لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مدينة حلب السورية المدمرة...تحتفل بالعيد وسط الخراب

10:50 ص الإثنين 26 يونيو 2017

دمشق - (د ب أ):
ظلت حلب على مدار فترة طويلة هي المدينة السورية التي تشهد أشرس صراع للسيطرة عليها، حتى تحولت أحياء كاملة إلى أنقاض، وبعد انسحاب المتمردين قبل نصف عام، بدأ السكان في إعادة الإعمار، لكن شبح الحرب لم يبتعد بعد.
اخترقت الصواريخ سقف المسجد، وفجرت أجزاء من الجدار الخلفي، وتفوح من بين الأنقاض، رائحة الدجاج الطازج المقلي مع البصل، وعلى موائد طويلة يقوم عشرات الشباب بطهى الأرز واللحم والبطاطس، لإعداد وجبات لـ13 ألف شخص، حيث يغلفونها ويضعونها في علب صغيرة، كما يقومون بتحضير الطعام لإرساله إلى أحياء شرق المدينة، التي دٌمِّرَتْ بالكامل تقريبا جراء المعارك التي دارت رحاها خلال السنوات الأخيرة، حيث صار أناس يقيمون هناك بين الأنقاض مرة أخرى في الوقت الراهن ويحتفلون بقدوم عيد الفطر.
يقول غيث، أحد عمال الإغاثة المتطوعين، " هذا شيء من الفصام، فكل شيء مدمر، ومع ذلك فهناك شباب هنا يضحكون وكل ما يرغبونه فقط هو تقديم المساعدة". وبدأت عملية إعادة الإعمار بجانب المسجد الذي يستخدمه غيث، 31 عاما، ومعاونون آخرون، ويقوم أشخاص بجمع الأنقاض ويملأون بالملاط في الواجهات، الثقوب التي خلفها الرصاص، والتي لا يحصى عددها، وبالتزامن مع ذلك افتتحت أكشاك وورش صغيرة في مبان أسقفها منهارة جزئيا وجدرانها مدمرة، حيث يحاول السكان في حلب استعادة الحياة اليومية.
غير أن آثار المعارك المستمرة على مدار سنوات قد انطبعت بشكل عميق على صورة المدينة التي كانت العاصمة الاقتصادية الأهم في سورية، وثمة العديد من المنازل المدمرة بالكامل تقريبا في الجزء الشرقي من المدينة حيث ظل المتمردون هناك حتى ديسمبر من العام الماضي والذين تم تطويقهم مع عشرات الالاف من المدنيين، كما أن الخط الامامي إلى الغرب والذي كانت قوات الرئيس السوري بشار الأسد تسيطر عليه، تحول إلى قفر، وثمة أبراج بنوافذ فارغة تحيط بالشوارع، وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن المعارك في السنوات الأخيرة شردت نحو مليون شخص في محافظة حلب، لكن هؤلاء يعودون تدريجيا إلى المدينة.
وأسس بشير محمد ورشة صغيرة في القلعة المطلة على المدينة، ويجلس بشير على كرسي ويصنع نارجيلات ويقول وهو يردد أغنية يمتدح فيها الجيش السوري:" عدت ها هنا مرة أخرى، بعد هزيمة المتمردين قبل ستة أشهر". وتابع بشير :" سيكون هنا مقهى للشيشة حيث يمكن للناس الاحتفال بعيد الفطر، ووجه العجوز الشتائم إلى المتمردين كما يفعل كثيرون في حلب، وربما كان ذلك لأن الأحاديث مع الصحفيين تتم في وجود ممثل للحكومة السورية أو لأن أكثر من 36 ألف شخص غادروا المدينة بعد انتهاء المعارك في اتجاه مناطق المتمردين.
من جانبه، يقول فارس الشهابي، النائب البرلماني ورئيس غرفة التجارة في حلب وأحد الأنصار المتحمسين لبشار الأسد، كما أنه أحد المدرج أسماؤهم على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي:" إذا تعثرت حلب، تعثرت سورية كلها"، وأضاف أن " أكبر تحد الآن هو إعادة المدينة مرة أخرى إلى الحياة". يذكر أن البنية التحتية تأتي في طليعة القطاعات التي عانت من تداعيات المعارك، والإمدادات بالكهرباء سيئة وتتم في الكثير من المناطق عبر المولدات فقط، كما لا يوجد كشافات إنارة في الشوارع ليلا، ويضطر الناس في الكثير من المناطق للاستعانة بأوعية (جراكن) لتعبئة مياه من خزانات المياه. وحسب بيانات الحكومة، فإن الاف المصانع مدمرة.
كما أن الوضع الأمني في المدينة هش، وقد تكررت تعديات ميليشيات موالية للحكومة السورية خلال الأسابيع الماضية، حيث قامت هذه الميليشيات بتهديد سكان عند نقاط تفتيش وقتلت العديد من الأشخاص، وقال الشهابي إن " هؤلاء المجرمين استغلوا الموقف الراهن، وهم يتصرفون كعصابات المافيا" مشيرا إلى أن دمشق أرسلت بناء على ذلك أحد أفضل مسؤوليها الأمنيين لاستعادة السيطرة على الموقف.
غير أن شبح الحرب لم يبتعد رغم كل جهود إعادة الحياة الطبيعية وإعادة الإعمار في حلب، كما أن خط الجبهة يمتد اليوم على مسافة بضعة كيلومترات من مركز المدينة. وفي الليل يطلق المتمردون بعض قذائف الهاون باتجاه ضواحي حلب، ودائما ما يتكرر اختلاط هدير المدفعية السورية مع الصوت اليومي للمدينة الكبيرة. لكن هناك أيضا أحياء سمعت بالكاد عن المعارك، وقدرت الأمم المتحدة أن المعارك دمرت أو أحدثت أضرارا لنحو ثلث مباني مدينة حلب.
وعاد عبد الرحمن حمدان مع أسرته مع نهاية شهر رمضان إلى منزله القديم في شرق حلب وذلك بعد عدة سنوات من الفرار، وقال حمدان إن المنزل لا يمكن الإقامة به مضيفا أنه يرغب في أن يرى ما تبقى، ويحمل حمدان في يده ثلاث صور عائلية وغطاء طاولة وبطاقة مدرسية لابنه ومصحفا مغطى بالتراب " وبالرغم من ذلك "يمكننا الآن أن نحتفل ونحن أكثر استرخاء مقارنة بالسنوات الأخيرة"، ووصف حمدان الأسعار بأنها مهولة لافتا إلى أنهم يحاولون الاحتفال بالعيد بأشياء قليلة.
وأوضح غيث، الشاب الذي يطهو مع متطوعين آخرين طعاما للمحتاجين، أنه لا يخشى التحديات الجسام التي تمثلها إعادة الإعمار، وقال " نعم إنها مأساة، وهناك العديد من القتلى والكثير من الدمار لكن كل هذا مضى، وعلينا أن ننظر الآن إلى الأمام

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان