لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في الذكرى الأولى.. هل حقق أردوغان مكاسب من فشل الانقلاب؟

10:50 ص الأحد 16 يوليه 2017

كتبت – إيمان محمود:
لم تصمد محاولة الانقلاب في تركيا سوى ساعات؛ ليعلن نظام الرئيس رجب طيب أردوغان انتصاره مع بزوغ فجر يوم 16 يوليو العام الماضي، ولتبدأ أيضا تركيا فصلا جديدا من تاريخها السياسي والاجتماعي.

وبعد مرور عام كامل على محاولة الانقلاب الفاشلة، تغيرت بعض ملامح الدولة التركية، بعد أن حاول الرئيس التركي التغلب على معارضيه وإحكام قبضته على السلطة لدرأ أي محاولات انقلابية أخرى، لكن بعض الخبراء أكدوا أنه لم يستطع تحقيق المكاسب اللازمة من وراء تلك المحاولة، بل أنه خسر الكثير على المستوى الداخلي والإقليمي.

صلاح لبيب، الباحث في الشأن التركي، أكد أن أردوغان والحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية استطاعوا أن يحققوا مكاسب من وراء محاولة الانقلاب التي جرت في 15 يوليو من العام الماضي، لكنهم أيضًا تعرضوا لخسائر فادحة.

داخليا
وفيما يخص المكاسب التي حققها أردوغان في الشأن الداخلي أوضح "لبيب" في تصريحات لمصراوي، أن أبرز المكاسب هي تحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي، الأمر الذي كان يشكل أحد طموحات الكثير من أعضاء حزب العدالة والتنمية.

الأمر الثاني الذي تحدث عنه "لبيب"، هو القضاء على ما تبقى من ميراث أتاتورك والذي كان يتركز في الجيش التركي والقضاء بصورة أساسية ثم بقية المؤسسات كالمؤسسة التعليمية على سبيل المثال.

وأشار الباحث إلى أن "أردوغان" استطاع أن يقلص نفوذ الجيش وتدخله في الحياة السياسية، لافتًا إلى أن هذا الأمر كان ضمن شروط الاتحاد الأوروبي لانضمام تركيا إليه، لكنه لم يتمكن من تنفيذ ذلك إلا بعد حدوث محاولة الانقلاب.

واتفق في هذا الرأي الباحث في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، والذي أكد أن الاستفادة الأولى لأردوغان على مستوى الشأن الداخلي تأتي في تقليص نفوذ المؤسسة العسكرية التي انتقل معها من "مرحلة تقليم الأظافر إلى مرحلة قطع الأصابع"، حيث ولم يعد لها أي دور في المشهد السياسي.

وتعيش تركيا منذ أكثر من عام صراعًا داخل مؤسسات الدولة، خاصة الجيش، على خلفية هيمنة الرئيس على الحكم، غير أن المحاولة الانقلابية أطلقت يد أردوغان في التخلص من معارضيه تحت شعار "التطهير من الفيروس".

واعتقلت السلطات التركية آلاف الجنرالات والقضاة والعسكريين في أنحاء البلاد بتهمة دعم محاولة الانقلاب، في مؤسسة القضاء تم طرد أو سجن ربع المدعين العامين والقضاة.

وقال "سعيد" في تصريحات لمصراوي، إن رغم المكاسب التي حققها أردوغان سواء بتطهير الجيش أو تحويل النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، إلا أنه على الجانب الآخر خسر رصيده الشعبي، مشيرًا إلى نتيجة الاستفتاء الشعبي والتي كانت فيه نسبة المؤيدين لتحويل النظام السياسي متقاربة جدا مع نسبة المعارضين.

وصوت الشعب التركي على تعديلات دستورية في أبريل الماضي، لتحويل النظام السياسي في البلاد إلى رئاسي بدلًا من برلماني، حيث كانت نسبة المصوتين بـ"نعم" أكثر من 51 في المئة في حين صوت نحو 48 في المئة بـ"لا".

وأضاف سعيد أن الفجوة تباعدت بين أردوغان وبين أحزاب المعارضة، رغم وقوفهم إلى جانبه عشية محاولة الانقلاب والتأمت صفوف المعارضة مع صفوف العدالة والتنمية للمرة الأولى في تاريخها، لكن المسافة تباعدت مرة أخرى بين القطبين بسبب الإجراءات التعسفية التي اتخذها أردوغان فيما بعد، واستمرار حالة الطوارئ وتصاعد الخصومة مع المعارضة، الأمر الذي وحد أطياف المعارضة ضده رغم اختلاف الأيدولوجيات بينهم.

ويرى الباحث الاستراتيجي، أنه ورغم هذا المشهد المتأجج بالغضب إلا أن الناخب التركي إذا أجريت انتخابات رئاسية سيختار أردوغان مرة أخرى، ذلك لأن نظامه حقق انتعاشًا على المستوى الاقتصادي والتي استمرت حتى بعد محاولة الانقلاب، غير أنه حتى الآن لا يوجد رمز حقيقي داخل المعارضة يجمع الشعب التركي عليه.

أما بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيرى أن أردوغان فشل في الاستفادة من محاولة الانقلاب؛ ذلك لأنه اختار طريق "الانتقام" من معارضيه، بدلًا من إدراك الأزمة ومراجعة سياساته، لتفادي حدوث غضب آخر.

وأكد عبد الفتاح، أن الشعب التركي بعد أن تعاطف مع الرئيس عشية الانقلاب، انقلب ضده بسبب حملة الاعتقالات والإجراءات الدكتاتورية التي اتخذها لاحقًا، وهو ما ظهر جليًا في المسيرة التي احتشد بها أكثر من مليوني تركي مناهض لسياسة أردوغان.

دوليا
وبعد عام من الانقلاب، تجد تركيا نفسها تعاني من توترات على المستوى الإقليمي والدولي، فقد أكد الباحث صلاح لبيب، أن تركيا لم تحقق أية مكاسب في علاقاتها الخارجية، بل تأثرت بشكل سلبي خاصة مع الدول الأوروبية، قائلًا "خسائر تركيا ليست عنيفة فعلى الأقل لم يتم فرض عقوبات عليها بعد الإجراءات التعسفية".

وأوضح أن الاتحاد الأوروبي اتخذ إجراءات عنيفة إزاء قرارات أردوغان بعد محاول الانقلاب، ما دفع البرلمان مؤخرًا "المفوضية والدول الأعضاء، وفقا للإطار التفاوضي، إلى التعليق الرسمي لمحادثات الانضمام مع تركيا دون إبطاء في حال طبقت رزمة الإصلاحات الدستورية من دون أي تغيير".

وصوت 477 نائبًا أوروبيًا، لصالح قرار تجميد طلب انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، من أصل 638 نائبًا شاركوا في التصويت، في يوليو الجاري، ويوصي القرار الدول الأعضاء والمفوضية الأوروبية، بتعليق "محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد بشكل نهائي، في حال دخلت حزمة التعديلات الدستورية التركية التي أقرت، في استفتاء 16 أبريل الماضي، بشكلها الحالي حيز التنفيذ".

وأكد لبيب أن العلاقات مع الولايات المتحدة لم تختلف كثيرًا عن أوروبا، فرغم أنها لم تكن على ما يرام في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلا أنها شهدت توترات أكثر مع الرئيس دونالد ترامب، خاصة بعد إصرار الأخير على دعم وتمويل الأكراد في سوريا، الأمر الذي يرفضه الرئيس التركي لكنه لم يستطع تغييره.

أما عن العلاقات مع دول الشرق الأوسط، فأكد الباحث في الشأن التركي، أن العلاقات مع تركيا لم تختلف كثيرًا عن قبل الانقلاب، فعلى سبيل المثال كانت ولا تزال تركيا لا تستطيع إقامة علاقات إيجابية مع مصر.

وفي السياق ذاته يؤكد الباحث بشير عبد الفتاح، أن علاقات أردوغان "سيئة جدًا" بالمجتمع الدولي، وقد ازدادت سوءًا خاصة مع دول أوروبا الذين جمدوا مفاوضات انضمام تركيا اعتراضًا على سياساته.

ولم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة لعلاقته بالولايات المتحدة، الأمر الذي ظهر جليًا في زيارته لأمريكا، وتجاهل الرئيس دونالد ترامب لمطالبه بشأن الأكراد في سوريا.

وفيما يخص العلاقات التركية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فأكد أنها أصبحت "مرتبكة جدا"، مضيفًا "لم يتبق للرئيس التركي سوى روسيا وهو مضطر للتنسيق معها.. وبالتالي أردوغان خسر أي مكاسب كان من الممكن أي يحققها من وراء الانقلاب".

ولفت الباحث كرم سعيد، إلى أن السياسة الخارجية التركية بشكل عام تعاني من خلل في أدائها، لكنها وبعد محاولة الانقلاب فقدت تركيا جزء كبير من حلفائها وخاصة بالاتحاد الأوروبي.

وقال سعيد إن الرئيس التركي حصل على دعم واسع من زعماء العالم عشية الانقلاب، والذين أدانوا تلك المحاولة الفاشلة، لكنه سرعان ما خسر هذا الدعم بعد الإجراءات التي اتخذها ضد المعارضة وضد اتباع رجل الدين المعارض فتح الله غولن.

وأضاف أن "الدليل على ذلك أنه حتى الآن يرفض الغرب الاعتراف في تورط فتح الله جولن في الانقلاب، كما ترفض الولايات المتحدة تسليمه إلى السلطات التركية".

وحول علاقة تركيا بالدول العربية أكد أن العلاقة "فاترة"، خاصة مع القاهرة، وأن هناك تذبذب واضح في العلاقات مع دول الخليج العربي، مضيفًا "في المجمل العلاقات التركية الإقليمية والدولية ليست على ما يرام".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان