توماس فريدمان: أمريكا تحتاج إلى رئيس
كتب – ممدوح عطا:
وصف الكتاب والمحلل المعروف توماس فريدمان ما يفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه "طريقة عظيمة لجعل أمريكا بلد ضعيف ومرهق"، ومؤكدا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى "رئيس يقودها إلى المسار الذى يحقق مصالحها."
واضاف فريدمان في مقال له في جريدة نيويورك تايمز الامريكية، أن "ترامب يصنع الأزمات لأنه لا يمتلك البصيرة التي ترى المستقبل".
وأكد فريدمان أن سلوك الرئيس ترامب أصبح أكثر إثارة للقلق، وإن عدم احترامه للأعراف يتزايد بسرعة، وأن سلوكه المجنون لا يتناسب مع شخص بالغ، ناهيك عن أنه الرئيس.
وقال الكاتب الأمريكي إن "كل ما فعله ترامب ليتم انتخابه هو وعود جريئة غير مترابطة كتبها في تغريدات وهو الآن يراجع عليها وحسب."
وإلى نص المقال:
كل يوم يصبح سلوك الرئيس أكثر إثارة للقلق، فيوم حقر الرئيس من شأن قاض تحداه، واليوم التالي وبدون دليل اتهم الصحافة بإخفاء التصويت غير القانوني والعمليات الإرهابية. إن عدم احترام الرئيس للأعراف والحقيقة يتزايد بسرعة، عندها ننسى أن سلوكه المجنون لا يتناسب مع شخص بالغ، ناهيك عن كونه الرئيس، وكيف أن الأشياء السيئة ستؤول إلى الأسوأ عندما نواجه أزمة حقيقية. تصنع الأزمات عندما لا تتناغم بصيرة الرئيس في هذه المرحلة مع المستقبل.
كيف يمكن ذلك؟ العالم أصبح أكثر استقلالية عن ذي قبل، الأسواق المعولمة، انتشار الهواتف الخلوية، تسارع في التكنولوجيا وعلم البيولوجيا، التحركات الجماعية للمهاجرين والتقلبات المناخية. كلها عومل متشابكة وتؤثر كلا منها في الأخرى. وكنتيجة لهذا العوامل، فنحن نحتاج إلى رئيس يستطيع ربط كل هذه النقاط ببعضها البعض ويقود في مسار يمكننا من الحصول على معظمها وتخفيف الأسوأ منها.
صنع ترامب وعود جريئة غير مترابطة، وهي ليست أكثر من تغريدات طويلة، ليتم انتخابه. الآن هو يراجع على كل تغريدة وحسب، بدون التفكير في الروابط فيما بينهما أو تحاشى التأثيرات من الدرجة الثانية.
إنها طريقة عظيمة لجعل أمريكا بلد ضعيفة ومرهقة – مرة ثانية.
من أين أبدأ؟ إن الرئيس ترامب يريد أن نتصرف بحزم مع الصين فيما يخص التجارة والأمن، وهذا معقول. لكن كيف أفعل ذلك؟ أفعل ذلك بالتنسيق مع تحالف من الدولة التجارية المطلة على المحيط الهادي والتي تحيط بالصين، وضمهم لاتفاقية للتجارة تدعم النمط الأمريكي لحكم القانون، ووصول المنتجات والملكية الفكرية الأمريكية للأسواق تعزز القيم الأمريكية، والتي تتعارض مع القيم الصينية، والتي اسميها "الشراكة عبر المحيط الهادي."
انتظر، الرئيس باراك اوباما فعل ذلك. لكن الرئيس ترامب تخلص من اتفاقية "الشراكة عبر المحيط الهادي" في يومه الأول، بدون، وأنا متأكد من ذلك، قرأتها. والأن توجد كل الأسباب التي تجعل من سقوط حلفائنا الأسيويين على المحيط الهادي تحت هيمنة القواعد الاقتصادية والتجارية الصينية. ما اذكى ذلك؟
بالمناسبة، لماذا تعد العمالة المكسيكية أرخص من العمالة الأمريكية؟ سبب واحد يجعل العمالة المكسيكية أرخص من الأمريكية وهو ان المكسيك لديها المعايير البيئية وحقوق العمال ضعيفة. دعني أفكر. ماذا يتطلب الأمر من المكسيك والدول الموقعة على اتفاقية الشراكة عبر الهادي؟ هو ان تكون المعايير البيئية وحقوق العمال في هذه الدول مقاربة لمعاييرنا.
بدلا من ذلك، يقوم ترامب ببناء جدار عازل ليمنع المهاجريين المكسيكيين، وإجبار الشركات على الانتقال إلى المتحدة الأمريكية. دعني أفكر. ماذا حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر، عندما فرضت اجراءات أمنية شديدة على المعابر الحدودية مع المكسيك وكندا؟ لقد أجبرت شركات السيارات على إغلاق بعض خطوط التجميع، مثل شركة فورد، لأن خطوط الإمداد طالت كندا والمكسيك، فالعمل ذات التكلفة القليلة الذي يتم في المكسيك يتكامل مع العمل ذات القيمة المضافة ومن ثمة يمكن شركاتنا من منافسة الشركات في أوروبا واليابان والصين.
ما الذي فعلته الولايات المتحدة وكندا والمكسيك بعد الحادي عشر من سبتمبر؟ لقد انشأوا غطاءً لأمن أمريكا الشمالية للأمن. يقول سث تودر، مساعد وزير الأمن الداخلي للرئيس أوباما، إن قمت برحلة من الشرق الأوسط إلى المكسيك أو تورونتو، فمن المحتمل ان تكون وزارة الأمن الداخلي على دراية بها الآن.
منذ الحادي عشر من سبتمبر، يعمل شركائنا في المكسيك وكندا على تأمين محيط أمريكا الشمالية من خلال مشاركة المعلومات عن الأفراد والبضائع القادمة عبر الحدود، والإحالة الرجعية لهذه المعلومات ضد قواعد بيانات الإرهاب والعمل بتعاون لتحديد العناصر السيئة التي تحاول أن تأتي إلى أمريكا الشمالية، كما يقول تودر. إذا قمنا ببناء جدار عازل وطالبنا المكسيك بتكلفة بناءه، إلى متى ستستمر المكسيك في التعاون معنا؟
إذا أجبر ترامب كل الشركات متعددة الجنسيات التي مقرها الولايات المتحدة على نقل عملياتها من المكسيك إلى الولايات المتحدة. ما الذي سيفعله هذا؟ الاقتصاد الأمريكي خزان مساعدة، لذا سيحاول المزيد من المكسيكيين أن يأتوا إلى الشمال، وزيادة التكلفة لمصنعي الولايات المتحدة. ماذا سيفعلون؟ نقل مصانعهم إلى الولايات المتحدة، لكن يمكن استبدال البشر بالروبوت لاحتواء التكلفة.
تقول الأمم المتحدة انه يوجد 65 مليون مهاجر ولاجئ نازحين، أغلبهم من العالم النامية، يحاولون الوصول إلى أماكن آمنه مثل الولايات المتحدة وأوروبا. لماذا؟ خليط من الحروب الأهلية، فشل الدولة، الضغوط المناخية، والانفجار السكاني. ماذا فعل ترامب في اليوم الأول بعد تولى الرئاسة؟ تعيين منكرو التغير المناخي في مواقع رئيسية، ومنع المساعدات الامريكية عن مجموعات صحية توفر الإجهاض كخيار لتنظيم الأسرة في الدول النامية.
ترامب يريد شراكة مع فلاديمير بوتين لهزيمة "داعش" في سوريا. وهو هدف يستحق. لكن بوتين لم يكن يحاول هزيمة داعش، هو يحاول هزيمة الديمقراطية في سوريا حتى يظل نظام يقوم بالإبادة الجماعية، يوالي روسيا في السلطة.
هل سيكون هدفنا نحن أيضا؟ من هم حلفاء بوتين في سوريا؟ إنها إيران، حزب الله، المرتزقة الشيعة من باكستان وأفغانستان، هل سيكون هؤلاء حلفائنا أيضا؟ ترامب يقول انه سوف ينسق مع السنة العراقيين والسوريين لمساعدتنا، حقا؟ لكن ترامب قام بمنعهم من دخول الولايات المتحدة توا، كيف سيكون هذا التعاون؟
من أيضا قد يطوله هذا المنع؟ هل تتذكرون ستيف جوبز؟ إن والده البيولوجي كان اسمه عبد الفتاح "جون" جندلي، لقد أتى إلى أمريكا كطالب في خمسينيات القرن الماضي ودرس في جامعة وسيكنسون، كان أبوه من سوريا.
من المدهش ما يمكن أن تصنعه من فوضى عندما تفتش الصناديق فقط ولا تربط بعضها البعض؟
فيديو قد يعجبك: