إعلان

أثينا: المسيحيون يذهبون إلى الكنائس.. والمسلمون يصلون في "قبو"

11:19 ص السبت 19 أغسطس 2017

 

أثينا (د ب أ)

إذا ما سرت في أحد الشوارع الجانبية المعتمة في أثينا، إلى جانب صناديق القمامة على الرصيف وصفوف النوافذ المغطاة بالقضبان الحديدية، سوف تصل إلى باب حديدي . وخلف الباب يهبط بك الدرج الى غرفة ذات أرضية خرسانية عارية تمثل واحدة من نحو مائة غرفة تقام فيها الصلاة للمسلمين في العاصمة اليونانية.

وعبر المدينة توجد مثل هذه الغرف في الأقبية ومرائب السيارات والمستودعات. والجدران تكون زينتها في الغالب متناثرة وإضاءتها بدائية.

ومنذ سنوات تم التخطيط لبناء مسجد في أثينا، والان يفترض انه يقترب من الاكتمال، ولكن في الوقت، نفسه فإن نحو 200 ألف مسلم في المدينة وحولها يتعين عليهم التصرف .

ويقول نعيم الغندور وهو رئيس اتحاد المسلمين في اليونان: "لن أصدق أن هناك مسجدا في أثينا إلا بعد أن أصلي فيه أولا".

ويعيش الرجل، 62 عاما، في اليونان منذ أكثر من 40 عاما وأصبح منذ زمن بعيد مواطنا يونانيا. وإلى جانب زوجته اليونانية آنا ستامو، لا يكافح الغندور من أجل إقامة مسجد في أثينا فحسب، ولكن من أجل قبول المسلمين في دولة يعد أكثر من 90 في المئة من سكانها مسيحيين أرثوذكس يونانيين.

والدين منصوص عليه في الدستور اليوناني باعتباره دين الأغلبية اليونانية - مثله مثل الممارسة الحرة وغير المعرقلة لكل الأديان الأخرى. غير ان ذلك لم يحل دون احتدام المشاعر، حيث ينتقد الكثير من اليونانيين المسجد الجديد في حي فوتانيكوس في أثينا.

وموقع الانشاءات يختفي خلف حواجز عالية من الحديد المموج الذي تعلوه أسلاك شائكة. والجرافيتي يقول كل شيء فهناك رموز مسيحية وشعارات مثل "لا للمسجد" و "اليونان هي بلد القديسين والشهداء والأبطال".

وكثيرا ما أثار الحزب اليميني الراديكالي كريس أفجي أو (الفجر الذهبي) قضية حول مسألة الإنشاء ونظم مظاهرات في موقع البناء. وتعين ان يطرح المشروع في مناقصات اربع مرات قبل ان يتسنى العثور على مقاول إنشاءات.

ثم هناك انعدام الثقة التاريخية في الإسلام من قبل الكثير من اليونانيين العاديين، الناجم ربما عن حكم الإمبراطورية العثمانية الذي استمر قرونا.

ونوع التعليقات التي يطلقها الاعضاء الارثوذكس من الشعب عندما يثار موضوع المسجد هي من قبيل "أنهم يريدون تقويضنا" أو "أريد ان أعرف ما إذا كانت الدول العربية يمكن ان تسمح لنا ببناء كنيسة أرثوذكسية".

وعلى الرغم من ذلك وافق البرلمان اليوناني في عام 2006 على بناء المسجد لخدمة ما يصل إلى 200 ألف مسلم يعيشون في إقليم أتيكا، الذي يضم مدينة أثينا.

ولا يسع نعيم الغندور إلا ان يهز كتفيه.

ويقول عن مواطنيه اليونانيين "انهم يسخرون منا. إنهم يذهبون للصلاة في الكنيسة ولكني اهبط إلى قبو (للصلاة)".

ويسع المسجد الذي يقترب من الاكتمال 350 مصليا.

وأدى الجدل الدائر حول المسجد الى ارجاء تاريخ الافتتاح مرارا. وبدلا من نيسان/ابريل 2017، فان الموعد المحدد الآن هو كانون أول/ديسمبر ، وفقا لما تورده وسائل الإعلام اليونانية.

وإحدى نقاط الجدل تتعلق بمن سيجلس في لجنة ستكلف في المستقبل بتعيين إمام المسجد.

وقال الغندور: "عرضنا ان نجلس معا سويا. كان يمكن ان نجد إماما منذ فترة طويلة، إمام كان سيتاح له الوقت لكي يتعلم اليونانية قبل شغل موقعه ". ولكنه قال ان السلطات لم تقبل عرضه.

وفي عطلات المسلمين يستأجر الغندور وزوجته والنشطاء الآخرون قاعات كبرى للناس يلتقون ويصلون ويحتفلون فيها. وتقول آنا ستامو ان البديل هو رحلة الى اسطنبول.

وتقول: "اريد ان يعيش أطفالي هذه العطلات بصورة مناسبة – ليس ان يزحفوا في مرآب للصلاة في غرفة صلاة صغيرة ".

ويتفق حزب سيريزا اليساري الذي يتولى السلطة الآن من حيث المبدأ على انه ليس من اللائق للمصلين ان يؤدوا صلاتهم في طابق سفلي. غير ان المحللين يقدرون ان رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس يمكن ان يخسر في الحال عشرات الالاف من الاصوات الخاصة بالحزب اذا ما دخل في خلاف مع الكنيسة الارثوذكسية.

وفي الوقت نفسه أصبح لزعماء الكنيسة اليونانيون يتقبلون المسجد الجديد – جزئيا بفضل وجوده في منطقة بعيدة متوارية بالعاصمة اليونانية. وكانت الخطة الأصلية تستهدف موقعا على الطريق الرئيسي بين المطار ووسط أثينا، غير ان هذه الفكرة واجهت معارضة قوية.

وفي تنازل آخر يشير إلى مدى صعوبة القضية، لن يكون للمسجد مئذنة. وبينما يبدو ان المجتمع الاسلامي قبل بذلك، الا ان الاكثر اشكالية بالنسبة لهم هو أنهم ليس لديهم مقابر في اثينا أو إقليم أتيكا.

وأولئك الذين يريدون دفن موتاهم وفقا للطقوس الإسلامية يتعين ان يسافروا الى إقليم تراس في الشمال الشرقي. وهناك في مدن مثل كسانثي وكوموتيني، يوجد مساجد ومقابر اسلامية.

وبمجرد ان يفتح مسجد أثينا الجديد أبوابه، ربما يتطلع المسلمون أن يلي ذلك المزيد من الخطوات

 

فيديو قد يعجبك: