"بيكاسو الصغير" لاجئ حصّن نفسه من اليأس بالفن
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب – محمد الصباغ:
في مركز للاجئين يُرثى له على أطراف العاصمة الصربية بلجراد، هناك فنان أفغاني يُلقب بـ"بيكاسو الصغير". يقضي أيامه في الرسم والحلم متناسيًا حياته في مكان كهذا، ومحصّنًا لنفسه من شعور انعدام الأمر واليأس المنتشر من حوله.
نقلت صحيفة نيويورك تايمز، السبت، قصة هذا الفنان وهو فرهاد نوري، عمره 10 سنوات، الذي يعيش مع والديه وشقيقيه الأصغر منه في غرفة صغيرة بثكنة عسكرية يوغسلافية يستوطنها أكثر من 600 مهاجر ولاجئ.
وقالت الصحيفة إن قصة فرهاد، الطفل الذكي صاحب الجسد النحيل، أكثر من مجرد نقطة مضيئة وسط ظروف معتمة. بل تلقي الضوء على طالبي اللجوء المنسيين ورمز لأصحاب المواهب المفقودين وسط المهاجرين المحاصرين على طول ممر البلقان القديم إلى غرب أوروبا، وهي رحلة محاطة بالقسوة والأمل واليأس.
وتقول إلينور رايكس، المدير الإقليمي الأوروبي للجنة الإغاثة الدولية: "فرهاد مثال صارخ على كل المواهب البشرية التي تُهدر بين هؤلاء الألاف من الأشخاص المُجمدين".
وتابعت: "لا يمكن تقدير درجة تأثير كون سيطرتك وامتلاك لمستقبلك هو صفر، على نفسيتك وبقائك".
يعيش بيكاسو الصغير وعائلته وسط 4700 شخص من الراغبين في اللجوء، والذين يعتبر مكتب مفوضية شئون اللاجئين بالأمم المتحدة أنهم يعيشون في صربيا. في الوقت الذي تنظر حكومات البلقان إلى هؤلاء حتى الآن على أنهم مواطنين مؤقتين.
أقام فرهاد أول معرض له بأحد المقاهي في بلجراد يوم التاسع من أغسطس. باع نسخ من لوحاته وصور التقطها بقيمة تعادل 333 دولار أمريكي. كما باع 11 لوحة أصلية من بين 12 رسمهم ليجمع حوالي 736 دولار من أجل عائلته.
وزار عمدة المدينة ونجمة البوب الشهيرة، سفيتلانا رازناتوفيتش، زاروا فرهاد في مركز اللجوء من أجل شراء لوحاته. وفي الربيع، بات صديقًا للمثل الأمريكي ماندي باتينكين. وبدأ الصحفيون في التهافت من أجل الحصول على جزء من وقته.
وفي يوم الأربعاء، دعاه الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، مع عائلته. وقدم فرهاد للرئيس لوحة رسمها له، ثم عرض الرئيس على فرهاد وعائلته الجنسية الصربية لو قرروا البقاء في الدولة.
وقال فوسيتش للفتى أمام الصحفيين: "لو رأيت أن مستقبلك هنا في صربيا، اعتبر نفسك مرحب بك في بلدك". ورد الصبي متحدثًا بلغة صربية بطيئة وحريصة: "أريد أن أعيش في صربيا. نحن نعيش بشكل جيد هنا في صربيا".
ولد فرهاد في مدينة أصفهان الإيرانية. ووالده حكيم نوري، 33 عامًا، كان مراهقًا حينما غادر مدينة هرات في أفغانستان بعدما سيطرت عليها طالبان. غادرت عائلته إيران منذ عامين بسبب الضغوط المتزايدة على الأفغان بواسطة الحكومة الإيرانية.
سافرت العائلة عبر تركيا إلى اليونان، حيق بدأ فرهاد في تلقي دروس الرسم في مركز للاجئين. أعجبت سيدة سويسرية بفنه ودعمته وعائلته ماديًا، وفقًا لما ذكرته الأسرة.
وصلت عائلة نوري إلى صربيا في ديسمبر، وبدأ فرهاد الدراسة. قال إنه صنع صداقات في صربيا ولم يواجه معاملة سيئة أبدًا لأنه أفغاني. وقال إن الأمر كان أسوأ بالنسبة للأفغان في إيران.
وأضافت نيويورك تايمز أنه في زيارة مؤخرًا إلى غرفة العائلة بمركز اللاجئين، كان فرهاد مبتسم ومبتهج وشغوف. وقال والده إن العائلة تشعر بالراحة في صربيا وسعيدة بالتعليم والخدمات المقدمة للأطفال. لكن، تابع الوالد، مستقبل العائلة كان مقدر له شئ أخر: في غرب القارة العجوز.
فرهاد صغير جدًا على إدراك القلق العميق لدى والديه وبقية طالبي اللجوء في صربيا، وعارض كلام والده. وقال "هذا خاطئ. نريد البقاء في صربيا."
"لماذا؟" كان سؤال مراسل نيويورك تايمز. فأجاب الطفل "لأن الرئيس الصربي طلب مني البقاء ولن أرفض طلبه".
لكن لا توجد خيارات على المدى الطويل حتى لمن اختاروا البقاء في صربيا. فمن بين 1857 طلب لجوء منذ عام 2013، ضمن فقط 83 منهم اللجوء أو حصلوا على وضع أخر يحميهم. ومع حظر الانتقال بالصورة القانونية عبر الحدود بشكل كبير خلال العامين الماضيين، يواجه المهاجرين مخاطر العنف والسرقة ومخاوف أخرى حينما يلجأون للمهربين وتجار البشر.
وتقول جميلة نوري، 27، ووالدة فرهاد: "الوضع متعب ومحبط". وتابعت أنه حتى بعد قضاء 8 أشهر في صربيا: "لازلنا نشعر بأننا نسافر ونواجه مخاطر. نشعر بالعصبية الشديدة ومنهكين من هذه الحياة".
فيديو قد يعجبك: