لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحقيق- ألمانية تترك برلين لتعتني بالأبقار في بلدة نائية بالهند

11:04 ص السبت 25 نوفمبر 2017

أرشيفية

رادها كوند، الهند (د ب أ)
تركت فريدريك برينينج منزلها في ألمانيا وهي صغيرة بحثا عن الهداية الروحانية. ونزلت في بلدة صغيرة في شمال الهند، حيث تواصل تكريس حياتها للحيوان الأكثر تقديسا لدى الهندوس لتدير مركزها الخاص بإنقاذ الأبقار.

ولا تزال تتذكر فريدريك برينينج عجلها الأول، فقد كان سورابهي جميلا وذكيا، ووقعت في حبه منذ اليوم الأول.

وبعد عشرين عاما، أصبح في مزرعتها حوالى 1200 مأوى خشبي للأبقار والعجول في بلدة رادها كوند بشمال الهند وتبعد نحو 150 كيلومترا جنوب العاصمة نيودلهى.

بعض العجول عرجاء تمشي على ثلاثة أرجل، في حين أن أخرى بأذن واحدة فقط، أوتغطي الضمادات جروحا كبيرة.

وتدير برينينج مشفاها للإنقاذ وأطلقت عليه اسم "سورابهي جوشالا" بعد رعايتها لأول مريض لها لمدة 12 عاما.

وولدت السيدة الألمانية في برلين عام 1959. جاءت للهند أول مرة بعد أن أنهت المدرسة. وأرادت أن تتعرف على العالم، وتبحث عن الهداية الروحانية، ووجدت معلمها الديني في تلك البلدة الصغيرة رادها كوند.

وبحسب الاعتقاد الهندوسي، يعتقدون أن الإله كريشنا قد ولد في تلك البلدة قبل 5 آلاف سنة، وتمتلئ المنطقة بأتباعه.

وقام المعلم بتسمية برينينج باسم هندي هو سوديفي وعلمها أن تجل الإله كريشنا. وتعلمت الهندية، ودرست الفلسفة، وأدت الترانيم الهندوسية ومارست طقوسهم.

وفي سن الثلاثين، ترهبنت وقامت بقص شعرها كله وكرست حياتها للروحانيات.

ويقال إن كريشنا كان راعي بقر، واليوم تحاول برينينج أن تسير على خطاه. ويعمل في مركز الانقاذ الذي تبلغ مساحته مساحة ملعبين لكرة القدم حوالي 60 شخصا يقومون بتغذية الحيوانات ورعايتها.

وفي الهندوسية، الأبقار مقدسة، لذلك لا تتعرض للذبح أبدا ويتم فقط إجلالها. ولا ينظر إلى حليبها على أنه مغذ فقط بل كتنقية روحية. وتجرى عمليات معالجة لبول تلك الأبقار لصناعة الأدوية، بل إنه يعتقد أن روثها له تأثيرات على تنقية وصفاء النفس.

ومنذ أن وصل حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي إلى السلطة عام 2014، أصبح الحيوان رمزا سياسيا مشتركا. واعتدى من نصبوا أنفسهم حراسا للأبقار على أناس يشتبه بذبحهم لها، وتناول لحومها أو استخدام جلودها. وقد تعرض بعض الناس للضرب حتى الموت.

وفي الوقت نفسه، أصبحت تغذية الأبقار أكثر تكلفة، ولم يعد الفقراء يستطيعون تحمل تكاليف الاحتفاظ بالحيوانات التي لم تعد تعطي أي حليب. وتقول برينينج:" أصبح أمام الكثيرين خيار إما أن يقوموا بتغذية أبقارهم أو إطعام أطفالهم".

ونتيجة لذلك، يتم التخلي عن الكثير من العجول والأبقار المسنة على الطرق، حيث يكون الموت البطيء والمؤلم في انتظارهم في كثير من الأحيان، فهم يتعرضون لهجوم من قبل الكلاب في الشوارع أو أن تصطدمهم السيارات، وتبدأ الغربان في نقر جراحهم.

ووجدت برينينج صعوبة في تحمل ذلك، لذا بدأ قطعيها من الأبقار يزداد تدريجيا إلى أن أسست في نهاية المطاف مزرعتها أو ما يطلق عليها "جوشالا".

وبشكل يومي، يتصل الناس بها للإبلاغ عن أبقارهم التي تخلوا عنها أو لإحضارها إليها بأنفسهم.

ويتم ترتيب الأبقار وفقا لأحجامهم في أكشاك خشبية خاصة بهم. والمدهش أن المزرعة تنعم بالهدوء، ولا يتم سماع سوى همهمة أجهزة التهوية. ويبدو أن الحرارة الشديدة تجعل حتى الأبقار في حالة استرخاء.

وتعرف برينينج جيدا كل حيوان من حيواناتها – بين الماشية المحلية داكنة اللون البني ذات الظهر المحدب والقرون المميزة وبين الأبقار ذات اللون البني الفاتح وآذانها المتدلية.

وتفترش بقرة بنية اللون الآن أحد الأكشاك بعدما كسر ظهرها بعدما صدمتها سيارة ولا تستطيع الوقوف. ويقوم عمال المزرعة بتقليبها مرتين في اليوم كي لا يتعرض جلدها للقروح.

ومع تلك الحيوانات التي ولدت في مركز الإنقاذ، أو تلك التي جاءت في سن مبكرة جدا، نشأ نوع من الصداقة بينها وبين برينينج، فهي أثناء سيرها في المزرعة، غالبا ما تتوقف من أجل أن تربت بيدها على بقرة نحيفة أو لإحكام كمامة على فم أخرى.

ويقوم زملاؤها بتطهير جروح الأبقار ووضع الجبائر على الأطراف المكسورة وحقنها بالمضادات الحيوية ومسكنات الألم، وتنفق برينينج 5 آلاف يورو يورو (5.920 دولار) على الأدوية شهريا.

وعندما تبدأ الحيوانات في الاحتضار، تتولى برينينج إعطاءها المسكنات للتخفيف عنها إلى أن تموت.

ويتولى العمال تطهير تلك الأكشاك الخشبية من روث الأبقار مرتين في اليوم ويقومون بجمع كيلوجرامات منها لتجفيفه وبيعه للمزارعين ليصبح هو مصدر الدخل الوحيد لبرينينج.

ويبلغ مجموع نفقاتها 30 ألف يورو شهريا، يأتي حوالي ثلاثة أرباعها من التبرعات، في حين يأتي الجزء المتبقى من أموالها.

ولوالدها عقار في برلين وتضع برينينج حصتها من الأرباح في جوشالا لها. وتقول: "عندما ينفد ميراثي، فلن أجني شيئا".

وتعيش برينينج في الهند منذ 40 عاما، وتسافر إلى ألمانيا مرة واحدة في السنة لزيارة والدها. وتقول إنها لا يمكن أن تتصور أن تعود لتقيم في ألمانيا، وتقول: "الأبقار هي أطفالي".

ومن بين القطعان، عجل صغير يعرج وهو لا يعتبر مقدسا مثل الأبقار، لكنه لا يزال يحتل مكانا في قلبها وفي مزرعتها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان