إعلان

فيسك: المآسي السورية تؤكد انتهاء ثورات الربيع العربي

08:13 ص الثلاثاء 27 ديسمبر 2016

كتبت- هدى الشيمي‎:‎‏
رأى الكاتب البريطاني روبرت فيسك، أنه كما أنهى الغزو الأنغلو-أمريكي للعراق مغامرات الغرب العسكرية ‏الملحمية في الشرق الأوسط، تؤكد المآسي السورية أنه لن تكون هناك ثورات عربية أخرى.‏

وقال فيسك، في مقال نُشر له بصحيفة الإندبندنت البريطانية يوم السبت الماضي، إن الأمر استغرق 13 عاما ‏دمويا، بداية من 2003 وحتى 2016، لإعادة تنظيم السلطة السياسية، شهدت تلك الفترة صراعات إقليمية، ‏إلا أن روسيا وإيران والشيعة أصبحوا ممسكين بزمام الأمور والمتحكمين في مستقبل المنطقة الآن، فبرغم عدم ‏قدرة الرئيس السوري على إعلان انتصاره، إلا أنه يحرز تقدما ملحوظا في الحرب‎.‎

وأضاف: ''أخبرني عميد سوري بابتسامة واسعة على شفتيه في مقر قيادة الجيش في دمشق، أنهم يعملون ‏على استعادة حلب، قبل سقوط الموصل بالعراق، وقد كان''، مشيرا إلى وجود عدد من الحلبيين في جميع ‏أنحاء سوريا، داخل صفوف المعارضة، والجيش، يلعبون أدوار الخير والشر، ويحدد ذلك من يحاصر من؟ ‏فعندما ينتهي حصار المليشيات السنة للمدن الشيعية الصغيرة مثل فاعور، يلجأ المدنيون للحكومة، ولكن عند ‏اقتحام قوات النظام حلب الشرقية ندد العالم بالأمر، واعتبر ما يحدث جريمة حرب.‏

أكد فيسك أن كلا الجانبين - الجيش والمعارضة- يرتكبان جرائم حرب في سوريا. ‏

وقال :''قوات الأسد ليست مجموعة نظيفة من الطلاب العسكريين، ولكن علينا تذكر أن القوات البحرية ‏الملكية البريطانية لم تكن نظيفة أيضا في أفغانستان‎''.‎

ولفت إلى إدراك روسيا ترنح باراك أوباما وحلفائه الأوروبيين الليبراليين بين بقاء الأسد أو تركه للسلطة، ‏فقررت دعم جيشه. في نفس الوقت سخرت مجلة الإيوكونوميست من الجيش السوري، لأنه لم يستطع التحرك ‏خطوة واحدة إلا بعد تقديم موسكو عرضا عسكريا في قاعدتها الجوية بسوريا، ولم تدرك المجلة أن الجيش ‏العربي السوري، جيش حقيقي، وحارب على 80 جبهة في نفس الوقت، مثل تنظيم الدولة الإسلامية ‏‏''داعش''، وجبهة النصرة، والجيش السوري الحر، وغيرهم، وربما أثر ذلك على تقدمهم، ولا يمكنهم الافتخار ‏باستعادتهم لمدينة تدمر من أيدي داعش، ثم خسارتها مرة أخرى خلال معركتهم لاستعادة حلب.‏

وبعد حوالي خمس سنوات، قال فيسك، ما يزال الجيش السوري في أرض المعركة، ومن المحتمل أن تصبح ‏معاقل الدولة الإسلاميةلا وجبهة النصرة في بعض المدن الشرقية مثل دير الزور هدفه القادم، وبعد استعادة ‏تدمر، ستكون الرقة عاصمة داعش، أحد الأهداف الحيوية للجيش، ولكن من المتوقع أن تسيطر عليها ‏القوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة، وبعد انتهاء الحرب، ربما سيكون الجيش السوري قادرا على ‏بناء سوريا جديدة، وسيحدد ذلك مستقبل البلاد، وفقا لفيسك‎. ‎

ورأى فسيك أن القادة الغربيين لم يتسطيعوا حتى الآن استيعاب طبيعة الصراع في سوريا، ولا يعلمون أي ‏الجبهات التي يجب عليهم دعمها ومساندتها، وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، الذي اختار أن ‏يقول للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أن الروس والإيرانيون عليهم إجبار الأسد على تحقيق السلام، لأنهم إذا ‏لم يفعلوا ذلك سيتحملوا مع النظام السوري مسؤولية الفوضى التي حدثت في سوريا.‏

وقال فيسك ''كل هذا جيد، ولكن يجب أن نتذكر أن هولاند نفسه، طالب قبل ذلك بشهرين فقط برد فعل ‏قوي وحاسم ضد جبهة النصرة‎''. ‎

وأوضح فيسك إن أولاند وحلفائه الأوروبيين وواشنطن أصبحوا مسلوبي العقل باتباع سياساتهم الضعيفة، ‏الممتلئة بالعيوب تجاه سوريا. كما أنهم لا يستطيعون تطويع القوات داخل ساحات القتال، وعوضا عن ذلك، ‏يدينون وحشية روسيا، وقسوة إيران، وكذب وخداع حزب الله.‏

وقال ''لكن من الضروري أيضا، أن ينظروا عن قرب للسنة في الجيش السوري، والذي يحاربون منذ ‏سنوات طوال الجهاديين السنة، ويستنتجون لماذا يفعلون ذلك.‏

وزاد: ''إذا لم تستطع القوات الغربية استعادة الموصل من يد داعش، فهي بالكاد أوقفت السوريين من ‏فرض سيطرتهم على حلب الشرقية، ولكنهم يستطيعون بسهولة تشجيع وسائل الإعلام الغربية، على التركيز ‏على وحشية الروس في حلب، عوضا عن نشر إحصائيات حقيقية عن عدد الإصابات التي تسببت فيها حلفاء ‏أمريكا في الموصل‎''.‎

وفي المقابل، قال فيسك، تحث روسيا فريقها الإعلامي الخاص على التركيز على الانتصارات في حلب، عوضا ‏عن خسارتهم لتدمر مرة أخرى، مما جعل الجميع يتساءلون عن حقيقة الإحصائيات والأرقام الصادرة بشأن ‏الأزمة السورية، فما هو العدد الحقيقي للقتلى في تدمر؟ كم عدد الاسرى في حلب الشرقية؟ هل هم 250 ‏ألف شخص فعلا؟ أن فقط 100 ألف؟

ويؤكد أن التقارير الإعلامية الصادرة خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، كانت مشابهة إلى حد كبير لتقارير ‏المراسلين الحربيين البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى، إذ أنه طالع خلال الأسابيع الماضية، عدة تقارير ‏نشر أحدهما في أولى فقراته أن عدد القتلى في الحرب السورية وصل إلى 400 ألف شخص، وبعد عدة ‏فقرات ذُكر أن عددهم يصل إلى 500 ألف شخص، ويتشابه ذلك مع التقارير المنشورة عن الهجمات النازية ‏عام 1940، عندما نشر الحلفاء تقاريا تُعلن مقتل 30 ألف مدني. ظل هذا العدد لسنوات ذا مصداقية. لكن ‏بعد الحرب، تحول إلى الرقم الحقيقي وكان 900 قتيلا أي أقل 33 مرة من الرواية الرسمية.‏

وقال: هذا يجعلك تفكر في دقة الإحصائيات الصادرة في سوريا.‏

وأضاف: ''إذا لم نكن قادرين على الحصول على إحصائيات صحيحة، فكيف نتدخل في الحرب السورية؟ ‏ولكن الأهم الآن، أن روسيا عادت مرة أخرى للشرق الأوسط، وإيران تؤمن الجزء الخاص بها، المكون من ‏طهران، بغداد، دمشق، وبيروت، مما يتركنا جميعا أمام هذا السؤال، إذا رغبت دول الخليج، أو أمريكا في ‏إعادة الانخراط، فعليهم الحديث إلى بوتين. أو إلى الأسد.‏

فيديو قد يعجبك: