إعلان

"رجل الدبابة التركي" يصف لحظات مواجهة الانقلاب العسكري

02:55 م الأربعاء 20 يوليه 2016

رجل الدبابة التركي

كتبت – رنا أسامة:

في حوار حصري أجرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مع الشاب التركي الذي انبطح أمام دبابة عسكرية عند أحد مداخل مطار أتاتورك في مدينة اسطنبول، في مشهد ألهم جموع الأمة، وصف "متين دوجان" اللحظة التي عايشها ما بين الحياة والموت، فداء للوطن.

لم يتردّد الشاب الأربعيني، لحظة واحدة، قبل أن يُلقي بنفسه أمام إحدى دبابات جنود الانقلاب، بين حشود الجنود المُسلّحة الذين حاولوا قلب نظام الحكم وإحكام قبضتهم على البلاد، مساء الجمعة الماضية، ليقول لهم بكل بسالة: "ادهسوني أو اذهبوا بعيدًا".

"حينما انبطحت أمام الدبابة، استلقيت بجسمي كله على الأرض؛ لأنني أردت أن يُدهس قلبي، وعقلي، وكافة أعضائي، كُلٌ في آنٍ واحد"، هكذا قال دوجان.

الشاب التركي متين دوجان

بلغ دوجان، الذي خدم في الجيش التركي بينما كان في سن الثلاثين، حدّ اليقين من أن تصرّفه هذا كان صائبًا مائة بالمئة، وإن كان لم يتوقّع أن يلقى كل هذا الثناء من مُختلف أنحاء العالم، مع تحليق هاشتاج #tankman أو "#رجل الدبابة" في سماء موقع التدوين المُصغّر تويتر.

ما إن رأى دوجان الدبابات على شاشة التليفزيون ليلة الجمعة الماضية، حتى نزل مُهرولًا إلى الشارع لمواجهة الجنود الأتراك، عاقدًا العزم على الموت دفاعًا عن شرعيّة أردوغان وحفاظًا على الديمقراطية، "تحدّثت إلى أخي على الفور وقُلت له: لديك عائلة وأطفال، أما أنا فلا؛ لذا سأذهب، وتركته سريعًا دون أن أدع له مجالًا للتفكير أو المُناقشة"، هكذا تحدّث دوجان إلى الصحيفة البريطانية.

2

"لم اُشارك في الحياة السياسية من قبل، حتى أنني لم أقُم بالتصويت في حياتي على الإطلاق، ولا أهتم بماهيّة التوجُهات السياسية للرئيس، ولكنه في النهاية رئيسي وزعيم بلدي؛ لذا لن أسمح لأحد بانتزاع سُلطة الرئيس وإحكام السيطرة على البلاد عِنوةً"، قالها دوجان بشغف واضح.

استعدّ دوجان للجري مسافة 7 كيلومتر، وصولًا إلى مطار أتاتورك الدولي، إلا أنه صادف شابًا يستقِلّ دراجة نارية بينما كان راكِضًا إلى المطار، فأقنعه أن يقوم بتوصيله اختصارًا للوقت والجهد، "كان شابًا يتراوح سِنّه ما بين 22 أو 23 عامًا، أوقفت دراجته الناريّة، وقُلت له: (من أجل الله، قِلّني سريعًا إلى المطار)، واصفًا رحلته مع الشاب العشريني كما لو كانت مشهدًا في فيلم سينمائي.

في رحلتهما نحو الدبابات، قال دوجان - الذي يُخطّط ليصبح طبيبًا نفسيًا- إنه حاول صرف انتباه السائق العشريني بعدد من الأسئلة؛ تحسّبًا لفقد أعصابه.

وكان الثُنائي بين أول الحضور في المشهد، بعد وسائل الإعلام، التي مثًلت تغطيّتهم للأحداث دافعًا شجّع دوجان على النزول إلى الشوارع.

3

بمجرّد وصوله إلى المطار، وجد دوجان نفسه مُحاصرًا بين خط من الجنود المُسلّحة من الأمام، وثلاثة دبّابات من الخلف، تقف بجانبهم شاحنة مُسلّحة مليئة بعدد من الشباب.

بدأ الجنود في إطلاق النار في الهواء، بالرغم من أن أحدًا لم يتظاهر، إلا أنهم أخذوا يُصوّبون طلقات نيران في الجو، فقط من أجل الكاميرات، "بدأت الركض بين الجنود وصولًا إلى الدبابة، حيث حان وقت القتال".

قال دوجان لـ ديلي ميل: "بدأت الصراخ والصياح في وجه الجنود قائلًا؛ أنا جندي تركي، أنا أحد جنود هذه الأمة، مُن أنتم؟"، فبدأوا يصرخون في وجهي: "سوف نُطلِق النار، سوف نُطلِق النار، اذهب بعيدًا"، وكانت الدبابة في طريقها نحوي، فاستلقيت أمام العجلة اليُمنى؛ وفكّرت حينها في أن موتي يُمكن أن يوقفهم.

حينئذٍ انبطح دوجان بكامل جسده على الأرض أمام الدبابة، في انتظار الدهس تحت عجلاتها.

4

وما لبثِت أن أصبحت صورة دوجان، مُستلقيًا أمام الدبابة أمام مدخل مطار أتاتورك الدولي، مادة دسمة تناقلها كل الصحف والمواقع العالمية، تحمل دلالات على شجاعة القوة المدنية في مواجهة القوة العسكرية.

في حديثه للصحيفة البريطانية يعد أيام من محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، التي خلّفت وراءها 290 قتيلًا، أعرب دوجان عن سعادته لكون لازال "حيًّا"، الأمر الذي لم يكن يتخيّله قطّ.

"بينما كنت مُستلقيًا أمام الدبابة، وجدت جنديًا يظهر برأسه من الدبابة، متوسّلًا إليّ بالنهوض والتحرّك بعيدًا عن الدبابة، واعدًا إياي بالذهاب حال استجبت لطلبه".

"منحته الخيار: إما أن يدهسني، أو يرحل وباقي الجنود" - على حدّ قول دوجان.

قبل الرضوخ لتوسّلات الجندي والذهاب بعيدًا عن الدبابة، نجح حشد من الأفراد في كسر حواجز الطريق، وركضوا نحو الجنود، يقذفون الزجاجات. "هكذا انتهى المشهد"، قالها دوجان بحِسّ متواضع.

5

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان