إذا كان العام الأول غير مألوف، فقد حفل بالعديد من الأحدث التي تدفع للتكهّن بأن فترته الرئاسية الثانية ستكون أكثر صعوبة؛ لاسيّما وأن فترته الرئاسية الأولى تركت الولايات المتحدة في حالة يُرثى لها".
ورجّحت المجلة أن تُثير مشكلات محلية زعزعة استقرار سياسات أمريكا الخارجية هذا العام. وقالت إن "تحقيقات روبرت مولر، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق والمسؤول عن التحقيق الخاص بشأن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات، قد تتسبّب في الإطاحة بترامب؛ لاسيّما بعد اعتراف رموز كبرى في إدارته بالتواصل مع الروس، وأبرزهم مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين".
واختتمت المجلة تقريرها بالقول: "يبدو أن ترامب يعتقد أنه حقق أشياءً عظيمة خلال عامه الأول في البيت الأبيض، لكن سياساته أضعفت معنويات مؤسسات حكومته، وأثار خيبة أمل أي شخص، في الداخل والخارج، يتوقع منه أن ينضج. والأسوأ من ذلك أنه يعتقد أنه يعرف ما يفعله. ويتوقع معظم المراقبين أن عام 2018 سيكون عام (الحظ السيء) بالنسبة لترامب".
فيديو قد يعجبك: