إعلان

صحيفة: مأساة حلب أنهت عالم القطب الواحد

08:42 م السبت 17 ديسمبر 2016

فلاديمير بوتين وبشار الأسد

كتب - علاء المطيري:

قالت صحيفة "جلوب آند ميل" الكندية في افتتاحيتها، يوم الجمعة، إن مأساة حلب تمثل نهاية لعالم القطب الواحد الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ سقوط حائط برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وحرب العراق الثانية التي أدت إلى تدمير الجيش العراقي في الفترة بين عامي 1989 و1991، مشيرة إلى أن تلك الفترة شهدت انتهاء الحرب الباردة وبداية حقبة جديدة لعالم تسيطر عليه قوة عظمى واحدة.

وأضاف أن الكتلة السوفيتية انتهت والصين كانت لا تزال فقيرة وضعيفة والغرب كان في وضع المنتصر إلى حد ما، وعندما كانت تحتج شعوب الدول الغربية الديمقراطية ضد وضع فإن تلك الاحتجاجات كان يفترض أنها تعبر عن وجهة نظر الحكومة.

عالم القطب الواحد

بعد جيل من انطلاق عالم القطب الواحد وصلت تلك الحقبة إلى نهايتها، تقول الصحيفة، مشيرة إلى أنه ربما يكون من الصعب تحديد متى انتهت تلك الفترة بكل دقة، لكن سقوط حلب في 14 ديسمبر الجاري على يد النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران يمثل الزمان والمكان الأفضل لاستخراج شهادة وفاة لعالم القطب الواحد.

وتابعت الصحيفة أن الغرب غاضب على نطاق واسع بسبب ما يحدث في سوريا لأن المذبحة التي شهدتها مدينة حلب هذا الأسبوع ليست إلا حلقة من مسلسل الرعب الذي أوجدته حرب قٌتل فيها مئات الآلاف وحولت ملايين السوريين إلى لاجئين، مشيرة إلى وجود شعور في الغرب بأنه كارثة سوريا تمثل فشلًا يٌسأل عنه الغرب وعلى رأسهم واشنطن التي كان يجب عليها إيقاف الأسد بطريقة أو بأخرى.

وتابعت: "جميعنا اعتدنا على عالم القطب الواحد الذي نستدعي فيه قوى عظمى واحدة عندما نريد إزالة نظام أو كبح جماحه بسبب أساليبه الوحشية، وتعودنا إلقاء اللوم على تلك القوة إذا فشلت في فعل ذلك، لكننا تناسينا كيف أن الهواء الذي نتنفسه في هذا العالم أصبح غير عادي".

حقبة جديدة

لكن كل شيء تغير بعد عام 1989 عندما بدأت فكرة العالم ذو القطب الواحد تتبلور وظهر مبدأ المسؤولية عن حماية الشعوب "R2P" بدعم قاده وزير الخارجية الكندي الأسبق، لويد إكسوورثي، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى أن هذا المبدأ يسمح للمجتمع الدولي بالتدخل عسكريًا لحماية الشعوب التي تتعرض لانتهاكات على يد حكوماتها.

واستنادًا لهذا المبدأ يمكن تخطى سيادة الدول لصالح حقوق الإنسان ويمكنها أن تتخطى حق النقص "الفيتو" الذي تملكه روسيا والصين في مجلس الأمن، وفقًا للصحيفة أيضًا التي أشارت إلى أنه عندما بدأت الحرب الأهلية في سوريا تم استدعاء هذا المبدأ لحض العالم على اتخاذ خطوات فاعلة لحماية السوريين مما يتعرضون له على يد قوات النظام السوري.

فكرة نبيلة

يعتبر مبدأ "مسؤولية حماية الشعوب" فكرة نبيلة لأنه من المفترض استخدامها لوقف الأنظمة عن القيام بانتهاكات في حق مواطنيها باستخدام القوة العسكرية ويمكن استخدامها في إزالة أسوأ تلك الأنظمة من السلطة ، لكن تطبيقها يفترض وجود عالم ذي قطب واحد تمثله قوة عظمى قادرة على فرض إرادتها بالقوة على تلك الأنظمة وهو ما استندت إليه تلك الفكرة خاصة منذ بداية عام 2000 التي شهدت ذروة الهيمنة الأمريكية على العالم.

ورغم افتقاره للواقعية إلا أن مبدأ "مسؤولية حماية الشعوب" يمثل رؤية أفضل للعالم من تلك التي اضطرت شعوب أوروبا الشرقية إلى تقديمها أثناء حقبة الحرب الباردة التي كان قوامها الهروب أو تحمل ما يتعرضون له على يد أنظمتهم.

ثورة حماة

في عام 1982 واجه والد بشار الأسد ثورة الإخوان المسلمين في مدينة حماة بحصار المدينة وقتل آلاف الأشخاص، وحينها لم يتحدث أحد عن غزو غربي لسوريا لحماية من يتعرضون للقتل علي يد النظام السوري حينها، لأن المتمردون كانوا أكثر عداء لأمريكا من النظام السوري نفسه، إضافة إلى أن التدخل سيكون عالي التكلفة ولا يحقق نفعًا كبيرًا للمصالح الأمريكية إضافة إلى آثاره العسكية باعتباره هجومًا مباشرًا على دولة ذات علاقة وطيدة بالاتحاد السوفيتي.

العودة إلى الماضي

ولفتت الصحيفة إلى أن العالم ربما يعود إلى حقبة الأقطاب المتعددة فالصين أصبحت قوة عظمى تختبر قوة عضلاتها وروسيا أصبحت تقوم بأعمال عدوانية جديدة، في ذات الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط تنامي قوى إقليمية مثل تركيا وإيران اللتان أصبحتا تمتلكان نفوذًا متزايدًا، مشيرة إلى أن إيران ربما تسيطر على مساحات أكبر من أي دولة أخرى في سوريا، بينما لم تعد أمريكا بذات القدر من القوة التي بدت عليها عقب سقوط الاتحاد السوفيتي.

وتابعت: "نعم، مازالت أمريكا قادرة على هزيمة أي دولة في المعارك الحربية، لكن فرض السلام وإقرار الأمن في الدول عقب الانتصارات العسكرية مازال لغزًا لم يتم حله حتى الآن"، مشيرة إلى أنها عجزت منذ اندلاع الثورة السورية على فرض منطقة حظر جوي شمال البلاد أو حتى قصف قوات الأسد خشية الصدام مع روسيا أو طهران، إضافة إلى خشيتها من تبعات التدخل العسكري.

وذكرت الصحيفة أنه بعد عقد ونصف من احتلال أفغانستان على رأس قوات التحالف الدولي مازالت أفغانستان تعاني من الفوضى وعاد المتطرفون للسيطرة على الأجزاء التي سبق لأمريكا أن أخرجتهم منها.

وبعد 14 عامًا من غزو العراق أصبحت تلك الدولة أقل تحالفًا مع أمريكا وأكثر قربًا من إيران، وكذلك ليبيا التي تحولت إلى دولة فاشلة بعد إسقاط نظام العقيد الليبي معمر القذافي.

وتابعت: "سوريا أكثر تعقيدًا من تلك الدول لأن المشكلة فيها ليست تمييز الأشخاص السيئين، لأن أمريكا تحارب داعش التي تحارب الأسد رغم أنه مسؤول عن وجودها بصورة جزئية" - وفقا للصحيفة- مشيرة إلى أن أزمة أمريكا في سوريا ليست في من تعارضه لأن قائمة أعدائها طويلة، لكنها في تحديد من يمكنها أن تقوم بدعمه في تلك الحرب.​

مأساة حلب ونهاية عالم القطب الواحد

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان