إعلان

المملكة في ثوبها الجديد.. هكذا تتغير السعودية على يد ولي العهد

12:39 م الثلاثاء 14 نوفمبر 2017

كتبت - رنا أسامة:
ما لبث الأمير الشاب الطموح محمد بن سلمان أن يكون وليًا جديدًا للعهد في يونيو الماضي، حتى أضفى على المملكة العربية السعودية تغيّرات عِدة، لم تشهدها منذ عقود، مضت على أثرها قُدمًا نحو كسر مزيد من القيود والموروثات (التابوهات) التي كانت بمثابة مُسلّمات ومُقدّسات، لا يجوز المساس بها، بدءًا من تمكين السعوديات من القيادة، مرورًا بدخول المرأة الإفتاء ومشاركتها في احتفالات العيد الوطني، وصولًا إلى بثّ حفلات غنائية على التليفزيون الرسمي السعودي، فيما يبدو أنها إجراءات في إطار خطة الإصلاح، المعروفة باسم "رؤية المملكة 2030"، والتي تقوم على تقليل الاعتماد الاقتصادي على النفط.

لم يتوقّف الأمر حدّ تغيير معالم المجتمع السعودي وتطوير اقتصاده فقط، ففي سابقة أعادت المملكة إلى صدارة المسرح السياسي العالمي، أصدرت لجنة مكافحة الفساد -التي أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيلها برئاسة نجله ولي العهد في الرابع من نوفمبر الجاري- أمرًا باعتقال عشرات الأمراء والمسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين في المملكة، وتجميد أرصدتهم، في خطوة أشاد بها المؤيّدون، واصفين إيّاها بأنها "خطوة تاريخية بكل المقاييس"، فيما اعتبرها المُتشكّكون في المسار السياسي للمملكة حاليًا، خطوة تهدف إلى التخلص من أي تهديد محتمل من قبل الأصوات المُعارضة لتولي ابن سلمان السلطة.

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، اندلعت أزمة بين السعودية وإيران بعد اتهام الرياض لحزب الله وطهران بأنهما ساعدا ميليشيات الحوثيين الشيعة في إطلاق صاروخ باليستي على مطار سعودي الأسبوع الماضي، وقال المسؤولون السعوديون إن لبنان أعلنت الحرب على المملكة، وفي المقابل اتهم مسؤولون لبنانيون السعودية باحتجاز رئيس الوزراء الللبناني المُستقيل سعد الحريري، ووضعه قيد الإقامة الجبرية في محل إقامته هناك.

وزادت حِدة الأزمة بعد مُطالبة المملكة ودول خليجية أخرى رعاياها بمغادرة الأراضي اللبنانية في أسرع وقت ممكن، الخميس الماضي. وردًا على اتهامات السعودية، زعم حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، أن المملكة طالبت إسرائيل بضرب لبنان، وقال في كلمة ألقاها، الجمعة، إن استقالة الحريري "تدخل سعودي غير مسبوق" في السياسة اللبنانية.
وفيما يلي يرصد "مصراوي" أبرز التغيّرات التي طرأت على المملكة، سياسيًا واجتماعيًا، تحت إدارة ولي العهد السعودي:

قيادة السيارات

طالما كان أمر السماح للمرأة السعودية بالقيادة مثار جدل واسع النطاق إقليميًا ودوليًا لارتباطه بأبعاد دينية واجتماعية وأيديولوجية عِدة، وكان يُنظر إلى السعودية باعتبارها الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على المرأة قيادة السيارة ضمن مجموعة أخرى من القيود الاجتماعية الصارمة، حتى خرج الملك سلمان بن عبدالعزيز، قبل أسبوع، بقرار ملكي يسمح للمرأة باستصدار رُخصة قيادة.

وانقسم السعوديون حول هذا المرسوم، فاعتبره بعضهم خروجًا عن التعاليم الدينية وتقاليد البلد، ظنًا منهم أنه سيزيد من نسبة الإجرام والانحلال في بلدهم، فيما رحّب آخرون به، واصفين إيّاه بأنه "تاريخي" السعوديون بـ"التاريخي"، مؤكدين أنه وسيلة لمنح السعوديات حقوقهن وجزء من حرياتهن التي سلبت منهن لسنوات طويلة، دون أسباب منطقية.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية (واس)، في إعلان عاجل قُبيل منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، إن العاهل السعودي أمر "بتطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية -بما فيها إصدار رخص القيادة- على الذكور والإناث على حدٍ سواء". وأضاف الأمر الملكي أن "القرار سيدخل حيّز التنفيذ في شهر شوال من السنة الهجرية 1439، الموافق شهر يونيو من العام المقبل، على أن تقوم المملكة خلال هذه الفترة بتحضير الجهات المختصة لهذه الخطوة".

وبعد سنوات من حملات دشنتها ناشطات سعوديات للحصول على الحق في قيادة السيارة داخل المملكة، بدأت أولاها منذ تسعينات القرن الماضي، يأتي القرار المُزمع تطبيقه في يونيو 2018، بحسب الخبراء، ليُشكّل محطة رئيسية في سلسلة الإصلاحات الاجتماعية الأخيرة الهادفة إلى تحضير المملكة لمرحلة ما بعد النفط وتحسين صورتها في الخارج وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

وعلى مدى عقود، أوقفت العديد من الناشطات الحقوقيات بسبب محاولتهن القيادة في المملكة. وبالرغم من أن أيا من هؤلاء الناشطات لم تحل إلى المحاكمة، إلا أن السلطات كانت تجبرهن على توقيع تعهد بعدم تكرار فعلتهن مقابل الإفراج عنهن. كما لم ينفكّ رجال الدين السعوديين عن الإعلان عن معارضتهم لقيادة المرأة للسيارة، حتى أن بعضهم تذرّع بأن هذا الأمر قد يؤدي إلى الاختلاط مع الجنس الآخر، في الوقت الذي رأى أحدهم أن القيادة "تؤذي المبيض"، وفق وسائل إعلام خليجية.

ورأى الدكتور أحمد يوسف أحمد، المدير السابق لمعهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية، في تصريحات لـ"مصراوي" أن السماح للسعوديات بالقيادة، جزء من عملية تدريجية تتم لتحسين أوضاع المرأة هناك.

السفارة السعودية

بعد ساعات قليلة من المرسوم الملكي الخاص بقيادة المرأة للسيارات في المملكة، عُيّنت الخبيرة الاستراتيجية الاجتماعية والاقتصادية فاطمة سالم باعشن متحدثة باسم السفارة السعودية في العاصمة الأمريكية واشنطن، لتُصبح بذلك أول سيدة سعودية تشغل ذلك المنصب.

وأعربت باعشن عن فخرها بالمنصب الجديد، في تدوينة كتبتها على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، "فخورة بأن أخدم السفارة السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية كالناطقة الرسمية باسمها. إنني ممتنة لهذه الفرصة وللدعم وللأمنيات الطيبة".

العيد الوطني

سمحت السلطات السعودية للمرة الأولى للنساء بالمشاركة مع أُسرهم، بشكل منفصل عن بقية الحضور، لحضور فعاليات العيد الوطني السعودي الذي أُقيم في ملعب الملك فهد الرياضي، يوميّ 23 و24 من سبتمبر الماضي، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

واحتشد مئات من النساء في استاد الملك فهد بالعاصمة، الرياض، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ87 على تاسيس المملكة، حيث نُظّمت عروض تضمّنت حفلات موسيقية مع رقصات شعبية وألعاب نارية. ودخلت النساء الملعب المُخصّص للذكور فقط، مع أسرهن وجلسن بشكل منفصل عن الشبان لمشاهدة مسرحية حول تاريخ السعودية.

وشكّل وجود المرأة في ملعب الملك فهد مفارقة مع الاحتفالات السابقة في المملكة الخليجية التي عادة ما كانت تحظر على النساء دخول الملاعب الرياضية؛ تطبيقًا لمبدأ "عدم الاختلاط" بين الإناث والذكور في الأماكن العامة.

ممارسة الرياضة

أعلنت وزارة التربية السعودية، في يوليو الماضي، السماح للفتيات بممارسة الرياضة في المدارس الحكومية اعتبارًا من العام الدراسي المقبل، بما يتناسب مع أحكام الشريعة الإسلامية، في سابقة هي الأولى من نوعها، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني.

وأشارت إلى أن البرنامج يأتي في إطار أهداف رؤية المملكة 2030 بشأن السعي إلى رفع نسبة ممارسي الرياضة في المجتمع، لافتة إلى أنه أنه سيتم تصميم صالات رياضية في مدارس الفتيات، علاوة على توفير الكفاءات البشرية النسائية المؤهّلة.

وتعد ممارسة الرياضة النسائية في السعودية من بين الأمور الأكثر إثارة للجدل في الدوائر الشرعية والرسمية والحقوقية، إذ يعتبرها المحافظون أمرًا مُخلًا بالحياء، وهي ليست مادة إجبارية في المدارس. ولا تدرجها أغلب المدارس في برامجها التعليمية، باستثناء بعض المدارس الخاصة.

وسبق أن تدخل مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، لمنع قيام سباق للجري كانت تعتزم جامعة الملك سعود بالرياض تنظيمه للطالبات في مارس 2008.

سعوديات مُفتيات

وافق مجلس الشورى السعودي، في 30 من سبتمبر الماضي، على قرار يُجيز للمرأة أن تُصدِر فتوى شرعية، بعد أن كان هذا المنصب مقصورًا على العلماء الرجال فقط لأكثر من 45 عامًا، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام سعودية.

وصوّت نحو 107 أعضاء من أصل 150 عضوًا، لصالح القرار، وذلك بعد أن تقدّمت إحدى أعضاء المجلس بتوصية نادت بمشاركة الأكاديميات الاختصاصيات في الفقه في مجال الإفتاء. ومن المقرر أن يتم اختيار المفتيات بأمر ملكى.

وأشارت صحيفة "الحياة"، ومقرّها في لندن، إلى أن المطالبات بمشاركة النساء في الإفتاء حاججن بأن الصحابيات أُفتين في أمور الحياة ولم يقتصر إفتاؤهن على الحيض والعدة. كما ورد أن المجلس طالب في جلسته الأخيرة الرئاسة العامة للإفتاء بـ"فتح أقسام نسائية مستقلة، وتعيين الاختصاصيات المؤهلات للفتوى بها، مع توفير المتطلبات البشرية والمادية".

جدير بالذكر أن مجلس الشورى في السعودية له سلطات محدودة، ولا يمكن له أن يسن قوانين بل يصدر توصيات في انتظار اعتمادها من مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك. ويعين الملك جميع أعضاء المجلس.

قانون لمكافحة التحرش

فأمر العاهل السعودي، وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، بإعداد مشروع نظام لمكافحة التحرش والرفع عن ذلك خلال 60 يومًا، وفق ما تناقلته وسائل إعلام محلية ومُغرّدون.

ونقلت وكالة الأنباء (واس) ما جاء في الأمر السامي: "صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، نظراً لما يشكله التحرش من خطورة وآثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع وتنافيه مع قيم ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا السائدة ولأهمية سن نظام يجرم ذلك ويحدد العقوبات اللازمة التي تمنع بشكل قاطع مثل هذه الأفعال وتردع كل من تسول له نفسه الإقدام على مثل ذلك".

وتشهد السعودية عددًا من حوادث التحرش ويقول سعوديون عدة إن عدم وجود قانون واضح لمعاقبة المتحرشين في المملكة زاد من جرأة المتحرشين، وناقشت لجان متعددة في مجلس الشورى السعودي سن تشريعات صارمة ضد التحرش، لكنها لم ترَ النور، وبقيت في إطار النقاشات الطويلة والتجاذب بين مؤيديها ومعارضيها.

ونقلت صحيف "عكاظ" عن مصادر مطلعة لم تُسمها، أن النظام الحديث لمكافحة التحرش والابتزاز ينص على "جزاءات مشددة تردع المتحرشين من الجنسين "ذكور وإناث"، ووفقًا للنظام الحديث فإن العقوبة تصل إلى السجن عن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

الحفلات الموسيقية

بدأت القناة الثقافية السعودية، منتصف ليل الإثنين/ الثلاثاء، في بثّ حفلات غنائية، انطلقت بأغانٍ لكوكب الشرق أم كلثوم، حسبما أعلنت القناة في منشور على حسابها الرسمي بموقع التدوينات القصيرة تويتر.

وكتبت القناة عبر تويتر: "نعرض لكم اليوم عند 12:00صباحًا #السهرة_الفنية لسيدة الغناء العربي #أم_كلثوم تابعونا..". ونشرت في تغريدة منفصلة رابطًا يمكن للمتابعين عبره مشاهدة البث الحي للسهرة الفنية على موقع مشاركة الفيديوهات يوتيوب.

وكانت المملكة شهدت أول حفل غنائي بمدينة الرياض في مارس الماضي، للفنان محمد عبده، بعد حوالي ثلاثة عقود من حظر الحفلات الغنائية بالمملكة. وعلى الرغم من اقتصار الحفل على الذكور فقط، إلا أن الأمور تطورت ليتم السماح للعائلات بالحضور في حفل عبدالمجيد عبدالله.

وصاحب ذلك القرار تباينًا في ردود الفعل، بين الدعم والإدانة الشديدة على مواقع التواصل الاجتماعي. ففسي الوقت الذي نشر فيه البعض كلمات أغاني أم كلثوم، اعتبر آخرون أن الاستماع إلى الأغاني والموسيقى "خطيئة"، وفق ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

دور العرض

بدأت صناعة الأفلام في المملكة العربية السعودية منذ عقد من الزمن تقريبًا، لكن منتجيها دائمًا ما يلجأون إلى عرضها في دول الخليج المجاورة لعدم وجود دور عرض في المملكة.

ظهرت دور العرض داخل المملكة في بداية السبعينيات، بعد تأسيس موظفين أجانب في شركة أرامكو دور عرض في مجتمعاتهم السكنية، ثم تطور الأمر وأصبحت متاحة للسعوديين، وأقيمت أكثر من سينما في الأندية الرياضية، وداخل منازل بعض المشاهير في عدد من المدن مثل جدة، والطائف، والرياض، وأبها، إلا أنها افتقرت للتنظيم والتسويق.

وبعد سنوات، قررت الحكومة السعودية إغلاق دور العرض السينمائية، للسيطرة على موجة الغضب التي اجتاحت التيار الإسلامي السعودي بعد أحداث احتلال الحرم المكي، بعد استيلاء أكثر من 200 مُسلّح على الحرم خلال فترة حكم الملك خالد بن عبدالعزيز 1979. وبذلك اضطر السعوديون إلى الذهاب إلى الدول الخليجية القريبة منهم، خاصة الإمارات لحضور بعض الأعمال السينمائية الهامة أو المنتظرة، فيما انتظر آخرون مشاهدتها على شرائط الفيديو بعد سحبها من دور السينما بفترة.

وعلى مدار أعوام، صرّح أكثر من مسؤول سعودي بإمكانية بناء دور سينما، والسماح لهذه الصناعة بالانتشار في أرجاء المملكة، ففي عام 2015، كتب فهد التميمي، رئيس لجنة السينما بجمعية المنتجين والموزعين السعوديين، تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر أن هناك لقاءات واتفاقات تتم مع رجال أعمال من أجل الحصول على تصاريح بناء دور سينما في المملكة العربية السعودية.

وبحسب وسائل إعلام سعودية، يتطلب إنشاء دور للسينما في المملكة موافقة أربع جهات حكومية على الأقل للتنسيق والتشاور فيما بينهم، هي "الهيئة العليا للسياحة والآثار، والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، ووزارة الداخلية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية)".

من جانبها، توقّعت الناشطة الليبرالية السعودية الدكتورة سعاد الشمري، في حديث لـ"مصراوي"، أن يتم تأسيس دور عرض سينمائية قريبًا جدًا، وأن الأمر "مسألة وقت ليس أكثر"، مُشيرة إلى أن رؤية الأمير محمد بن سلمان تُمثّل "انفتاحًا" من شأنه أن يقود إلى ظهور مسارح وسينمات ومهرجانات سينمائية في المملكة.

وأثيرت مسألة تأسيس دور عرض سينمائية مُجددًا، عقب الإعلان عن رؤية المملكة 2030، مُشيرًا إلى أنها ستتضمن إطلاق مشروع أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية من نوعها على مستوى العالم، وستكون في منطقة القِدِيّة جنوب غرب العاصمة للرياض، لتصبح الأولى من نوعها في العالم بمساحة تبلغ 334 كيلومتر مربع، بما في ذلك منطقة سفاري كبرى.

وكانت مكة المكرمة، استضافت في يونيو الماضي، عروضًا سينمائية لأفلام أجنبية، على مدى خمسة أيام، في مدينة جدة غرب البلاد، ضمن مهرجان سينمائي نظمته الجمعية السعودية للثقافة والفنون في جدة.

اعتقالات المملكة

أصدرت اللجنة العُليا لمكافحة الفساد في السعودية، السبت قبل الماضي، برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، أمرًا بإيقاف 11 أميرا وعشرات الوزراء السابقين، و4 وزراء حاليين.

وُجّهت إلى المُعتقلين تُهم "فساد، غسل أموال، رشاوي، تلاعب بأوراق مشاريع مدن اقتصادية، توقيع صفقات غير نظامية، اختلاسات وصفقات وهمية"، تقرّر على إثرها تجميد حساباتهم المصرفية. وبات هاشتاج "الملك يحارب الفساد" الأكثر تداولًا في المملكة.

توالت الأخبار بعد ذلك على عدد من القنوات السعودية ومواقع التواصل الاجتماعي، تنشر بعض أسماء الأمراء المحتجزين وكان أبرزهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال، وزير الحرس الوطني المعفي الأمير متعب بن عبدالله، رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، وأمير الرياض السابق الأمير تركي بن عبدالله.

أجرت السلطات السعودية عمليات توقيف جديدة، الأربعاء، لعدد من المسؤولين، بينهم أشخاص تربطهم صلات بأسرة ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف ووزير الدفاع الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي توفي عام 2011، حسبما كشفت مصادر مُطلعة لوكالة أنباء "رويترز" الإخبارية.

وأكّد النائب العام السعودي، سعود المعجب، الاثنين، أن الأفراد المُحتجَزين على خلفية تحقيقات لمكافحة الفساد خضعوا لاستجوابات مُفصّلة، وأن السلطات جمعت بالفعل الكثير من الأدلة. وأوضح أن التحقيقات جرت في سرية حرصًا على سلامة الإجراءات القانونية، مُشيرًا إلى أن الاعتقالات "لا تُمثّل البداية، بل جاءت استكمالًا للمرحلة الأولى لمكافحة الفساد".

وكشف المعجب، الخميس الماضي، عن تفاصيل جديدة في سير التحقيقات، بما في ذلك الإفراج عن 7 من أصل 208 متهمين، وإعلان أن القيمة المحتمَلة لممارسات الفساد تجاوزت الـ100 مليار دولار، فضلًا عن تعليق الحسابات المصرفية الشخصية فقط مع إتاحة الفرصة للشركات لمواصلة المعاملات والتحويلات بشكل طبيعي.

أزمة إيران

بدأت الأزمة بين المملكة وطهران تلوح في الأفق بالتزامن مع الإعلان عن حملة مكافحة الفساد السعودية، عندما أطلق المتمردون الحوثيون الشيعة صاروخًا باليستيًا على مطار الملك خالد في العاصمة الرياض، اعترضته السعودية التي اتهمت إيران بالمساعدة في إطلاقه ووصفت ذلك بأنه "عمل من أعمال الحرب". وتواردت تقارير إعلامية إيرانية تُحذّر من ضرب إيران لمطارات وموانيء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

بدورها، دعت إيران السعودية إلى الحذر من "قوة ومكانة" طهران، بعد تفاقم حدة التوتر بين البلدين الخصمين حول عدد من الملفات الخلافية ولا سيما الحرب في اليمن. وقال الرئيس حسن روحاني، في كلمة أمام مجلس الوزراء نقلها التلفزيون، متوجهاً إلى القادة السعوديين "تعلمون قوة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومكانتها جيدًا، كانت هناك قوى أكبر منكم عجزت عن قهر إرادة الشعب الإيراني"، وفق وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

دخلت الأزمة السعودية الإيرانية فضلًا جديدًا للتحول مما يُمكن أن يُطلق عليه "حرب بالوكالة" إلى "مواجهة مباشرة"، بعد إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته في خطاب مُتلفز من الرياض، في خطوة مفاجئة في توقيتها ومكان إعلانها، أثارت الكثير من الجدل وسط اتهامات للمملكة بإخضاع الحريري، الذي يحمل الجنسية السعودية أيضًا، للإقامة الجبرية ضمن حملة مكافحة الفساد السعودية.

وناشدت السعودية، الخميس الماضي، رعاياها بمغادرة لبنان في أقرب فرصة مُمكنة، تزامنًا مع مزاعم العديد من المسؤولين اللبنانيين، باحتجاز الحريري في الرياض. وردًا على الاتهامات الموجهة إلى المملكة، قال وزير الخارجية السعودي، في حوار مع شبكة سي إن إن الأمريكية، إن "المسؤول اللبناني حر بمغادرة المملكة في أي وقت يرغب فيه بذلك". ووصف الجبير ما تردد عن ممارسة الرياض ضغوطا على الحريري ليعلن استقالته من منصبه، بالادعاءات "غير المنطقية".

فيما قال حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، في كلمة مُتلفزة بثتها وسائل الإعلام الجمعة، إن "الحرب المعلنة على لبنان وعلى حزب الله (عشوائية)، ومن يديرها لا خبرة ولا تجربة لهم". وأضاف: "من الواضح أن السعودية أعلنت الحرب على لبنان وعلى حزب الله"، مُتهمًا المملكة باحتجاز الحريري الذي نفى ذلك وقال في مقابلة تلفزيونية يوم الأحد الماضي إنه "حر" وسيعود إلى لبنان "قريبا جدا.. في غضون يومين أو ثلاثة."

فيديو قد يعجبك: