إعلان

خبراء ألمان: لهذه الأسباب يُواجَه المسلمون بالتحفظ رغم اندماجهم

10:49 ص السبت 26 أغسطس 2017

برلين (دويتشه فيله)

أكدت دراسة أجراها معهد برتلسمان أن المسلمين مندمجون في مجتمعاتهم بشكل جيد إلا أنه بالمقابل يوجد نوع من الرفض المجتمعي لهم من قبل الآخرين، وترى الدراسة أن أسباب الرفض مختلفة من ضمنها التشويه الإعلامي بحقهم.

امتدحت دراسة أجراها معهد برتلسمان ومقره مدينة غوترسلوه في ألمانيا قدرة المسلمين على الاندماج في المجتمعات الأوروبية ولا سيما في ألمانيا، إلا أنها أكدت أن المسلمين يواجهون مشكلة في التقبل من المجتمع الذين يعيشون فيه.

وأظهرت الدراسة أن اندماج المهاجرين المسلمين يسجل "تقدما فعليا" في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والنمسا، رغم العقبات التي تقف أمامهم في ما يخص التعليم والعمل.

مدير قسم الدراسات في معهد برتلسمان، شتيفان فوبل أكد في حوار مع DW عربية أن "الاندماج بدأ في الغالب مع الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين، وقال إن الدراسة شملت ألف شخص كعينة تمثيلية للسكان، إضافة إلى 500 آخرين يقولون انهم مسلمون من الدول المذكورة.

وأكد فوبل أن العينة شملت أيضا لاجئين وأجانب يعيشون في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، إلا أنه لم يأخذ بالاعتبار الأجانب واللاجئين الذين قدموا لأوروبا بعد عام 2011.

ماهية الاندماج للمسلمين

واعتمد المعهد عدة مؤشرات للدلالة على اندماج المسلمين الذين يمثلون حوالى 5 في المئة من سكان دول أوروبا الغربية بحسب الدراسة، من بينها مستوى التعليم والتوظيف والراتب والرابط الذي عبروا عنه تجاه بلد الاستقبال بالإضافة إلى وقت الفراغ الذي يمضونه مع غير المسلمين.

وتوضح الدراسة أن 67 في المئة من أبناء المهاجرين المسلمين يكملون دراستهم بعد الشهادة الثانوية (17 عاما)، وقال غالبيتهم "يرتبط" بالبلد الذي استقبلهم (96 في المئة في فرنسا وألمانيا) رغم استمرار التعبير بقوة عن رفض المهاجرين في بعض الدول.

ويرى فوبل أن "الاندماج الناجح ملفت لا سيما لعدم تقديم أي من الدول الخمس وسائل بنيوية مناسبة للمشاركة (المجتمعية) ولأن المسلمين يواجهون رفضا من قبل حوالى خُمس السكان".

ففي النمسا، قال 28 في المئة من المشاركين في الدراسة إنهم لا يريدون جيرانا مسلمين، وكذلك 21 في المئة في بريطانيا و19 في المئة في ألمانيا و17 في المئة في سويسرا و14 في المئة في فرنسا، فيما تتدنى نسبة رفض الجيران "المثليين" أو "الملونين".

وبالرغم من هذه الأرقام يرى فوبل أن هذه النسب تشبه النظر إلى الكأس نصف المملوء، فهناك من سيرى أن نسبة 20 بالمئة التي ترفض المسلمين كبيرة وغير مقبولة، إلا أنه يمكن التعويل أيضا على أن الغالبية الكبيرة من الأوروبيين لا ترفض المسلمين، بل وترحب بهم.

أساب رفض المسلمين

وعن أسباب الرفض المجتمعي للمسلمين، قال الخبير في معهد برتلسمان "اللافت للنظر أن الرفض للمسلمين لا يأتي من قبل الأشخاص الذين يرون أنفسهم يتبعون التعاليم المسيحية والكنسية، بل هم بالغالب من الذين يرون أنفسهم علمانيين، ولا يتبعون أي دين".

وأوضح "يظهر هنا أنه ليس صراع دينيي، كما يروج له البعض، فالمدينون المسيحيون لديهم ترحيب كبير باللاجئين أكثر من الذين يعرفون أنفسهم بأنهم لا يتبعون أي دين".

وتابع" في ألمانيا يلعب التوزيع الجغرافي دورا أيضا، فالرفض في الولايات الشرقية أكبر منه بكثير في غرب ألمانيا".

ويعترف الخبير الألماني أن هناك أيضا نوع من التشويه الإعلامي بحق المسلمين، إلا أن ما يسمى "الإرهاب الإسلاموي" لعب دور أيضا في الخوف من الآخر بحسب قوله.

من جهته أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عبدالصمد اليزيدي في حوار مع DW عربية أن الدراسة أكدت جملة وتفصيلاً على ما يكرره المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، بأن الفئة الكبيرة جداً والأغلبية من أبناء المسلمين في ألمانيا مندمجون ويحترمون القانون و ينتمون إلى هذا الوطن و يحبونه و يعيشون فيه بشكل فعال و بجدية وبامتياز كبير.

وعن مشكلة عدم التقبل في المجتمع الألماني قال اليزيدي إن "اللوم يتحمل مسؤوليته المجتمع ألماني، وعندما نتحدث عن المجتمع الألماني فنحن نقصد الجميع، بما فيه المسلم وغير المسلم، المتدين وغير المتدين. نحن كمسلمين جزء من هذا المجتمع، وكوننا كذلك فإننا نتحمل جزءاً من المسؤولية، ولكن المسؤولية كلها ليست على عاتقنا".

وأوضح الأمين العام أن "الدليل على ذلك، وكما أثبتته الدراسة|، أن المجموعات الأخرى سواء من أديان أخرى أو حتى المثليين لا يتلقون حدة العداء الذي يتلقاه المسلمون من الألمان، والإعلام الألماني يلعب دوراً في ذلك، فعندما نراقب الإعلام الألماني بحيادية وعقلانية نجد في غالب الأحيان أنه يتم إظهار الإسلام في صورة نمطية سيئة جداً، عكس الطوائف والمجموعات الأخرى."

وقال "نحن كمجتمع يجب أن نهتم بهذا الأمر وبهذه الدراسات و نحاول أن نصحح هذه الأمور لأن المسؤولية ملقاة على عاتقنا جميعا".

ورفض الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا ربط الإرهاب بالإسلام، مؤكدا "أن الإرهاب لا دين له"، وتساءل "هل الإرهابي الذي دهس الناس بالشاحنة في برشلونة يفرق بين الناس وبين ألوانهم وعقائدهم. لقد دهس الجميع. فلا يجوز لنا في تحليل هذه الحادثة أن نعطي له لوناً أو اسماً من الأسماء".

المسلمون والانتخابات المقبلة

وأكد اليزيدي أن الدراسة أثبتت أن أكثر من 90 في المئة من أبناء المسلمين يعتبرون أنفسهم ألمانا، وقال "نحن في المجلس الأعلى للمسلمين منذ عقود، نؤكد للمسلمين في ألمانيا أن انتماءكم لألمانيا تعطيكم حقوقاً وتفرض عليكم واجبات. ومن حقوقكم وواجباتكم أن تشاركوا في الانتخابات، وأن تكون لكم كلمة. والآن و في هذه الأيام لدينا حملة في المجلس الأعلى بعنوان "صوتي يؤثر".

وأوضح "هذه الحملة مبنية على خمس قواعد، القاعدة الأولى: ستكون هناك خطب جمعة موحدة في المساجد تدعو للمشاركة في الانتخابات دون الدعاية لحزب معين. القاعدة الثاني: تنظيم ندوات للمرشحين في المراكز الإسلامية والمساجد لشرح سياستهم في الاندماج وتحسين وضعية الإسلام والمسلمين في ألمانيا، بالإضافة لتوزيع منشورات تدعو للمشاركة في الانتخابات".

ودعا اليزيدي الحكومة الألمانية أن يتم الاعتراف رسمياً بالإسلام كطائفة دينية مثل الطائفة اليهودية أو الطائفة المسيحية. وقال "تتوفر جميع الشروط في المؤسسات الإسلامية ومنها المجلس الأعلى للمسلمين للاعتراف بها، ولكن للأسف فالإرادة السياسية بذلك معدومة ولذلك فنحن منذ سنين نكافح من أجل أن نصل إلى هذا الأمر."

وتابع "عندما نحقق ذلك فإن ذلك سيريح المسلمين الذين لديهم انتماء لألمانيا ليكونوا لنا عوناً في مكافحة كل فكر متطرف، و نحن نطرح هذا الموضوع في جميع المحافل".

الدراسة لاقت انتقادات

يذكر أن هذه الدراسة لاقت بعض الانتقادات في ألمانيا. فقد انتقد العضو السابق في الحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي روبريخت بولينس ربط حصر الدراسة بالدين، وقال على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن هذا الأمر غير صحيح، دون أخذ بعين الاعتبار التوزيع الجغرافي والدرجة العلمية للمسلمين.

هذه الانتقادات رأى فيها فوبل في حواره مع DW بأنها صحيحة، إلا أنه أكد أن هناك نوع من التمييز الديني الذي يحصل على أرض الواقع، وهو ما يجب أيضا فحصه.

وقال فوبل إن "المسلمين" الذين يمارسون شعائرهم الدينية يواجهون تمييزا أكبر على مستوى التوظيف والراتب. ويدعو المعهد الدول المشمولة بالدراسة إلى التشجيع على التنوع عبر منح الإسلام" الوضع القانوني الذي تتمتع به الجماعات الدينية الأخرى" والدعوة إلى "التواصل بين مختلف الثقافات والأديان".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان