فاينانشال تايمز: فشل نظام تميم وراء انهيار قطر
كتبت- رنا أسامة:
تطرّقت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إلى الأزمة الدبلوماسية بين قطر وعدد من الدول العربية، التي تفاقمت إلى حدّ قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، وقالت إن فشل نظام الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وراء انهيار الدولة الخليجية الصغيرة.
"استعراض عضلات"
وتحت عنوان "صعود وهبوط دولة قطر المُتمرّدة"، تقول الصحيفة إنه في يونيو 2013 كانت إمارة قطر الصغيرة تعمل على استعراض "عضلاتها الدبلوماسية" في الشرق الأوسط بشكل ثوري، أخذت على إثره تضُخّ المليارات في مشاريع استثمارية "مُبهرجة" بالخارج.
وفي خِضم حالة البهرجة واستعراض القوة هذه، ألقى حمد بن خليفة آل ثاني، الأمير آنذاك، قنبلة مُدويّة قلبت النظام السياسي المُتصلّب في الخليج رأسًا على عَقِب، بتنازله عن الحكم لابنه تميم صاحب الـ33 عامًا. وكان ذلك دليلًا قاطعًا على تمرّد الروح القطرية.
في صفوف القادة الأوتوقراطيين في الدول المجاورة، الذين غالبًا ما كانوا ينظرون إلى الأمير باعتباره قوميًا للغاية ومتغطرسًا على نحو خطير، جاء رد الفِعل على ذلك القرار خليطًا بين الصدمة والارتياح؛ صدمة لأنه كسر التقليد وسلّط الضوء على "قيادات العجائز" التي تتشبّث بالسلطة في الخليج. وارتياح لأن النظام الجديد الأصغر سنًا يُمكن أن يسهُل ترويضه.
لبعض الوقت، لم يروق المملكة العربية السعودية والإمارات، رياح الديمقراطية التي حملتها ثورات الربيع العربي، واحتضان قطر للثوريين، بمن في ذلك رموز الإسلام السياسي، بحسب الصحيفة البريطانية.
تقول فاينانشيال تايمز إنه بينما كانت قطر تأمل سرًا أن تشق الثورات طريقها نحو الخليج، بقيادة الإخوان المسلمين، فإن القادة السعوديين والإماراتيين عزموا على إخماد اللهب الإسلامي قبل وصوله إلى الخليج. وبعد تنازل الشيخ حمد عن الحكم، اغتنموا الفرصة لاستقطاب الأمير القطري الجديد وضمّوه إلى صفّهم.
"فشل تميم"
وتُشير الصحيفة إلى إن القرار الاستثنائي الذي اتخذته الولايات المتحدة هذا الأسبوع، بالاصطفاف إلى جانب عدد قليل من الدول الأخرى، لقطع العلاقات مع الدوحة وطرد القطريين من أراضيهم وعزل الإمارة اقتصاديًا، ما هو إلا "علامة على فشل الشيخ تميم وعِناد جيرانه".
ويقول دبلوماسيون إن أحد أسباب الأزمة هو أن "النظام القطري مجرد واجِهة"، فتنازل الشيخ حمد عن الحكم لابنه تميم ما كان سِوى "ستار"، أدار من ورائه الوالد الحكم واستمر في شدّ خيوط اللعبة.
وكما المثل القائل "من شابه أباه فما ظلم"، تقول الصحيفة إن الشيخ تميم ابن والده والشيخة موزة -السيدة الأولى السابقة في قطر. وقد ورث عنهم المكر والميل إلى الشر، لذا فالتوهّم بأنه سيرسم مسارًا سياسيًا مختلف جذريًا عن ذويه "درب من الخيال".
ومع أن الأمير الشاب بدا من السهل ترويضه لقترة من الوقت. بعد أن سارعت السعودية ودول أخرى لتصعيد موقفها مع قطر في 2014 وسحبوا مبعوثيهم من الدوحة، نأى تميم بنفسه عن الإسلاميين والمعتدلين والمتطرفين. لكنه كان تراجعًا "تكتيكًيا"، فحينها كانت قطر هي البلد الوحيد التي ما تزال تقدّم الدعم للجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في سوريا.
علاوة على ذلك، فإن الشيخ تميم أساء تقدير الديناميات السياسية المتغيرة في الخليج على ما يبدو. فمنذ تولّى الملك سلمان حكم المملكة العربية السعودية في 2015، مانحًا لابنه المُفضّل الأمير محمد سلطات واسعة، أعادت المملكة تأكيد نفسها كقوة إقليمية ذات مُهيمنة، تسعى إلى عزل عدوّتها اللدودة إيران. كما زاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قوتها وثقتها، بدعمه غير المشروط لها. لكن تميم لم يلتقت إلى ذلك.
من جهة أخرى، تعتقد الصحيفة أن السبب الرئيسي وراء انهيار الخليج هو مبادلة السجون القطرية بقيمة مليار دولار لإطلاق سراح 9 من أفراد بعثة الصيد القطرية في العراق. وقد تم تأمين الصفقة على دُفعات لمنظمة تدعمها إيران وأخرى على صلة بالقاعدة، في تذكير صارِخ بأن "الدوحة مستعدة للإجراء مُعاملات تجارية مع أسوأ أعداء جيرانها العرب".
ورجّحت الصحيفة أن يقود قطع العلاقات مع قطر، الذي بدأته السعودية وتبعها في ذلك مصر والإمارات والبحرين واليمن وليبيا والمالديف وموريشيوس، وصولًا إلى جزر القمر، إلى نتائج عكسية تدفع إلى علاقات أوثق بين الدوحة وطهران. مُشيرة إلى أن الحديث عن انقلاب قطري مُحتمل في وسائل الإعلام السعودية ياتي كجزء من هجوم دبلوماسي واقتصادي ونفسي متعدد الجوانب.
فيديو قد يعجبك: