إعلان

مذكرة أمريكية مُسرّبة تتحدّث عن الديمقراطية في مصر والسعودية والفلبين

02:13 م الأربعاء 03 يناير 2018

كتبت- رنا أسامة:
كشفت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، عن مذكرة كتبها براين هوك، رئيس تخطيط السياسة في وزارة الخارجية الأمريكية، موجّهة للوزير ريكس تيلرسون، حول تعزيز الديمقراطية في دول مثل مصر والسعودية والفلبين.

وأوضحت المجلة أن المذكرة سُرّبت قبل أعياد الميلاد، (الكريسماس)، مباشرة، مُشيرة إلى أنها كُتِبت بعد وقت قصير من اجتماع تيلرسون، مطلع مايو الماضي، مع موظّفي الخارجية، حول كيفية تطبيق شعار الرئيس دونالد ترامب "أمريكا أولًا" في مجال السياسة الخارجية.

وقال تيلرسون، وقتذاك، إن "الولايات المتحدة لن ترهن بعد الآن علاقاتها الخارجية ومصالح أمنها القومي بضرورة تبني الدول الأخرى القيم الأمريكية مثل حقوق الإنسان"، مضيفا أن "القيم الأمريكية المتطورة ينبغي أن تأتي في معظمها امتدادًا ثانوياً بعد ممارسة الدبلوماسية الأمريكية".

وأضاف أنه لابد من التمييز بين القيم الأمريكية التي وصفها بـ"الثابتة"، وبين السياسات التي يجب أن تتأقلم مع تغير الظروف. وأشار إلى أنه "خلال العشرين عامًا، الماضية فقدت واشنطن قدرتها على تحديد ما إذا كان حلفاء ما بعد الحرب الباردة بالفعل يخدمون مصالح الولايات المتحدة أم لا".

وفى الوقت نفسه، أكد وزير الخارجية أن واشنطن لن تتخلى عن قيمها، وأنها ستطالب بعض الدول "في بعض الحالات"، بضرورة اتخاذ خطوات معينة تجاه حقوق الإنسان، ولكنها "في حالات أخرى" ستواصل دفاعها عن قيمها دون استخدام تلك القيم كوسيلة لفرض النفوذ.

وبينما بدت المذكرة -ظاهريًا-وكأنّها كُتِبت لإعطاء طابع تاريخي على آرائه التي أطلقها خلال الاجتماع، قالت نيوزويك أن المُذكرة أقرب إلى أن توصف بأنها "محاولة من هوك لإضفاء غطاء فكري على آراء رئيسه".

كتب هوك في مذكرته، بحسب المجلة، "الدبلوماسية الأمريكية مع الدول الأخرى ينبغي أن تركز بشكل أساسي على سلوكها في مجال السياسة الخارجية بدلًا من ممارستها الداخلية".

وفي محاولة لتبسيط الحسابات السياسة المُعقّدة، ذكر هوك أن "الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات، خلال الفترة من 1940 و1950، من أجل استدامة الديمقراطيات في العالم، الأمر الذي دفع الإدارات الأمريكية السابقة للتعاون مع بعض الحلفاء الاستبداديين ذوي الأنظمة القمعية، لاسيّما خلال الحرب العالمية الثانية".

وقال إن "تطبيق ما يُعتقد أنه ضروري في بعض الأحيان لا يعني أنه ينبغي تحويل الاستثناءات إلى قاعدة سياسية"، مُشيرًا إلى ارتباط سلوك السياسة الخارجية للدولة بممارساتها المحلية، في أغلب الأحيان، إذ أن "رغبة بعض الحكام المستبدين في البقاء في السلطة من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على العلاقات مع دول العالم الخارجي"، بحسب المذكرة.

وأضاف هوك أن "الديمقراطيات الليبرالية أكثر سلامًا تجاه بعضها البعض، وعلى الأرجح تكون شريكة تجاريا أفضل وأقل عُرضة لتبنّي سياسات تتسبّب في تشوّهات داخلية تقود إلى حروب أهلية، انتفاضات وهجرة جماعية".

في هذا الصدد، أشار هوك في مذكرته إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان اتبع هذه السياسة؛ بتبنّيه وجهة النظر الأكثر واقعية بأن "يأخذ العالم كما هو دون أن يسعى إلى تغييره بالمضايقة أو التهديدات ولكن بالقيادة، حسبما نقل عن خطاب للرئيس الأمريكي الأسبق في عام 1980."
وفي الوقت ذاته، أشار هوك إلى أن ريجان ساعد على إعادة الأنظمة القمعية في كوريا الجنوبية وتشيلي والفلبين. وقال إن "إدارة الرئيس ريجان بدأت تتحرّك صوب مزيد من الضغط الموجّه من أجل التحرير".

واللافت، بحسب المجلة، هو استشهاد هوك في مذكرته بسياسة ريجان المتمثلة في "المشاركة البنّاءة" مع نظام "الأبارتيد"، أحد أنظمة الفصل العنصري التي كانت تحت سيطرة الأقليّة البيضاء في جنوب أفريقيا، والتي "عملت على المدى الطويل".

ووُضِعت تلك السياسة جانبًا عندما نقض الكونجرس "فيتو" ريجان عام 1986، وفرض عقوبات اقتصادية أكثر قوة على جنوب أفريقيا، دفعت في نهاية المطاف حكومة جنوب أفريقيا لوضع حدّ للفصل العنصري في عام 1991، بحسب المجلة.

وانطلاقًا من التجارب السابقة، كتب هوك قائلًا "بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، مثل مصر والسعودية والفلبين، يبدو من المنطقي تأكيد الإدارة على علاقتها الطيبة معهم لعدد من الأسباب الهامة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، ومواجهة العراقيل التي تقف حائلًا أمام تحقيق ما يتعلق بحقوق الإنسان".
وبينما تُظهِر مُذكرة هوك أن "هناك تنازلات ينبغي اتخاذها عند وضع الأهداف والمبادئ المهمة من أجل تطبيق سياسة صحيحة بما يكفي"، ترى المجلة أن فحوى المذكرة هي أنه "إذا كنت تتبنى سياسة واقعية، لا ينبغي أن تقدم تنازلات أو تقييمات مُسبّبة".

وخلُص هوك، إلى أنه "إذا كان للديمقراطية وخطاب حقوق الإنسان مكانًا في إدارة ترامب، فإنهما يُستخدمان كأداة مع مُنافسي أمريكا أمثال الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران".
وأضاف: "الضغط على هذه الأنظمة في مجال حقوق الإنسان هو أحد الطرق لفرض عقوبات، وتطبيق ضغوطات مُضادة، واستعادة زمام الأمور منها بشكل استراتيجي".
لكن هناك ثمن حقيقي يجب أن يُقدّم نظير التغاضي عن أخطاء الشركاء (مصر والسعودية والفلبين)، حينما يتحالفون مع هؤلاء الخصوم (الصين وإيران وروسيا وكوريا الشمالية). الأمر الذي "يجعل أمريكا تبدو مُنافقة، لا عظيمة"، بحسب هوك.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان