لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

6 سنوات على الحرب السورية.. كيف تعاملت القاهرة مع "كنزها الاستراتيجي"؟

01:51 م الأربعاء 15 مارس 2017

سنوات على الحرب السورية

كتب – محمد الصباغ:

في الوقت الذي كانت مصر تحاول البحث عن ذاتها بعد أيام من سقوط حسني مبارك، كان شباب سوريين يزينون جدران مدينة درعا جنوب غرب بلادهم بشعارات تنادي بالحرية على غرار ثورة الياسمين في تونس وثورة 25 يناير في مصر.

اعتقلت قوات الرئيس بشار الأسد 25 شابًا من المدينة يوم 26 فبراير 2011، لتبدأ بعد ذلك دعوات لمظاهرات "ربيع سوري"، وتم تحديد الخامس عشر من مارس موعدًا.

وبحلول اليوم المنشود، خرجت مجموعات في مدن حمص ودمشق تزامنًا مع مظاهرات في درعا، ولم يكن الرد الحكومي مختلف عما قامت به قوات الشرطة في مصر في 25 يناير، حملات اعتقالات وقمع للتظاهرات.

ولم يدرك أي من السوريين، نظامًا ومعارضة وشعبًا، أنه وبعد مرور 6 سنوات على دعوة 15 مارس 2011، ستكون بلادهم في أسوأ وضع لها منذ تاريخ طويل وتنتشر الجماعات الإرهابية من كل طيف وتصبح سوريا أرض لمعركة بالوكالة بين القوى الدولية.

ست سنوات مرت وتحول ربيع سوريا المرجوّ إلى حرب أهلية طاحنة، بدأت مؤخرًا في الميل نحو كفة النظام السوري برئاسة بشار الأسد.. و6 سنوات ايضا على موقف مصري متأرجح، ثابته "وحدة وسلامة الأراضي السورية."

فهناك من دعا مباشرة إلى الجهاد في سوريا، وهناك من ربط نفسه بموقف الجامعة العربية، كذلك هناك من استقبل وفودًا حكومية سورية وعارض قرارات تدين الأسد في مجلس الأمن، حتى أعلنت دمشق مؤخرًا أنه وبعد عودة مطار حلب إلى العمل بصورة طبيعية ستكون وجهة الرحلة الأولى منه إلى القاهرة.

المجلس العسكري

أعلن اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية الأسبق في الحادي عشر من فبراير 2011 "تخلي" مبارك عن رئاسة الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.

اهتم المجلس برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي بالأوضاع الداخلية في مصر. وكان الاهتمام المصري في "الثورة السورية" الجارية في ذلك التوقيت غير بارز لكنه المجلس حرص على إنهاء الأزمة عبر حل سياسي ودون تدويل القضية.

وبشكل عام لم يخرج عن نص ما تخرج به الجامعة العربية آنذاك، فوافقت مصر متمثلة في وزير خارجيتها محمد كامل عمرو يوم 27 نوفمبر 2011 على قرار من الجامعة العربية بفرض حظر على سفر كبار المسؤولين السوريين إلى الدول العربية ووقف التعامل التجاري مع سوريا وتجميد الأرصدة السورية في البنوك العربية.

ولم تعترض مصر على القرار في الوقت الذي تحفّظ العراق عليه وعارضه لبنان.

وفي نوفمبر 2011 انتهت الجامعة العربية برئاسة وزير خارجية مصر السابق نبيل العربي إلى ما عرف بالمبادرة العربية الأولى لحل الأزمة السورية والتي نتج عنها تجميد عضوية سوريا بالجامعة –اعترضت عليه مصر، وإيفاد مراقبين عربيين لتقصى الوقائع، لكن في يناير 2012 انتهت فترة عمل البعثة العربية وخرجت مبادرة عربية أخرى طالبت هذه المرة بتنحي الرئيس الأسد.

 

الإخوان

ومع امتلاك جماعة الإخوان المسلمين للأغلبية البرلمانية عقب انتخابات عام 2012، تحولت الأمور، فتم قطع العلاقات بين مجلسي الشعب المصري والسوري في السابع من فبراير، وتبع ذلك استدعاء السفير المصري في سوريا للتشاور في 19 فبراير من نفس العام.

وتطورت الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك، فبعد أشهر قليلة وتحديدًا في يوليو أنهت وزارة الخارجية عمل السفير المصري، وتم تخفيض التمثيل الدبلوماسي بسفارة مصر في سوريا إلى مستوى مستشار.

وبعد انتخاب محمد مرسي رئيسًا في يونيو 2012، تحولت كلمات الخارجية المصرية من البحث عن الحلول السياسية والحفاظ على سلامة الأراضي السورية دون انحياز صريح إلى أحد الأطراف، إلى دعم كامل للمعارضة، الإسلامية منها على وجه الخصوص.

واستقبل وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو في نوفمبر 2012 معاذ الخطيب، رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، ونائبه رياض سيف.

وأشارت الوزارة في بيان آنذاك إلى أهمية إعلان الائتلاف المعارض وأكدت "دعم مصر القوى للائتلاف واستعدادها لتقديم التسهيلات اللازمة لمساعدته على الاضطلاع بمهمته".

واستقبل كامل عمرو "الخطيب" مرة أخرى في فبراير من العام 2013، وأدان بشدة "العنف المتصاعد" في سوريا، وأكد أن مصر "تدعم الائتلاف الوطني الذي يرأسه الخطيب في اتصالاتها على المستويين الإقليمي والدولي والهادفة إلى إنهاء المأساة الإنسانية الحالية في سوريا".

وشارك "عمرو" في الاجتماع الوزاري للدول الرئيسية الداعمة للمعارضة السورية، الذي عقد مساء يوم 20 أبريل 2013 في إسطنبول، بمشاركة وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية وقطر والإمارات والأردن وإيطاليا.

كما اجتمع بمعاذ الخطيب مرة أخرى ومعه سليم إدريس رئيس أركان الجيش السوري الحر وعدد من قيادات الائتلاف.

وعرض عمرو، وفقًا لبيان للخارجية، "الأفكار المصرية الرامية إلى إجراء مفاوضات بين الائتلاف الوطني السوري وممثلي النظام السوري الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري".

مؤتمر سوريا

ثم جاء الحدث الأبرز والذي يرى كثيرون أنه عجّل بالإطاحة بمحمد مرسي، ففي منتصف يونيو 2013 خرج القيادي الإخواني بسيارة مكشوفة ووسط آلاف من أنصاره يحملون علم المعارضة السورية بمدرجات استاد القاهرة وأعلن عبر مؤتمر أسموه "نصرة سوريا"، قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري وإغلاق سفارته بالقاهرة، في وقت كان السوريين يدخلون فيه مصر دون تأشيرة.

وفي مشهد غريب دخل مرسي إلى الاستاد في سيارة مكشوفة ولوح للحاضرين وبدأ حديثه بالقول "لبيك يا سوريا"، قبل أن يبدأ الهجوم على النظام السوري، في مشهد شبهه سياسيون مثل الدكتور عمرو حمزاوي بمشاهد خطابات الزعيم النازي أدلف هتلر.

وكان من بين الحضور قيادات سلفية وجهادية مثل محمد حسان وعاصم عبد الماجد ومحمد عبد المقصود بجانب جل القيادات الاخوانية، ورجت هتافات "على سوريا رايحين شهداء بالملايين" المكان.

وقال محمد حسان في كلمته أمام مرسي إن جمع كبير من علماء "الأمة الإسلامية" اجتمع بالقاهرة وجميعهم أفتوا واتفقوا على أن الجهاد في سوريا "واجب بالنفس والمال والسلاح".

ثم جاء 30 يونيو، بعد أسبوعين من مؤتمر سوريا، لينتهي حكم الإخوان المسلمون في مصر وبعد أيام يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور، رئاسة الجمهورية.

"سوريون في مظاهرات الإخوان"

وفي 21 يوليو 2013، استقبل وزير الخارجية "نبيل فهمي" أحمد الجربا، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية، وأكد فهمي "موقف مصر الثابت الداعم للثورة السورية ومؤازرة الشعب السوري في محنته الحالية".

لكن في الوقت نفسه جاءت الإشارة إلى مشاركة سوريين في المظاهرات الإخوانية سببًا في منع دخول مواطني سوريا إلى مصر إلا بتأشيرة، وعن هذا الأمر أكد فهمي للجربا أنه "إجراء مؤقت بطبيعته يرتبط بالأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد."

ثم ظهرت الاتهامات لمصر بسوء معاملة اللاجئين السوريين عبر تقرير لمنظمة العفو الدولية في أكتوبر 2013، حيث شعروا بالتضييق في مصر بعدما كانوا يتحركون بكل حرية ودون تأشيرة إبان حكم الإخوان. فخرجت وزارة الخارجية لتنفي في بيان رسمي ذلك، وتؤكد أن "مضمون التقرير غير دقيق ولا يعكس حقيقة أوضاعهم في البلاد.

وأضاف البيان أنه لا توجد أي "سياسة حكومية رسمية تقضي بالترحيل القسري للأشقاء السوريين وان الغالبية العظمي يعيشون في سلام، خاصة وأنه لا توجد بمصر اي معسكرات للاجئين او النازحين للأشقاء السوريين". موضحًا أنه "تخفيفاً عن الأشقاء السوريين فيتم إعطاء التأشيرة لهم بالمجان".

وقال البيان آنذاك "أن هناك بعض الحالات الفردية المحدودة لسوريين شاركوا في مظاهرات مسلحة أو أعمال عنف وهذه حالات فردية يتم التعامل معها بالقانون". وذلك بالتزامن مع اعتصامات الإخوان وأنصارهم في ميداني رابعة العدوية والنهضة.

استمرت الأزمة السورية واستمرت التطورات على الساحة المصرية، حتى وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رأس السلطة بعد انتخابات عام 2014، وبات الموقف المصري محايدًا ولا يميل بشكل واضح إلى أحد الأطراف.

وضح ذلك في لقاء وزير الخارجية سامح شكري مع هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في سبتمبر 2014، حيث عاد مرة أخرى إلى الحديث عن الحلول السياسية للأزمة السورية، وفقا لبيان من الوزارة.

وجاء به أيضًا أنه مصر تؤكد "على دعم مصر لكافة الجهود التي من شأنها التوصل إلى حل يصون لسوريا وحدتها واستقلالها، ويحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق في إقامة دولته في إقامة ديمقراطية حقيقية تعكس تنوعه".

وأمام مؤتمر المعارضة السورية في يونيو 2015 بالقاهرة، بدأت الدبلوماسية المصرية بالحديث صراحة عن القضاء على الحراك السلمي في سوريا واستغلاله من قبل المليشيات المسلحة والمقاتلين الأجانب حتى تحولت الأوضاع إلى "حرب بالوكالة"، وقال وزير الخارجية "تحولت الأراضي السورية ملاذاً آمناً ومرتعاً للإرهابيين من كل حدب وباتت سوريا رهينة لطائفية بغيضة تعمق أزمتها وتباعد بينها وبين الحل السياسي".

الرئيس السيسي

وفي نهاية سبتمبر 2015، ألقى الرئيس السيسي خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال فيه إن المتطرفين استغلوا تطلعات الشعب السوري نحو "أهداف تستهدف تحقيق أغراضهم في إقصاء غيرهم،" مضيفًا أن سوريا باتت "تكاد اليوم تتمزق وتعاني خطر التقسيم في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة".

وأضاف السيسي "دعت مصر القوى الوطنية السورية للاجتماع في القاهرة.. لصياغة تصور واضح للمرحلة الانتقالية وفق وثيقة جنيف.. بما يوفر أرضية مشتركة للسوريين جميعا لبناء سوريا الديمقراطية.. ذات السيادة على كامل ترابها.. وبما يحافظ على كيان الدولة ومؤسساتها.. ويحترم تنوع مكوناتها .. ويصون انتماءها القومي."

وعلى ما يبدو أنها محاولة مع المعارضة السورية لخلق تيار جديد يمكن أن تدعمه مصر، أعلن من القاهرة في مارس 2016، تأسيس تيار الغد السوري المعارض برئاسة أحمد الجربا، الرئيس السابق الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية.

وكانت أبرز أهداف التيار الجديد متفقة بشكل ما مع أهداف مصر حيث كانت وحدة الأراضي السورية على رأسها، بجانب وقف نزيف الدماء وعودة المهجرين.

ولم يختلف التيار عن بقية المعارضين "المعتدلين" الذين لا يرون للرئيس بشار الأسد أي دور في أي تسوية للحرب.

وشارك في الاجتماع الأول للتيار السوري نزيه النجاري ممثلا عن وزير الخارجية المصري سامح شكري، والقيادي الفلسطيني وعضو المجلس التشريعي محمد دحلان، ومدير مكتب إقليم كردستان العراق ورئيس المجلس الكردي السوري إبراهيم برو.

ولم تكن العلاقات المصرية السورية بمعزل عن علاقات مصر مع دول أخرى مثل روسيا أو السعودية وابتعادها نسبيًا عن الولايات المتحدة الأمريكية. فمع اشتعال أزمة جزريتي تيران وصنافير شهدت العلاقة بين القاهرة والرياض توترات كبيرة، جاء بالتزامن معها امتناع مصري عن التصويت بمجلس الأمن بالأمم المتحدة ضد قرار فرنسي بشأن الحرب الدائرة في مدينة حلب، في أكتوبر 2016، والتي كانت كفتها تميل نحو بشار الأسد بمساعدة روسية.

بعد أيام قليلة وتحديدًا في السابع عشر من أكتوبر أعلنت وكالة الأنباء السورية عن أول زيارة معلنة من رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك ووفد سوري، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء خالد فوزي. وأكدت الوكالة أن الزيارة جاءت بدعوة مصرية.

وبهذه الزيارة صار التوجه المصري أكثر وضوحًا في الحرب السورية، لدرجة أن خرجت جريدة السفير اللبنانية في نوفمبر 2016 لتزعم بإرسال مصر لقوات للمشاركة بجوار جيش النظام السوري، وهي تقارير التي نفتها القاهرة.

وفي خطوة كاشفة، مع تحرير الجزء الشرقي من مدينة حلب توجه وفد إعلامي مصري في يناير الماضي إلى سوريا وكان من بينهم المذيع يوسف الحسيني .

وفي فبراير من العام الجاري خرج تقرير لمجلة فورين أفيرز الأمريكية عدد أسباب اصطفاف الرئيس السيسي بجوار بشار الأسد، وأرجعت ذلك لتحول الأمور على الأرض في سوريا والجماعات المسلحة في التي انتشرت في أماكن كثيرة بجانب تمركز تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الرقة السورية.

وأشارت أيضًا بدورها إلى تعاون عسكري بين القاهرة ودمشق.

وأخيرًا، فرض بشار الأسد نفسه بمساعدة روسية على الجميع ليكون طرفًا فاعلًا في أي تسوية للحرب السورية، وأدركت القاهرة ذلك بل تزحزح موقفها ليميل إلى النظام السوري بعدما دعا أنصار مرسي أمام أعينه في يونيو 2013 إلى "الجهاد بالنفس والسلاح" ضد بشار.

ومع إعلان سوريا بأن أول رحلة جوية ستخرج من مطار حلب بعد الانتهار من تجهيزه، ستكون إلى القاهرة.. إذًا فشكل العلاقة بات واضحًا بين البلدين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان