وثائق سرية تكشف: كيف انفقت أمريكا أموالها في سوريا والعراق؟
كتب- محمد الصباغ وعبدالرحمن شلبي:
كشفت وثائق سرية أمريكية عن تزايد مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية من النفوذ الروسي والإيراني في سوريا والعراق، مؤكدة أن بقايا داعش وآلاف من أتباعه سيظلون ملتزمين بما يؤمنون به، وسيستمرون في التجنيد وحشد الأتباع .
وذكرت الوثائق المنسوبة لوزارة الدفاع الأمريكية، والتي حصل عليها مصراوي من أحد المواقع المتخصصة في بيع المعلومات العسكرية عالميا، أن البنتاجون رصد 1.769 مليار دولار، خلال عام 2018، من أجل أنشطة تدريب جنوده لمواجهة داعش في سوريا والعراق إلى جانب المساهمة في تمكين المعارضة السورية "المعتدلة" كما وصفتها الوثائق والبالغ عدادها 30 ألف مقاتل في سوريا .
وكشفت الوثائق عن أن وزارة الدفاع الأمريكية تبنت حملة للقضاء على داعش نهائيًا. وكانت جهودها مركزة على العمل عبر الحكومة العراقية مع قوات الأمن العراقية وقوات المعارضة السورية "المعتدلة"، من أجل بناء قوة رئيسية وقدرات عسكرية للمساعدة في استقرار دائم في الدولتين والمنطقة.
الوثائق تكشف تزايد المخاوف من النفوذ الروسي والايراني في سوريا والعراق
وطلبت الحكومة الأمريكية موازنة، أوضحتها الوثائق تفصيلًا، لمواجهة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وتضمن ذلك التدريبات والمعدات التي ستستخدم في القتال، بجانب جعل هذه القوات المدربة في العراق وسوريا أكثر كفاءة واحترافية.
وينفق هذا التمويل على مصادر في الدولتين التي يسيطر على مناطق منهما تنظيم داعش، من خلال شركاء في المنطقة مما يسمح لوزارة الدفاع الأمريكية بمساعدة سريعة ومؤثرة لقوات الأمن الأجنبية (القوات العراقية على سبيل المثال) والقوات غير النظامية.
وأشارت الوثائق إلى أن الموازنة العام المالي الجاري التي قدمت إلى الرئيس الأمريكي كان مجموعها 1.769 مليار دولار، بينها 1.269 مليار من أجل أنشطة التدريب والمعدات في العراق، بجانب نصف مليار فقط في سوريا.
وذكرت الأوراق أن المبالغ لا تشمل 289.5 مليون دولار من أجل دعم قوات البيشمركة الكردية في العراق.
وفيما يخص الوضع في العراق أشارت الوثائق إلى أن القوات العراقية بجانب قوات التحالف بقيادة أمريكية، صنعت تقدمًا بارزًا ضد تنظيم داعش. ومنذ إعلان التنظيم الخلافة المزعومة في صيف عام 2014، حررت القوات العراقية مساحات شاسعة من الأراضي والسكان من سيطرة التنظيم المتشدد. لكن أبرزت الأوراق أنه بالرغم من هذا التقدم إلا أن "الجذور المسببة للتطرف العنيف والانقسام الطائفي إلى الآن باقية".
وحذر التقرير من أن المجموعات المتشددة تستعد لمليء فراغ داعش بعد هزيمة التنظيم، وتستغل في ذلك الخلافات السنية والكردية مع الحكومة المركزية في العراق.
البنتاجون يرصد 1,7 مليار دولار لتدريب حلفائها علي القتال والتخابر في العراق وسوريا
وأوضحت الأوراق أن الكثير من هذه المجموعات تتلاعب بالدين، والقبلية، أو الهويات المحلية من أجل استغلالها لصالحهم.
وأشار الوثائق إلى أهمية الموازنة التي تطلبها "الدفاع" مؤكدين أن الدعم الأمريكي للعراق حيوي وليس فقط فيما يخص التعامل مع داعش ووضع نهاية له هناك، بل أيضًا من أجل تمكين قوات الامن العراقية من مواجهة التحديات التي ستتبع داعش، مثل تمكين سيادة القانون، وتأسيس قوات لحماية الحدود، وتأمين البنى التحتية الرئيسية، ومواجهة التهديدات الإرهابية في المستقبل.
ووفقًا للتقرير بالميزانية، فإن المبالغ المطلوبة هي من أجل الاستمرار في مواجهة داعش ومواصلة المكاسب المحققة في العام السابق ومنع التنظيم الإرهابي من إعادة إحياء نفسه من جديد.
وأكدت الوثائق على إن الدعم الأمريكي للقوات الحكومية العراقية، ستطلب حكومة كردستان دعمًا أكبر من الولايات المتحدة من أجل البقاء ومواجهة داعش، ومن أجل وضع شروط للاستمرار في التعاون مع الحكومة المركزية العراقية.
وأوضحت أن الدعم سيضمن استمرار الشراكة الأمريكية مع قوات مكافحة الإرهاب العراقية من أجل العودة إلى دورها التقليدي كقوة عمليات خاصة وليست فريقًا عاديًا وسط القوات العراقية.
وحذرت الأوراق من أن بقايا داعش وآلاف من أتباعه سيظلون ملتزمين بما يؤمنون به، وسيستمرون في التجنيد والتطرف وحشد الأتباع، مشددة على ضرورة تدريب القوات العراقية والحلفاء على القتال وأنظمة المراقبة والمعدات ووسائل التخابر، لمواجهة ذلك.
دعم حكومة كردستان
وأوضح تقرير وزارة الدفاع عن نفس العام بشكل مفصل أن دعم حكومة إقليم كردستان أمر يجب أن يستمر، في الوقت الذي وصل فيه التعاون بين الحكومة العراقية والقوات الكردية إلى مستوى غير مسبوق في الحرب ضد داعش؛ حيث لعبت قوات البيشمركة الكردية دورًا رئيسيًا في عزل الموصل وتمكين القوات العراقية من الوصول إلى المدينة.
أمريكا سعت لتدريب 30 ألف مقاتل في سوريا وتجنيدهم وتزويدهم بالسلاح لمواجهة خطر عودة داعش
وحدد البنتاجون حجم التمويل المطلوب في الموازنة الخاصة بعام 2018 لقوات البيشمركة الكردية 365 مليون دولار أمريكي.
كما ذكر التقرير أنه في حال عدم التصديق على هذه الأموال المطلوبة، فإن الحكومة العراقية ستواجه تهديدات إرهابية ولن تفرض سيطرتها على الحدود ولن تكون قادرة على حماية السكان والأمن القومي العراقي. وسيغذي ذلك عدم الاستقرار العراقي وسيزيد الانقسامات الطائفية، يسهم في رفع معدلات العمليات الإرهابية، مما يسمح بتدخل اطراف خارجية في زعزعة استقرار العراق.
وتابع أنه بدون هذا التمويل ستكون هناك فرص أخرى لروسيا وإيران لزيادة نفوذهم في العراق، وفيما يخص سوريا تقل المبالغ بدرجة كبيرة، ما يعكس درجة الاهتمام الأمريكي مقارنة بالعراق.
وذكرت الوثائق أن الولايات المتحدة والقيادة المركزية الأمريكي بالمنطقة تريد هزيمة داعش في سوريا من خلال تدريب وتسليح وتمكين المعارضة السورية "المعتدلة" التي وصل قوامها إلى حوالي 30 ألف مقاتل.
وتابعت أن هذه القوات تمتلك أراض تحررت في العام الماضي بمساعدات أمريكية، ومستمرة في تحرير أراض أخرى من قبضة تنظيم داعش، ومن أجل الاستمرار على هذا النهج الذي يخدم المصالح الأمريكية، يجب تعويض خسائر القوات المعارضة السورية وتزويدهم بالسلاح والمعدات القتالية مثل العربات المدرعة وغيرها من أجل مواصلة القتال والحفاظ على الأراضي، بحسب ما ورد في الوثائق.
وأشارت الوثائق إلى أن العلاقة بين القوات الأمريكية والمعارضة السورية تطورت وبالتالي، يجب على الإدارة الأمريكية تجنيد وتدريب وإمداد هذه القوات بالمعدات بجانب سوريين إضافيين ينحدرون من قبائل من طوائف ومجموعات عرقية مختلفة من سكان سوريا من أجل تمكينهم ضد تنظيم داعش.
وبنجاح هذه العملية، وفقًا للتقرير، لن يتمكن تنظيم داعش من إعادة السيطرة على الأراضي المحررة في سوريا مرة أخرى.
وأشارت الأرقام الموضحة إلى أن التقرير المالي لعام 2018، يدعم بشكل كامل عمليات التدريب والإعداد في سوريا، والتي تهدف إلى استمرار تقديمها لـ25 ألف مقاتل، بجانب 5 الأف إضافيين من أجل تحرير وتأمين عملية الدفاع عن المناطق التي تم تحريرها من قبضة داعش.
وتشير الوثائق إلى ارتفاع طفيف في الأموال المنفقة على تدريب المقاتلين في سوريا خلال العام المالي الحالي 2017- 2018 حيث كانت في العام الماضي حوالي 430 مليون دولار إلى 500 مليون حاليا.
وذكرت الوثائق تفاصيل كاملة عن طريقة صرف المبالغ، حيث حددت 392.3 مليون دولار للأسلحة والذخائر والمعدات، فيما يمثل دعم الإعاشة اليومي إلى 6.1 مليون دولار مقارنة بـ7.3 في العام السابق. كما تراجعت الأموال المنفقة على عمليات التنقل والمعسكرات لتصل إلى 40 مليون دولار بدلا من 41.3 مليون.
كما ذكرت الوثائق على لسان من يقومون على العملية ضد داعش في سوريا والعراق "أن تنفيذ هذه المطالب، أمر حيوي لاستكمال ما بدأته الإدارة الأمريكية عام 2015 ضد داعش، وهو مفتاح لاستراتيجية أمريكا لمواجهة داعش في سوريا والخارج".
وأوضحت أن التمويل إذا لم يصل إلى القوات السورية المعارضة، فإن أهداف الولايات المتحدة في الاستقرار والأمن ومواجهة داعش في سوريا والمناطق المحيطة ستواجه تباطؤا وتعثرا، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة ستفقد ثقة القوات المعارضة والدول المجاورة فيما يخص الاعتماد عليها والثقة في الوفاء بالتزاماتها.
وذكرت الأوراق أنه في حال عدم البناء على النجاحات السابقة في سوريا، سيواصل داعش تجنيد المتطرفين وتصدير الإرهاب إلى الدول المجاورة وبينهم الولايات المتحدة الأمريكية.
ويأتي الكشف عن هذا التقرير السري للولايات المتحدة الأمريكية مع قرار أمريكا، الخميس الماضي، بإيقاف برنامج سري لتدريب المعارضة السورية بهدف تحسين العلاقات مع روسيا، وفقًا لما ذكره مصدر أمريكي مسئول لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
ونقلت الصحيفة أن مسؤولين أعربوا عن أن وقف التدريبات هي إشارة إلى رغبة الرئيس دونالد ترامب بالوصول إلى تعاون مع روسيا التي كانت تعتبر برنامج دعم المعارضة السورية اعتداء على مصالحها.
فيديو قد يعجبك: