فيسك: المآسي السورية تؤكد انتهاء ثورات الربيع العربي
كتبت- هدى الشيمي:
رأى الكاتب البريطاني روبرت فيسك، أنه كما أنهى الغزو الأنغلو-أمريكي للعراق مغامرات الغرب العسكرية الملحمية في الشرق الأوسط، تؤكد المآسي السورية أنه لن تكون هناك ثورات عربية أخرى.
وقال فيسك، في مقال نُشر له بصحيفة الإندبندنت البريطانية يوم السبت الماضي، إن الأمر استغرق 13 عاما دمويا، بداية من 2003 وحتى 2016، لإعادة تنظيم السلطة السياسية، شهدت تلك الفترة صراعات إقليمية، إلا أن روسيا وإيران والشيعة أصبحوا ممسكين بزمام الأمور والمتحكمين في مستقبل المنطقة الآن، فبرغم عدم قدرة الرئيس السوري على إعلان انتصاره، إلا أنه يحرز تقدما ملحوظا في الحرب.
وأضاف: ''أخبرني عميد سوري بابتسامة واسعة على شفتيه في مقر قيادة الجيش في دمشق، أنهم يعملون على استعادة حلب، قبل سقوط الموصل بالعراق، وقد كان''، مشيرا إلى وجود عدد من الحلبيين في جميع أنحاء سوريا، داخل صفوف المعارضة، والجيش، يلعبون أدوار الخير والشر، ويحدد ذلك من يحاصر من؟ فعندما ينتهي حصار المليشيات السنة للمدن الشيعية الصغيرة مثل فاعور، يلجأ المدنيون للحكومة، ولكن عند اقتحام قوات النظام حلب الشرقية ندد العالم بالأمر، واعتبر ما يحدث جريمة حرب.
أكد فيسك أن كلا الجانبين - الجيش والمعارضة- يرتكبان جرائم حرب في سوريا.
وقال :''قوات الأسد ليست مجموعة نظيفة من الطلاب العسكريين، ولكن علينا تذكر أن القوات البحرية الملكية البريطانية لم تكن نظيفة أيضا في أفغانستان''.
ولفت إلى إدراك روسيا ترنح باراك أوباما وحلفائه الأوروبيين الليبراليين بين بقاء الأسد أو تركه للسلطة، فقررت دعم جيشه. في نفس الوقت سخرت مجلة الإيوكونوميست من الجيش السوري، لأنه لم يستطع التحرك خطوة واحدة إلا بعد تقديم موسكو عرضا عسكريا في قاعدتها الجوية بسوريا، ولم تدرك المجلة أن الجيش العربي السوري، جيش حقيقي، وحارب على 80 جبهة في نفس الوقت، مثل تنظيم الدولة الإسلامية ''داعش''، وجبهة النصرة، والجيش السوري الحر، وغيرهم، وربما أثر ذلك على تقدمهم، ولا يمكنهم الافتخار باستعادتهم لمدينة تدمر من أيدي داعش، ثم خسارتها مرة أخرى خلال معركتهم لاستعادة حلب.
وبعد حوالي خمس سنوات، قال فيسك، ما يزال الجيش السوري في أرض المعركة، ومن المحتمل أن تصبح معاقل الدولة الإسلاميةلا وجبهة النصرة في بعض المدن الشرقية مثل دير الزور هدفه القادم، وبعد استعادة تدمر، ستكون الرقة عاصمة داعش، أحد الأهداف الحيوية للجيش، ولكن من المتوقع أن تسيطر عليها القوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة، وبعد انتهاء الحرب، ربما سيكون الجيش السوري قادرا على بناء سوريا جديدة، وسيحدد ذلك مستقبل البلاد، وفقا لفيسك.
ورأى فسيك أن القادة الغربيين لم يتسطيعوا حتى الآن استيعاب طبيعة الصراع في سوريا، ولا يعلمون أي الجبهات التي يجب عليهم دعمها ومساندتها، وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، الذي اختار أن يقول للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أن الروس والإيرانيون عليهم إجبار الأسد على تحقيق السلام، لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك سيتحملوا مع النظام السوري مسؤولية الفوضى التي حدثت في سوريا.
وقال فيسك ''كل هذا جيد، ولكن يجب أن نتذكر أن هولاند نفسه، طالب قبل ذلك بشهرين فقط برد فعل قوي وحاسم ضد جبهة النصرة''.
وأوضح فيسك إن أولاند وحلفائه الأوروبيين وواشنطن أصبحوا مسلوبي العقل باتباع سياساتهم الضعيفة، الممتلئة بالعيوب تجاه سوريا. كما أنهم لا يستطيعون تطويع القوات داخل ساحات القتال، وعوضا عن ذلك، يدينون وحشية روسيا، وقسوة إيران، وكذب وخداع حزب الله.
وقال ''لكن من الضروري أيضا، أن ينظروا عن قرب للسنة في الجيش السوري، والذي يحاربون منذ سنوات طوال الجهاديين السنة، ويستنتجون لماذا يفعلون ذلك.
وزاد: ''إذا لم تستطع القوات الغربية استعادة الموصل من يد داعش، فهي بالكاد أوقفت السوريين من فرض سيطرتهم على حلب الشرقية، ولكنهم يستطيعون بسهولة تشجيع وسائل الإعلام الغربية، على التركيز على وحشية الروس في حلب، عوضا عن نشر إحصائيات حقيقية عن عدد الإصابات التي تسببت فيها حلفاء أمريكا في الموصل''.
وفي المقابل، قال فيسك، تحث روسيا فريقها الإعلامي الخاص على التركيز على الانتصارات في حلب، عوضا عن خسارتهم لتدمر مرة أخرى، مما جعل الجميع يتساءلون عن حقيقة الإحصائيات والأرقام الصادرة بشأن الأزمة السورية، فما هو العدد الحقيقي للقتلى في تدمر؟ كم عدد الاسرى في حلب الشرقية؟ هل هم 250 ألف شخص فعلا؟ أن فقط 100 ألف؟
ويؤكد أن التقارير الإعلامية الصادرة خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، كانت مشابهة إلى حد كبير لتقارير المراسلين الحربيين البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى، إذ أنه طالع خلال الأسابيع الماضية، عدة تقارير نشر أحدهما في أولى فقراته أن عدد القتلى في الحرب السورية وصل إلى 400 ألف شخص، وبعد عدة فقرات ذُكر أن عددهم يصل إلى 500 ألف شخص، ويتشابه ذلك مع التقارير المنشورة عن الهجمات النازية عام 1940، عندما نشر الحلفاء تقاريا تُعلن مقتل 30 ألف مدني. ظل هذا العدد لسنوات ذا مصداقية. لكن بعد الحرب، تحول إلى الرقم الحقيقي وكان 900 قتيلا أي أقل 33 مرة من الرواية الرسمية.
وقال: هذا يجعلك تفكر في دقة الإحصائيات الصادرة في سوريا.
وأضاف: ''إذا لم نكن قادرين على الحصول على إحصائيات صحيحة، فكيف نتدخل في الحرب السورية؟ ولكن الأهم الآن، أن روسيا عادت مرة أخرى للشرق الأوسط، وإيران تؤمن الجزء الخاص بها، المكون من طهران، بغداد، دمشق، وبيروت، مما يتركنا جميعا أمام هذا السؤال، إذا رغبت دول الخليج، أو أمريكا في إعادة الانخراط، فعليهم الحديث إلى بوتين. أو إلى الأسد.
فيديو قد يعجبك: