إعلان

التنمية الزراعية في إفريقيا تحت رحمة صادرات الغذاء المدعومة من الاتحاد الأوروبي

02:01 م الأربعاء 03 مايو 2017

الزراعة تمثل حاليا 15% فقط من إجمالي الناتج المحلي

كيب تاون، جنوب إفريقيا (د ب أ)
تأمل دول إفريقيا في الاستفادة من قدراتها الزراعية لتنمية اقتصاداتها، لكن منتجي ومصدري المنتجات الغذائية في الخارج مثل دول الاتحاد الأوروبي يتفوقون على المزارعين الأفارقة في الأسواق سواء بفضل الدعم الحكومي الذي يحصل عليه هؤلاء المنتجون أو بفضل الاتفاقيات التجارية التي تربط دولهم بدول أخرى.

ورغم أن إفريقيا تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة، فإنها تكافح لكي تجعل القطاع الزراعي لديها مربحا، في الوقت الذي تزيد فيه الواردات الغذائية لأغلب الدول الإفريقية عن صادرتها من هذه المنتجات.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة (فاو)، فإن إفريقيا تستورد حوالي 80% من احتياجاتها من الغذاء، وتنفق حوالي 70 مليار دولار سنويا لشراء المواد الغذائية الأساسية بما في ذلك الذرة والقمح والأرز وفول الصويا والحليب.

وتعد زيادة الإنتاج الزراعي لإفريقيا، موضوعا رئيسيا على أجندة مئات الوفود من مختلف دول العالم الذين سيشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي لإفريقيا والمقرر عقده في مدينة دوربان الساحلية في جنوب إفريقيا خلال الفترة من 3 إلى 5 مايو .

وقال "نيك كوتسه" المهندس الزراعي في جامعة "ستيلين بوش" في جنوب إفريقيا لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب .أ) إن "هناك الكثير من الاستثمارات في مجال الزراعة والعمليات التي تستهدف تحقيق القيمة المضافة، التي يمكن أن تحقق تحولا للاقتصادات المتعثرة في إفريقيا ... في الوقت نفسه، تحتاج الحكومات الإفريقية إلى حماية صناعاتها المحلية من الإغراق الأجنبي".

ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر مصدر للأغذية إلى قارة إفريقيا، حيث يبيع منتجات غذائية للقارة تقدر قيمتها بنحو 20 مليار دولار سنويا، وفقا لإحصاءات المفوضية الأوروبية. ويتيح الدعم الذي يحصل عليه المزارعون في دول الاتحاد الأوروبي بيع منتجاتهم الزراعية بأسعار تقل عن التكلفة الحقيقية لها.

المفارقة أنه يمكن إنتاج أغلب هذه الأغذية مثل القمح واللبن المجفف والحبوب والزيوت النباتية والدواجن والخضروات، في إفريقيا بسهولة. لكن "الاتفاقيات التجارية غير العادلة" تعطي مزارعي الاتحاد الأوروبي ميزة تنافسية ضخمة على حساب منافسيهم الأفارقة بحسب منظمة "فاو".

فاتفاقيات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الإفريقية ودول البحر الكاريبي والمحيط الهادئ المعروفة باسم "اتفاقيات الشراكة الاقتصادية" تتيح للاتحاد الأوروبي الوصول الرخيص إلى حوالي 83% من الأسواق الإفريقية، في حين يلغي الاتحاد الأوروبي فقط بعض الرسوم والجمارك المفروضة على وارداته من هذه البلاد.

وينتقد الخبراء باستمرار هذه الاتفاقيات على أساس أنها تفيد الأوروبيين بشكل رئيسي، لآن الشركات الإفريقية أضعف من أن تنافس الشركات الأوروبية في إطار التجارة الحرة.

على سبيل المثال، عندما رفضت كينيا، توقيع اتفاق مماثل عام 2014 بسبب الخوف من أن تدمر المنتجات الأوروبية المدعومة القطاع الغذائي المحلي لديها، هدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم إضافية على وارداته من الزهور الكينية وهي إحدى أهم السلع التصديرية لكينيا. واضطرت الأخيرة إلى الاستسلام في نهاية المطاف وتوقيع الاتفاق.

يقول "أندرو مولد" المحلل الاقتصادي لشئون شرق إفريقيا في الأمم المتحدة أمام منتدى "مؤسسة يورو أكتيف" البلجيكية المعنية بأبحاث السياسات الأوروبية إن "الدول الإفريقية لا تستطيع المنافسة ... ونتيجة لذلك، فإن التجارة الحرة والواردات من الاتحاد الأوروبي تهدد الصناعات القائمة (في إفريقيا) ولن تظهر صناعات مستقبلية لأنها ستكون عرضة للمنافسة القادمة من الاتحاد الأوروبي".

في الوقت نفسه فإن الرسوم الجمركية المرتفعة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجات الغذائية المصنعة، تجبر المزارعين الأفارقة على تصدير منتجاتهم الزراعية في شكل خام إلى أوروبا بدلا من تصنيعها وتحقيق قيمة مضافة لها تزيد أرباحهم.

ويعفي الاتحاد الأوروبي وارداته من المنتجات الزراعية الإفريقية التي لا تنمو في أوروبا مثل البن الخام من الرسوم، في حين يفرض رسوما بنسبة 5ر7% على وارداته من حبوب القهوة المحمصة والمطحونة.

وبحسب مقال عبر الإنترنت لـ "كاليستوس جوما" أستاذ التنمية الدولية في جامعة هارفارد، فإن نتيجة هذه الممارسات حصل مزارعو البن الرئيسيون في إفريقيا على حوالي 4ر2 مليار دولار من تصدير حبوب القهوة الخضراء عام 2014، في حين حققت ألمانيا عائدات تصل إلي 8ر3 مليار دولار من إعادة تصدير منتجات البن خلال السنة نفسها.

وقال "جوما" في مقاله "المشكلة ليست في أرباح ألمانيا من تصنيع القهوة، ولكنها في الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على دول إفريقيا إذا ما قررت تصنيع القهوة" ثم تصديرها إلى أسواق الاتحاد.

في الوقت نفسه، فإن الرسوم المفروضة على واردات الاتحاد الأوروبي من الكاكاو وهو محصول مهم آخر بالنسبة لإفريقيا تعد أكثر استنزافا لموارد القارة السمراء. فالاتحاد الأوروبي لا يفرض أي رسوم على وارداته من الكاكاو الخام، لكنه يفرض رسما بنسبة 7ر7% على مسحوق الكاكاو و15% على واردات الشيكولاتة التي تحتوي على زبدة الكاكاو، بحسب "فاو".

وقال "كوتسه" إن "هناك العديد من الحواجز التجارية التي يجب على حكومات الدول الإفريقية إعادة التفاوض بشأنها" مع الاتحاد الأوروبي.

كما تحتاج إفريقيا إلى تحسين سياساتها وأنظمتها في الداخل. فمازال انتاج قطاع الغذاء قليلا بسبب النسبة الكبيرة التي يمثلها صغار المزارعين وملاك الأراضي الزراعية من إجمالي قطاع الزراعة في العديد من دول القارة الإفريقية، إلى جانب انخفاض الإنتاجية وسوء حالة البنية التحتية اللازمة لمعالجة المحاصيل ونقلها.

وبحسب البنك الإفريقي للتنمية، فإن الزراعة تمثل حاليا 15% فقط من إجمالي الناتج المحلي للقارة الإفريقية.

وقد بدأت بعض الدول بالفعل التحرك في الاتجاه الصحيح لتحديث قطاعها الزراعي. ويمثل القطاع الزراعي 85% من إجمالي صادراتها، حيث تمثل صادرات القهوة الجزء الأكبر منها، بحسب "فاو". في الوقت نفسه فإن المحاصيل الغذائية مثل الذرة والفول تضمن للبلاد الأمن الغذائي.

كما نجحت رواندا المجاورة، في مضاعفة إنتاجها الزراعي خلال سبع سنوات فقط من 2007 إلى 2014، بفضل الاستثمار في مجال النقل بشكل خاص بما يتيح نقل الإنتاج بسهولة، بحسب بيانات معهد الإحصاء الوطني الرواندي.

أما نيجيريا وهي أكبر منتج للنفط في إفريقيا، فتسعى إلى تنويع مصادر اقتصادها، وإلى أن تصبح أكبر مصدر للأرز في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة، بمساعدة المستثمر النيجيري "أليكو دانجوتي" أغنى رجل في إفريقيا.

وقد تعهد "دانجوتي" الذي تقدر مجلة فوربس ثروته بحوالي 2ر12 مليار دولار، باستثمار مليار دولار في مشروعات زراعة ومعالجة الأرز لتوفير الغذاء للنيجيريين وتصدير الفائض إلى الخارج.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان