أسوشيتد برس: هل يمكن القضاء على داعش بدون الأسد؟
كتب - سامي مجدي:
السؤال في العنوان طرحته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية في تحليل لها نشرته على موقعها الإلكتروني السبت.
قالت الوكالة إنه في الوقت التي يطبق فيها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الخناق على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، تستعيد قوات الرئيس بشار الأسد المدعومة من الإيرانيين أراضي من المسلحين، وذلك في ظل احتجاج لا يذكر من واشنطن.
وهذا الأمر اعتبرته الوكالة أنه يظهر كيف أن الخيارات الأمريكية محدودة دون حليف قوي على الأرض.
وأضافت أن واشنطن في عجلة من أمرها للتعاون مع حكومة الأسد المنبوذة دوليا. لكن سيكون من الصعب اقتلاع جذور مسلحي الدولة الإسلامية وطردهم مع الجماعات المسلحة الكردية والعربية المدعومة من الولايات المتحدة فقط.
ونقلت أسوشيتد برس عن متحدث باسم التحالف إفادته بأنه مكاسب الأسد تخفف العبء على هذه القوات (قسد).
غير أن السماح للأسد بضم الأراضي إلى قبضته يعد - بحسب الوكالة - مخاطرة باعتبار أن الولايات المتحدة تضفي شرعية على حكمه المستمر والذي من المرجح أن يعزز قبضته في حربه ضد التمرد الذي يعاني بالفعل.
كما أن ذلك - بحسب الوكالة أيضا - يخاطر بمزيد من التمكين لحلفاء الأسد، إيران وحزب الله اللبناني وكليهما له قوات تقاتل إلى جانب قوات الأسد في الهجوم على الأراضي الخاضعة لتنظيم الدولة الإسلامية.
انقسام أمريكي
ولفتت أسوشيتد برس إلى أن هناك داخل إدارة ترامب انقسام بشأن ما إن كانت واشنطن تحاول بقوة وقف تقدم الأسد، حسب مسؤول أمريكي بارز تحدث شريطة عدم كشف هويته لأنه غير مخول الحديث للصحفيين.
وقال الكولونيل في الجيش، ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف المناهض لتنظيم داعش، إن القوات الحكومية السورية مرحب بها لاستعادة الأراضي التي يحتفظ بها التنظيم وملئ الفراغ في السلطة ما ان ينقضي التنظيم المتطرف.
واعتبرت الوكالة أن ذلك التصريح كان مذهلا - بشكل أكثر لأنه بعد فترة قصيرة من تحذير الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي بأن الأسد سيدفع "ثمنا باهظا،" بزعم أدلة "محتملة" بأن سوريا تجهز لهجوم اخر بالأسلحة الكيماوية.
صورة لترامب
وقالت إن تلك الرسائل المختلطة تكشف عن حقيقة مزعجة لم يوضحها معظم صناع السياسة: أن الأسد منبوذ لكنه أيضا أداة مقنعة لتأمين وحكم مناطق في المدن ذات الأقلية العربية وسط تضاريس معقدة.
ويتناقض الوضع في سوريا مع ذلك في العراق، حيث يبدو أن التحالف والحكومة العراقية، اللذان يعملان جنبا إلى جنب، على شفا استعادة مدينة الموصل، المعقل الرئيسي لتنظيم داعش، وفقا للوكالة.
وأشارت الحكومة السورية مرارا إلى أن الجميع يرحب بالعمل معها لهزيمة داعش.
ونقلت الوكالة عن محمد خير عكام، البرلماني السوري، تشكيكه في الدعم الأمريكي للقوات التي يقودها الأكراد "رغم حقيقة أن التعاون السوري-الروسي حقق نتائج أكثر في مكافحة الإرهاب،" فيما أدت الجهود الأمريكية إلى "نتائج معاكسة."
وإلى الآن تحبط الولايات المتحدة أي تعاون مع الزعيم السوري الذي وصفه ترامب ب"الحيوان." عوضا عن ذلك، أبرمت واشنطن شراكة مع قوات كردية وعربية محلية تعرف باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
هؤلاء المقاتلون يقودون الآن الهجوم على مدينة الرقة شمال سوريا، عاصمة الأمر الواقع لخلافة التنظيم. بعد ذلك تواجه احتمالية الهجوم على المعقل الأخير لداعش في مدينة دير الزور في جنوب شرق البلاد، وفقا للوكالة.
وتقول أسوشيتد برس "لكن الدعم الأمريكي للتنظيم الذي يقوده الأكراد أثار غضب تركيا، التي تراه امتدادا لتمرد كردي داخل أراضيها." وتعتبر الحكومة التركية وحدات حماية الشعب التي تشكل العصب الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية تنظيما إرهابية وتعارض تسليحها.
"كما أن سكان الرقة ودير الزور وأغلبيتهم من العرب ينظرون بعين الريبة إلى قوات سوريا الديموقراطية. علاوة على ذلك، تخاطر قوات سوريا الديمقراطية عددها يقارب الخمسة آلاف مقاتل، بالمبالغة وهي ليست جاهزة بأي حال من الأحوال لمعركة أكثر تحديا في دير الزور."
على الجانب الاخر، موضّع الأسد وحلفاءه الإيرانيون أنفسهم في مناطق رئيسية على أطراف الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، واستعادة أراض على جبهات متعددة، بما في ذلك على أطراف الرقة ودير الزور.
وحقق الأسد بدعم روسي إيراني مكاسب كبيرة ويبسط سيطرته الآن على معظم الآن المدن الرئيسية عدا تلك الخاضعة لسيطرة داعش.
وأضافت الوكالة أن الرمزية كانت مثيرة الأسبوع الماضي عندما قام الأسد المبتسم بزيارة إلى مدينة حماة، وسط سوريا، وقاد سيارته وذهب إلى قاعدة جوية روسية في غرب سوريا، حيث وقف يلتقط الصور إلى جانب الجنرالات الروس وداخل قمرة قيادة مقاتلة روسية من طراز سو-35
.
صورة للأسد تحت تعليق: الأسد مع عائلة سورية في حماة قبل أيام في زيارة نادرة يقوم بها خارج دمشق منذ بداية النزاع (أ ف ب)
ومركزت القوات السورية نفسها على الأطراف الجنوب غربية للرقة، وتعهد مسؤولون باستعادة المدينة في نهاية المطاف.
رغبة الإطاحة بالأسد
وتصر الولايات المتحدة على أن المدينة يجب أن تسلم إلى مجلس محلي يتولى إدارة المناطق التي سبق تحريرها - وأوضحت أنها لن تتسامح مع الحكومة السورية وحلفاءها في استغلالها القتال.
وأسقطت القوات الأمريكية مؤخرا طائرة سورية فضلا عن طائرات بدون طيار يعتقد أنها مرتبطة بالقوات المدعومة إيرانيا مع تصاعد التوترات بالقرب من قاعدة تدرب المتمردين السوريين.
لكن مسؤول أمريكي بارز قال إن هناك خلافا كبيرا حول كيف يجب على الولايات المتحدة أن تحاول بقوة منع الأسد من استعادة الأراضي التي يتم القضاء على التنظيم فيها، مع ضغط البعض في البيت الأبيض لاتخاذ نهج أكثر قوة إلا أن وزارة الخارجية والبنتاجون يحذران من مخاطر ذلك، حسبما قالت الوكالة.
ومن شأن إبقاء سيطرة الأسد على الأراضي في حدها الأدنى أن يضمن عدم تقوية قبضته في صفقة سياسية في نهاية المطاف لإنهاء النزاع، الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة على الأرجح توفي برغبتها القائمة منذ فترة طويلة بأن تراه خارج السلطة.
كما أن الحد من سيطرته في شرق سوريا من شأنها أيضا أن تمنع القوات المدعومة من إيران من تأمين ممر واسع عبر العراق إلى سوريا وطول الطريق إلى لبنان.
والأصوات التي تؤيد تجنب المخاطر في إدارة ترامب قلقة من السماح للولايات المتحدة بالانزلاق إلى حرب أكبر مباشرة مع الأسد، وفقا لما قاله مسؤول أمريكي للوكالة.
وقال ديلون، المتحدث باسم التحالف، للصحفيين في البنتاجون في واشنطن بأن هدف الولايات المتحدة هو هزيمة تنظيم داعش حيثما وجد. وإذا رغب اخرون، بما في ذلك الحكومة السورية وحليفيها الإيرانيون والروس، قتال المتطرفين "فقطعا ليست لدينا أية مشكلة مع ذلك."
ونقلت أسوشيتد برس عن فريدريك سي. هوف، مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، قوله إن التصريحات تعكس نظرة أمريكية ضيقة للحرب السورية، تركز بشكل محدد جدا، على تحييد الدولة الإسلامية.
وكتب هوف في مقال هذا الأسبوع، إنه في وجهة نظر التحالف "الأمر كله يدور حول قتل داعش في الرقة. خلق الظروف التي من شأنها أن تبقيه ميتة؟ وهذا، يفترض، سيكون عمل شخص آخر."
فيديو قد يعجبك: