إعلان

صحيفة: طرد الميليشات من "صبراتة" الليبية عرقل تدفق المهاجرين لأوروبا

12:15 ص السبت 30 ديسمبر 2017

مهاجرين

كتب - عبدالعظيم قنديل:

رصدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير لها الخميس، العلاقة بين انتشار الإرهاب والهجرة غير الشرعية داخل مدينة "صبراتة" الليبية التي أصبحت على مدى ما يقرب من عامين، واحدة من أكبر مراكز التهريب في شمال أفريقيا وبوابة رئيسية لعشرات الآلاف من المهاجرين الذين يبحثون عن مستقبل أفضل في أوروبا، وذلك رغم اشتهارها بالآثار الرومانية.

وذكر التقرير أن المنتجع السياحي الواقع على شواطئ صبراتة، اكتظ بما لا يقل عن 3000 مهاجر انتظارًا للحظة الإبحار، علمًا بأن تجار الهجرة غير الشرعية سيطروا، في وقت سابق، على المنتجع في محاولة للاختفاء من دوريات حرس السواحل الليبيين والبحريات الأجنبية، لاسيما وأن المنطقة أصبحت ملاذ آمن للمهربين بعد نزوح السكان المحللين في وقت سابق.

ويعتبر أحمد الدباشي واحدا من المهربين الرئيسيين للمهاجرين في ليبيا، إذ لقبه الليبيين بـ"العمو"، كما اشتهر بسطوته على جرائم الاتجار بالبشر والتهريب نتيجة ضعف الحكومة المركزية في طرابس، ويقول السكان المحليون إنه قتل رجلين وألقوا جثثهم في الشارع لإثارة الخوف لدى الناس. ومنذ ذلك الحين، كانوا خائفين جدا من النظر إليه، حسبما وصفته الصحيفة الأمريكية.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن الدباشي تزعم مجموعة من المتمردين ضد حكم الزعيم الليبي معمر القذافي في خضم ثورات الربيع العربي، ولكن عندما قُتل ابن عم الدبشي، أنس، تم تغيير اسم اللواء تخليدًا له.

ولفت التقرير إلى اندلاع معارك شرسة بين الجماعات المسلحة المتنافسة في خريف العام الجاري، مما أدى في نهاية المطاف إلى هزيمة أمير الحرب أحمد الدباشي، الذي كانت ميليشياته تدير عمليات الهجرة والتهريب، إذ قام المنتصرون بطرد المهاجرين ومهربيهم.

وكشفت عن زيارة نادرة قام بها أحد صحفييها إلى المدينة الليبية، الشهر الجاري، إذ برهنت زيارته على مدى الارتباط الوثيق بين عمليات الاتجار بالبشر من جانب والصراع على السلطة داخل ليبيا، وفق تقرير الصحيفة الأمريكية الذي أوضح أن قدر تدفق المهاجرين يعطى مؤشر مهم عن الطرف الذي يدير دفة الصراع في الحرب الأهلية منذ بداية ثورات الربيع العربي.

ووفق التقرير، وقعت اشتباكات عنيفة بين ميليشيا الدباشي ومجموعة مسلحة متنافسة، في سبتمبر الماضي، والتي أسفرت عن مقتل عنصر من أنصار الدباشى "أنس الدباشي"، وسرعان ما انضمت الميليشيات والقبائل الأخرى إلى المعركة، مما ساعد في توحيد الجميع ضد قوات الدباشي. ومع ذلك، باشرت كتيبة "أنس الدباشي" حراسة سواحل صبراتة بموجب اتفاق مع الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.

كما أضافت الصحيفة الأمريكية أن تأجج المعارك ضد ميليشيات الدباشي وميليشيات أخرى تابعة تيارات متطرفة داخل صبراتة أدى إلى مقتل العديد من المهاجرين وتناثر جثثهم في الشوارع، فضلًا عن فرار آلاف آخرون إلى المناطق المجاورة، في الوقت الذي نجحت قوات الجيش الوطني الليبي بتشكيل تحالف مع المدافعين عن المدينة، والتي عرفت لاحقًا بغرفة محاربة داعش، وهي قوة مسلحة تشكلت لطرد تنظيم داعش الإرهابي من صبراتة العام الماضي.

وقال محمد أما (32 عاما) وهو مهاجر من تشاد فر جراء احتدام القتال، وهو الآن ينظف الشوارع للبلدية: "انتهى الأمر الآن، وتوقفت القوارب إلى أوروبا".

"أﻣﻮال ﺳﻬﻠﺔ"

في خضم انتفاضات الربيع العربي 2011، انتشرت الفوضى في أرجاء ليبيا، الأمر الذي ساهم في توسع شبكات الجريمة والتهريب حتى تحولت عمليات الاتجار بالبشر الأكثر ربحا، حسب التقرير، ويقول حسين دوادي، عمدة صبراتة: إنها "أموال سهلة، كما أنها أصبحت أفضل من تجارة المخدرات".

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن حادث غرق أكثر من 200 مهاجر قبالة ساحل مدينة زوارة الليبية، في أغسطس 2015، دفع العديد من المهربين إلى التوجه إلى صبراتة في أعقاب ردود الفعل الغاضبة من جانب السكان المحليين في زوارة.

وعلى الرغم من أن الدباشي لم يكن متدين بطبعه، لكن أفراد قبيلته تعاطفوا مع مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي، الذين حولوا صبراتة بعد ذلك إلى ملاذ سري، وفقا لمقابلات مع مسؤولين محليين وزعماء قبائل، وفق التقرير الذي أوضح أن الدباشي نجح في تحقيق ثروات هائلة على خلفية تلك التطورات.

ويضيف التقرير، أن الدباشي انقلب على مقاتلي "داعش" في أعقاب الضربات الجوية الأمريكية على معسكرات الإرهابيين في صبراتة، في فبراير 2016، وذلك من أجل الحفاظ على أعماله الإجرامية في التهريب والاتجار بالبشر، فضلًا عن تحالفه مع حكومة طرابلس. ولا يمكن التوصول مع الدباشي أو أحد كبار أعضاء ميليشياته إلا عن طريق الهاتف أو من خلال رسائل على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.

ونقل التقرير عن خالد محمد حسن، وهو زعيم قبلي مؤثر قوله: "إن قوات الدباشي كانت تسيطر على كل شيء في صبراتة وكان لديهم المال والسلطة".

وألمحت "واشنطن بوست" إلى أن قوات الدباشي أقامت نقاط تفتيش في مداخل ومخارج صبراتة وأحيانا طالبوا الرشوة، منوهًا أنهم انضموا لمسلحي "داعش" من أجل التدريب معهم على صد أى تهديد على نشاطهم الإجرامي.

"صبراتة نقطة العودة"

ونوهت الصحيفة الأمريكية أن سخط سكان صبراتة أدى إلى اشتعال المعارك، بالإضافة إلى مقتل "أنس الدباشي" ساهم في تحويل المعارك إلى حرب شرسة، إذ قامت القبائل المحلية بشراء أسلحة للقتال إلى جانب غرفة محاربة داعش.

واشتدت معارك قوات الدباشي، التي كانت مدججة ببنادق كلاشنيكوف الروسية الصنع والقنابل الصاروخية والمدفعية الثقيلة، في أحياء صبراتة، حيث لم تتردد الميليشيا في قصفت قذائف على جدران مسرح المدينة القديم، والذي بناه الرومان منذ أكثر من 1500 سنة مضت. كما نفذت المدفعية ضربات في المدارس والمباني البلدية والمستشفيات وواجهات المحلات.

وذكر عمدة صبراتة أن قوات الدباشي اقتحمت مكتبه بحثًا عنه، الصيف الماضي، لكنه كان خارج المدينة، مضيفًا أن سطوتهم كان تجرف أمامها كل سكان المدينة.

بعد انتهاء معركة التحرير في أغسطس الماضي، غلب الصمت أرجاء مراكز الاحتجاز التي كانت تديرها قوات الدباش، حيث تناثرت بقايا المراتب البالية والأحذية التي خلفها الآلاف من المهاجرين، وفق الصحيفة الأمريكية.

وقال المسؤولون المحليون المناهضون للهجرة إنه منذ طرد ميليشيات دباشي، خرج أكثر من 10 الاف مهاجر من صبراتة، حيق قامت السلطات بالمدينة بنقل جميع المهاجرين إلى طرابلس، ومن ثم يتم إعداد طائرات لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.

وبشأن دور إيطاليا في التخفيف من تدف المهاجرين، أشار التقرير إلى أن الحكومة الإيطالية قامت بتدريب وتجهيز حرس السواحل الليبي، في الصيف، بهدف اعتراض المهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا، مدعيًا أن روما بتمويل ميليشيا الدباشي قبل معركة التحرير لوقف تجارة تهريب المهاجرين.

وفي اتصال هاتفي مع "واشنطن بوست"، نفى السفير الإيطالي في ليبيا، جوزيبي بيرون، تلك الاتهامات، مؤكدًا أن بلاده لا تقوم بتمويل الميليشيات.

وأعرب سكان المدينة عن سعادتهم بعد خروج الميليشيا المسلحة، ومن الافت للنظر انخفاض أسعر السلع والمنتجات الغذائية بسبب خروج المهاجرين، حسبما أور التقرير، إذ يؤكد المواطنون أن الأوضاع الأمنية تحسنت كثيرًا.

وقال أحد السكان المحليين للصحيفة: "في السابق، لم نتمكن من المشي ليلا بعد غروب الشمس، حيث لم تكن تنتظر الميليشيا كثيرًا حتى تسطو على السيارات المارة".

في المقابل، ذكر أحد قادة غرفة مكافحة داعش أنهم يحصلون على القليل من المساعدة من حكومة طرابلس، مضيفًا نحن بحاجة إلى مزيد من الدعم خاصة وأن الأوضاع قد تتدهور في أي وقت".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان