في السعودية: ثروات غير قابلة للتقصّي.. حين يكون المال والسلطة شيء واحد
كتب – محمد الصباغ:
حينما يبدأ فندق ريتز كارلتون بالعاصمة السعودية الرياض في استقبال العملاء الشهر المقبل، ستكون نهاية لاستخدام الفندق الفاخر كسجن لأمراء ورجال أعمال ووزراء سابقين اتهموا بالفساد.
واعتبرت شبكة بلومبرج الإخبارية في تقرير لها اليوم الخميس، أن ذلك أيضًا سيكون إشارة على الغموض المحيط بالثروات الخاصة بالمملكة الغنية بالنفط.
وقال التقرير إن قائمة أغنياء العالم التي تصدرها بلومبرج شهدت تواجد 500 شخصًا بينهم 15 سعوديًا فقط وبلغت ثرواتهم 63 مليار دولار، في البلد الذي يعيش فيه 32 مليون نسمة. وأضافت أن دولة مثل كندا التي يعيش فيها 36 مليون نسمة، تواجد بالقائمة منها 31 شخصًا بثروات تبلغ قيمتها 171 مليون دولار. بينما في سنغافورة التي يبلغ تعدادها 5.6 مليون نسمة هناك 14 شخصًا بقائمة بلومبرج ثرواتهم مقدرة بحوالي 85 مليار دولار.
وقالت السلطات السعودية إنها تستهدف جمع 100 مليار دولار من الأمراء ورجال الأعمال المحتجزين المتهمين بارتكاب جرائم فساد، ويعني ذلك –بحسب بلومبرج- أنه ربما هناك أموال كثيرة مخبأة في السعودية.
وفي حديثه للشبكة الإخبارية، قال ماركوس تشنفيكس، المحلل الاقتصادي: "الثروات الخاصة سرية بشكل كبير هناك (السعودية)".
وهناك اسمين من العائلة الملكية في السعودية على قائمة أغنى أغنياء العالم، وهم الأمير الوليد بن طلال، والأمير سلطان بن محمد الكبير، والأخير ألقي القبض على أبنائه بين مجموعة من الأمراء بسبب تظاهرهم بشكل غير قانوني هذا الشهر.
وأفرجت السعودية عن الأمير متعب بن عبد الله، بعدما دفع أكثر من مليار دولار كتسوية مالية لإطلاق سراحه، وذلك بعد 3 أسابيع من بدء الحملة ضد الفساد في نوفمبر. وأضافت بلومبرج أن الوليد بن طلال ربما يكون احتجازه من أجل الحصول على 6 مليارات دولار.
وأشار التقرير إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يقف خلف الحملة، ارتبط اسمه بأخبار حول إنفاق كبير في الفترة الأخيرة، حيث أنفق على سبيل المثال 450 مليون دولار على شراء يخت، بعد 12 يومًا من بدء حملته ضد الفساد.
وقالت بلومبرج إن تتبع ثروات أصحاب المليارات في السعودية أمر غاية في الصعوبة حيث أن عمليات الإفصاح المالي بالمملكة تكاد تخرج بشق الأنفس. فعلى سبيل المثال، في العائلة الملكية: يحصل ألاف الأمراء على نسبة من عائدات النفط منذ اكتشافه في الثلاثينيات. وبحسب تقديرات بلومبرج قد يصل كل هذه الدخل إلى 260 مليار دولار. وقال خبراء في التقرير إن هذه المدفوعات لا تدخل في الموازنة السعودية العامة، وربما يتم تقسيم الحصص قبل وصولها إلى شركة النفط الحكومية بالمملكة، ما يجعلها نظريًا غير قابلة للتقصّي.
وأضاف التقرير أن طرق أخرى للثراء في المملكة تكون من خلال العمل كعملاء أو شركاء سريين لشركات أجنبية، أو مؤسسات تجارية، حيث تكون الميزة هنا في التواصل السريع مع البنوك الحكومية بالمملكة. وبحسب تسريب لويكيليكس، كشف أنه في عام 1996 كان من بين الوسائل الملتوية، التخلف عن سداد الديون للبنوك وترتيب برامج خارج ميزانية الدولة.
حجم الثروات في السعودية ربما يكون غامض للحكومة نفسها، والتي لا تفرض ضرائب على الدخل أو الثروة، وبالتالي لا تمتلك مبررات لتقييم الثروات المالية لمواطنيها.
وأشار تقرير بلومبرج إلى أن تحديد الأفراد من العائلة الملكية في السعودية ممن كدسوا ثرواتهم ليصبحوا من بين الأغنياء في العالم هو أمر ممكن فقط لو بدأوا أعمالا تجارية تحتاج إلى إفصاح ضريبي.
ويقول الخبير الاقتصادي في نهاية التقرير: "في معظم المجتمعات، الثروات يتم التركيز عليها لأن الناس يريدون معرفة من يقف خلفها. لكن لو كان الساسة هم الأغنياء، ولو كانت السلطة والمال شيء واحد، هذا الضغط السياسي لن يكون قائمًا".
فيديو قد يعجبك: