سيناريو ما بعد عباس.. من يخلف الرئيس الفلسطيني؟
كتبت – سارة عرفة:
بين حين واخر تتحدث الصحافة الإسرائيلية عن سيناريو ما بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الذي أمضى 12 عاما على رأس لفلسطين. عباس تجاهل دعوات لإعلان من يخلفه أو انتخاب من ينوب عنه.
أحدث هذه التقارير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست يوم الجمعة، وذلك على خلفية نقل الرئيس عباس إلى المستشفى الاستشاري على مشارف رام الله يوم الخميس قبل الماضي، بعد شعوره بإجهاد.
قالت الصحيفة إن زيارة عباس للمستشفى سلطت الضوء مرة أخرى على مسألة خلافته.
وأضافت أن عباس قال إن الشارع الفلسطيني هو من سيقرر الرئيس الفلسطيني المقبل عبر الانتخابات.
غير أنه في ظل تجمد المصالحة بين فتح وحماس والخلاف الداخلي في فتح، فمن غير المرجح أن تجرى انتخابات رئاسية في المستقبل القريب، وحال توفي عباس وهو في منصبه، فليس واضحا من سيحل محله في الرئاسة، وفقا للصحيفة.
وأوردت الصحيفة ما ينص عليه القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، والذي يشير إلى أنه إذا توفي عباس وهو في منصبه، فإن القيادي الحمساوي عزيز الدويك، الذي يترأس المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) سوف يقوم بأعمال الرئاسة لمدة 60 يوما قبل إجراء انتخابات رئاسية.
بيد أن قيادات فتح تجادل بأن الدويك غير مؤهل بالنظر إلى أن المجلس التشريعي الفلسطيني لا يعمل منذ 2007.
تقول جيروزاليم بوست إنه رغم الغموض الذي يكتنف الطريقة التي سوف يظهر بها الرئيس الفلسطيني المقبل، فإن العديد من قادة فتح وقيادات أخرى أوضحت أنها تود أن تتولى الرئاسة بعد عباس.
حددت الصحيفة أربعة أسماء قد تخلف عباس حال استمر الوضع الراهن كما هو عليه: مروان البرغوثي، محمد دحلان، ناصر القدوة، صائب عريقات.
مروان البرغوتي
انضم البرغوثي إلى حركة فتح في سن 15 سنة وسجن لأربع سنوات لمشاركته في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. بعد خروجه درس في جامعة بيرزيت وأصبح زعيما للحركة الطلابية الفتحاوية في الجامعة.
في بداية الانتفاضة الأولى في 1987، نظم البرغوثي احتجاجات في الجامعة، لكن سلطات الاحتلال رحلته بعد فترة قصيرة إلى الأردن. بعد عدة أشهر هناك، استقر البرغوثي في تونس، حيث عمل عن قرب مع جبريل الرجوب في تنسيق النشاطات في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الأولى.
بعد توقيع اتفاق أوسلو في 1993، تقول الصحيفة إن تحولا سياسيا كبيرا حدث للبرغوثي، حيث دعم الاتفاق والمفاوضات.
لاحقا، تقول الصحيفة، بات البرغوثي الزعيم الرئيسي للتنظيم في حركة فتح، وبنى شبكة من آلاف الأنصار.
غير أنه في الانتفاضة الثانية، تقول جيروزاليم، وجه البرغوثي وجه كتائب شهداء الأقصى لمهاجمة الإسرائيليين. وأصدرت محكمة إسرائيلية خمسة أحكام بالسجن المؤبد ضده في 2004.
تقول الصحيفة إن الفلسطينيين يقولون باستمرار في استطلاعات الرأي، إن أغلب أصواتهم سوف تذهب إلى البرغوثي في أي انتخابات رئاسية.
ومؤخرا، قال قادة كبار في فتح، بينهم صائب عريقات، إنهم سوف يدعمون البرغوثي إذا أراد أن يصبح الرئيس القادم.
لكن البرغوثي لا يزال في سجن هداريم الإسرائيلي. ويعتقد محللون إنه إذا انتخب البرغوثي رئيسا، فإن المجتمع الدولي سيضغط على سلطات الاحتلال لإطلاق سراحه، حسب جيروزاليم بوست.
محمد دحلان
ولد دحلان لأسرة فقيرة في مخيم خان يونس للاجئين. انضم إلى فتح وهو في الكلية وساعد في تأسيس الشبيبة، حركة شبابية اجتماعية سياسية داخل فتح.
اعتقل دحلان مرات عديدة من قبل سلطات الاحتلال وهو مراهق وفي شبابه في مطلع الثمانينيات.
في 1987، رحل دحلان إلى الأردن ولاحقا استقر في تونس في 1989، حيث نسق الأنشطة في قطاع غزة خلال الانتفاضة الأولى.
بعد توقيع اتفاق أوسلو، عين دحلان رئيسا لجهاز الأمن الوقائي الذي تأسس حديثا في ذلك الوقت، وبنى قوة من 20 ألف فرد، وبقى الرجل القوي في غزة.
في 2002، استقال دحلان من الأمن الوقائي وبدأ العمل كمستشار أمن قومي للرئيس ياسر عرفات.
خلال استيلاء حماس على السلطة في غزة، فشل دحلان، الذي كان يعمل مستشارا للأمن القومي، في استعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع.
في السنوات التالية بدأ دحلان يوجه انتقادات حادة لعباس، حتى أنه اتهمه بالفساد.
في 2011، أطاحت حركة فتح بدحلان من كافة مناصبه، واتهمه النائب العام الفلسطيني بالفساد، ما أدى إلى فراره من الضفة الغربية.
منذ ذلك الحين، يعيش دحلان في الإمارات حيث يعمل مستشارا للقيادة الإماراتية. كما بنى علاقة وثيقة مع الزعيم المصري عبد الفتاح السيسي وهناك تقارير عن لقاءت أتمها مع القادة الأردنيين.
ولم يعلن دحلان عن آماله بأن يصبح الرئيس الفلسطيني المقبل، لكنه كان قد أوضح بأنه يأمل في أن يعمل في القيادة التي تخلف عباس.
وتظهر استطلاعات الرأي أن دحلان يتمتع بدعم مُعتبر في قطاع غزة، لكن هذا الدعم مخفض في الضفة الغربية. ويعتقد بعض المحللين أن علاقاته الإقليمية والإسرائيلية تجعله مرشحا للرئاسة الفلسطينية.
ناصر القدوة
القدوة المولود في 1953، هو ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. في بادئ الأمر ارتقى في المستويات العليا للقيادة الفلسطينية، حيث عمل سفيرا لفلسطين لدى الأمم المتحدة في تسعينات القرن الماضي وبداية القرن الحالي.
حظي القدوة بسمعة طيبة كدبلوماسي داهية لقدرته على الإبحار في الساحة الدولية.
في 2005، بعد وفاة خاله، عاد إلى رام الله وتولى منصف وزير الخارجية في حكومة رئيس الوزراء أحمد قريع.
بيد أن القدوة صاحب الشخصية القوية، تنازع مع عباس الذي أراد أن يدير الكثير من السياسة الخارجية الفلسطينية من مجمعه الرئاسي في رام الله.
اثر ذلك، استقال استقال القدوة من منصبه.
في السنوات التالية، تراجع القدوة من الساحة السياسية الفلسطينية وتولى عددا من المناصب الدبلوماسية منها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى افغانستان، ونائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا والمبعوث الخاص لجامعة الدول العربية إلى ليبيا.
مؤخرا، عاد القدوة إلى رام الله وبات أكثر نشاطا في سياسات حركة فتح.
وتحدثت تقارير صحفية عن أن بعض الدول العربية توافق على دعم القدوة لتولي منصب الرئيس الفلسطيني المقبل.
ويرى محللون أن القدوة قد يكون مرشحا توافقيا لأنه ليس له نزاعات مع القيادات الفتحاوية والفلسطينية الأخرى. لكن اخرون يرون أن القدوة يحتاج ليبذل جهودا كبيرا ليحظى بالدعم الكافي ليصبح رئيسا، لأنه لم يطور دائرة انتخابية معينة.
صائب عريقات
ولد عريقات في أبو ديس ونشأ في أريحا. حصل بكالوريوس وماجستير في العلوم السياسية من الولايات المتحدة أواخر السبعينات ونال درجة الدكتوراة في دراسات السلام من بريطانيا في 1983.
بعد أن أكمل دراسته، عاد عريقات إلى الضفة الغربية حيث عمل محاضرا في جامعة النجاح في نابلس وكاتب مقال في صحيفة القدس الفلسطينية.
في 1983، فتح عريقات عملية تبادل أكاديمي مع الأساتذة الإسرائيليين، رغم الانتقادات والإدانة الشعبية. وفي أوائل التسعينات انضم عريقات إلى جمعية الدراسات العربية، التابعة للسلطة الفلسطينية في القدس، وعمل عن قرب مع القيادة الفلسطينية في تونس ودافع عن المفاوضات.
بعد توقيع اتفاق أوسلو، عمل عريقات وزيرا في الحكومة الفلسطينية وتولى منصب كبير المفاوضين الفلسطينيين، ولعب دورا حاسما في كل جولات التفاوض.
كما كان عريقات مشرعا في المجلس التشريعي الفلسطيني وهو أحد أقرب مستشاري الرئيس عباس، وسافر معه في كل مكان تقريبا وقدم استشارات في معظم القرارات الهامة.
تشير استطلاعات الرأي أن عريقات لا يتمتع بالدعم الشعبي الكافي ليكون الرئيس الفلسطيني المقبل. غير أن بعض المحللين يجادلون بأن عباس قد يختار عريقات نائبا له، ممهدا الطريق أمامه ليتولى الرئاسة.
وكان عريقات قد قال إنه يود العودة إلى الحياة الأكاديمية.
فيديو قد يعجبك: