إعلان

أربعة خيارات أمام واشنطن لمواجهة كوريا الشمالية؟

02:17 م الخميس 10 أغسطس 2017

واشنطن (د ب أ)
لا يمكن حل الأزمة المتعلقة بكوريا الشمالية عسكريا، الجميع متفقون على ذلك.

فما هي الفرص العملية المتوفرة لدى واشنطن بعد تصريحات ترامب الأقرب إلى التصريحات غير المتأنية والتي توعد فيها كوريا الشمالية بـ "نيران وغضب"؟ وما مدى توفر هذه الإمكانيات؟

الخيار الأول: ضربة وقائية

في ظل تزايد التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية يدعو البعض في الولايات المتحدة، من بينهم أنصار لترامب أيضا، لـ "ضرب الشيوعيين في كوريا الشمالية والانتهاء من أمرهم" حيث يرى هؤلاء أن كوريا الشمالية تجاوزت الخط الأحمر عندما أصبحت أسلحة بيونج يانج قادرة ليس فقط على الوصول للساحل الشرقي للولايات المتحدة بل تهديد مدن داخل أمريكا نفسها، مثل شيكاغو و دالاس.

ومن غير المحتمل بل والمستبعد أن تقوم الولايات المتحدة بـ "ضربة مطرقة" ضد كوريا الشمالية، ضربة تكون قوية وسريعة بحيث تفقد كوريا الشمالية القدرة على الرد.

ستكون عواقب مثل هذه الضربة مأسوية على الدول المجاورة مباشرة لكوريا الشمالية على وجه الخصوص وذلك لما يمكن أن تسببه من ملايين القتلى في غضون ساعات قليلة.

ولكن، هكذا تستمر مجلة "زي أتلانتيك" في شرح هذه الفرص، هذا الخيار ربما لم يكن غير جذاب لترامب وذلك بسبب محدودية المخاطر المتعلقة بجيران كوريا الشمالية حيث تدور رحى هذا الصراع على الجانب الآخر من العالم.

ولكن هذا الجانب من العالم يضم أيضا اليابان وكوريا الجنوبية اللتين ليستا فقط مجرد جارتين لكوريا الشمالية بل حليفتين للولايات المتحدة.

يضاف إلى ذلك أن أمريكا ستضطر في الخفاء لحشد جيش هائل، أكبر بكثير من جيشها في العراق عام 2003، وذلك لتكسب لحظة المفاجئة في صفها.

كيف سيسير هذا الأمر؟ كما أشار خبراء إضافة إلى ذلك في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى الطبيعة الجبلية لأراضي كوريا الشمالية والكثير من غاباتها، تلك الطبيعة الطبوغرافية التي تجعل من غير المحتمل أن تستطيع أمريكا التخلص من جميع الترسانة المسلحة لرئيس كوريا الشمالية، كيم يونج أونز مرة واحدة.

حيث يتوقع أن يدافع كيم يونج أون عن نفسه بشراسة إذا تعرض لمثل هذه الضربة حسبما رأى الخبراء في مجلة أتلانتيك.

يدرك القادة العسكريون في أمريكا ذلك.

ولن يُقدم ترامب على ضرب كوريا الشمالية وحده خلافا لما حدث مع الخليج. ربما كانت عواقب توجيه ضربة استباقية يليها خراب و فوضى لا تبقي ولا تذر إحدى أكبر الكوارث في تاريخ البشرية. هذا ما أشار إليه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أواخر أيار/مايو الماضي. وهذا هو ما يجعل هذا الخيار غير محتمل.

الخيار الثاني: سلسلة من الضربات المحدودة

في محاولة للتهوين من أمر هذا الخيار وتصويره على أنه لطيف يصف عسكريون هذه الإمكانية بأنها "طريق وسط" حيث من الممكن أن ترد بيونج يانج بضربة محدودة ولكن موجعة على اختبار صاروخي قادم لكوريا الشمالية.

يمكن أن تطال هذه الضربة على سبيل المثال ساحة تجارب.

ومن المتوقع بالطبع أن تقابل هذه الضربة برد فعل محدود لكوريا الشمالية يعقبه رد أشد قسوة من الولايات المتحدة.

في تقرير مجلة أتلانتيك يتحدث خبراء أمن عن منطق هذا الخيار قائلين إن التصعيد الخاضع للسيطرة سيدفع بيونجيانج في النهاية لإدراك أن الولايات المتحدة هي الأقوى.

ولكن هذا الخيار غير محتمل على الإطلاق. فكيف يمكن السيطرة على الخطوة التالية الأكثر قسوة؟ من يستطيع الزعم أنه قادر على السيطرة على تصعيد ما؟ ربما لا تكون العمليات العسكرية التي سترد بها كوريا الشمالية على ضربة أمريكية مبنية على منطق أن الأمور ستتحسن ولا داعي لتصعيدها حسبما يفكر أصحاب الخطط العسكرية.

الخيار الثالث: اغتيال الملك أو تغيير النظام

يخضع اختيار ما يعرف باغتيال الملك للنقاش منذ العصور القديمة للتخلص من المستبدين والمتسلطين حيث يأمل أنصار هذه الخيار في التخلص من الحاكم وخاصته المحيطة به مما يجعل من الممكن أن تكون هناك بداية جديدة ويطلق آمالا عريضة.

وبصرف النظر عن المضاعفات الناجمة عن هذا الخيار وفقا للقانون الدولي فمن الصعب جدا تنفيذ مثل هذه الضربة.

وليس بوسع أحد أن يستبعد ألا يرد جيش كوريا الشمالية فائق التسليح على الضربة رغم ذلك.
إنها لعبة محفوفة بالمجازفات.

الخيار الرابع: استمرار الوضع على ما هو عليه حتى الآن وتطبيع العلاقات

رغم أن هذا الخيار مجهد جدا إلا أنه ممكن. فهو انتهاج سياسة واقعية.

تقبل الولايات المتحدة طواعية ألا تتخلى كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية، لأسباب الحفاظ على النفس ولكن في الوقت ذاته عدم استخدامها أبدا، هذا بفرض أن تتوقف كوريا الشمالية عن استفزازاتها.

يرى خبراء أن هذا الخيار ليس مستساغا وليس دواء لكل المشاكل خاصة في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد المحكوم شيوعيا. ولكن المحادثات المباشرة بين الحكومتين ستعطي بيونجيانج ما تشتاق إليه بشدة ألا وهو اعتراف المجتمع الدولي بها، وإن كان اعترافا تحت التهديد.

يرى خبراء معهد بروكينجز أن واشنطن ربما لوحت لكوريا الشمالية بإنهاء عزلتها لتصبح كوريا الشمالية جزءا طبيعيا من آسيا.

وفي النهاية يمكن أن تنشأ معاهدة سلام لشبه الجزيرة الكورية وإنهاء العقوبات المتواصلة.

إنه الطريق الوعر للدبلوماسية الذي يشمل كوريا الشمالية أيضا.

تقول مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية المتخصصة في شؤون السياسة الخارجية: "العيش مع كوريا شمالية نووية لا يعني دعم برنامج تسلحها، الشيء نفسه يحدث مع الهند وباكستان وإسرائيل".

ورأت المجلة أن الفارق الكبير هو العداء المتجذر بين أمريكا وكوريا الشمالية. فإذا ردت كوريا الشمالية على ضربات أمريكية فإن مشكلة كوريا الشمالية ستكون أصغر من مشكلة أمريكا. وهذا هو نفس رأي خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.

ويرى خبراء معهد بروكنجز أن "الاحتواء والردع هما الخيار الأسوأ" بشكل يشبه الوضع الحالي.

ورغم صعوبة تصور قبوله على مضض من قِبَل الرئيس الأمريكي الذي انساق وراء مستوى الخطاب في كوريا الشمالية ولا يدري شيئا عن النفَس الطويل في السياسة الخارجية إلا أن هذا القبول ليس مستحيلا في ضوء العواقب التاريخية الكارثية المحتملة لجميع الخيارات الأخرى.

قال ترامب ذات مرة مشيرا لكوريا الشمالية: "إذا كنت رئيسا فسأفاوض كالمجنون للحصول على أفضل صفقة"، غير أن ذلك كان عام 1999.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان