إعلان

"العائدون من داعش" يؤسسون لموجة جديدة من العنف في أوروبا

03:09 م الثلاثاء 23 مايو 2017

جماعة داعش الارهابية

القاهرة- (أ ش أ):

لم يكن هجوم مانشستر الإرهابي، الذي راح ضحيته 22 قتيلا فجر اليوم، الأول الذي يضرب بريطانيا، ولن يكون الاخير، حيث تواجه بريطانيا مزيدا من التهديدات الإرهابية، وتتزايد المخاوف الأمنية من هجمات ربما تكون أشد عنفا في الأماكن الحيوية داخل حدود بريطانيا ومدنها الرئيسية؛ على الرغم مما تبذله السلطات هناك من جهود مكثفة لمواجهة خطر الإرهاب والجماعات المتطرفة.

ويكشف الحادث الارهابي، الذي وصف بأنه الاعنف الذي تتعرض له بريطانيا منذ العام 2005، المأزق الذي وجدت الدول الغربية نفسها بمواجهته، بعد مساهمتها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في منح قبلة الحياة للجماعات الإرهابية، التي أسهمت في تدمير المنطقة، لتمسي في مواجهة حقيقية مع خطر الارهاب بعد توجه بوصلته نحو الدول التي دعمته، وسمحت لأبنائها بالعبور إلى مناطق الصراع المستعرة في سوريا والعراق، ليعودوا مرة أخرى إلى بلدانهم كقنابل موقوتة، إما أشخاصا أو أفكارا تحرق المجتمعات التي صدرتهم إلى مناطقنا، حاملين تصورات ومعاني مغلوطة للإسلام.

وعلى الرغم من قيام دول أوروبا، وخاصة بريطانيا، برفع حالة التأهب إلى المستوى الاقصى لمواجهة العودة المرتقبة لمواطنيها الذين يقاتلون في صفوف الجماعات الارهابية، إلا أن تلك الاستعدادات لن تقوى على مجابهة الخطر الذي اعتبرته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ابان توليها منصب وزيرة الداخلية الخطر الاكبر في تاريخ المملكة المتحدة، حيث أكدت في تصريحات منشورة في يوليو من العام الماضي أن "خطر داعش والمقاتلين الغربيين في صفوفها هو الخطر الاعظم"، في وقت تحدثت معلومات عن وجود نحو 2000 بريطاني يقاتلون في صفوف التنظيم بسوريا والعراق.

ويبدو أن خطر "العائدون من داعش" بات أمرا واقعا وصلت اليه بعض هذه الدول لا سيما بريطانيا، بعد تغاضيها عن ذهاب هؤلاء للقتال في سوريا والعراق، ظنا منها أنها ستتخلص من خطرهم بإرسالهم لتدمير المنطقة، لتخرج لندن معلنة أن الخطر الذي بات يتهددها من عودة مواطنيها المقاتلين تخطى أي خطر في تاريخ المملكة المتحدة، حيث أكدت تيريزا ماي وقتها أن "داعش ومقاتلوها الغربيون يمثلون اليوم أكبر خطر منذ هجوم السابع من يوليو 2005، حيث تم احباط نحو 40 مخططا ارهابيا كانوا يستهدفون المواطنين، الشوارع، والاسواق والطائرات.

ولعل المريب في الامر هو ما تناقلته الصحف البريطانية عن هؤلاء المقاتلين، والتحذيرات المتعاقبة من خطر هؤلاء على أمن بريطانيا واوروبا بالكامل، حيث أكدت صحيفة (التليجراف) نقلا عن نائب بريطاني أن الحكومة لا تتعاطى بجدية مع تحركات هؤلاء، بحيث إنهم يخرجون ويدخلون البلاد دون ان يتم القبض عليهم، أو اعداد المقاتلين في صفوف داعش تتزايد، الامر الذي طرح الكثير من التساؤلات وعلات الاستفهام حول دور دول كبرى مثل بريطانيا، في تمهيد الارضية لدعم كبير للمجموعات المتشددة، سواء بالمال أو الرجال، معيدا إلى الاذهان، ما ذكرته الكثير من الشواهد حول تواطؤ غربي مع تلك المجموعات، وصل إلى حد التعامل معها تجاريا في تصريف كميات هائلة من النفط، ناهيك عن الاثار المهربة وتجارة المخدرات والسلاح.

واستنادا إلى كلمة الرئيس السيسي أمام مؤتمر القمة العربي الاسلامي الامريكي، فإنه يجب على الجميع مجابهة ذلك النشاط الارهابي الذي يمثل خطرا على الجميع، وأن التنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة فى معظم أنحاء العالم تشمل الايديولوجية والتمويل والتنسيق العسكري والمعلومات والأمن، مؤكدا أنه لا مجال لاختزال المواجهة وإنما يقتضى النجاح فى استئصال الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل على جميع الجبهات، متسائلا "أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصابين منهم وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ من الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها كالبترول مثلا؟ من الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟".

وتابع: "إن كل من يقوم بذلك هو شريك أصيل في الإرهاب، فهناك بكل أسف دول تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم.. كما أن هناك دولا تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب حتى مع الإنتربول".

واستنادا إلى هذه المعطيات فإن المخطط الذي وضعه الغرب للمنطقة، يبدو أنه يثمر نتائجه العكسية اليوم، غير أن توسع أهداف الجماعات الإرهابية وخاصة داعش وتوجهها نحو الغرب وتهديدها له، جعل من دوله هدفا لإرهاب عناصرها لا سيما مواطني تلك الدول، ليفرض على بريطانيا وباقي الدول الغربية الاستعداد لمواجهة الارهاب الذي أسهمت في زرعه بالمنطقة وتجربة النار التي عملت على اشعالها فيها.

وليس ثمة شك في أن المخاوف البريطانية والغربية في مجملها لم تعد خافية على أحد، فالتحذيرات التي كانت تطلقها وسائل الاعلام والمسئولون، جرى ترجمتها على أرض الواقع اليوم في مانشستر، وبالعودة إلى تحذيرات ماكس هيل، رئيس الإدارة المستقلة الجديدة المعنية بمكافحة الارهاب في بريطانيا، يمكننا أن نفسر مشهد الفزع الممزوج بالدماء الذي طغى على كل أحداث العالم، حيث قال هيل، الذي قاد بنجاح الإدعاء ضد منفذي تفجيرات 21 يوليو 2005 الفاشلة في لندن، إن تنظيم "داعش" يخطط لشن "هجمات عشوائية على مدنيين أبرياء من أي عرق أو لون" في مدن بريطانية، مؤكدا أن حجم الهجمات المُخطط لها يماثل تلك التي شنها الجيش الجمهوري الايرلندي في سبعينات القرن العشرين.

وسلط هيل - خلال تصريحات منشورة - الضوء على خطر عودة البريطانيين الذين سافروا إلى العراق وسوريا من أجل القتال إلى بريطانيا مرة أخرى، وهو ما نؤكد عليه اليوم، فخطر "العائدون من داعش"، لن يتوقف عند حدود بريطانيا أو فرنسا، فتلك النقمة التي صدرها لنا الغرب، عبر أدبيات "جهادية"، تشبه كثيرا النقمة التي يصاب بها اللاعبون بالنار، فكما يحرقون غيرهم بوعي كامل، فإنهم يحرقون أنفسهم بغير وعي، فالنار لا تختار من تحرقه، والرهان الآن على وعي قادة تلك الدول، ومدى إدراكهم لحجم المخاطر التي نثروا بذور جذوتها، ومدى وعيهم للنصيحة المخلصة من قائد البلد الذي أطلق أول تحذير من مخاطر الارهاب في ثمانينيات القرن الماضي، وأول من رسم خارطة طريق لمحاربته خلال قمة الرياض الأخيرة.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان