إعلان

هل دول الخليج في حاجة إلى الدرع الصاروخية الأمريكية؟

08:30 ص الثلاثاء 16 أكتوبر 2012

القاهرة-(أ ش أ ):
 
تأتي دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لدول مجلس التعاون الخليجي لتبني إقامة نظام دروع صاروخية في الخليج لمواجهة التهديدات الإيرانية الدائمة لإغلاق مضيق هرمز، في إطار التصعيد الذي تقوده إسرائيل بدعم أمريكي لضرب إيران والذي يهدد بإشعال حرب في المنطقة.
 
وقد ظهرت تلك الدعوة عقب الاجتماع الذي عقد مؤخرا بالرياض بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ونظيرتهم الأمريكية هيلاري كلينتون، وذلك في إطار "منتدى التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون والولايات المتحدة"، الذي تم تأسيسه في 31 مارس 2012 بهدف تعزيز التعاون بين المجلس والولايات المتحدة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
 
كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من بين أوائل المسؤولين الأمريكيين الذين نوهوا إلى الحاجة لدرع صاروخية بمنطقة الخليج العربي ، وذلك قبل ثلاث سنوات، وأنها ما فتئت تشجع الخليج العربي على إقامة تلك الدرع الصاروخية.
 
وقد أكد الجانبان الخليجي والأمريكي التزامهما بتعزيز التعاون السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي بينهما في ضوء التحديات التي تواجه المنطقة بهدف الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار والرخاء في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ومواجهة التهديدات ضد أراضي دول المجلس وأمن الملاحة البحرية في منطقة الخليج .
 
ويعبر هذا الالتزام عن قلق الجانبين إزاء التدخل الإيراني المستمر في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، ولذلك اتفق الجانبان على تشكيل لجنة أمنية مشتركة بين مجلس التعاون والولايات المتحدة في إطار منتدى التعاون الاستراتيجي للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وأمن الحدود والمياه الإقليمية.
 
وإدراكا لأهمية التنسيق المشترك بين الطرفين الأمريكي والخليجي، فقد اتفقا على زيادة التحركات العسكرية والجوية والبحرية والتمارين الثنائية والجماعية المشتركة ونزع الألغام وتحسين الدفاعات الجوية والصاروخية الإقليمية.
 
وعلى الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق مبدئي على إقامة درع صاروخية في المنطقة، وأن دول الخليج ما زالت تدرس هذه القضية، يقول المسؤولون الأمريكيون "لقد رأينا اهتمام الدول في المنطقة بتوسيع قدرتها على الدرع الصاروخية. هدفنا هو تشجيع دول الخليج على تطوير درعها الصاروخية، وذلك يتطلب أسلوبًا إقليميًا في الدفاع من صاروخ في منطقتك يتطلب الرادارات والمعدات خارج دولة محددة وفي أكثر من دولة".

ويطرح الترحيب الخليجي بالدرع الصاروخية في هذا التوقيت العديد من التساؤلات، خاصة وأن هذا المشروع الضخم ليس وليد اليوم ، بل سبق وأن تم طرحه في أكثر من مناسبة خاصة بعد حرب الخليج الثانية عام 1990، بينما كان التأجيل من قبل قادة الدفاع الخليجيين.
 
ويرى خبراء إستراتيجيون أن تلك الدرع الصاروخية ربما تمثل استراتيجية جديدة ذات مهمة مستقبلية تكمن فقط في ربط الأنظمة الصاروخية الموجودة بدول مجلس التعاون لتكون بمثابة أساس لإنشاء المنظومة، باعتبار أن تطور الأنظمة الدفاعية بالدول الخليجية الست والمتمثلة فى الصواريخ المضادة للصواريخ بعيدة المدى سيسهل جمعها بدرع مشترك يكفل الحماية في حالة تعرضها لهجوم إيراني محتمل.

كما يطرح خبراء الأمن والاستراتيجية تساؤلات مهمة منها: هل دول الخليج في حاجة إلى الدرع الصاروخية؟ وما هي الأهداف الأمريكية من هذه الدعوة؟ وهل التهديدات الإيرانية بغلق مضيق هرمز تهديدات حقيقة؟ يمكن التعرض لهذه التساؤلات بالنظر إلى مجموعة من الاعتبارات ، يأتي في مقدمتها:أن دول مجلس التعاون الخليجي مرتبطة باتقاقيات أمنية وسياسية وعسكرية مع الولايات المتحدة، وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قد أعلنت عن خطة لبيع أسلحة للكويت تقدر قيمتها بـ 4ر2 مليارات دولار، تشمل ستين صاروخا من طراز "باتريوت" من الجيل الجديد "باك-3" وعشرين قاذفة وأربعة رادارات ومحطات مراقبة، إضافة إلى قطع الغيار اللازمة والتدريب الضروري لاستخدام هذه الأسلحة المتطورة وتشغيلها.
 
كما أن الإمارات كانت قد اشترت منظومات دفاعية بـ12 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، وأبرمت شركة مارتين لوكهيد أكبر الشركات الموردة للسلاح لوزارة الدفاع الأمريكية تعاقدًا مبدئيا بقيمة 1ر96 مليار دولار في ديسمبر الماضي تحصل الإمارات بموجبه على اثنين من أنظمة الدفاع الصاروخي رفيعة المستوى، فيما تعد أول سابقة يباع فيها هذا النظام الدفاعي خارج الولايات المتحدة.
 
وقالت شركة رايثيون المتخصصة في صناعة الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي إنها ستقوم بتوفير رادارات متنوعة للإمارات خلال عام 2018، ضمن عقد لتوفير مكونات "نظام الدفاع الصاروخي في الارتفاعات القصوى" (ثاد) في أول صفقة لبيع هذا النظام في الأسواق الدولية.
 
كما اشترت السعودية منظومة صواريخ باتريوت، وأنفقت خلال العام الماضي قرابة 1ر7 مليار دولار على تحديث تلك المنظومة.وتشير الوثائق المتعلقة بالعقد إلى أن هذه المنظومة تحتوي على رادارات وأنظمة تحكم وتبلغ قيمتها نحو ملياري دولار، وأن ترسانة الصواريخ المرافقة لها تبلغ ملياري دولار آخرين.
 
ثانيا: يرى خبراء الاستراتيجية بدول الخليج أنه في حالة إقامة الدرع الصاروخي الخليجي، فإن العلاقة بين إيران ودول الخليج ستزداد توترا، خاصة مع تهديدات إيران السابقة بإغلاق مضيق هرمز.
 
ووفق مسؤولين أميركيين ووثائق عامة، فإن المنظومة الدفاعية الخليجية تهدف لحماية المدن ومصافي النفط وخطوط الأنابيب والقواعد العسكرية الأمريكية إزاء الخطر الإيراني، ولذلك فإن دول الخليج فى حاجة لهذه الدرع الصاروخية لأنها تعيش في منطقة متوترة بالقرب من إيران التي تطور من قدراتها العسكرية والصاروخية يومًا بعد يوم.
 
ويعتقد هؤلاء بأن نظام الدرع الصاروخية المقترح دفاعي وليس هجوميا يهدف فى المقام الأول حماية المنشآت الحيوية بدول الخليج خاصة المنشآت النفطية وهي حاجة أصبحت ملحة مع تزايد احتمالات شن هجوم إسرائيلي على إيران ، باعتبار الأخيرة هي المسؤولة عن سباق التسلح بالمنطقة ، لكن الولايات المتحدة تستفيد اقتصاديا بعقد صفقات الأسلحة.
 
ثالثا: أن واشنطن تريد تشغيل مصانع الأسلحة بها ، وبالتالي زيادة مبيعات أنظمة التسليح إلى دول الخليج ، خاصة شركة مارتين لوكهيد أكبر الشركات الموردة للسلاح لوزارة الدفاع الأمريكية وقد أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فى وقت سابق إلى ذلك ووصفتها "بالصفقات الكبرى لبيع أنظمة الدفاع الجوي"، التي عقدتها الولايات المتحدة مؤخرا مع عدد من دول الخليج ، لأن أمر الدرع الصاروخية يتطلب من دول الخليج أن تكون في شراكة منسجمة وأن تضع أي خلافات بينها جانبا.
 
كما أن إقامة الدرع الصاروخية الخليجية تتطلب قيام دول مجلس التعاون الخليجي بتبادل المعلومات وتنسيق ترساناتها من الصواريخ الاعتراضية، وذلك من أجل إيجاد درع صاروخية تشمل جميع الحلفاء الإقليميين.
 
ناهيك عن العقبات والصعوبات التي تواجه إقامة نظام موحد للدفاع الصاروخي في الخليج وهي عوائق سياسية وتقنية. فلا تسعى أي درع أن تبسط مظلة حماية كاملة وتضمن حماية مئة في المئة، على خلاف الدرع الأوروبية التي خطط لها تخطيطا دقيقا، تبدو الاستعدادات في الخليج ليست كافية، كما أنه لا يجوز إغفال أن إيران تطور قدراتها الصاروخية النوعية والعددية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان