إعلان

الجيش الألماني يستعين بكلاب مدربة لعلاج الصدمات النفسية

11:50 ص الأربعاء 03 مايو 2017

أولمن، ألمانيا (د ب أ)
"يوكو" فضولية ولعوبة... بفرائها الأسود وذيلها المهتز تقترب الكلبة من فصيلة "لابرادور" بهدوء من جنود يعانون من مخاوف وجودية وضباط لديهم مشكلات زوجية وأقارب رفاق مقتولين. "يوكو" وكلب اللابرادور الثاني "تيدي" أول أخصائيين اجتماعيين من الحيوانات لدى الجيش الألماني، ويتولى تدريبهما خبيران من الخدمة الاجتماعية.

يتلقى الكلبان تدريبات في المدرسة الوحيدة المتخصصة في تدريب كلاب الخدمة بالقوات المسلحة الألمانية، والتي توجد في إحدى مناطق الغابات بالقرب من مدينة أولمن بولاية راينلاند-بفالتس غربي ألمانيا.

هناك تشعر القائدة العسكرية كريستيانه إرنست برضا بالغ إزاء المشروع الريادي الذي يحمل اسم "العمل الاجتماعي بمساعدة الكلاب".

تقول إرنست: "كلاب الخدمة الاجتماعية تعمل بنجاح جيد جدا كملطف اجتماعي للأجواء. إنها تأسر القلوب المعصوفة"، مضيفة أن هناك خططا لتوسيع هذا المشروع.

ومن التجارب الجديدة لهذا المشروع الاستعانة بكلاب في العلاج النفسي للجنود الذين عادوا من مهام خارجية باضطراب الكرب ما بعد الصدمة، وهو الاضطراب الذي يصاب به الجنود عقب مشاهدة ضحايا إرهاب أو انفجار على سبيل المثال.

وتعمل مدرسة الكلاب الخدمية في هذه التجربة بالتعاون مع المستشفى المركزي للجيش الألماني. تقول الطبيبة البيطرية إرنست: "النجاحات التي تحققت في هذا المجال مبهرة أيضا. هذه الكلاب فتحت باب الحياة مجددا لجنود يعانون من إصابات نفسية".

اضطراب الكرب ما بعد الصدمة مرض نفسي يشعر خلاله المصاب في الغالب بانعدام الحيلة واهتزاز في نظرته لنفسه والعالم.

تقول إرنست: "الكثير يستشعرون بأريحية في التواصل الجسدي مع كلابنا. خلال هذا التواصل يفرز المريض هرمونات معينة تساعد في خفض شعوره بالضغط. التعامل المرح وغير المتكلف مع الكلاب يعزز الثقة بالنفس".

تتولى مدرسة الكلاب الخدمية في أولمن تقديم تدريبات إضافية لعشرين كلبا من فصيلة "لابرادور" و "جيرمان شيبرد" بغرض الاستعانة بها في العلاج النفسي.

ويتوجه عشرة جنود مصابون باضطراب الكرب ما بعد الصدمة من المستشفى المركزي للجيش الألماني إلى مدرسة الكلاب الخدمية مرة أسبوعيا لقضاء نصف يوم مع الكلاب وقائديها في التنزه وممارسة ألعاب الاختباء واقتفاء الأثر، دون الألعاب القتالية.

وهناك مهام أخرى تُدرب عليها الكلاب منذ عقود... القوات المسلحة الألمانية تستخدم الكلاب المدربة في الحراسة واكتشاف المواد المتفجرة والمخدرات والألغام والأسلحة سواء في الشرطة العسكرية أو في سلاح المظلات أو في سلاح الهندسة العسكرية أو خلال قيادة عمليات خاصة، كما تستعين بها في المهام الخارجية، مثل أفغانستان ومالي.

ويستخدم الجيش الألماني نحو 300 كلب في مهام بجميع أنحاء العالم، فهي في لنهاية تمتلك حاسة شم أقوى بكثير من قائديها وتمتثل للأوامر بكل حيوية.

في عام 1958 تأسست مدرسة الكلاب الخدمية في منطقة كوبلنتس-بوبنهايم، ثم تم نقلها إلى مستودع ذخيرة سابق للجيش الألماني بالقرب من مدينة أولمن عام 1997 بسبب ضيق المساحة.

وهناك يتوزع 51 حصنا ببوابات صلب منزلقة على مساحة 68 هكتارا من الغابات. وداخل هذه الحصون يقوم الجنود بمحاكاة سيناريوهات لتدريب الكلاب، مثل خطوط السكك الحديدية ومستودعات وأنظمة تصريف المياه وسوق وساحة للخردة وشقق سكنية وبيوت مدمرة.

في حصن (بي 35) تهرع الكلبة "أدفنتشر" صوب طائرة بدون طيار مارة بمدفع مضاد للطائرات وحطام منزل مدمر. تهز "أدفنتشر" ذيلها وتتشمم الطائرة، فتعثر على معدات التفجير التي أخفاها بداخلها السيرجنت ينز نيرينج.

يكافئ المدرب نيرينج الكلبة البلجيكية بسوار تلتقطه بفمها في حماس. يقول نيرينج: "ندربها أيضا على أسطح أرضية مختلفة. فعلى سبيل المثال يتعين على الكلاب الاعتياد على تركيبات مختلفة من التربة أو تشكيلات الغبار".

بمؤشر ليزر يحرك نيرينج نقطة من الضوء الأخضر على أحد الجدران. يقول نيرينج: "ندرب أيضا الكلاب على توجيهها من بعد، في حالات الكشف عن حافلة مشبوهة على سبيل المثل"، موضحا أن ذلك يقلل من مخاطر سقوط الجنود في شرك متفجرات.

كما يعوّد المدربون الكلاب على أجواء بيئية مختلفة، مثل الانتقال إلى محطة القطار الرئيسية أو إلى وسط مدينة كوبلنتس.

ويعمل في مدرسة الكلاب الخدمية نحو مئة موظف عسكري ومدني. وتنقسم المدرسة إلى وحدة لتدريب الكلاب وأخرى لعلاجها. تقول القائدة إرنست أنه منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة تكالبت سلطات أمنية مختلفة على شراء الكلاب المدربة من السوق الأوروبية.

وأضافت: "بالكلاب التي نقوم على تدريبها نحاول تحقيق الاكتفاء الذاتي. قمنا خلال العام الماضي بتربية أكثر من 30 كلبا"، مشيرة إلى أنه تم بيع بعض منها.

ومنذ الصغر تتعود الجراء على مؤثرات بيئية وأصوات مختلفة، مثل طلقات النار والمروحيات والطائرات، وبمجرد بلوغها تتلقى تدريبها باهظ التكاليف برفقة قائديها لمدة تتراوح بين 9 و 12 شهرا.

ويمكن أن تصل مدة خدمة الكلاب المدربة لدى الجنود إلى ستة أعوام في المتوسط. وإذا مرضت هذه الكلاب يتم نقلها إلى مستشفى المدرسة المجهز تجهيزا كاملا، حيث يضم غرفتي عمليات وأجهزة أشعة سينية وصيدلية وحجرات علاجية وجهاز ممشى داخل حوض من المياه لتقوية عضلات الكلاب.

تقول مديرة المدرسة سوزانه هارتمان: "الكلاب التي نقوم بشرائها تدخل الحجر الصحي للتأكد من خلوها من أمراض معدية"، مضيفة أن الكلاب المتقاعدة تقيم في المستشفى. وتؤكد الطبيبة البيطرية هارتمان قائلة: "نرعى أيضا كلابنا المتقاعدة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان