إعلان

الإيكونوميست تُفند أسباب قد تؤدي لاندلاع حرب بين القوى العُظمى

08:50 م الجمعة 26 يناير 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - عبدالعظيم قنديل:

نشرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، الجمعة، تقريرًا يتحدث عن فيه عن الأسباب المحتملة التي قد تؤدي إلى نشوب صراع في المستقبل بين القوى الكبرى، لاسيما مع اشتداد المنافسة بين أمريكا وروسيا والصين، مما يشكل تهديدًا للنظام الدولي، إضافة إلى أنه يحمل بُعدًا عسكرياً.

وقالت المجلة البريطانية إن العديد من خبراء السياسة الخارجية يعتقدون إن العالم على أعتاب حِقبة جديدة من الصراعات الدولية، وذلك رغم تفادى القوى العظمى الدولية الانخراط في حروب على مدى السنوات الـ 70 الماضية، خاصة وأن هناك فرق كبير بين الحروب الإقليمية التي قد تنجم عن أعمال دولة مارقة، مثل كوريا الشمالية أو إيران، وبين نزاعات الدول العظمى، والتي لا تزال أقل احتمالاً بكثير.

ووفق التقرير، يبدو أن الصراع من أجل منع إيران من الحصول على أسلحة نووية يلوح في الأفق الآن، غير أنه احتمالات اندلاعه ستتزايد بعد سنوات قليلة. ومن الممكن أن تكون عواقبه وخيمة، فيما تظل القدرة التدميرية لذلك الصراع أقل مقارنة بنشوب صراع بين الغرب من جانب وروسيا أو الصين من جانب أخر، في حال تفاقمه إلى حرب نووية.

"روسيا أم أمريكا أم الصين"

والسبب الرئيسي الذي جعل الحرب بين القوى العظمى ممكنة إلى حد ما أكثر من أي وقت مضى منذ ذروة الحرب الباردة، وفق التقرير الذي أوضح أن كلا من روسيا والصين غير راضتين عن الهيمنة الأمريكية، حيث يعتقدون أن سياسة واشنطن لا تخدم مصالحهم المشروعة، ولذا استثمر كل منهما في العقد الماضي بكثافة في تحديث قواته المسلحة بطرق تستغل مواطن الضعف السياسية والتقنية الغربية، وتحبط قدرة أمريكا على استعراض قوتها في ما تعتبره مناطق نفوذها.

ووفقًا لـ"الإيكونوميست"، أبدت القيادتين الصينية والروسية استعدادهما لفرض إرادتهما على جيرانهما بالقوة، وارتفعت أصوات زعماء البلدين للحديث عن النزعة القومية المتجددة والاحترام الدولي، وكلاهما يجني الفوائد السياسية المحلية من جراء ذلك، فروسيا، ديموجرافياً واقتصادياً، هي قوة متناقصة مع قيادة انتهازية، في حين أن الصين من الواضح أنها تتقدم بخطى ثابتة، وترى نفسها على الأقل على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، إن لم يكن في نهاية المطاف متفوقة.

كما أوضحت المجلة البريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد استعادة هيبة ونفوذ بلاده التي فقدت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث يعتقد بوتين أن الغرب رفض فى التسعينات جعل روسيا شريكا على قدم المساواة، وأن توسع الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو شرقا يعرض الأمن القومي لبلاده للخطر.

وفي بيان حول استراتيجية الأمن القومي في نهاية عام 2015، حددت الحكومة الروسية حلف الناتو باعتباره أكبر تهديد تواجهه. وهي تعتقد أن الغرب يسعى بنشاط إلى تحقيق "ثورات" من النوع الذي شوهد في أوكرانيا، سواء في روسيا "القريبة من الخارج" أو في روسيا نفسها.

وبشأن القدرات العسكرية الروسية، اعترفت المجلة البريطانية أنها تشهد تحديثًا كبيرًا وتنفذ تمارين واسعة النطاق على نطاق واسع، والتي تمكنها من إدارة حرب متسعة وطويلة الأمد، على الرغم من عدم وجود صراع عسكري مباشر بين موسكو وواشنطن، لافتة إلى كثرة عمليات الاحتكاك بين المقاتلات الروسية من جانب والدفاعات الجوية الأوروبية وسفن السفن الحربية التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي في بحر البلطيق والبحر الأسود، الأمر الذي من شأنه أن يشعل شرارة صراع خارج عن السيطرة في أى لحظة.

"روسيا والناتو"

ولفتت "الإيكونوميست" إلى التقرير الذي نشرته مؤسسة "راند"، وهي مؤسسة فكرية، في عام 2015، والذي تطرق إلى افتقار حلف شمال الأطلسي إلى الجاهوية الكاملة في مواجهة هجوم روسي، قائلًا: "كما هو الحال حاليا، لا يمكن لحلف شمال الأطلسي أن يدافع بنجاح عن أراضي أعضائه الأكثر تعرضا". ومنذ ذلك الحين عزز حلف شمال الأطلسي بشكل طفيف وجوده في دول البلطيق وبولندا، ولكن ربما لا يكفي لتغيير استنتاج تقرير "راند" بأن القوات الروسية ستستغرق 60 ساعة على الأكثر لشق طريقها إلى عاصمة لاتفيا أو إستونيا.

وتوقع التقرير أن الهجوم الروسي على الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" سيدفع القادة السياسيين للحلف إلى أحد خيار بين ثلاثة خيارات سيئة: شنّ هجوم مضاد دموي محفوف بخطر التصعيد؛ وتفاقم الصراع نفسه من خلال تهديد الأهداف في روسيا أو قبول الهزيمة، مؤكدًا أن استطلاعات الرأي في ألمانيا وبريطانيا لا تدعم الخيارين الأول والثاني في التصدي لموسكو.

وبوتين يعتمد في سياسته على "التصعيد بالتصعيد"، ولذا من المؤكد تقريبًا أن يضع الجميع في مواجهة نووية، حسب التقرير الذي ذكر أن روسيا ستبادر بالتكشير عن أسلحة الدمار الشمال لتشجيع الناتو على خطوة مماثلة.

"قلق أمريكي من صعود الصين"

ويشير البعض إلى أن أمريكا والصين في طريقهما إلى مواجهة محتمة، لاسيما وأن إدارة الرئيس الأمريكي تشعر بقلق كبير من السلطة الصاعدة، والتي بدورها تشعر بالاستياء والإحباط، حيث نقلت المجلة البريطانية عن جراهام أليسون، وهو مؤلف كتاب شعبي يشرح هذه الرسالة، أن "الحرب بين الولايات المتحدة والصين في العقود المقبلة ليست ممكنة فحسب، بل أكثر احتمالا بكثير من المعترف بها حاليا".

وبحسب التقرير، يستند أليسون إلى تحليل للصراعات السابقة بين السلطات الحالية وأسلوبها مع الوافدين الجدد، على الرغم من أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية ليس لديهما أي قواسم مشتركة على جدول الأعمال الدولي، مثلما حدث بين أمريكا مع بريطانيا عندما انقلبت الأدوار في القرن الماضي.

وأكدت المجلة البريطانية أن القادة الصينيين يعتمدون مبدأ الصبر الاستراتيجي، منوهًا أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين (باستثناء ربما الحالي) حاولوا جاهدين الحفاظ على إظهار رغبتهم في رؤية بكين تلعب دور كامل ومسؤول من النظام الدولي.

ويقول جوناثان إيال روسي، الباحث في الشئون الدفاعية، الصين ليس لديها شهية للصراع مع أمريكا، على الرغم من الموقف الوطني في بعض الأحيان من وسائل الإعلام الحكومية.

"لا قتل"

وأشارت المجلة البريطانية إلى أن مراقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعودة الآلاف من توابيت القتلى من أفغانستان في الثمانينيات كان سببًا في انهيار الاتحاد السوفيتي، لذا بذل الكرملين جهودًا مخلصة لإخفاء عدد القتلى في أوكرانيا وسوريا.

وبين التقرير أن احتمال نشوب حرب بين الصين والغرب أقل كثيرًا من خطر اندلاعه مع روسيا، ولكنه يتزايد مع المناوشات الأخيرة بين البحرية الصينية والوجود البحري الأمريكي في غرب المحيط الهادئ، الذي يثبت أن واشنطن لن تتهاون بحق أي أعمال صينية في المنطقة تهدد جوهرها أو مصالح حلفائها.

وتعتمد هذه التوترات جزئياً على حلفاء أمريكا، وفق التقرير الذي أكد أن نجاح رئيس الوزراء الياباني المُعاد انتخابه مؤخرًا شينزو ابي فى طموحه لتغيير الدستور من شأنه أن يزيد من قدرات البحرية اليابانية للقتال الى جانب نظيرتها الأمريكية. وفي الوقت نفسه، هناك حلفاء أضعف مثل فيتنام والفلبين وماليزيا وإندونيسيا يعارضون الهيمنة الصينية.

ويكمن الخطر الأكبر في سوء التقدير من خلال الفشل في فهم نوايا الخصم، مما يؤدي إلى تصعيد غير مخطط له يخرج عن نطاق السيطرة. والمنافسة في "المنطقة الرمادية" بين السلام والحرب تتطلب معايرة مستمرة يمكن أن تضيع بسهولة بالغة في لحظة ما.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان