نيوزويك: صداقة ترامب وبوتين.. إلى متى؟
كتبت- رنا أسامة:
في صباح يوم التاسِع من نوفمبر الجاري، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلادمير بوتين بعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب يُعرِب فيها عن أمله بالعمل معًا لإنهاء الأزمة التي تشوب العلاقات الروسية- الأمريكيّة، جنبًا إلى جنب مع مُعالجة القضايا المُلِحّة المُدرجة في الأجندة الدوليّة، والبحث عن حلول فاعِلة للتحديّات الأمنيّة العالميّة.
حدث كل هذا قبل دقائق من دخول أعضاء مجلس الدوما الروسي في نوبة من التصفيق الحاد أعقبت الإعلان عن فوز الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكيّة.
يبدو أن بوتين يتصرّف على هذا النحو انطلاقًا من التصريحات المُتكرّرة التي يخرج بها ترامب، مُقترحًا إنهاء الأزمة بين البلدين مع الحرص على التعاون المُشترك.
"رُبما سأُعامل بوتين بحزم، إلا أنني وبدون شكّ سأحرص على أن تكون العلاقات مع روسيا وديّة على نحو أسرع مما هي عليه الآن، كي نتمكّن سويًا من سحق داعِش"، هكذا قال دونالد ترامب حينما كان لايزال مُرشّحًا جمهوريًا للرئاسة، 28 يوليو الماضي.
وتُرجّح مجلة "نيوزويك" الأمريكيّة أن تأخذ العلاقة الوديّة بين الرجلين مُنحنى آخر صادِم، ما إن يتم تنصيب ترامب رئيسًا للبلاد رسميًا في 20 يناير 2017. رُبما يحدث هذا الأمر حينما يجد نفسه مُلزمًا- على أساس يومي- بالتعاون مع دولة كانت قوة عُظمى في السابِق، واشتركت في حملة تجسّس عنيفة وكانت جزءً من دعاية وُجّهت ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
بانتصار ترامب، رُبما تشعر روسيا أن عمليات القرصنة والدعاية ومُحاولات زرع الثقة التي مارستها ضد الولايات المتحدة باتت تجني ثمارها، في الوقت الذي أصبحت مُحاولات الإغراء لبث الفوضى من خلال دعم اليبمنيين في فرنسا ودول البلطيق وألمانيا، أقوى من أي وقت آخر، حسبما تقول المجلة.
"تدخّل بوتين في انتخاباتنا ونجح. أحسنت"، عبارة كتبها السفير الأمريكي السابق لدى روسيا، مايكل ماكفول، في تغريدة على حسابه على تويتر بعد فوز ترامب.
بينما تلتزم النُخبة الروسية الحرص على إنكار مزاعم تدخل الكرملين في سِباق انتخابات الرئاسة الأمريكيّة، تبدو في العلن غير فرحة بفوز ترامب. يقول قالها حليف بوتين، البرلماني الروسي فياتشيسلاف نيكونوف، "منذ فترة، كانت أمريكا تقول إن روسيا عبارة عن محطة وقود وقوة إقليميّة. أما الآن فعلى ما يبدو أننا أصبحنا مؤثّرين في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسيّة. إننا نسير على خُطى السياسة الصينية القديمة- نجلس على ضفة النهر وننتظر جسم عدوّنا يطفو أمامنا."
حرب هجينة
تقول المجلة الأمريكية إن بوتين يقود استراتيجيّة تُعرف باسم "الحرب الهجينة"، تقوم في أساسها على اتخاذ تدابير مُسبقة لشنّ حرب معلوماتيّة؛ من أجل تحقيق أهداف سياسيّة بدون استخدام القوة العسكريّة، ومن ثمّ تُصبِح كافة مصادر الدولة التي تقودها خدمات الأمن الروسيّة، مسؤولة عن "تطوير القوات والمصادر اللازمة لحرب لمعلومات".
توصيفًا لشكل الصراعات التي يُمكن حدوثها على الإنترنت في المُستقبل، قال الزميل البارز في المجلس الأطلنطي في واشنطن، اليكساندر كليمبرج،"الحروب الإلكترونيّة انضمت رسميًا إلى ترسانة الحروب الحديثة."
وأشار"كليمبرج" إلى أنه لا يوجد أفضل من الهجوم الإلكتروني الذي شنّه قراصنة روس على شبكة الكهرباء غرب أوكرانيا، في ديسمبر من العام 2015، تذكرة لترامب بما يُمكن لقوات بوتين الخاصة أن تُسبّبه من تدمير في العالم الحقيقي."
وكان القراصنة الروسيّون قد اكتسبوا شهرة عالمية يونيو الماضي، بعد نجاحهم في اختراق قاعدة بيانات اللجنة الوطنية الديمقراطية الأمريكية ((DNC، وتسريب رسائل بريد إلكتروني مُحرِجة لهيلاري كلينتون، حسبما قالت الإدارة الأمريكية.
مُحتالون وأشباح
إذا شنّ القراصنة الروس هجمات إلكترونيّة ضد الولايات المتحدة بعد تنصيب ترامب رئيسًا في يناير، فعلى الأرجح حينها أن يواجه الرئيس الجديد نفيًا قاطِعًا من قِبل الكرملين، يفضي إلى دخوله مع مسؤولي الاستخبارات الأمريكيّة في سِجالات من أجل الحصول على إثباتات تدعم ادعاءاتهم بالتورّط الروسي، وفقًا لتوقّعات خبراء أمن الحاسبات ومصادر استخبارات غربية للمجلة.
عزو السبب وراء تلك التوقّعات إلى قيام الجواسيس الروس بعقد تحالُفات مع مُجرمي الإنترنت ذوي السُمعة السيئة في البلاد.
يقول خبير أمن الإنترنت، كليمبرج: "نصف القراصنة المسؤولين عن الجرائم الإلكترونيّة مدعومون من قِبل الكرملين- ورُبما يكونوا أكثر من ذلك قليلًا"، مُشيرًا إلى أن الشراكة بين المُجرمين والجواسيس الروس تعود إلى العام 2007، واصِفًا الجواسيس الروس "بالأشباح" ومُجرمي الإنترنت بـ "المُحتالين".
فيديو قد يعجبك: