إعلان

نيجيريا تعتقل الأطفال الهاربين من معسكرات "بوكو حرام" بدلا من مساعدتهم

10:43 ص الثلاثاء 15 أغسطس 2017

بوكو حرام

مايدوجوري، نيجيريا (د ب أ)

استيقظ محمد عبد الله في إحدى الليالي ليجد عمه واقفا على سريره قائلا "هيا نذهب"، وقاما بعدها بإيقاظ "آبا" شقيق محمد.

وقبل شروق الشمس، وصل الطفلان إلى معسكر لجماعة بوكو حرام في عمق غابة سامبيسا شمال شرقي نيجيريا.

وأجبر العم، الذي انضم للمسلحين في وقت سابق، محمد، 10 سنوات، وشقيقه الأصغر على الانضمام للجماعة الأصولية المتشددة. ويتذكر محمد :"رأيت أناسا يتعرضون للضرب بوحشية ويتم قتلهم. كنا خائفين للغاية".

لكن الأخوين كانا محظوظين، فبعد مرور أشهر قليلة على خطفهما، تمكن والدهما من الوصول إليهما وساعدهما على الهرب من المعسكر. وفي طريقهم للمنزل، قام جنود بإلقاء القبض عليهم واقتيادهم إلى مركز اعتقال تابع للجيش في مدينة مايدوجوري عاصمة ولاية بورنو.

وتتخذ نيجيريا تدابير واسعة لمحاربة بوكو حرام التي قتلت أكثر من 20 ألف شخص في هجمات وتفجيرات منذ عام 2009 . ويقوم الجيش النيجيري بإلقاء القبض على أي شخص تواصل مع المنظمة الإرهابية، إلا أن ناشطي حقوق الإنسان يحذرون من أن هذا الأمر لا يكون دائما مبررا.

وفي مركز احتجاز "ثكنة جيوا"، وهي حامية عسكرية سابقة، تم إبعاد محمد وآبا عن والدهما، وتم احتجازهما واستجوابهما.

يروي محمد :"كانت زنزانتنا شديدة الازدحام، كنا نحصل على غذاء ولكن كنا تقريبا لا نحصل على أي ماء".

ويضيف أنه خلال أربعة أسابيع قضاها قيد الاعتقال، تم السماح له مرتين فقط بالاغتسال.

ويتذكر أن الجنود كانوا صارمين جدا، وكان يتم إجبار الأطفال على الجلوس بهدوء طوال اليوم، "ومن كان يريد اللعب كان يتعرض للضرب".

وخلال هذه المدة، رأى والده مرتين فقط، ومن على مسافة. يقول :"كنا نلوح لبعضنا البعض، ولكن لم يكن يتم السماح لنا بالحديث".

وتطالب المنظمات المعنية بحقوق الإنسان منذ شهور بتحسين الأوضاع في مراكز الاعتقال التابعة للجيش في نيجيريا، ولكن دون أن تتمكن من تحقيق نجاح يُذكر.

تقول كارولين ألويو، المتخصصة في حماية الأطفال في صندوق الأم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في مايدوجوري :"من غير المقبول احتجاز أطفال دون تهمة لفترة طويلة".

توضح ألويو أنه وفقا للقانون الدولي الإنساني، فإنه يتعين تسليم الأطفال دون سن الثامنة عشرة إلى أقرب سلطة مدنية في غضون 24 ساعة "حتى لو كان الطفل يحمل سلاحا".

وتضيف أن اليونيسيف تجري محادثات مستمرة مع الجيش لضمان أن يتم معاملة الأطفال وفقا لهذا القانون.

ولكن للجيش أولويات أخرى، ويؤكد أن الأوقات القاسية تتطلب تدابير قاسية. وتشن بوكو حرام هجمات على القرى وتنفذ هجمات انتحارية كل يوم تقريبا في شمال شرق نيجيريا والبلدان المجاورة.

يقول الكولونيل أونيما نواشوكوا، المتحدث باسم وحدة مكافحة الإرهاب بالجيش، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إنه يتعين إجراء استجواب وافٍ مع أي شخص سبق أن تواصل مع بوكو حرام.

ويوضح :"يتعين علينا تحديد مدى تورطهم والخروج بمعلومات استخباراتية ... كما يتعين علينا معرفة مدى رسوخ أيدولوجية /بوكو حرام/ في هذا الشخص".

والأطفال ليسوا استثناء.

ورفض المتحدث، لأسباب أمنية، كشف عدد المشتبهين بالانتماء لبوكو حرام المحتجزين حاليا. وسبق أن هاجم مسلحو الجماعة "ثكنة جيوا" مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية في محاولة لتحرير أتباعها.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن هناك نحو 530 صبيا وفتاة محتجزين في مراكز الاعتقال بولاية بورنو وحدها. وإضافة إلى ذلك، فإن هناك عددا غير معروف من الأطفال المحتجزين في ولايتي يوبي وأداماوا.

ومن بينهم، حتى وقت قريب، كان الطفل عليّ أودو /ست سنوات/ الذي انضم والده لبوكو حرام ونقَل أسرته إلى معسكر للمتشددين.

لم يرق الوضع لعليّ وبالفعل تمكن من الفرار، ولكنه سرعان ما سقط في أيدي الجنود الذين زجوا به في زنزانة صغيرة مع عشرات الأطفال.

وتم استجواب عليّ أيضا بدل أن يتم تقديم المساعدة النفسية له.

يقول محمد أومارو رئيس نقابة المحامين إن ممثلي النقابة في مايدوجوري يحاولون دون جدوى إدانة وتحسين الأوضاع غير الإنسانية داخل مراكز الاعتقال، التي نادرا ما يُتاح للمحامين دخولها.

يضيف أومارو، لـ(د.ب.أ)، أنه كثيرا ما يتم اعتقال الكبار لأسابيع أو حتى أشهر دون توجيه اتهامات لهم، ودون الحصول على المساعدة القانونية أو الرعاية الصحية أو حقوق الزيارة.

ووصفت منظمة العفو الدولية العام الماضي ثكنة جيوا بأنها "مكان للموت" حيث يلقى رضع وأطفال وكبار حتفهم في زنازينهم بسبب "الأوضاع التي لا تطاق".

وذكرت المنظمة الحقوقية أن ما لا يقل عن 149 محتجزا، من بينهم 11 طفلا تحت سن السادسة، توفوا في الأشهر الخمسة الأولى من 2016 .

يشير أومارو إلى أنه منذ نشر تقرير العفو الدولية في 2016، تحسن الوضع في ثكنة جيوا بعض الشيء، إلا أن الجيش يواصل انتهاك القانون الإنساني الأساسي.

ويضيف أنه يجري دراسة رفع دعوى قضائية ضد الحكومة.

وبالنسبة لمحمد وآبا وعليّ فإن المساعدة القانونية ستأتي متأخرة جدا، ولكن على الأقل بدأ الفِتيان فصلا أكثر إيجابية من حياتهم.

ومنذ إطلاق سراحهم، يعيشون في مركز مؤقت تديره الأمم المتحدة، حيث يقضون أيامهم في لعب كرة القدم في الفناء، بينما تحاول وكالات الإغاثة الوصول إلى ذويهم.

ملابسهم قديمة ولكنها نظيفة، وبطونهم ممتلئة، فقط يبقى القلق العاطفي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان