قبل لقائهما الأول.. ملفات ساخنة على طاولة ترامب وبوتين
كتبت- هدى الشيمي:
بعد أيام تشهد مدينة هامبورج الألمانية أول لقاء بين زعيمي أكبر وأهم دولتين في العالم، إذ أكد البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي سيلتقيان السابع من يوليو الجاري ويجريان محادثات ثنائية، على هامش فعاليات مؤتمر قمة العشرين، المقرر عقدها في مدينة هامبورج الألمانية في 7 يوليو.
وخلال حملته الانتخابية، استغل ترامب أكثر من فرصة للإعراب عن إعجابه الشديد ببوتين، فأشار إلى أنه التقاه من قبل، وهذا ما نفاه الكرملين مشيرا إلى عدم حدوث أي لقاءات بينهما من قبل. ومنذ تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير الماضي، تحدث الرئيسان هاتفيا ثلاث مرات فقط.
كما أثنى ترامب على بوتين، وأكد أنه كان رئيسا أفضل من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وقال خلال ندوة جمعته بمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون : "بوتين زعيم أقدر من رئيسنا أوباما".
واعتبر الرئيس الأمريكي وصف بوتين له بـ"الشخص الموهوب"، شرفا كبيرا، مشيرا إلى إعجابه الشديد بقدرة الأخير على تحكمه في بلاده، وحصوله على تأييد شعبي قد يصل إلى 82 في المئة.
"ضغوط وتحذيرات"
وأثار اللقاء المحتمل انقساما داخل الإدارة الأمريكية، وحذر مسؤولون أمريكيون من تصرف بوتين، ودعوا إلى ضرورة إبقاء مسافة مع روسيا في وقت شديد الحساسية، وحثوا رئيسهم على التحرك بحذر.
كما نصح المسؤولون ترامب بأن يلتقي الرئيس الروسي في شكل عابر على هامش القمة، أو الامتناع عن اللقاء واقتصار الاجتماعات على المحادثات الاستراتيجية بين واشنطن وموسكو، حسب ما نقلته صحيفة الحياة اللندنية.
وأشار محمد فراج أبو النور، الكاتب والمحلل السياسي والخبير في الشأن الروسي، إلى أن تنويه بعض موظفي البيت الأبيض إلى أن جدول أعمال ترامب في قمة العشرين، لم يكتمل بعد حتى الآن، في محاولة منهم للتعبير عن رفضهم التقاء الزعيمين.
وقال أبو النور لمصراوي، إن العلاقات الروسية الأمريكية متوترة جدا بسبب الضغوط الشديدة التي تمارسها المؤسسات الأمريكية خاصة وزارة الدفاع "البنتاجون" والكونجرس على إدارة ترامب، وهذا يرتبط بما أثير بشأن التدخل الروسي في الانتخابات.
"التجسس"
وأشارت مصادر داخل الإدارة الأمريكية إلى أن مسألة التجسس والتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، التي خلقت كثير من المشاكل في الداخل وتسببت في زعزعة موقف ترامب، لن تتم إثارتها في الانتخابات.
وقبل اللقاء الأول المحتمل، والذي وصفته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، بالاجتماع الذي قد يغير شكل العالم، هذه أبرز الملفات الساخنة المطروحة على طاولة اللقاء المرتقب:
الأزمة السورية:
تعد الأزمة السورية من القضايا الشائكة التي تجمع بين روسيا وأمريكا، خاصة مع توتر العلاقات بين البلدين بعد شن القوات الأمريكية ضربة صاروخية على قاعدة الشعيرات السورية عقب هجوم خان شيخون الكيماوي، وإسقاط قوات التحالف بقيادة أمريكا طائرة سورية، وأخيرا تحذير أمريكا للحكومة السورية من تنفيذ هجوم كيماوي جديد بناء على معلومات حصلت عليها.
ونقلت "سي إن إن" عن مسؤول أمريكي، أن ترامب يعتزم على التركيز على مناقشة الوضع في سوريا، خاصة الوضع الميداني على الأرض ودعم موسكو للرئيس السوري بشار الأسد.
وكانت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، نقلت عن ثلاث مسؤولين أمريكيين قولهم إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون سيترك للروس اتخاذ قرار بشأن مصير الأسد، وأوضحوا أنه أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أن مصير الأسد يقرره الروس، وأن استراتيجية إدارة ترامب محددة بهزيمة "داعش".
وفي هذا الصدد، يرى أبو النور، أن سلوك الأمريكيين في سوريا يؤكد أنهم غير راضين عن الدور الروسي في دمشق، ويحاولون تحدي الوجود الروسي في سوريا.
الأزمة الأوكرانية
تسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم التي كانت تتبع أوكرانيا في توتر العلاقات بين البلدين؛ إذ أكد أوباما أن الاستفتاء الذي عُقد في عام 2014 للاعتراف باستقلال شبه الجزيرة ينتهك الدستور الأوكراني، مشيرا إلى أنه جرى تحت التهديد بالتدخل العسكري الروسي.
ومنذ استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم، أظهرت واشنطن دعمًا كبيرًا للدول المجاورة لروسيا، كما أرسلت معدات عسكرية للموالين للغرب.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية منذ أيام إضافة 38 شخصية وشركة إلى قائمة العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا فيما أسمته "غزو" شرق أوكرانيا.
وتستهدف العقوبات الأمريكية الانفصاليين الأوكرانيين ومؤيديهم في شرق أوكرانيا، بالإضافة إلى أفراد وشركات شاركت في عملية ضم روسيا لشبه الجزيرة.
ويقول أبو النور، إن محادثات ترامب وبوتين لن تؤدي إلى أي شيء فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم، لأن موسكو لن تتنازل عنها أبدا، حتى إذا وقعت حرب عالمية جديدة.
وأضاف: "أوروبا استوعبت ذلك، إلا أن أمريكا لم تعيه جيدا بعد".
مكافحة الإرهاب
أكد الكرملين أن قضية مكافحة الإرهاب سيكون لها الأولوية في محادثات الرئيسين خلال لقائهما الأول.
وأشار مسؤول روسي أن موسكو منفتحة على الحوار مع واشنطن حول حزمة كبيرة من المواضيع الأخرى، بما في ذلك كافة المسائل الإقليمية وموضوع مواصلة عملية نزع الأسلحة.
وكانت قضية مكافحة الإرهاب الدولي هي الموضوع الرئيسي في المحادثات الهاتفية الثلاثة التي أجراها الرئيسين، ففي أول مكالمة هاتفية جمعت بين الزعيمين، اتفق الجانبين الروسي والأمريكي على منح الحرب ضد الإرهاب الدولي الأولوية، بما يشمل القضاء على تنظيم داعش في سوريا والعراق، وجماعات إرهابية أخرى في سوريا.
وأكد بوتين في منتدى القطب الشمالي الذي عُقد في شمال روسيا مارس الماضي، على دعم بلاده للخطة التي وضعها ترامب من أجل مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى تعاون أجهزة الأمن الروسية مع البنتاجون ووكالات الاستخبارات المركزية "سي آي إيه".
الأزمة القطرية
مع اقتراب انتهاء موعد المهلة، التي طالبت قطر إمدادها 48 ساعة، تتصاعد حدة الأزمة بين الدوحة والدول المقاطعة الأربعة (مصر، الإمارات، السعودية، والبحرين).
وقال الرئيس الأمريكي عقب قرار قطع العلاقات مع قطر إنه "حصاد ما تم مباحثاته في القمة العربية الإسلامية، وأن عزل الدوحة قد يكون بداية النهاية لرعب الإرهاب".
وأجرى ترامب العديد من المحادثات مع قادة السعودية وقطر والإمارات، مُعربا عن قلقه بشأن الأزمة القطرية، وشدد على أن الوحدة في المنطقة أمر شديد الأهمية لتحقيق أهداف قمة الرياض في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
ومن جانبها، دعت روسيا لحل الأزمة بالحوار المباشر بين أطراف النزاع، وأكد بوتين أن الأزمة القطرية ستؤثر سلبا على الشرق الأوسط.
كما أجرى الرئيس الروسي محادثات مع قادة عدة دول عربية، منهم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وفي هذا الإطار، يقول أبو النور: "إذا نوقشت الأزمة القطرية، لن تسمح أمريكا لروسيا بالتدخل إطلاقا، وستعمل على أن تبقى الدولة الوحيدة المُمسكة بزمام القوة في هذه المسألة".
ورجّح أن روسيا لن يكون لها دور إلا في حالة واحدة فقط، وهي قيام حرب وتورط إيران فيها، فتساعدها روسيا وتزودها بالأسلحة، لأنها لن تسمح بضرب طهران.
ولا يعتقد الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن لقاء ترامب وبوتين سيكون له نتائج مُثمرة.
فيديو قد يعجبك: