"إيكونوميست": مايك بومبيو.. "سارق أسرار" بدرجة وزير خارجية
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرًا عن بزوغ نجم وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو، وقالت فيه: "منذ ثماني سنوات، كان وزير الخارجية الامريكي الجديد، مايك بومبيو، يبلغ من العمر 47 عامًا، مرشحًا للكونجرس في ويتشيتا بولاية كنساس، وكان معروفًا بحصوله على أكبر نسبة دعم من أكبر شركات الأعمال الخاصة في مدينة ويتشيتا، وهي صناعات كوك، وسيكون بومبيو باعتلائه عتبة وزارة الخارجية أول شخص يجمع بين مكتبي مدير المخابرات المركزية الأمريكية والخارجية".
وأضافت المجلة، أن شهرة وزير الخارجية الأمريكي الجديد، أبرز دليل على كيف قلب الرئيس دونالد ترامب الطاولة على رأسه مؤخرًا؟، حيث كان ترامب يعرف بعض الخبراء السياسيين من الجمهوريين وقت انتخابه، لكنهم لم يدعموه، فاتجه إلى الجنود، ورجال الأعمال وغيرهم لملء حقائبه الوزارية.
وبالنظر لما يُفضله ترامب في مستشاريه أو وزرائه، فإن بومبيو كان يمثل كل شيء أراده الرئيس، فقبل حياته التجارية تخرّج بومبيو من الأكاديمية العسكرية في "ويست بوينت"، وخدم لمدة خمس سنوات في وحدة سلاح الفرسان، ويتمتع بمحافظة كبيرة على الصراحة العسكرية العالية، ويبدو أن ترامب صدق اللحظة التي دخل فيها بومبيو عليه - وهو يشبهه كثيرًا من الناحية العملية - المكتب، ولكن ما لم يتذكره ترامب حينئذٍ أن بومبيو غادر الجيش منذ 30 عامًا، ولم تعد صفاته العسكرية مثلما كانت في الماضي بل أصبحت خاطئة.
ويفسر نجاح بومبيو المتوقع في إدارة ترامب، بأنه مزيج من الذكاء المؤسسي وحزبيته القوية، حيث وجد الرئيس أن أعضاء وزاراته غير السياسيين، مثل وزير الخارجية المقال ريكس تيلرسون، لا يميلون إلى أفكاره (واستطاع جيمس ماتيس وزير الدفاع فقط من بين هؤلاء الأشخاص الاحتفاظ بمنصبه بعيدًا عن رغبة الرئيس المستمرة في التغيير).
من ناحية أخرى كانت أيديولوجيات أشخاص مثل ميك مولفاني وتوم برايس، مدير الميزانية ووزير الصحة السابق، تتفق مع ترامب، ولكنها كانت غير مرنة ليكونوا مديرين مؤثرين، أما بومبيو ففضل أن تكون المهام التي يقوم بها مرضية لترامب، واستطاع أن ينجح في هذا.
وعلى العكس من تيلرسون، وصل بومبيو إلى وكالة المخابرات بحاشية صغيرة، وعيّن شخصًا متحمسًا نائبًا له، وحظي بسمعة حميدة في استماعه لزملائه، وتحدث عن جهود تشغيل "سي آي إيه" بلا هوادة، وكان يقول عن ذلك: "إن هدف الوكالة هو سرقة الأسرار لحماية أمريكا، وكان يعارض نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، على أساس أن الثورة الناتجة عنه سوف تضر بعملاء الولايات المتحدة في الدولة، ولكنه كان عليه، مثل أي جاسوس في العصر الحديث، أن يُوجه ولاءه للرئيس وسياساته، حيث يقوم بإعطاء الرئيس الإحاطات الاستخباراتية أغلب الأيام، ويبقى في البيت الأبيض كثيرًا لمناقشة ما يرغب فيه ترامب.
ويشك خبراء السياسة الخارجية، في أن هذا الود ما هو إلا حيلة، ويقول إليوت كوهين أحد نقاد سياسات ترامب: "لا أحد وفيّ لترامب، فهو لا يليق به كونه إنسان"، كما أن ترامب لا يملك القوة لتغيير قلوب وعقول الأشخاص من حوله.
يبدو أن بومبيو شخص واقعيّ يُعتمد عليه بالنسبة للسياسة الخارجية، تقول المجلة "متشائم حول تكوين تحالفات، وداعم للتجارة الحرة، وإن كان بحماس متشدد لاستخدام القوة العسكرية، ودعا إلى اتخاذ أفعال أكثر صراحة ضد التوسع الروسي في أوكرانيا وسوريا، بشكل أكبر مما دعا إليه ترامب، ويبدو أنه مثل ترامب في نظرته الإعجابية بالرئيس الصيني شي جين بينج، ويبدو شاكًّا للغاية في أن نظام كوريا الشمالية منفتح على المفاوضات، ولكنه يحمل بعض وجهات النظر غير العقلانية والتي جعلت حزبه معرضًا لتنازلات ترامب ونظريات المؤامرة التي يؤيدها".
وتقول المجلة، إن معارضته للنظام الإيراني يمكن فهمها بالتأكيد، ولكنها مبالغ فيها، حيث ادّعى وبدون دليل واحد، أن إيران تتعاون بشكل وثيق مع تنظيم داعش والقاعدة، وهو متحيز ضد الإسلام بشكل علنيّ، لدرجة أنه ذات مرة شكك في ولاء والتزام الأمريكيين المسلمين نحو دولتهم.
وهذا- بحسب المجلة- يفسر كفاءته، التي سيكون الدبلوماسيون الأمريكيون الذين يسعون للخلاص بعد فترة تيلرسون الحرجة، سعداء بها، ولكنهم قد لا يحبذون استخدامه لها.
وتقول المجلة، في ختام تقريرها، "إن تيلرسون وعلى الرغم من فشله الكبير، حاول توفير ثقل مضاد ومساوٍ في المقدار لوجهات نظر ترامب غير العقلانية والمتهورة، ولكن الخوف الآن من أن بومبيو سيحاول تطبيق وجهات النظر تلك".
فيديو قد يعجبك: