إعلان

هل سيؤثر عزل قطر على دعم الجماعات المسلحة السورية؟

08:47 م الثلاثاء 20 يونيو 2017

الجماعات المسلحة السورية

كتبت- هدى الشيمي:

في الثالث والعشرين من مايو 2015، خرج زعيم جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، على شاشة قناة الجزيرة القطرية ولمدة ساعة. كانت تلك أول مقابلة صحفية يجريها أبو محمد الجولاني المدرج على قوائم الإرهاب الدولية.

بعدها بنحو العام، زعمت النصرة أيضا عبر قناة الجزيرة فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة، وسط زخم في العملية السياسية لوضع حد للحرب الأهلية السورية التي قتل فيها قرابة 400 ألف شخص. تلك الخطوة التي استتبعها تغيير جبهة النصرة اسمها ليصبح "جبهة فتح الشام"، قالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إنها محاولة القطريين لجعل التنظيم المتطرف أكثر مقبولية، وهذا ما نفته الدوحة.

وكانت عدة دول عربية وإسلامية، على رأسها السعودية ومصر والإمارات والبحرين، قد قطعت علاقاتها مع قطر، في وقت سابق من الشهر الجاري، على خلفية اتهامات بدعمها للإرهاب والجماعات الإرهابية، الأمر الذي تنفيه الدوحة.

وعلى مدى سنوات الحرب الأهلية السورية التي بدأت على شكل احتجاجات سلمية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد، أُثيرت تساؤلات كثيرة حول الدور القطري في دعم جماعات المعارضة السورية خاصة تنظيمات التيار الإسلامي من أقصاه إلى أدناه.

"دعوة للتدخل"

منذ اشتدت حدة الأزمة السورية، صرّح حاكم قطر السابق حمد بن خليفة في سبتمبر 2012، للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الوضع في سوريا بلغ مراحل لا تحتمل، مشيرا إلى سقوط مئات السوريين الأبرياء يوميا، برصاص النظام الذي لا يتورع عن استعمال كافة أنواع الأسلحة ضد أبناء شعبه، على حد قوله.

ودعا حمد الدول العربية للتدخّل، انطلاقا من واجبها القومي والإنساني، سياسيا وعسكريا والقيام بكل ما يكفل وقف نزيف الدم السوري وقتل الأبرياء وضمان الانتقال السلمي للسلطة في سوريا.

وحث جميع من وصفها بالدول المؤمنة بقضية الشعب السوري للمساهمة بتقديم كافة أنواع الدعم لهذا الشعب لتحقيق مطالبه المشروعة في إشارة واضحة إلى دعم المتمردين الذين يحاربون النظام السوري.

"خطوط التهريب"

ومنذ بداية الأزمة، صدرت العديد من التقارير الإعلامية التي تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاونت مع تركيا، وقطر والمملكة العربية السعودية من أجل توفير الأسلحة والمعدات للمتمردين السوريين الذين يقاتلون الأسد.

وقال الصحفي الأمريكي سيمور هيرش في تحقيق صحفي نشره في "لندن بوك ريفيو" في أبريل عام 2014، إن المخابرات القطرية وبعض المليشيات الليبية في مصراتة هربت الأسلحة الكيماوية وغاز السارين من مخازن الجيش الليبي السابق في جنوب سرت إلى سوريا، من أجل تسليح جبهة النصرة.

وذكر هيرش أن تهريب الأسلحة تم عن طريق خطوط تهريب، سُمِح بوجودها قانونيا في أوائل عام 2012، وتمت عمليات تهريب الأسلحة والذخائر من ليبيا عبر جنوب تركيا وإلى الحدود السورية حتى تصل إلى المعارضة، ليتلقاها في النهاية الجهاديون، وخاصة المنتمين إلى تنظيم القاعدة.

وأشار الصحفي الأمريكي إلى أن الأسلحة نُقلت بإشراف من المخابرات القطرية والأمريكية، وأن المليشيات الليبية حصلت على مبالغ تزيد عن 900 مليون دولار، من أجل إتمام العملية.

"أكبر ممول"

قبلها نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية تقريرا في 2013، قالت فيه إن قطر مولت المتمردين السوريين بالمال والسلاح، وأنفقت نحو ثلاثة مليارات دولار في الأعوام الأولى للثورة لدعمها.

وبحسب مقابلات أجرتها الصحيفة البريطانية مع زعماء المعارضة المسلحة في الداخل السوري وخارجه، ومع كبار المسؤولين الإقليميين والغربيين، فإن الدور القطري تعاظم في الأزمة السورية، وأصبح أمرا مثيرا للجدل.

وذكرت الصحيفة أن قطر كانت أكبر مانح للمساعدات للمعارضة السورية، وقدمت مبالغ كبيرة للمنشقين، وفقا لبعض التقديرات فإنها بلغت خمسين ألف دولار في العام للمنشق وأسرته.

ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن معهد "أبحاث السلام" في ستوكهولم، أن قطر كانت أكبر مصدر للسلاح في سوريا، ومولت أكثر من 70 شحنة جوية للسلاح إلى تركيا منذ أبريل 2012 حتى مارس 2013.

"معسكر سري"

وفي نوفمبر 2014، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر مطلعة أن قطر أنشأت قاعدة في الصحراء بمساعدة أمريكية، لتدريب المتمردين السوريين المعتدلين سرا، من أجل محاربة الأسد وتنظيم داعش، والجماعات الإسلامية المسلحة الأخرى.

وقالت المصادر للوكالة إن مخيم التدريب يقع في جنوب العاصمة القطرية بين الحدود السعودية وقاعدة العديد العسكرية الأمريكية، ويستخدم هذا المخيم لتدريب الجيش السوري الحر والمتمردين المعتدلين الآخرين.

"استمرار الدعم"

وأكد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني السبت في نوفمبر الماضي، أن بلاده ستواصل تسليح المعارضة السورية حتى في حال أوقف ترامب الدعم الأمريكي لها.

وقال بن عبد الرحمن في مقابلة مع رويترز إن الدعم سيستمر، وقطر لن توقفه، وأن سقوط حلب لا يعني تخلي الدوحة عن مطالب الشعب السوري.

وتابع قوله :"قطر لن تذهب بمفردها وتقدم للمعارضة صواريخ تحمل على الكتف، للدفاع عن نفسها ضد الطائرات الحربية السورية والروسية".

وأشار الوزير إلى أنه وعلى الرغم من حاجة المعارضة لدعم عسكري إلا أن أي خطوة لتزويدها بأسلحة مضادة للطائرات تحمل على الكتف ستحتاج إلى موافقة جماعية من الأطراف الداعمة للمعارضة.

"صلات متشعبة"

ومن جانبه، يرى مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تسليط الضوء على الدعم القطري فقط للمتمردين السوريين غير صحيح، لأنها مدعومة من العديد من الدول من بينها السعودية وإيران.

لذلك يجد غباشي أن العزل المفروض على قطر لن يكون له تأثير جوهري وجذري على المليشيات أو الجماعات السورية المقاتلة، ولن يغير من الحقائق الملموسة على أرض الواقع، لأن آليات تعاطيها مع الدول الأخرى، وصلاتها متشعبة ومتفرعة بأكثر من دولة وأكثر من جهة.

من جهته، يقول العقيد حاتم صابر، الخبير العسكري والاستراتيجي في مجال الإرهاب الدولي، أن عزل قطر وإغلاق منافذ الملاحة الجوية والبحرية، من شأنه إضعاف السياسة القطرية، وإجبارها على التوقف على دعم الجماعات المسلحة.

وأشار إلى أن استنزافها اقتصاديا، لن يجعلها قادرة على دعم أي جماعة مسلحة في سوريا أو في أي بلد آخر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان